وصف الكتاب
إن كثيراً من صفحات الماضي تبدو حية بتجارب الحاضر، كما أن تجارب الحاضر تتجلي اتجاهاتها بدراسة الماضي، من هنا كانت الضرورة لهذه الدراسة التي تناولت الجذور التاريخية للشعرية في محاولة للإطلال على الماضي في خطوة للعودة إلى جذور الأزمة التي تواجهها الأمة العربية بارتفاع الأصوات الداعية إلى نبذ التراث والاستهانة بالثقافة العربية وبالنهج على الوعي العربي وعلى مفهوم الأمة العربية حيث راح البعض يثير الفتن باسم العنصرية أو الإقليمية، ويبدو أن لهذه الحركة روافدها في التاريخ العربي الإسلامي تلك الحركة ضد العربي والعربية كرستها الحركة الشعوبية التي بدأت في الفترة الأموية الأخيرة، واندفعت بقوة في العصر العباسي، وقد مثل جانباً من محاولات شعوب غير عربية لضرب السلطان العربي عن طريق الفكر والعقيدة، وهذه الدراسة عنت بتاريخ الحركة الشعوبية هذه، حيث تم إلقاء نظرة علمية نقدية على جذور الشعوبية في المجتمع العربي، لأنه من خلال فهمها يمكن التوصل إلى فهم الشعوبية المعاصرة في المجتمع العربي. وهدف الباحث الاستفادة من خبرة التاريخ والتأكيد على رسوخ الذات العربية وانتصارها لأنها أقوى جذوراً وأكثر رسوخاً وأكثر غنى وشمولاً.
إن تاريخ الأمة كلّ متصل مترابط، يكوّن سلسلة حلقات يؤدي بعضها إلى بعض.
وهذا يوجب أن فهم حاضر الأمة يحتم دراسة الجذور وتفهم سيرة الأمة عبر العصور.
ولكل أمة فتراتها الثورية التي تكشف لها عن تياراتها الخفية وجوانب القوة والضعف فيها، فإن توافرت لها الحيوية اجتازتها وهي أقوى وأثبت وأرسخ وأفدر على الحياة الكريمة.
ودراسة الشعوبية في هذه الفترة من تاريخنا ضرورة ماسة تكشف لنا عن الخطر في هذا العدو الذي وإن تبدل وتغيَّر في اطوار التاريخ، واتخذ رداء الهجوم الأدبي والثقافي والتراثي والعنصري واللغوي والديني إلا أنه ظل العدو المتربص بالعرب ينتظر الثغرة في صفوفهم أو استعداداتهم لينفذ منها ويقضي عليهم.