
استنساخ نموذج الخروج من بيروت مقتل للمقاومة لن يكون
الدكتور غالب الفريجات
يظهر بين الفينة والاخرى خروج حماس من القطاع على طريقة خروج المقاومة من بيروت، اي استنساخ نموذج بيروت عندما أجبرت على الخروج للعديد من الدول العربية، ونقلت المقاومة مقر قيادتها الى تونس، وكان بمثابة مقتل للمقاومة، حيث ابعدت عن قربها من ساحة نضالها الحقيقي، حدود الاراضي الفلسطينية المحتلة، في الوقت ان حماس تعيش على أرضها وتمارس دورها بين شعبها.
كانت المقاومة في بيروت على ارض غير أرضها، وكانت حاضنتها ليست الحاضنة الشعبية المتجذرة والمتلاحمة معها كما نشاهده اليوم بالحاضنة الشعبية المتجذرة والمتلاحمة معها، فالمقاومة وجمهورها في القطاع وجهان لحالة واحدة، ونلاحظ مستوى التلاحم بين المقاومة وجماهيرها، وحجم الجهد في الاعداد والاستعداد الذي بذلته المقاومة قبل الانطلاق.
حماس ليست تنظيم سياسي ، فالمقاومة ليست معزولةَ عن شعبها، والجمهور المتجذر معها يعد ولي أمرها، والمقاومة ابنة هذا الجمهور.
حماس والمقاومة عموما في القطاع باتت هدفا ومستقبلا، وتحرير المواطنين من معاناة الذل والمهانة التي عاشوها طيلة فترة الاحتلال، فقدوا فيها كل معاني الحرية والكرامة والمستقبل، وجاءت المقاومة لتجيب على أن لا حرية ولا كرامة ولا استقلال الا عن طريق المقاومة، في الوقت الذي كانت فيه المقاومة في بيروت كان خطابها ليس بهذا الوضوح، والسبب الرئيسي كانت هناك عقبات كبيرة أمام مقاومة لا تستطيع ان تقف على قدميها.
أجزم ان سلوك وممارسات المقاومة في القطاع تختلف كلية عما كان يمارس في بيروت، وان حجم الإيجابيات في مقاومة القطاع كبيرة وكبيرة جدا، وانها غيرت الكثير من المعطيات، فما كان قبل السابع من تشرين/ أكتوبر يختلف كلية عما هو بعد أكتوبر، وهو ما يميز دور المقاومة اليوم ، وما يجعل الناس تمنحها ثقتها لعطائها وادائها غير المسبوق.
باتت حماس تحديدا والمقاومة عموما جزء اساسي في ثقافة المجتمع، ومن الصعب فصل المجتمع عن هذه الثقافة، فباتت المقاومة ثقافة مجتمع، وأعتقد أن هذه الثقافة كانت مغيبة الى حد ما من سلوك المقاومة في بيروت.
تمكنت المقاومة في القطاع ان يكون لها هدف واضح، وان لا يختلف هذا الهدف عن أهداف الجمهور، وهو ان لا بديل عن المقاومة طريق للتحرير، وباعتقادي ان المقاومة في بيروت كان عينها على العمل السياسي على حساب المقاومة بعكس المقاومة في القطاع ان العمل السياسي نتيجة لاداء المقاومة.
إن استنساخ نموذج بيروت في الخروج لتطبيقه على المقاومة في القطاع، هو غير قابل للتطبيق، وهو مقتل للمقاومة، وتغييب القضية الفلسطينية، وأن كانت النتائج التي وصلنا إليها في أوسلو ومخرجاته مأساوية، فإن النتائج التي يستهدفها هدف الكيان الصهيوني بإخراج المقاومة من القطاع دمارا قاتلا لاشرف قضية انسانية.
المقاومة في القطاع بمبادرتها وجرأتها واقدامها على عمليتها البطولية في طوفان الأقصى، كانت السطر الأول في معركة التحرير، وهي قد أسقطت اوهام كثيرة كانت معشعشه في عقولنا من حجم قوة هذا العدو، وقد أكدت هذا المقاومة ان مسيرتها مستمرة حتى تحقيق ما أعلنته من أهداف على طريق التحرير، تحرير الأرض والانسان على ارض فلسطين، وهي إضافة نوعية لمسيرة النضال الوطني الفلسطيني على طريق الصراع العربي الصهيوني، الذي قد انطلقت عربته باتجاه الهدف الرئيسي.