للسنوار: هل رأيت ما فعلناه في مستشفى ابن سينا بمدينة جنين؟

للسنوار: هل رأيت ما فعلناه في مستشفى ابن سينا بمدينة جنين؟
صحيح، يبدو هذا كمشهد من مسلسل “آكشن” معروف نسبياً في إسرائيل والعالم. والواقع فاق الخيال هذه المرة أيضاً. قبل بضع دقائق من الساعة 4:30 صباحاً، بدأ المستعربون يصلون إلى مستشفى ابن سيناء في جنين بهدف الوصول إلى المطلوبين الثلاثة الذين اختبأوا في الطابق الثالث، في غرفة جانبية بقسم الجراحة، هكذا على الأقل يتبين من استعادة الفريق الطبي وشهود العيان في المكان لما حدث.
لم يكن الحديث يدور عن اثنين أو ثلاثة من المستعربين، بل قوة أكبر كان ينبغي لها أن تصل على مراحل حتى لا تنكشف. تقول إسرائيل إن المعلومات الواردة عن مكان الثلاثة الدقيق لم تصل إلا قبل وقت قصير من ذلك، أي أن لدى القوة العاملة وقتاً قصيراً جداً للاستعداد للعملية. في الشريط المسجل المنشور، نرى مقاتلي وحدة “اليمام” و”الشاباك” بعد أن أصبح عملهم علنياً. لكن يمكن تقدير ضربات القلب المتسارعة والدراما في غرفة العمليات أيضاً حتى اللحظة التي يصل فيها المقاتلون إلى المخربين: الوصول، الدخول، المكوث، السير في الأروقة حتى الغرفة المحددة التي كان فيها المطلوبون، كل هذا يحتاج إلى اندماج تام دون إثارة أي اشتباه. وعندها، العثور على المشتبهين وتحييدهم. من الصعب القول إن أحداً ما في المستشفى فوجئ من إصابة الثلاثة. الكثير من العاملين في المكان كانوا يعرفون بأن المخربين يختبئون هناك، وجعلوا من المكان مخبأ بل غرفة عمليات لهم. والرسالة التي تصدر عن مثل هذه العملية للمطلوبين في الضفة وفي أماكن أخرى، هي أن المستشفى لم يعد يمنحكم ملجأ من الإصابة. في هذه الأثناء، رغم الرد الأولي القاطع السلبي ظاهراً من جانب حماس ليلة أول أمس على اقتراح صفقة تحرير المخطوفين، فقد بدت حماس مختلفة منذ أمس. إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي للمنظمة، قال إن حماس ستنظر في الاقتراح وسترد قريباً.
خطوة رئيس السي.اي.ايه لعقد اجتماع في باريس لمندوبي قطر ومصر وإسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا لأجل الاتفاق على اقتراح واحد، جاء لحشر حماس في الزاوية والضغط عليها. هذا ليس موقفاً إسرائيلياً – أمريكياً آخر فقط، بل اقتراح تقف خلفه اللاعبتان الأهم في العالم العربي وبشكل عام لحماس: قطر التي تمول حماس بمساعدات لغزة (وفي المستقبل ربما إعمارها)، ومصر التي تسمح بإدخال كل هذه المساعدات من أراضيها. بدون هاتين الدولتين لن تكون حماس في غزة، وقيادة المنظمة تفهم هذا. بمعنى أنه كلما ازداد ضغط قطر ومصر على قيادة المنظمة، سنشهد مزيداً من المرونة من جانب حماس. وثمة عنصر آخر له وزن في الموقف الأقل إصراراً من جانب حماس في موضوع الصفقة، وهو الضغط العسكري، الذي رغم الأقوال القاطعة بأنه “لا ينجح”، يقوم بالعمل وينجح في دفع عصبة السنوار على الأقل، للنظر في خطواتها.
وكلمة أخرى عن السنوار: رغم اختبائه في مكان ما في الأنفاق، يدرك أن ذاك “الجاسوس” الفلسطيني الذي ينقل معلومات عن مكانه في الزمن الحقيقي، سينهض في نهاية الأمر. وعندها، سيجد نفسه منضماً لقائمة “الشهداء” الطويلة. ليس مؤكداً أن هذه هي رغبة السنوار، الذي وإن دخل اسمه صفحات التاريخ الفلسطيني، لكنه معني الآن بالنجاة من هذه الحرب ويصبح زعيم الشعب الفلسطيني.
السنوار لا يسارع للقتال ضد جنود الجيش الإسرائيلي أو التضحية بنفسه في الحرب، ويبدو أن “موت القديسين” و72 حورية يبقيه للآخرين. هذا كفيل بأن يذكر إبراهيم حامد، الذي كان رئيس الذراع في الضفة والمطلوب رقم واحد في “المناطق” طوال ست سنوات. في لحظة الحقيقة، عندما حاصرت قوات الجيش الإسرائيلي البيت الذي اختبأ فيه، خرج حامد من البيت بيدين مرفوعتين وبلباسه الداخلي. حامد وآخرون ينتظرون الصفقة التي تؤدي إلى تحريرهم، ويتذكر السنوار أنه تعهد بتحريره هو أيضاً. هذه لحظة الحقيقة، وهو يفهم بأنها فرصة لن تعود.
آفي يسسخروف
يديعوت أحرونوت 31/1/2024