مقالات

القضية العربية والقضية الفلسطينية حالةُ جدليَّةِ الواقعِ والمستقبلِ بقلم أ.د علي عطية عبدالله

بقلم أ.د علي عطية عبدالله-أكاديمي جامعي _العراق

القضية العربية والقضية الفلسطينية حالةُ جدليَّةِ الواقعِ والمستقبلِ
بقلم أ.د علي عطية عبدالله
مقدمة:-
وأنا أتابع ُواقع حال الامة العربية اليوم،حيث الرجوع الى عهد القبلية، وعهد دويلات الطوائف سيئة الذكر قيما ومباديء.مستذكرا ما قرأته من تاريخ تلك المرحلة وتاريخ سقوط الاندلس ، ومعاتبة والدة عبد الله الاحمر لولدها وهو يبكي، حيث قالت له بقول حكيم لا يخلوا من ألم:-
أ تبكي وطنا كالنساء لم تدافع عنه كالرجال؟، ياله من توبيخ يستحق أن يَتَّعِظ َ به من هم للامة اليوم حقا في عملهم وافكارهم يخلصون.
ثم أقرأُ ما يُكتبُ وأَسْمَعْ ما يُقالُ ويُثار ،في ندوات وحوارات وتحليلات سياسية، تكرارا لما هو معروف ،حتى كأنك تسمع للسياسة هواة وللحوارات غُوات، أجد نفسي غارقا في محاولة فهم الحال وكيف اليه آل!رغم أني عاصرت واعاصر احداثه بوعي ومسؤولية منذ نعومة الاظفار،أ هو طبعٌ عربي لم يتمكن التطبع من تطويره، أم وضعٌ وُضعوافيه غير قادرين على التخلص منه؟.لا أريد أن أبرئ النفس من أني كتبت الكثير نثرا وشعرا، فرض علينا نفسه بغض النظر عن البحورو الموازين المتحجر منها والمتحرر!!، بلغ خمسة كتبا اصغرها 430 صفحة واكبرها 600 صفحة، اعتذر الناشرون عن نشرها ،كونها شديدة النقد لانظمة عربية ولاحزاب ومثقفين عرب متاثرا بواقع مؤلم مع الاسف، خوفا من منع منشوراتهم في السوق ومعارض الكتب في الاقطار العربية ، ولايخفى أن فيها دفاعا عن البعث فكرا عربيا تقدميا استوعب تراث الامة، فحدد اسس نهوضها، مع نقد بناء لمن حكم باسم البعث، ولم يلتزم باهدافه ومبادئه، فضيع فرصة لا يمكن اليوم توافُرها، فمهد لواقع الحال الذي نعيشه بألم.وربما لا تخلوا من تكرار لنفس الموضوع ولنفس اسباب المصيبة، التي تعيشها الامة كقضية قبل القضية الفلسطينية، فقضية فلسطين نشأت بسبب وجود قضية عربية ،وليدة حكم عثماني اساء لها، واستعمار استلمها وهو خطط ويخطط لا عاقة نهوضها، لذا فقضية الامة لواقع حال ليس في صالحها ،اوجد قضية فلسطين نتيجة لذلك،فلا حلا حقيقيا لقضايا العرب في فلسطين والاسكندرونة والاحواز ،الا بحل قضية الأمة على اسس حقها في النهوض والوحدة.
فكيف يحقق ذلك؟؟.هذا ما سنوضحه في الفقرات الآتية.
خلفية واقع اليوم.
لدراسة خلفية واقع اليوم قد يقودنا الى الاغراق في تفاصيل ما كان عليه العرب حتى عام 1947 ،يوم اغتصبت فلسطين هدية لمن ظلمهم الغرب ،لاسباب هم ليسوا ابرياء مما حدث لهم،ولا علاقة للعرب بذلك،فالعرب هم تحت ظلم القوى الدولية وقتها، بعد ان خرجوا من ظلم سياسة التتريك، التي مارسها العثمانيون معهم عقودا من الزمن.حيث واقع حال العرب هو تبعية لمستعمر جديد وفقدان ارادة وسيادة،ففقدت فلسطين بقرار اممي ظالم وضعف واقع عربي سيادة وقوة دفاع متمكنة.وهكذا ولدت قضية فلسطين وسط قضية عربية تتمثل بتجزئة الامة،وولادة دويلات قطرية فاقدة لسيادة وارادة وقوة دفاع عن النفس،بل مرتبطة بارادات المستعمرين .
