لاشك أن اللغة العربية وما تنتجه من مفاهيم ومصطلحات يشكل البداية في إنتاج القواسم الثقافية المشتركة بين أبناء الأمة العربية.وهذه القواسم خلال تاريخ طويل من حياة الأمة العربية شكلت مساحة كبيرة للتفاهم وتبادل الأفكار والآراء،وبالتالي كونت مايسمى في العلم الانثروبًلوجي اللغة المجتمعية التي بها يتعايش الناس ويتبادلون المعارف،وهذا من شأنه أن يشكل المحددات الثقافية(المعنى الانثروبولوجي) لبناء الشخصية العربية ومسوغاتها من وحدة فكرية،وتضامن اجتماعي،وآمال وآلام وأحلام وهموم مشتركة. غير أن في الشخصية العربية الكلية شخصيات محلية ووطنية، وتبقى اللغة العربية المنتج لعوامل التفاهم وتبادل الآراء بين هذه الشخصيات،لأن اللغة العربية أحد أهم مكونات الأمة العربية،شأنها بذلك شأن كل الأمم التاريخية .ولذلك فإن قدرة اللغة العربية على القيام بدورها التوحيدي وإنتاج الشخصية العربية المركزية،التي تتلاقى بها وحولها الشخصيتان المحلية والوطنية،
الأمية الثقافية في الجامعات العربية.
بقلم د-عزالدين دياب —8-7-2024
نقول إن هذه القدرة الخلافة لايمكن أن تقوم بوظيفتها الوحدوية القومية إلا إذا تمكنت اللغة العربية إنتاج المفاهيم والمصطلحات،بل قل اللغة المحكية القادرة على التعامل مع مكونات الحياة وعلومها.
وإذا عدنا إلى الوسط الجامعي في جامعاتنا العربية،وبحثنا في ثقافة الطلبة داخل هذه الجامعات لوجدنا أن هذا الوسط يفتقر إلى اللغة العربية الجامعة بين اللغة المحكية الشعبية،واللغة العلمية التي تجعله يتعامل مع مايحيط به من تحديات وإشكالات،بل قل شؤون الحياة اليومية تعاملا سليما من شأنه يقربه من وسطه الاجتماعي، والتعامل معه بوصفه مضيفا ومجددا وناقلا لمجتمعه خطوة إلى،ومساهما فعالا في تقوية الوحدة الاجتماعية القائمة على مبدأ المواطنة ومالها من محددات تشكل الحياة الاجتماعية الخالية من الغبن بكل مفرداته ومكوناته وشروطه المجتمعية.
ماتقدم يشكل أرضية منهجية لسؤال مهم في حياتنا العربية المعاصرة،وخاصة المجتمع الجامعي،ترى هل يملك الطالب الجامعي الثقافة التي تمكنه من القدرة المنهجية على طرح الأسئلة على واقعه الحياتي اليومي،وهل الطالب الجامعي في جامعاتنا العربية يعيش تحدياته اليومية،ويثير الأسئلة حولها ليبدأبالاجابة عليها،وإذا كان هذا شأن الطالب الجامعي وإشكالاته،فماهو شأنه تجاه مجتمعة وشؤونه اليومية؟
وأنا أعد دراساتي التي تحظى بجانب مهم من منهج البحث الميداني عن وظائف الجامعة العربية،وصولا للحديث أو الكتابة عن توجهات نحو جامعة عربية جديدة للمستقبل”1″
لاحظت أن كثرة من طلبة الجامعات العربية(مصر،سوريا،تونس،لبنان،الخليج العربي) يفتقر إلى اللغة العربية الجامعة بين اللغة الشعبية المحكية،واللغة العربية العلمية،وهذا من شأنه أن يشكل عاملا رئيسا في غياب مايطلق عليه التثقيف الذاتي،بكل ماله من شروط ومحددات.
غير أن غياب التثقيف في شخصية الطالب الجامعي في جامعاتنا العربية له أسباب وعوامل أخر تمر من البيت إلى المدرسة فالحي،إلى معطيات العصر وفي مقدمتها الإنترنت.
قال لي صديقي لماذا تريد أن تؤلب الناس عليك وقد بلغت من العمر عتيا؟
قلت له هذه مهمتي الأكاديمية،وانتمائي إليها بكل مستلزمات الانتماء وواجباته ومسؤولياته،وأضفت أن هناك أمية أخرى يكمن وراءها ما سميته عقلية النطوطة وماتنتج من مفردات وأفكار غير مسؤوله.على سبيل المثال عندما لاتفرق هذه العقلية بين مواقفك القومية في حالة السلم الاجتماعي وبين حالة الاعتداء على الأمة في أحد أقطارها وما تسجله من موقف والتزامات وحتى الإشادة بموقف السلطة الحاكمة التي يتم عليها الاعتداء،وهذه أمية الكاتب النطاط الذي يأخذ الأمور من منظور أناه المريضة
1– د— عزالدين دياب —توجهات نحو جامعة عربية للمستقبل-وزارة الثقافة/دمشق—2009-
د-عزالدين دياب —8-7-2024