مقالات
البعبع الذي يخاف منه الكيزان بقلم د. منال حسن مختار
بقلم د. منال حسن مختار -الهدف السودانية -
البعبع الذي يخاف منه الكيزان
بقلم د. منال حسن مختار
من الظواهر اللافتة للنظر مفهوم العدالة الانتقالية الذي نادت به ثورة ديسمبر والذي أثار اهتمام العديد من مؤسسات المجتمع المدني سيما المؤسسات الحقوقية و الثورية، والمثقفين النقديين المهتمين بالنقد السياسي ضد الأنظمة الشمولية والسلطوية وما تمارسه هذه الانظمة من قهر سياسي ضد الأحزاب السياسية المعارضة، وأيضاً ما تمارسه من سياسة التكميم في مواجهة المثقفين والناشطين السياسيين.
ولأن العدالة الانتقالية في تعريفها هي مجموعة من التدابير والإجراءات القضائية وغير القضائية التي تتصدى لانتهاكات حقوق الإنسان وسؤ استخدام السلطة وغيرها من التجاوزات التي وقعت في ظل النظام السابق نظام ( الكيزان )، أصبحت هي البعبع الذي يخافه الكيزان، وقد تجسد ذلك في خوفهم من لجنة إزالة التمكين.
والعدالة الانتقالية التي تنشدها ثورة ديسمبر هي التي ترمي إلى القصاص العادل، وجبر الأضرار التي لحقت بالشعب السوداني من حكم الكيزان، وإصلاح مؤسسات الدولة وتحقيق المصلحة الوطنية، والانتقال بالمجتمع السوداني إلى مرحلة الممارسة الديموقراطية، وتشريع قوانين ونظم تحول دون حدوث انتهاكات وتجاوزات وتتوافق مع تلك العبارة الفلسفية التي كتبت على حائط منزل رئيس أساقفة جنوب إفريقيا (ديزموند توتو)، في مدينة (كيب تاون) ، (كيف نحول الأخطاء البشرية إلى عدل بشري).
وهنا يرد سؤال.. هل هنالك علاقة ما بين العدالة الانتقالية والمصلحة الوطنية؟
إن معرفة الحقيقة والمحاسبة والقصاص والتعويض وجبر الضرر التطهير والإصلاح المؤسسي والمصالحة، هي إستراتيجية المصلحة الوطنية لما يترتب عليها من نواحي تطبيقية متعددة، أولها معرفة الحقيقة وهي المرحلة التي تثير أكبر قدر من المشكلات في مجال التطبيق لأن معرفة الحقيقة تتضمن معرفة الأسباب والظروف التي ارتكبت خلالها التجاوزات والجرائم التي ترتب عليها الضرر والانتهاكات لحقوق الإنسان بكافة صوره المادية والمعنوية. وهنا يكمن سر خوف الكيزان من العدالة الانتقالية، وقد انعكس خوفهم باقتحام المبنى المخصص للجنة إزالة التمكين والمصادمات الدرامية لأعضاء اللجنة، على رأسهم الأستاذ وجدي صالح وشعاره (صامولة صامولة ) للحيلولة دون معرفة الحقيقة وارتفاع الصيحات من ناظر البجا ترك والتوم هجو والفكي جبريل واجهات اللجنة الأمنية الكيزانية بحل لجنة إزالة التمكين لأنها في حقيقتها كانت تمثل لجنة معرفة الحقيقة، الأمر الذي انتهى بحرب 15 أبريل التي مهما طالت لن ولم تمنع ثورة ديسمبر وثوارها من معرفة الحقيقة والقصاص وتحقيق العدالة الانتقالية وتمكين المصلحة الوطنية.