
ارادوها نكبة جديدة فكان الصمود الاسطوري لغزة.
بقلم مروان سلطان – فلسطين
17. 11. 2023
هذه الحرب اسقطت قيم الانسانية ممثلة بالقانون الدولي الانساني، ولم تعد للمنظومة الدولية الا تلك الشعارات الزائفة التي لا تغني ولا تسمن من جوع. هذه الحرب اظهرت بشاعة البشر وحقدهم وتوجهاتهم وكذبهم وافتراءاتهم .
والامثلة على ذلك هو عجز المنظومة الدولية عن القيام بواجبها في حماية المدنيين العزل من الغارات والقصف الذي انصب على رؤوس الاطفال والنساء والشيوخ وهم محتمين في بيوتهم، فهدمت على رؤوسهم . الاف الضحايا %70 من الاطفال والنساء. لم يشهد التاريخ ان قتل هذا العدد في وقت قياسي قصير , حيث بلغ عدد الضحايا ما بين شهيد وجريح ومفقود حوالي خمسون الف شخص.
سقط القناع امام المعايير الدولية التي يتم قياس العمل مع الفلسطينين، منع الغذاء والدواء والماء والوقود. ومقابل هذا العمل فقد سعت الدول العالم الغربية في تقديم كل المساعدات لاوكرانيا وحدث ولا حرج في ذلك .
غزة لم تكن ابدا هي المعتدية على احد ولكن غزة اكتوت بنيران العدوان منذ 1948 الى يومنا هذا. الناس في غزة اصلا غالبيتهم من الذين اصابتهم النكبة الاولى ولجأوا الى غزة وعاشوا في مخيماتها املا في العودة الى ديارهم. وانتقلوا من نكبة الى اخرى وجاءت هذه الاخيرة واراد الاحتلال ان ينفذ مشرع النكبة الثانية وتهجيرهم الى سيناء المصرية، فجاء الرد من غزة العزة الموت على الرحيل ولن تكون نكبة اخرى، كان الثمن غاليا وما زالت غزة تدفع هذا الثمن في الصمود على ارضها. لقد شهد العالم شجاعة الغزيين وصبرهم على هذا البلاء العظيم ، انه الصمود والتحدي.
حاول الاحتلال ان يضفي صفات الداعشية والوحشية على قطاع غزة. ومرر هذا التصور الى قادة العالم الذين هرعوا لزيارة الكيان ليس خوفا على هذا الاحتلال ولكن كان خوفا على مشروعهم الكولوني في زرع هذا الكيان في فلسطين الذي بدى منهارا بعد السابع من اكتوبر.
وعززوا دفاعته واسلحته والعتاد العسكري عبر الجسر الجوي الذي غمر دولة الاحتلال بمختلف انواع السلاح الذكي، وامطر به غزة العزة. ما القي من قنابل متطورة وقاتلة وحارقة تضاهي الى الان ثلاث قنابل نووية كما يقول المختصون. ان مشهد الدمار للبيوت المرعب لم تراه عيني الا في صور قصص الخرافات التي تتحدث عن سكن الاشباح فيها.
وفي خضم الحصار ومنع الدواء والغذاء والماء ، اصبحت المستشفيات هدفا لهذا الاحتلال. والقت بالقنابل الذكية والحارقة والقاتلة على مستشفيات القطاع، فكانت مجزرة مستشفى المعمداني ومن ثم مستشفى الرنتيسي ، اما مستشفى الشفاء فهو قصة اخرى حيث تتهم دولة الاحتلال ومعها استخبارات عدد من دول العالم الكبرى ان مستشفى الشفاء مقر لعمليات قيادة حماس فكانت الذريعة الى اقتحامه بالدبابات ، بوجود المرضى واطفال الخداج …. الخ، وثبت ان المشفى هو خال من ادعائهم.
في اي ملة من الملل في هذا الكون يقوم جيش يعتبر من اقوى جيوش العالم بكسر المحظور الانساني الدولي ويهاجم المستشفيات، ويهدد امن وسلامة النزلاء وكل الذين احتموا من البشر في مستشفيات قطاع غزة. لقد تم تعبئة الراي العام المحلي والدولي بوجود مقاتلين او مراكز عسكرية في هذه المستشفيات ، ومع انجلاء الحقيقة كانت هناك انتكاسة لاجهزة الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية التي فشلت في مهامها لحفظ امن دولة الاحتلال.
لقد كان لصمود الغزيين الاثر الكبير في مواجهة مشاريع التهجير ، بالرغم من عظم الالم الذي شاهدنا جزء منه عبر الشاشات ، ولكن المصاب والالم اكبر بكثير ، نحن لدينا نفس الاحساس الذي وان تجرعته غزة فهو يمر عبر احاسيسنا واجسادنا هنا وفي كل مكان يكون فيه فلسطيني على هذه البسيطة.
لقد اراد هذا العدو ان يعيد لنفسه كبرياؤه التي تحطمت في السابع من اكتوبر، فكانت تلك الحماقة التي ارتكبها وقتل كل معاني الانسانية. ارادها نكبة جديدة فانقلب السحر على الساحر.
وبالرغم من الالم الذي تعيشه غزة ويتجرعه الفلسطيني اينما كان الا انه تم اعادة القضية الفلسطينية الى الواجهة من جديد ، وثبت بالوجه القاطع ان لا يمكن الالتفاف على هذه القضية او انهاؤها بالقتل والدمار والابادة الجماعية والتطهير العرقي. وبسبب تجاهل هذه القضية واستمرار الاحتلال فان قادة هذا الكيان سيدفع ثمنا غاليا وستبقى هذه اللعنة تلاحقهم الى ان تجد قضية فلسطين العدالة وتستعاد الحقوق لاصحابها. قادة الاحتلال مصابون بمتلازمة القضية الفلسطينية ، فهم على استعداد تام ان يقوموا باي شئ في سبيل عدم التوصل الى حل عادل واعدة الحقوق الى شعبها.
متلازمة القضية الفلسطينية ستبقى تلاحق من يحاول فنائها ، حتى تعاد الحقوق لاصحابها . نحن اصحاب الارض وحراسها الصامدون ونحن الزارعون ونحن الحاصدون ولا فناء لثائر.