
انتخابات
بقلم عبدالهادي راجي المجالي
…. بدأت المعركة الإنتخابية من الان , هذ يعني أن مكالمات ستأتيك في منتصف الليل ..وسيقول لك أحدهم : (إنت بتعرف معزتك ..وبتعرف إنك سند وعزوة) …هذا يعني أيضا أن إنتاج الرياء سيزيد , ويعني أيضا أن مناسيب المديح بك وبوالدك الذي توفي قبل أكثر من عشرين عاما ستزيد , هذا يعني أيضا أن جملة : (يا ريت الكل مثلك) ستتكرر كثيرا على مسمعك .
أيضا ستسمع جملة : (والله يا ابن عمي أنا حاسمها بس بهمني الرقم) …وستزيد الطلبات على المناسف والكنافة , وأظن أن منسوب القبل سيرتفع في المملكة إلى مستويات قياسية , سترتفع مع القبل قضايا العناق الكاذب …وسيلجأ البعض إلى تخصيص أوقات معينة في الإسبوع لمدحك والثناء عليك .
موسم الإنتخابات يعني لي الكثير , فأنا أتحول في هذا الموسم إلى كاتب المباديء ..فهم غالبا ما يصفونني بأن لدي مبدأ , البارحة فقط قال لي أحدهم في جلسة : ( إنت بتظلك صاحب مبدأ) وقبلها بأشهر علق على الفيس بوك موجها الكلام لي ووصفني (بالمرتشي) …أصبح أيضا أفضل من مسك القلم , وأتحول من مجرد صحفي إلى مدرسة في الوطنية والفداء …إلى بطل قاتل في حرب ال (48) ..أنا أعرف أن (الخرط) يزيد , أدرك أيضا أن التزلف يصبح حرفة عند البعض .
أكثر ما يقلقني هو أسلوب النفاق الذي يتبع حول أبي , كثيرا ما يمدحونه في مواسم الإنتخابات ..لدرجة أنهم يسهبون في شرح سجاياه وصفاته , وبأنه أنجب رجلا …ولكثرة الحديث عنه , صرت أحس بأني أبي هو من ألف كتاب (الأيام) لطه حسين ..صرت أشعر أني كنت بعيدا عنه ولم أكن أعرفه , وقد قال لي أحدهم مرة في إطار التزلف والبحث عن الأصوات , بأنه التقى أبي في بغداد مطلع الثمانينات ..وأخبرني بأنه كان قادما من البصرة , ولا يعرف لماذا كان هنالك ..لكنه أعطى إشارات جعلتني أشعر بأنه شارك في الجبهة , وأعد بعض الخطط ومن ثم عاد ..علما بأن أبي لم تطأ قدمه أرض العراق نهائيا .
في كل دول العالم الإنتخابات تعني المباديء , تعني الإنحياز للقيم والوطن ..تعني أن تختار من سيكون مؤتمنا على مستقبل أولادك , على التشريع ..على الحلم والهوية ..إلا لدينا فالإنتخابات تعني أن معلومات سرية خرجت تؤكد بأن والدي شارك في الحرب العراقية الإيرانية …أنا لا أعرف هذا العام – وأقصد انتخابات هذه السنة – هل من الممكن أن يكون شارك دون علمي في إنزال النورماندي ..لا أعرف!
مجرد نفاق ..
الرأي