فاذن قضية فلسطين هي وليدة قضية عربية،كانت ولا زالت وان اختلفت في الاهداف والظروف خلال تطور مراحل تاريخٍ منذ 1947م و اليوم(٢٠٢٤م).فمن يريد تغيير واقع الحال عليه أن يستوعب ما مر من ظروف ،جمعت بين فرص واعدة ومواقف لانظمة واحزاب سياسية أخطأت في سلوكياتها السياسية،وشذوذ مواقف لاثنيات وطوائف دينية، استغلها ويستغلها اعداء الأمة. مما يتطلب موقفا يتجاوزذلك لا نسيانا بل عظة به يُتَّعظ لانطلاقة مسؤولة تجاه وطن وأمة، الانسان فيهما اساس البناء والتطوير، وذلك باعادة الثقة فيه مواطن له بقدر ما عليه من واجب تجاه الوطن والامة، احتراما لهويتها ومساهمة فاعلة في البناء والتطوير لها.
موقف امريكا من قضية الامة
لا شك أن أمريكا انظمة حكمٍ وشعبٍ، ترتبط بالقضية العربية بشكل سياسي واقتصادي لخدمة مصالحها اولا ولخدمة الكيان الصهيوني اساسا،ثم تطورت نحو خدمة الكيان الصهيوني بشكل علاقة عضوية،اسس لها لوبي صهيوني فعال اقتصاديا وسياسيا واعلاميا،و مسيحيون متصهينون يدعون نبوءات انجيلية تدعم نشوءدولة كبرى لبني اسرائيل، تمتد من الفرات الى النيل، ليمهد لظهور السيد المسيح،وهو ادعاء محرف للانجيل الصحيح، انجيل عيسى وليس اناجيل كتبها من بعده اتباع له كل كتب ما يراه منسجما مع هواه. لكن تلك النبوءة المفتراة تكون لعقيدة الكنيسة الانجيلية المتنفذة في امريكا والداعمة للادارة الحالية لامريكا أساسا تفكيريا متزمتا. كما ان التاريخ يخبرنا ان يوما اراد كندي(1963) ان يتفاهم مع ناصر لايجاد حل موضوعي ،برأيه، للقضية الفلسطينية، فاغتاله الصهاينة، ولا زالت القضية يعجز القضاء للبت فيها،رغم أن القاتل وقاتل القاتل معروفون.
فلا يمكن ان يُتوقَّعَ موقفا موضوعيا من ادارة امريكية تجاه القضية الفلسطينية، وواقع القضية العربية واقع يسوده التشتت وفقدان الارادة،مع انظمة تهادن الادارة الامريكية حفاظا على واقعها او ضعفها تحت افكار متخلفة او قطرية انانية،وسياسيون تفرقهم مصالح ذاتية او تبعية لدول اجنبية.او تسيطر عليهم عقلية طائفية او اثنية او تبعية شعوبية.
واليوم نعيش موقفا امريكيا يعبر عن وقاحة وحقارة لنظم عربية، تتبارى للتقرب من الرئيس الامريكي غير المحترم للحق العربي سلوكا وعملا، والانظمة العربية بعضها متهالكة لكسب ود الادارة الامريكية.والموقف الامريكي واضح ،يدعم الكيان الصهيوني بكل قوة ضاربا عرض الحائط حقوق العرب في فلسطين، محتقرا العرب كأمة ،والمؤسف أن هناك مهادنة انظمة عربية لتلك الادارة الامريكية،ولا تدرك مخاطر مواقفها هذه تجاه الامة وتجاه قضيتها فلسطين.
من هنا يمكن القول لا يمكن اي تغيير لموقف امريكي ان يحدث، يدرك حق العرب في فلسطين،ويدرك ان العرب أمة واحدة لها قضية في وحدتها،يجب أن تحترم.فالعرب مشتتون يخدمون مصلحة امريكا ويخدمون الكيان الصهيوني بصورة غير مباشرة، فهل يتوقع لهم موقفا يخدم قضية العرب في وحدتهم، او يخدم قضيتهم في فلسطين؟؟وكما يقال حدث العاقل بما لا يعقل فان صدق فلا عقل له.ولا يقل موقف الغرب وروسيا(التي ايدت تقسيم فلسطين قبل امريكا وقتها) عن موقف امريكا خدمة لمصالحهم،وتحقيقا لقرارات وزراء خارجيتهم عام 1907م واتفاقية سايكس -بيكو. فما العمل اذن؟؟
العمل الجاد مطلوب
قد يتساءل سائل، وهو محق، ما هو العمل الجاد في وسط واقع عربي فاقد لعقل رشيد وللثقة بالنفس، وكل يرنو نحو من يساعده على حفاظه على موقعه.وهو تساؤل له وجاهته وسط هذا الواقع العربي المؤلم لمن قلبه من صخر واعصابه من اسلاك حديد.لكن الوقوف عند تلك النهاية هي الاخرى تضيف للواقع مأساة ولا تتيح للحل مجالا.
من هنا الابتعاد عن تلك الحالة التي يحولها البعض الى شتائم لامة لا تستحق الا الاشادة وفهم اسباب واقعها اليوم، وتجنب تكرار اسباب مأساتها ، أنما تشخيصها،دون تبرئة لنا مفكرون وسياسيون،بل نعترف بالخطأ ثم نصححه،لا نبقى نلوكه في كل لحظة وحين،عن الحق نبتعد!!.وفي علم الرياضيات هناك نصيحة اذا أخطأت النتيجة لا تلهي نفسك بمسح بعض الخطوات فتتيه عليك النتيجة الصحيحة، بل أمحها وأبدأ من جديد.
