تحقيقات وتقارير

الاحتجاجات تُدخل إسرائيل في فوضى عارمة… نتنياهو يتراجع وأمريكا ترحّب

الاحتجاجات تُدخل إسرائيل في فوضى عارمة… نتنياهو يتراجع وأمريكا ترحّب

وديع عواودة

الناصرة -«القدس العربي»: في خطاب جديد أعلن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن إرجاء التشريعات القضائية وعدم المصادقة بالقراءة الأخيرة عليها حتى الصيف المقبل، وفتح النافذة للحوار مع المعارضة.
نتنياهو ورغم محاولته تقديم خطاب إسرائيلي وطني جامع، عاد وهاجم المعارضة وأوساطا في المتظاهرين ممن استخدموا العنف والفوضى في الاحتجاج، مؤكدا على ضرورة القيام بالإصلاحات ضمن توافق واسع.
وأعلن البيت الأبيض الإثنين أنّه “يرحّب” بقرار نتنياهو تعليق آلية إقرار التعديلات القضائية التي أثارت انقسامات عميقة في الدولة العبرية، معتبراً أنّ هذه الخطوة ستتيح “مزيداً من الوقت للتوصّل إلى تفاهم”.
وقالت المتحدّثة باسم الرئاسة الأمريكية كارين جان – بيير للصحافيين “”نواصل دعوة القادة السياسيين في إسرائيل للتوصّل إلى تفاهم في أسرع وقت ممكن”.
وأعرب رئيس إسرائيل يتسحاق هرتسوغ عن مباركته لتصريحات نتنياهو، وقال إن هذا هو الوقت للشروع في حوار حقيقي ومسؤول يفضي لتهدئة سريعة للخواطر وخفض ألسن اللهب، وإن هذا هو الوقت لوقف التشريعات.
وقال رئيس المعارضة يائير لابيد الذي تجاهله نتنياهو في خطابه، إنه في حال تم وقف حقيقي ومطلق للتشريعات سيكون مستعدا للذهاب لحوار من خلال رئيس إسرائيل “للخروج من حالة الانكسار هذه وتحويل هذه اللحظة للحظة مؤسسّة في حياتنا المشتركة”.
وأعلنت قيادة نقابة العمال عن إلغاء الإضراب العام الذي أعلنته لليوم الثلاثاء، وذلك عقب تصريح نتنياهو بتعليق التشريعات.
وأعلن قادة الاحتجاجات أنهم ماضون في التظاهر في الشوارع حتى يتم وقف التشريعات بالكامل وليس إرجاءها. أما مصير غالانت فما زال غامضا ولم يعرف ما إذا ستتم فعليا إقالته بعد تعليق التشريعات.
وشهدت السجالات الإسرائيلية الداخلية يوم أمس الإثنين ذروة جديدة بعدما عمت فوضى عارمة وإضرابات واسعة جدا وحالة شلل في مرافق الدولة وإغلاق مطار اللد الدولي.
وكان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قد ساهم في تأجيج حالة الاحتدام وزيادة الاحتقان بإقدامه على الإطاحة بوزير الأمن في حكومته يوآب غالانت لمجرد أنه تجرأ على الدعوة لوقف التشريعات القضائية ووقف المظاهرات، محذرا من وجود تهديد أمني حقيقي وفوري نتيجة حالة الانقسام الواسع والخطير في صفوف الإسرائيليين، بل إن هذه الإطاحة التي بدا فيها غالانت ضحية، تجبّر نتنياهو الذي وصفته المعارضة بالملك الدكتاتور، قد شكلّت هدية ثمينة للمتظاهرين كونها صبّت الزيت على الصفيح الساخن أصلا، حيث توافق عدد كبير جدا من المراقبين والمسؤولين السياسيين والأمنيين من اليمين ومن اليسار الصهيونيين على أن نتنياهو ارتكب حماقة بإقالته غالانت ضمن قرار انفعالي غير مدروس.
وبرز انتقاد رئيس الموساد السابق باردو تامير الذي دعا في تصريحات للقناة العبرية 12 لاستقالة نتنياهو من منصبه بعدما ألحق ضررا فادحا بأمن ومكانة وهيبة إسرائيل. وأكد باردو أن نتنياهو ألقى البوصلة والضمير في البحر وارتكب سلسلة أخطاء وهو يقود المركبة الإسرائيلية.
وقام القنصل الإسرائيلي العام في نيويورك بتقديم استقالته احتجاجا على التشريعات القضائية غير الديمقراطية، وتبعه المحامي الشخصي لنتنياهو المدافع عنه أمام تهم فساد على الخلفية ذاتها.
وقالت موسكو إنها لا تتدخل في الشؤون الداخلية لإسرائيل، بينما قالت ألمانيا إنها تتابع التطورات بقلق.
وكان من المفترض أن يقدم نتنياهو خطابا للإسرائيليين يوم الإثنين لكنه قام بتأجيله عدة مرات ريثما ينجح في تثبيت ائتلافه الحاكم، بعدما حذر عدد من رؤساء الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحاكم رفضهم القاطع لوقف التشريعات، وهدد وزير الأمن القومي رئيس حزب “قوة يهودية” بالاستقالة من الحكومة.
وللمرة الأولى شهدت البلاد مظاهرة مضادة بمشاركة عشرات الآلاف من أنصار المتظاهرين الذين شكلوا مظاهرة في القدس المحتلة مؤيدة للتشريعات، مقابل مظاهرة موازية بحجمها للمعارضين لها.
على خلفية ذلك ورغم تصريحات نتنياهو بتعليق التشريعات، يبدو أن حكومة الاحتلال تبدو بطة عرجاء ودخلت في مسار تفكك مبكر، ما يعني ارتفاعا كبيرا في احتمال الذهاب لانتخابات مبكّرة سادسة، وهكذا أيضا مكانة وصورة وهيبة نتنياهو تضررت جدا، وهو اليوم بخلاف الماضي يبدو ضعيفا فاقدا للأهلية في إدارة دفة الدولة، بل إن هذه أيضا تعرضت مكانتها وقوة ردعها لضرر واضح في ظل وجود انقسام عميق وحقيقي في صفوف الإسرائيليين، وفي ظل حالة نزيف لن تبرأ منها في المنظور القريب وستبقى جمرات التشظي والانقسام والتوتر والاستقطاب موجودة تحت رماد أي تسوية ربما تحرز قريبا بين المعسكرين المتصارعين، لا سيما أنه صراع بين النخب القديمة والجديدة، وهو صراع بين الدولة العميقة وبين الدولة الرسمية الحالية، علاوة على التشظي بين غربيين وشرقيين وبين علمانيين ومتدينين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب