مقالات

احتلال غزة بين الماضي والحاضر  بقلم مروان سلطان.

بقلم مروان سلطان.- فلسطين

احتلال غزة بين الماضي والحاضر 

بقلم مروان سلطان.- فلسطين

8.5.2024

—————————

اقدمت اسرائيل على احتلال غزة في المرة الاولى ابان العدوان الثلاثي على مصر في العام 1956، ومن ثم خرجت منها بعد ان قام رئيس الاتحاد السوفياتي خورتشوف في حينه بطرق منصة الامم المتحدة بحذائه في اعتراضه على العدوان الثلاثي على مصر ومطالبا بانسحاب اسرائيل من غزة وفعلا تم ذلك. في العام 1967 كان الاحتلال الثاني للقوات الاسرائيلية لقطاع غزة اثر حالة الحرب التي سادت بين الدول العربية واسرائيل ، فكان ان احتل الجيش الاسرائيلي قطاع غزة وسيناء من مصر، واحتل الضفة الغربية والجولان من الاردن وسوريا. وبقيت غزة تحت الاحتلال الاسرائيلي حتى توقيع اتفاقية اوسلو سنة 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل  وهي تفاهمات على حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي مدة الاتفاقية خمس سنوات تنتهي بعد ذلك لتبدء مباحثات انشاء الدولة الفلسطينية، مع منظمة التحرير الفلسطينية.  

انسحبت اسرائيل من القطاع على مرحلتين كانت الثانية عندما فكك شارون المستوطنات التي اقيمت على ارض غزة  وقد تم دلك من طرف واحد دون علم الجانب الفلسطيني فيما عرف بفك الارتباط بين الجنبين الفلسطيني والاسرائيلي وتم ضم هذا الجزء الى باقي القطاع. في سنة 2007 حدث ان قامت حركة حماس بانقلاب دموي في قطاع غزة على السلطة الفلسطينية مما ادى الى ان تفرض اسرائيل حصارا مشددا على القطاع ، وحدثت العديد من المناوشات العسكرية بين الطرفين اقدمت اسرائيل في كل مرة على تدمير جزء من المباني السكنية والمرافق والبنية التحتية، نتج عن ذلك الركود السياسي والاقتصادي في قطاع غزة.

يوم السابع من اكتوبر 2023, قامت مجموعات من كتائب القسام التابعة لحركة حماس بدخول مناطق المستوطنات ومناطق عسكرية واستخباراتية غلاف غزة لتحقيق اهداف من اهمها سحب ارشيف الاستخبارات الاسرائيلي واسر عدد من الجنود والضباط الاسرائيلين والعودة بهم الى غزة. على اثر ذلك شنت اسرائيل هجوما عسكريا على قطاع غزة استهدف المنشات السكنية والمدارس والجامعات والمستشفيات ، كما استهدف القطاع المدني بشكل واسع حيث ادى الى هجرات جماعية وفردية من الشمال الى الجنوب ومن الجنوب الى الوسط اينما تبدء الاعمال العسكرية .  وقد ادى الى مقتل وجرح عشرات الاف من المواطنين وحصلت مجاعات ونقص في الادوية وانتشار الامراض والاوبئة بين المواطنين.

مما لا شك فيه ان الاحتلال لقطاع غزة في المرة الثانية عام 1967 – 1994 – 2005  يحمل اهدافا تخدم التوجهات الاسرائيلية من قبل الاحتلال الاسرائيلي الذي تم عام 2023 –  الان، حيث كان الاحتلال في الفترة الاولى الاولى في اطار الحرب التي شنتها اسرائيل على الدول العربية، وكانت اسرائيل تهدف الى خلق تفاهمات بينها وبين الدول العربية تؤدي الى اخراج هذه الدول اولا من ساحة الصراع العربي الاسرائيلي ، والاستفراد بالسان الفلسطيني بعد ذلك .  وقد نجحت في ذلك على اثر اتفاقيات  كامب ديفيد سنة 1978 مع مصر ، واتفاقية وادي عربة سنة 1994 مع الاردن. ولم ترغب اسرائيل في البقاء في غزة طيلة فترة احتلالها منذ العام 1967، بسبب التكلفة العالية التي يدفعها الاحتلال في قطاع غزة، حتى ان رئيس الحكومة الاسرائيلية اسحق رابين تمنى ابان الانتفاضة الاولى سنة 1987 , ان يصحو من نومه وقد ابتلع البحر غزة، وكان ذلك تحت وطاة شدة المقاومة الفلسطينية التي كانت تعمل في قطاع غزة اثناء الاحتلال الاسرائيلي منذ العام 1967.  

