عربي دولي

الأولى في فرنسا.. محاكمة وزير العدل بتهمة “استغلال النفوذ لتصفية حسابات”

الأولى في فرنسا.. محاكمة وزير العدل بتهمة “استغلال النفوذ لتصفية حسابات”

باريس-

في سابقة من نوعها بفرنسا، يمثل وزير العدل إريك دوبون موريتي، اعتباراً من اليوم الإثنين، أمام “محكمة عدل الجمهورية” لتضارب المصالح، من خلال استغلال منصبه لتصفية حسابات مع قضاة كان على خلاف معهم حين كان محامياً مشهوراً قبل توليه الحقيبة الوزارية.

محكمة عدل الجمهورية

في الفترة من 6 إلى 17 تشرين الثاني/ نوفمبر، يمثل وزير العدل للمحاكمة أمام “محكمة عدل الجمهورية” المكونة من ثلاثة قضاة من محكمة التمييز، وستة نواب ونفس العدد من أعضاء مجلس الشيوخ، وهي المخولة بمحاكمة رؤساء الوزراء أو الوزراء أو وزراء الدولة على الجرائم والمخالفات المرتكبة أثناء ممارسة وظائفهم. وتم إنشاؤها عام 1993.

منذ ذلك الحين، أصبح بإمكان أي شخص يعتبر نفسه مظلوما بجريمة منسوبة إلى أحد أعضاء الحكومة أن يتقدم بشكوى أمام هذه المحكمة.

التهم الموجهة لوزير العدل

يُتهم إريك دوبون موريتي باستغلال منصبه كوزير للعدل لتصفية حسابات مع قضاة انتقدهم علناً عندما كان محامياً في قضيتين منفصلتين. الأولى تتعلق بتحقيق إداري بدأ ضد القاضي إدوار ليفرول، الذي كان منتدباً سابقاً لموناكو ووصل إلى مدينة نيس في عام 2019. وأشار هذا الأخير في عام 2020 إلى أن الإطاحة به من الإمارة كانت مرتبطة بتحقيقاته مع دميتري ريبولوفليف، الرئيس الروسي لنادي موناكو لكرة القدم، وكريستوف هاجيت، مدير الشرطة القضائية في موناكو.

ردّ حينها المحامي إريك دوبون موريتي، الذي كان أحد مستشاري دميتري ريبولوفليف في قضايا أخرى، مستنكراً تصريحات القاضي، ووصف القاضي بشكل غير مباشر بأنه “راعي بقر”. وطلبت وزيرة العدل آنذاك نيكول بيلوبيه الاستماع إلى إدوار ليفرول أمام رئاسته، إلا أن الأخير رفض. وبمجرد تعيينه وزيراً للعدل، تولى إريك دوبون موريتي القضية وأمر بإجراء تحقيق إداري ضد القاضي. تمت الموافقة على هذا الأخير من قبل المجلس الأعلى للقضاء (CSM) في سبتمبر/ أيلول عام 2022.

وتتعلق القضية الثانية بثلاثة قضاة من مكتب المدعي العام المالي الوطني. فقد تقدمت مجموعة “إنتيكور” لمكافحة الفساد ونقابة للقضاة بشكوى قضائية ضد إريك دوبون موريتي، بتهمة استغلال منصبه الوزاري لتصفية حسابات مع خصوم له في السلك القضائي. ووجه الاتهام إليه في يوليو/ تموز عام 2021.

فالوزير، يُتهم بأنه على صلة بتحقيقات إدارية بحق ثلاثة قضاة كانوا قد أمروا الشرطة عام 2014 بالتدقيق في السجلات الهاتفية لعشرات المحامين والقضاة، بمن فيهم موريتي نفسه، وذلك في إطار تحقيق طال الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي. ورداً على اتهام هؤلاء القضاة له بشن حملة انتقام ضدهم، فنّد وزير العدل هذا الاتهام، وأكد أنه تحرك  بناء على توصيات فريقه بالتحقيق في احتمال أن يكون القضاة المشرفون على ضبط السجلات الهاتفية قد ارتكبوا أخطاء.

رواية الوزير

أعلن إريك دوبون موريتي دائما براءته، مدعيا أنه اتبع فقط “توصيات إدارته”. وأشار الوزير إلى أن سلفه نيكول بيلوبيه هي التي أحالت الأمر إلى المفتشية العامة للعدل. وأنه لم يتبع نصيحة أجهزته إلا بفتح تحقيقات إدارية، تشير الأخيرة إلى “احتمال سوء سلوك أخلاقي”. وخلال استجوابه أمام لجنة التحقيق في “محكمة عدل الجمهورية” أجاب موريتي “أن التحقيق الإداري لا يسبب ضررا”، أي أن الأمر لا يتعلق بالملاحقات القضائية.

وأكد الوزير أيضا أن فرانسوا مولان، المدعي العام لدى محكمة النقض آنذاك، قد أوصى بنفسه بهذا التحقيق الإداري إلى رئيس مكتبه، قبل أن يشارك بعد ذلك في التوقيع على “عمود فاضح” في صحيفة “لوموند” للتنديد بـ“تضارب المصالح”.

العقوبة التي قد يواجهها الوزير ومستقبله في حال الإدانة

يعاقب على جريمة “الاستغلال غير المشروع لمصالح”، التي حددتها المادة 432-12 من قانون العقوبات، بالسجن خمس سنوات وغرامة قدرها 500 ألف يورو. ويجوز فرض عقوبة إضافية تتمثل في الحرمان من تولي منصب عام. وقد يكون القرار الصادر موضوع استئناف بالنقض.

على الرغم من التعديلات الوزارية العديدة ودعوات المعارضة إلى مغادرته الحكومة، إلا أن إريك دوبون موريتي ما يزال يحظى بثقة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حتى الآن. ولم يتم تطبيق القاعدة التي تم سنها خلال حملة ماكرون الرئاسية عام 2017، والتي بموجبها يجب على الوزير المتهم الاستقالة.

لكن رئيسة الوزراء إليزابيث بورن، قالت في وقت سابق، إنه إذا تمت إدانة وزير العدل، فسيتعين عليه مغادرة الحكومة. وشددت على أن “هذه هي القاعدة العامة التي تنطبق على الجميع”.

للتذكير، كان الوزير السابق للشركات الصغيرة والمتوسطة، آلان غريسيه، الذي حُكم عليه في الاستئناف في يناير/ كانون الثاني بالسجن لمدة أربعة أشهر بتهمة التصريح غير الكامل أو الكاذب عن وضعه المالي، قد قدم استقالته في نفس يوم إدانته بالمحكمة الابتدائية.

“القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب