
تقليدي.. وفخره أن يحسب على فكر البدايات
بقلم د-عزالدين حسن الدياب
التوصيف والاحتساب حالة فكرية يستعملها كثرة من المثقفين العرب،وخاصة في صفوف “يسراويوا” الموضة،ومن في معيتهم من دعاة التجديد والحداثة.وظني أنّ من يتباهى في إطلاق مفهوم أو مصطلح تقليدي،يريد أن يضع التقليدي في خانة الرجعية،عندما كانت هذه الكلمة على عواهنها.لا أريد الدخول في الأصول اللغوية لمفهوم تقليدي،وحسبي أن أنوه أن لهذا المفهوم مستويات من الإسناد اللغوي،إذا جاز هذا التعبير،فهو يجد نفسه في مفهوم”التقاليد”أي مايطلق عليه العادات والأعراف المتوارثة.وفي هذه الحالة فهناك تقليدي يؤمن بالولاءات المتوارثة،ويرفض أي تجديد في معانيها،وإبقائها على ماهي عليه في وعي وعقول بعض الناس،مثل الولاء للقبيلة والعشيرة والعائلة،على أساس قربى الدم،وصلة الوصل مع الجد المؤسس.
وهناك التقليدي الذي يعود إلى فكر البدايات،على سبيل المثال، في الفكر القومي وتقوده هذه العودة،إلى البحث والتنقيب في هذه الفكر،والتمسك بمفرداته ومفاهيمه وأطروحاته،التي تؤصّل غايات هذا الفكر ،ومايقوله بشأن حاضر الأمة ومستقبلها،وبشأن الوطنية والعروبة،وما بينهما من أواصر قربى،ومسألة الحدود عندما اعتبر حدود القطر العربي الواحد
حدوداً للوطن العربي كله،وقضية سمه وتأكيده على مقومات الشخصية العربية،وملامحها الأساس التي تخصها،وتقرنها بالثقافة العربية،وتأكيده على أهمية التراث،وماله من دور وأسانيد في تعزيز صلات الوصل بين العروبة والإسلام،ودورهما
الكفاحي والنضال في معركة المصير العربي.والتقليد الذي يوقفك أمام شخصية الجيل العربي الجديد بوصفه حالة قومية نضالية،مطلوبة أن تكون حاضرة في شخصيّة الأجيال العربية،وفيها تبلغ معركة العروبة أوجها.
إذا؛الإنسان العربي التقليدي،ليس هوذلك القبلي الذي يوالي عائلته وعشيرته وقبيلته،على حساب وطنه وأمته،والتقليد هو ذلك الذي يرفض العادات والتقاليد والأعراف الذي تجاوزها الزمن،وتحاوزتها الأحداث وألمعطيات التي تقول بحياة عادله
وبقيمة للإنسان العربي،بماله من حقوق وواجبات،وماله من حرية.وبهذه الحالة من فهم التقليدي،وماله وماعليه،يصبح التقليدي حالة متقدمة في الولاء والانتماء،وحالة نضالية يرى دربه ومعاركه النضالية من خلال فكر عرّف بالبدايات
لأنّه شكل أبجدية لمعركة المصير العربي ،عندما أسس لها دليل عمل يحرره من التقليد الأعمى لفكر قال كلمته في
أحداث ومعطيات لم يعرفها الوطن العربي في تحاربه الاجتماعية،ومن فكر وتقاليد تجاوزها الزمن،وفات مسوغاتها
وليس ذلك الذي نوصفه بالرجعي.بناء على محدداته الفكريةالتي مضت مع زمنها وأوانها.*
*هذه المقاربة أتت رداًّ على من ينعتون من يتمسك بفكر البدايات بالتقليدي،ومن لايرى بالتقليدي إلاّ مستوى محدود
من التقليد،علما أنّ التقليدي ،شأنه شأن العديد من المفاهيم له عدّة معاني ومستويات من التعامل مع الحدث والواقعة البنائية ،والثقافية،والسياسية، والفكرية.
د-عزالدين حسن الدياب -7-6-2924. –