لا يوجد تناقض  في الاستراتيجيات لدى الحكومة الاسرائيلية سواء التي يقودها احزاب اليمين او احزاب اليسار الاسرائيلي، هي نفس التوجهات ونفس الاستراتيجيات التي ترسمها القيادة الاسرائيلية وبالاخص الدولة العميقة في اسرائيل  لادارة دفة الصراع مع الفلسطينين، فالتوجهات الاسرائيلية في تهجير  مجموعات من الفلسطينين من قطاع غزة الى سيناء او اماكن اخرى سياسة واهداف اسرائيلية محتومة ، منذ نشاة دولة اسرائيل وحتى هذه اللحظة.  لقد عملت اسرائيل ابان احتلالها لقطاع غزة على تهجير مجموعات من اللاجئين الفلسطينين سكان المخيمات الذين هجروا بعد نشاة اسرائيل سنة 1948 في قطاع غزة ونقلت بعضا منهم الى الضفة الغربية وتحديدا الى مخيم الدهيشة ، وحاولت تهجير مجموعات اخرى الى الاردن غير ان الاردن اغلق الحدود في وجه هذه السياسة. ونستطيع القول ان تنفيذ هذا البرنامج قد فشل لكنه بقي في اروقة السياسات الاسرائيلية للتنفيذ باعتبار ان التجمعات الفلسطينية الكبيرة والمكتظة في قطاع غزة تمثل تهديدا استراتيجيا لدولة الاحتلال.

ان الحرب التي تشنها اسرائيل على قطاع غزة  وبدون هواده وسقوط الاف الضحايا هي في جوهرها لتنفيذ تلك السياسات التي لم تستطع تنفيذها في مراحل سابقة من احتلالها لقطاع غزة.  وهذا ما يفسر انغماس الجيش الاسرائيلي في السياسات التي نفذها  في غزة والتي تصل في معظمها الى جرائم حرب. 

حكومة اسرائيل اليمينية تحمل في طياتها مشروع سيمورتش وهو ما يسمى بمشروع الحسم ، وهو المشروع المكون من ثلاث نقاط يتعلق بالفلسطينين: اولاها اما القبول بالعيش تحت الاحتلال الاسرائيلي،او  ثانيها التهجير او ثالثا السجن او الموت. ان سياسة اسرائيل في الشان الفلسطيني لا توجد اي توجهات لحل الصراع بشكل عادل مع الفلسطينين يقوم على اساس حل الدولتين. والحل الذي تطرحه  في احسن حالته هو ما تسميه حكم ذاتي محدود في التجمعات الفلسطينية على اساس عشائري ، وفي اطار الهيئات المحلية. 

اما اهم سياسات اسرائيل اتجاه غزة فهي ابقاء الفصل السياسي كما هو الجغرافي بين قطاع غزة والضفة الغربية لمنع اي نواة في المستقبل لانشاء دولة فلسطينية. وقد عملت اسرائيل على ادارة الصراع في اطار توجهات نتنياهو لابقاء الانقسام على تعزيز سلطة حماس في قطاع غزة، واضعاف السلطة الوطنية في الضفة الغربية الى اقصى درجاتها وسحب كافية الصلاحيات منها. 

جل ما تريد اسرائيل من السلطة الوطنية ان تكون وكيلا لتعزيز امن اسرائيل وهذا الذي لفظته السلطة الفلسطينية في تعزيز كونها نواة الدولة الفلسطينية وفي مناهضتها الى دولة الاحتلال في تعزيز بناء المؤسسات الفلسطينية والنهوض بالشان الداخلي الفلسطيني  وتعزيز مكانتها الدولية وعضويتها في مؤسسات الامم المتحدة وهذا ما جعل اسرائيل تستشيط منها غضبا، وتعرقل برامجها على الارض. ولهذا السبب فان اسرائيل ستعمل على منع التئام الضفة الغربية وقطاع غزة، حتى لو اعادة حكم حركة حماس “السياسي” الى قطاع غزة.

ويبقى السؤال الان بعد ان اطلقت اسرائيل رصاصتها الاخيرة على رفح ، ما هو توجه اسرائيل القادم وهل ستطيل المكوث في غزة؟

باعتقادي بشكل او باخر اسرائيل باقية في غزة ، وستعمل على ان تبقي للقوات الاسرائيلية مرونة التحرك فيها كما هو الحال في الضفة الغربية ، حتى حدوث ما يمكن الفلسطينين من نيل استقلالهم واعلان دولتهم بعيدا عن المفاوضات المارثونية والعبثية مع الاحتلال.

وفي هذا الغمار اريد ان اجيب على التوجهات التي تتحدث عن الدولة الفلسطينية التي تنادي بها الولايات المتحدة عبر المفاوضات ، ولكل من يهتم ان شكل هذا الكيان المطروح للمفاوضات المسخ سيبقى في اطار ما ترسمه اسرائيل على الشعب الفلسطيني ولا يحقق الاهداف المرجوة التي يتطلع اليها الشعب الفلسطيني في اقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس. لان اسرائيل ستبقي المستوطنات وتعمل على توسيعها  وتنفذ كل السياسات التي ترسمها في اروقتها والتي تقضم الاراضي الفلسطينية  وخاصة ما يعرف بالمنطقة ج والتي تشكل %60 من مساحة الضفة الغربية ، علاوة على ان والقدس ستبقى خارج الحل الذي سيقي هذا الصراع قائما.

ان وحدة الشعب الفلسطيني في اطار منظمة التحرير الفلسطينية ، سيحقق نتائجا ترسم الدولة وعاصمتها القدس، والمطلوب ان تتوحد جميع الفصائل تحت راية واحدة وهي راية منظمة التحرير الفلسطينية وانهاء الانقسام واعادة اللحمة لابناء الشعب الفلسطيني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب