مقالات
ما يأتلق في مئوية اللواء الأبيض : “ما فيش تاني مصري_سوداني”…! بقلم عبدالله رزق ابوسيمازه
بقلم عبدالله رزق ابوسيمازه -السودان -

ما يأتلق في مئوية اللواء الأبيض : “ما فيش تاني مصري_سوداني”…!
#الهدف_أراء_حرة
عبدالله رزق ابوسيمازه
توصف العلاقات بين مصر والسودان، غالبا، بالازلية، ومع غموض التوصيف، فإنه لايستثني أو يستبعد شموله العلاقات مع تشاد واثيوبيا، مثلا. ربما تتميز تلك العلاقة الثنائية، بين “بلدي وشعبي وادي النيل “، في توصيف آخر، بكونها تتجذر عميقا في التاريخ والجغرافيا، التي يشكل نهر النيل أبرز معالمها، بحيث يمكن القول أن العلاقة نفسها “هبة النيل”، وليس مصر وحدها، أكثر من أي شيء آخر.
وقد مرت العلاقة بمراحل متعددة، لكن منذ عهد محمد علي باشا، بدا أن مصر، منذ ذلك الحين، هي الأكبر تأثيرا على السودان الحديث، في إطار تلك العلاقة، والتي بدأت تتبلور في شعارات وبرامج الجماعات السياسية، ربما للمرة الأولى، مع ثورة 1919م في مصر، وثورة 1924م في السودان. فقد برز شعار “وحدة وادي النيل”، الذي اهتدت به الحركة الوطنية الناشئة، تتلمس نهج النضال المدني السلمي، في مواجهة المستعمرين الإنجليز، الذين استقلوا، عن مصر، بحكم السودان، منهين، ما عرف منذ “إعادة فتح السودان”، عام 1889م، بالحكم الثنائي، وذلك على أثر أحداث عام 1924م.
وورث “الاشقاء”، الذين شكلوا، فيما بعد، الحزب الوطني الاتحادي، شعار الوحدة مع مصر، مقابل “السودان للسودانيين “، الذي رفعته الجبهة الاستقلالية، ومع ذلك فقد انضم الحزب للاجماع الذي قرر استقلال البلاد من داخل البرلمان.
يتمثل الثابت في علاقة البلدين في المصالح المشتركة، بينما يتغير التعبير عنها، من فترة لأخرى، بدلالة تغير السياسة وأنظمة الحكم في البلدين.
يمكن اعتبار فترة حكم النميري (1969 -1985م)، أحد العهود الذهبية لتلك العلاقة، تحت شعار التكامل، واتحاد الجمهوريات الأربع، ثم الثلاث(ميثاق طرابلس)، وميثاق الدفاع المشترك. لكن العلاقة تراجعت إلى ما اسماه السيد الصادق المهدي بالاخاء، الذي اعتمدته حكومته، التي جاءت عقب الإطاحة بالنميري، كبديل للسياسات النميرية. وتراجعت ثانية حد التدهور، والعداء، إثر انقلاب الإسلاميين في 30 يونيو 1989م، وبلغ التدهور ذروته بضلوع بعض قيادات النظام في محاولة لاغتيال الرئيس المصري الأسبق، حسني مبارك، ومن ثم احتلال مصر مثلث حلايب، بالمقابل.
ومع الاضطراب العظيم، الذي شهدته البلاد عقب ثورة ديسمبر 2018م، بدت العلاقة مضطربة، في رؤى الجانب الشعبي، خصوصا.
ويعتبر مرور مائة عام على ثورة اللواء الأبيض، التي أعلت شعار “وحدة وادي النيل”، مناسبة لإعادة التفكير في العلاقة السودانية – المصرية، لوضعها في سياقها الصحيح، والتعبير السياسي عنها، بالشكل الملائم، رسميا وشعبيا، بما يتسق مع المصالح الحيوية والاستراتيجية المشتركة للبلدين، واحتفاء بليغا بالمناسبة التاريخية.