مقالات
في مسألة مفهوم حقّ الاختلاف –التيار القومي العربي أنموذجاً- بقلم د-عزالدين حسن الدياب
بقلم د-عزالدين حسن الدياب

في مسألة مفهوم حقّ الاختلاف –التيار القومي العربي أنموذجاً-
بقلم د-عزالدين حسن الدياب
عندما ندعو إلى تجديد الفكر العربي،فإننا ندعو إليه في جوانية هذا الفكر،أي في أطروحاته وموضوعاته،ومفاهيمه ومنظوره المنهجي،تجديداً يرى المستجد في قضايا الفكر العربي،واستطاعته المنهجية في استيعاب جدل البناء الاجتماعي العربي بمستوياته،الجهوية والوطنية والقومية،ولزوم مايلزم،في أدوات التحليل،وما تمليه من مراجعة نقدية،للعلاقة والتّأثير المتبادل،بين دليل العمل،وما للتيار القومي العربي من بنى تنظيمية،واحتياطها الشعبي المدني .
في هذه الحالة،يجب أن ننظر بعين مستقبلية إلى التجديد بكل نواحيه ومواضيعه،بحثاً عن الأولويات،وما يجب ان نجدد فيه.وفي هذه الحالة فإنّ البحث عما يجب أن نجدده في الفكر العربي،وكيف نرى ونقرر الأولويات لا يأتي من وازع ذاتي،أو من هواجس فردية،أو مجاراة لمنطق الرغبة،وإنما من الاصغاء للواقع الاجتماعي،والتأمل في الوقائع والظواهر،والأحداث،وقراءتها بعين منهجية،ترى سيرورة الواقع بما فيه من ظواهر وواقعات اجتماعية،وتجيب عن سؤال يخص سيرورة التجديد ومنتهاه،والكيفية التي يتعامل بها مع مكونات البناء الاجتماعي،وما يخلص إليه من نتائج تشكل في نهاية الأمر دليلاً لمن يريد الاستفادة من خلاصة عملية التجديد.
هنا في هذه المقاربة نطرح التجديد من واقع توظيفه في خدمة التغيير والتطوير ،و في تحويله إلى رديف لدليل العمل تجاه المخاطر والتحديات التي تواجه مجتمعنا العربي،من أجل أن ينهض في قضايا الفكر إلى مستوى قراءة التحديات قراءة منهجية ،تعرفه إلى مكوناتها،ومستويات التأثير المتبادل بين هذه المكونات،وما ستؤول اليه،وزمنها ومكانها،والمغالبة بين الداخل والخارج وحضورهما في التحديات،ومستويات المخاطر،التي تتاتى منها وعنها.
وتؤكد المقاربة،المرة تلو المرّة بأنها، وقد أتت بهذه المقدمة،أنها تقصد الفكر العربي، بكل مدارسه واتجاهاته وتجديد بنيانه وأنساقه،وتياراته،مقترنة ومرتبطة بمهمتها هذه بالمجتمع العربي.
وترى المقاربة،من واقع هموم صاحبها،الذي عايش وتعايش مع كثرة من الأحداث العربية،ومصاحباتها من ظواهر في أقطار عربيةعدّة،عايشها دارساًوقارءاً،ومن ثم محللًاًومفسراً،محاولاً وضع المعاني الصحيحة على ماشاهد وعايش وشارك فيها.
وعلى هذا الأساس،يذهب بقراءته للتجديد ومهامه بحثاً عن ظاهرة الانقسام في بنية التيار القومي على اختلاف فصائله،ومدارسه الفكرية،وخاصة حزب البعث،لأنّ المقاربة تراه حزب الأمة العربية.ويرى في ظاهرة الاختلاف،ظاهرة تستحق الدراسة،والالمام بثقافتها المجتمعية الشعبية،ودورها في الانقسامات ،التي طالت البنيان التنظيمي لحزب الأمة العربية،من أجل التغلب عليها بعد تفكيك بنيتها،وتحليل ثقافتها،لنعرف مافيها من موروثات ثقافية،وما أتاها من جديد من ثقافات أخرى،وما لها من فعالية في ثقافتنا، ومن ثمّ في الشخصية العربية،وفروعها.
*جاء في المعجم الوجيز,حول مفهوم “الخلاف والاختلاف”(خالف)من الأمر خرج،وفي القرآن الكريم{فليحذر الذين يخالفون عن أمره ..}و(اختلف) الشيئان:لم يتفقا.و-:لم يتساويا.)
واذا جلنا في الخلافات التي جرت ووقعت،ومن ثم تعينت نتائجها على شكل انقسامات،حملت أسماء وعناوين متباينة.
فإننا نريد ان نعرف هل كانت هذه الخلافات والاختلاف،في القضايا الرئيسة،أم كانت في قضايا ثانوية.
تُعْفِ المقاربة نفسها من قراءة تاريخ الاختلاف والخلاف،والوقوف أمام تعيناته،من حركة الاشتراكيين،إلى حزب العمل الثوري،إلى البعث اليساري..إلخ وتنظر الآن الى مانقرا ونسمع عن اختلاف وجهات النظر،وتباين ما أسفرت عنه من ظواهر،تعيّنت على هذا النحو وداك،فنرى انها خلافات حول قضايا ثانوية لاتتعلق في الأصل العقدي والفكري،وإنما تعود لنزعات فردية،وتكتلات عصبوية،وأسباب تتعلق بما آل اليه البنيان التنظيمي،غداة العدوان الأطلسي على القطر العراقي، وما أسفر من نوازع تكتلية،وجدت ضالتها،بفئة صغيرة من أناس لم يعيشوا النضال السلبي بتضحياته وعذاباته،وشاءت اقدارهم القفز”النط” إلى مواقع قيادية،فتاهت بهم اقدارهم.
حزب الأمة العربية،إذ يجد نفسه أمام ظواهر خلافية قائمة على قضايا غير أصوليةورئيسة ينظر اليها بعين فاحصة ومحللة،ليرى مابها من موروثات ثقافية، دافعة لظهور الأنا بشكل غير معافى،حتى تخفف عن بنيانه التنظيمي تعثرات يمكن تجاوزها.
*المعجز الوجيز-ص208-القاهرة-
د-عزالدين حسن الدياب -8-4-2024