فهل نحن كعرب مفكرين ومثقفين، ندرك الاخطاء فنمحي خطوات الوصول لها كنتيجة مخيبة للامة ولقضايانا المركزية،ونحدد خطوات الفعل الصحيح لتحقيق النتيجة الصحيحة،تنقذ الامة وتحقق مصالحها ، وتحقق الحلول الصحيحة لقضاياها المركزية،أم عجزنا وأنغلق التفكير عند محطات فعلت في تكوينها كل ما في النفس البشرية من سوء؟.
في تقديري المتواضع ومتابعتي،60 عاما لاحداث امم مثلنا بل اسوأ احيانا، نعم بأمكاننا أن نقف وقفة تأمل للانطلاق منطلقا صحيحا على وفق منهج عمل ونهج فعل لتحقيق هذا المنهج، واضعين الهدف الاسمى امام أعيننا وهي مساعدة الامة على النهوض، متجاوزين صغائر الأمور متمسكين بكبارها،قد لا نرى ثمرة ذلك نحن الجيل الذي فشل، مع الأسف من دور تاريخي كان مهيئا له ولم يدركه، لنضع حجر الاساس للجيل القادم ليستمر ببناء مستقبل لا ينسى دورنا ولو بعد حين.
من هنا أرى وبتواضع الآتي:-
1-ترك التفاصيل والجزئيات التي قد يختلف عليها،والتركيز على ما هو رئيس وكبير لواقع الامة ولمستقبلها.
2-التأكيد على أهمية تضامن عربي جاد بداية لاتحاد عربي كنفدرالي،يمثل خيمة عربية كل قطر في ظله يتمتع بخصوصيته لكن يحترم مستقبل الامة ولا يمارس ما يخل بمصلحتها.
3-نتبع النقد الايجابي بعيدا عن التجريح الشخصي لاي نظام عربي،رغم اساءته،فالكلام الطيب يخرج الضب من حفرته.
4-دراسة واقع اليوم بموضوعية ،حيث اختلطت فيه الأمور بلا وعي من قبل الجميع، للتوصل الى موقف يخدم الامة واقطارها بعيدا عن ضيق الافق والتشنج،فحين تصل الامور الى كسر العظم بتدخل اجنبي سافر،فليس سهلا ان تلوم هذا وتبرأ ذاك.فالعقل في تصريف الامور أولى.
5-حين تصحوا الامة من كبوتها وتبدأ مسيرتها صح،فالاعتراف بحقوق الاقليات الممثلة بواقع جغرافي محدد،عمل انساني مطلوب.
6- لتحقيق مآرب تلك الخطوات مطلوب مؤتمر شعب عربي عام يضم كل مخلص صاحب رأي وموقف يخدم الامة، وتترك الاختلافات الثانوية جانبا
7- يعقد هذ المؤتمر تحت شعار ( انقاذ الامة مسؤولية كل مواطن فيها)
تنتخب أمانة عامة تمثل كل قطر عربي، ويقر منهج عمل واقعي مع وسائل تنفيذه ومتابعته.
8-تنتخب الأمانة العامة وفدا من سبعة اعضاء من ذوي الخبرة والاطلاع بشؤون الامة.
9- يقوم الوفد بزيارة كل قطر عربي ويكون عضو الامانة العامة لكل قطر عربي يزار ضمن الوفد،لعرض وجهة نظر المؤتمر بشأن الامة للمسؤولين ويفضل المسؤول الاول،يبين في تلك الزيارة ما يشعره الشعب اليوم تجاه اوضاع الامة،وتقديم الاستشارة لما هو في القطر المزار والامة.
10-ثم تتابع نتائج اللقاءات وتعمق الخطوات التالية لما هو اعمق،فالتشنج لا يحل اليوم للامة قضية,بل مصدر لتدخلات اقليمية ودولية تتحين الفرص للاساءة للامة.
11- تحدد للامانة العامة ميزانية من تبرعات اعضاء المؤتمر العام واي جهة عربية غير حكومية او ذات اهداف سياسية.
12- ينظم عمل الامانة العامة نظام داخلي.
أنا أعلم هناك اجتماعات حدثت مثل النخب العراقية، او مؤتمر الشعب العربي في تونس،
لكن ما اقترحه هو مؤتمر شعب عربي عام يضم كل مفكر ومثقف يؤمن بوحدة الامة.
هذا ما نراه مفيدا يعوض ،ان فعل كما بينا،عن كثرة الكلام وتكراره دون آذان صاغية،والله من وراء القصد.
ا.د. علي عبد الله الرفاعي
٣٠ كانون ثاني ٢٠٢٤م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب