ثقافة الطفل في الدورة 55 لمعرض القاهرة للكتاب

ثقافة الطفل في الدورة 55 لمعرض القاهرة للكتاب
كمال القاضي
القاهرة ـ : تُركز الدورة الخامسة والخمسون لمعرض القاهرة الدولي للكتاب هذا العام على كل الشرائح العمرية للأطفال، وتخصهم الفعاليات الثقافية والإبداعية والمهارية للمعرض بعدد كبير من المزايا، بوصفهم أدباء المستقبل وركيزته الأساسية، وتماشياً مع هذه السياسة تم اختيار اسم الكاتب يعقوب الشاروني ليكون شخصية العام، في ما يتصل بالنشاط الثقافي الخاص بالطفل ودوائره المعرفية.
والشاروني واحد من كُتاب ومُبدعي أدب الأطفال البارزين، وله بصمة واضحة في هذا الخصوص وقد حصل على عدة جوائز دولية، وله كتاب علامة بعنوان أجمل الحكايات الشعبية سبق له الفوز بجائزة آفاق الدولية من معرض بولونيا للكتاب في إيطاليا، فضلاً عن أن يعقوب الشاروني ظل لسنوات طويلة يكتب باباً ثابتاً في جريدة «الأهرام» تحت عنوان «ألف حكاية وحكاية» لذا لفت نجاحه وتميزه النظر فتم منحه الجائزة المُشار إليها والتي يختص بها كاتباً واحداً فقط على مستوى قارات آسيا وافريقيا وأمريكا الجنوبية وأستراليا.
كذلك يكرم معرض القاهرة للكتاب اسم العالم الأثري الكبير سليم حسن، صاحب موسوعة مصر القديمة الواقعة في ثمانية عشر جزءا، وله العديد من الاكتشافات الأثرية في المنطقة المحيطة بالأهرامات، ويعد سليم حسن عميداً للأثريين المصريين، وفق اللقب الذي أطلق علية من كبار العلماء المُتخصصين في علم الآثار المصرية.
ويُعزز اختيار النرويج كضيف شرف فكرة الاهتمام بأدب الأطفال كونها تعد الطفل مشروعاً ثقافياً مستقبلياً يُناط به بناء المستقبل، ويساهم في التقدم والبناء الحضاري للمملكة وهي ثوابت ضرورية ومهمة في الثقافة النرويجية. لهذا تأتي محاولة التقارب بين الثقافتين المصرية والنرويجية بمثابة دفع قوي للحركة الإبداعية في مجال دعم الطفل المصري والنرويجي وتحصينه من الغوغائية، وتأثير الثقافة الاستهلاكية الضارة والهدامة.
وتُشير الدورة 55 إلى تعظيم الثقافة من خلال الشعار الذي تم اختياره ليكون حافزاً للقراءة والاطلاع «نصنع المعرفة ـ نصون الكلمة» وهو توظيف إيجابي للمعنى الضمني والهدف الثقافي المرجو، فمن خلاله يتم تثبيت مبدأ صناعة المعرفة بالتدارس والابتكار والبحث والتقصي إلى آخره. كذلك صون الكلمة يأتي بتقديرها والعناية بها كمرادف للفعل الإبداعي البناء، فالكلمة هي نواة الفكر الأولى التي تأسست عليها مشروعات العلم والتثقيف الكبرى. ووفق ما صرح به رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب أحمد بهي الدين، فإن المعرض يشهد تطوراً ملحوظاً في دورته الحالية، التي تستمر نحو عشرة أيام، إذ يبلغ عدد الناشرين 1200 ناشر من 70 دولة و5250 عارضا، وهو معدل فائق من الحضور والوجد يتبعه بالضرورة تفاعل قوي على مستوى الأنشطة الثقافية بمجالاتها المختلفة كالندوات التثقيفية، ولقاءات الكُتاب والمفكرين لمناقشة أهم القضايا المطروحة على الساحة السياسية والاجتماعية والدينية.
كما تتعدد ألوان الفنون كمسرح العرائس والأراجوز والسيرك والفنون الشعبية والغناء والعروض السينمائية وأفلام الكارتون، وورش الفنون التشكيلية للتدريب وتطوير المهارات ومبادرات التنمية المجتمعية كمبادرة «دوي» التي يُطلقها المجلس القومي للمرأة في إطار دعم الفتيات وتوعيتهن الفكرية والثقافية والعلمية والإرشادية وغيرها. كما أن وزارة التضامن تُطلق أيضاً مبادرة وعي وتعمل على دعمها لخلق الوعي البيئي والإنساني والثقافي والمجتمعي، غير أن لوزارة الأوقاف مشروعاً يحمل عنوان رؤية يهدف لاستشراف المستقبل، وتبصير الشباب والشابات بواجباتهم وحقوقهم الدينية والتربوية، ولا يبتعد بالطبع دور الأزهر الشريف بقيادة الإمام الأكبر أحمد الطيب عن رسالته السمحة للحض على مبادئ الود والإخاء والإعلاء من القيم الأخلاقية تبعاً لما ورد في تعاليم الدين الإسلامي، وما أمر به الله ورسوله للحد من الخلافات ونبذ العنف والكراهية.
تُقام فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب على مساحة 80 ألف متر مربع وتشمل 5 صالات للعروض المختلفة، ليتسنى توفير وعرض الغالبية العُظمى من الإصدارات الحديثة في مجال الرواية، والقصة والشعر والكُتب العلمية المُتخصصة، لاسيما أن التوجه الحديث للثقافة صار مُرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالتكنولوجيا والنظام الرقمي في ما يخص تداول المعلومات وعمل الأبحاث والدراسات من خلال منصات إلكترونية تدعم هذا الاتجاه بقوة وتساهم بشكل كبير في عملية الميكنة والتحديث بسُبل التطوير والمتابعة اليومية لكل ما هو جديد ومفيد. وهذا الأمر يتفق مع خُطة الدولة مُتمثلة في وزارة الثقافة لتعميم آليات الثقافة الإلكترونية والنهوض بها، وهي المهمة المُلقاة على عاتق وزيرة الثقافة نيفين الكيلاني في المرحلة المقبلة الأكثر اشتباكاً مع التكنولوجيا ونُظم المعلومات الحديثة.
«القدس العربي»