مقالات

هل من بعد ثالث في أمريكا؟. الدكتور غالب الفريجات

الدكتور غالب الفريجات

هل من بعد ثالث في أمريكا؟.
الدكتور غالب الفريجات

أمام صحوة الشعوب وتحديدا الموقف الجماهيري في اوساط الجيل الشبابي في عموم الولايات المتحدة الأمريكية، ورفض سياسة الادارة الأمريكية الديمقراطية الداعمة للكيان الصهيوني، وأن حكومة البيت الأبيض باتت شريكة في العدوان الذي تمارسه ” اسرائيل” على الشعب الفلسطيني، ومنذ زمن طويل، وبرز ذلك بوضوح هذه المرة اكثر بكثير من السابق لحجم دمويته في حق ابناء قطاع غزة من قبل “اسرائيل”.

لن يكون التغيير المقصود بسقوط الإدارة الأمريكية واحلال رئيس جمهوري فكلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري لا يختلفان في السياسة الأمريكية الخارجية إلا في الأسلوب، فقد عرف عن الديمقراطيين أنهم يرون بإمكانية تحقيق الأهداف الأمريكية بالاسلوب الحريري في حين أن الحزب الجمهوري يرى ان الأسلوب الحديدي هو وسيلة تحقيق الأهداف الأمريكية ، ولهذا فإن معظم حروب أمريكا كانت على أيدي الجمهوريين.

باتت اوساط لا يستهان بها في اوساط الشباب الذين يرفضون السياسة الخارجية الأمريكية، وتحديدا ذات العلاقة بالكيان الصهيوني من حيث الدعم المالي، واعتبار المواطن الأمريكي ان ما تدفعه أمريكا من مساعدات مالية هي من جيوب المواطن الأمريكي، ومن جهة أخرى الحجم الدموي الذي تمارسه “اسرائيل” في حق الشعب الفلسطيني نظرا لتدني مستوى السردية الصهيونية فيما يتعلق بحقوق اليهود التاريخي في فلسطين، وسقوط مقولة فلسطين بلا شعب تعطى لشعب بلا ارض، وكان للنضال الوطني الفلسطيني والتضحية التي يقدمها الفلسطينيون على مدار سنوات الاحتلال دور كبير في ذلك ، لذا باتت هناك جماهير يهودية ترفض سلوك “اسرائيل” وتعاملها مع الفلسطينيين، وهناك ولادة منظمة يهودية على خلاف مع منظمة ايباك الصهيونية التي تناصر الكيان الصهيوني، والتي تملك من النفوذ ما يخيف معظم اوساط السياسيين الامريكان، وخاصة أصحاب القرار وفي الإعلام ، وهو ما يؤكد على إمكانية حدوث تغيير في المستقبل بسبب جرائم الكيان الصهيوني من جهة، وبات اليهود في نظر الكثيرين في الاوساط الأمريكية بممارساتهم يشكلون خطرا على المجتمع الأمريكي من جهة أخرى.

يمكن للاوساط العربية والإسلامية والأفريقية ان يساهموا في التعجيل ببروز البعد الثالث في المجتمع الأمريكي، فهم الأكثر ضررا من سياسة الحزبين الخارجية، وهم وقود حروبهما، وهما أحق بأموال أمريكا التي تنفق على الحروب، وعلى دعم الكيان الصهيوني تحديدا ، هذا البعد الثالث، يمكن أن ينهج سياسة معتدلة بعيدة عن سياسات أمريكا العدوانية، ودعمها المطلق للكيان الصهيوني، وكل أشرار العالم الذين يمارسون القمع ضد شعوبهم، انا اعتقد ان السياسة الأمريكية بلونيها الديمقراطي والجمهوري باتت خطرا ليس على شعوب الأرض بل أيضا خطرا على الامريكيين أنفسهم، لحجم الكراهية الذي باتت هذه الشعوب تكنه لامريكا، وهو ما يعجل بحركة فاعلة باتت تتبلور في الشارع الأمريكي، وفي اوساط الشباب تحديدا للتفكير بأن يكون لهم دور فاعل ومؤثر في سياسات بلادهم، وان ينهوا تهمة ان المواطن الأمريكي لا تهمه الا مصالحه الخاصة، ولا يلتفت الي ما يجري في العالم، ولهذا فإن سياسة بلاده الخارجية لا تعنيه كثيرا، لأنها ليست ذات تأثير مباشر على مصالحه الخاصة، فقد بات منغمسا في الأحداث العالمية وقد افرزت القضية الفلسطينية وحجم العنف الصهيوني في حق ابناء قطاع غزة ردة فعل قوية حتى ان جماهير نيويورك التي يطلق عليها البعض جيويورك مدينة اليهود قد تدفقت شوارعها بالغضب الجماهيري على جرائم “اسرائيل” في فلسطين المحتلة.

لاشك ان ولادة هذا البعد ستكون عسيرة ، فهذا يعني ان امريكا الامبريالية عدوة شعوب الأرض تتطلع للحرية تتحول من دول امبريالية الي دولة ديمقراطية حقيقية فالديمقراطية التي تدعيها لا يمكن أن يكون لها وجهان متناقضان، صحيح أن الصندوق من يفرض ساسة أمريكا بكل مستوياتهم مع وجود المال الفاسد، ولكن لا يمكن أن من يؤمن بالديمقراطية يمارس العنف والعدوان في حق الآخرين، ويحرمهم من حقوقهم المشروعة في الحرية، ولا يمكن أن تكون هناك مصداقية لطروحات مثل حقوق الإنسان ، وحقوق المرأة وحقوق الطفل، وان تمارس قتل هؤلاء بابشع انواع القتل بالسلاح الأمريكي الذي تزوده لكيان مجرم، وفي الوقت نفسه تحمي هذا المجرم في المنظمات العالمية، وتمنع ادانته والتشهير بأفعاله الاجرامية،فامريكا تناقض نفسها بما تدعيه من مبادئ، وبما تمارسه من أفعال.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب