مقالات

إشكالية العلاقة بين مفاهيم المواطنة والولاء والانتماء بقلم د-عزالدين حسن الدياب

بقلم د-عزالدين حسن الدياب

إشكالية العلاقة بين مفاهيم المواطنة والولاء والانتماء
بقلم د-عزالدين حسن الدياب
اعتدت في دراساتي للقضايا العربية،التي يحفل بها البناء الاجتماعي العربي،في مستوياته الجهوية،والوطنية والقومية،أن أقدم مشاهد مختاره من الفكر العربي الوحدوي،الذي تعامل مع مشكلات البناء الاجتماعي العربي،وخاصة مايتقدم هذه المشكلات/التحديات التي تسكن هذا البناء،بحثا عن حلول لها،والعمل الجاد لتجاوزها وتخطيها:
المشهد الأول “الوطنية السودانية،هي العروبة،والعروبة السودانية هي الإسلام.”
المشهد الثاني:”العروبة أيها الأخوة ليست شيئاً مختلفاً عن الوطنية..العروبة هي الوطنية،هي وطنية كل مواطن في أي قطر عربي.”
المشهد الثالث:”نحن نؤمن بأنّ الشعب المصري هو مصري بقدر ماهو عربي،وهو عربي بقدر ماهو مصري.”
هذه المشاهد لوعكسناها وسحبناها وعممناها على الوطن العربي بابعاده الثلاثة سالفة الذكر،من أجل أن نجيب عن سؤال،ترى هل هذه الأمة العربية تعيش هذه المشاهد بحقائقها الوحدوية التاريخية،أم أنً في الواقع المعيش هناك قوى داخلية وخارجية معادية للأمة في بلوغ وحدتها القومية الاجتماعية،عندما تحاول هذه القوى تسعير التناقضات وتقوية الثقافة التي تخلق التناقض بين الولاء الوطني،والولاء القومي،وذلك عندما يضعون”الوطنية المحلية في وجه العروبة،وتارة توضع العروبة في وجه الإسلام.”
تقتضي الإجابة أن نبحث ونحلل وجه العلاقة بين الولاء والانتماء والوطنية والعروبة،فالمعروف،ونحن نحلل المشاهد السابقة أن نتمعن في الولاءات والانتماءات،وتعيناتها في سلوكنا الاجتماعي/السياسي،وفي مواقفنا اليومية ونحن نتعايش مع الأحداث المحلية/الجهوية، والوطنية والقومية،من أجل أن نجيب عن واقعة قومية،شكلت مشهداً قومياً في الحياة العربية،وهي وحدة سوريا ومصر.
،وعن تفكك هذه الوحدة التي عرفت بأنها قفزة إلى الأمام نحو المستقبل العربي،وكيف أنً صراع الولاءات والانتماءات كان لها دورها،بل كانت السبب المباشر في تفكيك بنية هذه الوحدة،لتأتي القوى الانفصالية،وتمضي في صراعات الولاءات والانتماء إلى غاياتها،عندما وضعت القوى الانفصالية في القطرين السوري والمصري، المحلية والوطنية،في وجه الانتماء والولاء للوحدة السورية المصرية.
وعن سؤال يبدأ، هل مبدأ المواطنة والوطنية كانت ناضجة لدى المواطن في القطرين،إلى الحد أو المستوى الذي يجعل انتماءه لوطنه،ومن ثم ولاءه له يتماهى في حقيقة قومية أصبحت متعينة في حياة الأمة العربية،بحيث يكون الولاء لها يجد نفسه وحقائقه،في الانتماء لهذا المكون القومي الذي جمع القطر المصري والسوري،في الجمهورية العربية المتحدة؟
ومن خلال متابعتنا،آنذاك ، للأقوال والسياسات المتبعة،وما تصدر عنها من مشاهد، قيلت هنا وهناك،وأخذت بها قوى سياسية وأحزاب وجماعات مدنية،أن الولاءات ذهبت باتجاه الانتماءات المحلية والجهوية،على حساب الولاء والانتماء للجمهورية العربية المتحدة،فتفككت وحدة الجموررية العربية،إلى الجمهورية العربية السورية،وجمهورية مصر.**
والصراع بين الولاءات والانتماءات في حياتنا العربية،موغل في قدمه لأنّ الثقافة التي تشكل مسوغات وأسانيد للولاءات والانتماءات،هي ثقافة بدوية عشائرية،لا تقوم على مبدأ المواطنة،التي هي أن يكون الإنسان له حقوقه وواجباته،وأن يتسع الوطن لهذه المواطنة بثقافة تجعل الولاءات الأسرية والعائلية،والجهوية تصب في الولاء للوطن والمواطنة،وهذا لن يكون صحيحاً وسليماً،وله تعيناته الحقيقية ،إلاً عندما تكون قربى العقيدة والفكر،والولاء والانتماء له في أولويات الإنسان العربي.وهي المحدد الرئيس لها .
ترى إذا أخذنا النزعات الانقسامية التي تشكل مشهدا معاشا في التيار القومي العربي،فهل نشهد صراع الولاءات والانتماءات تفرض نفسها في أكثر من حادثة وواقعة في المشهد الانقسامي؟***
*المقولات والأطروحات التي شكلت المشاهد في هذه المداخلة،مأخوذة من كتاب:في سبيل البعث-ج5-ص 292و 293و 294-أستاذنا ميشيل عفلق.
**.في المشاهد تتنوع المعطيات،وتتنوع دلالاتها،فمثلا عندما ناخذ المشهد الذي يقول بأنهم يضعون الوطنية في خصومة مع العروبة،فنجد في مقال حسنين هيكل”بصراحة”وهويتحدث،على سبيل المثال،عن مواقف بعض الساسة من شركاء الحكم في الجمهورية العربية المتحدة،يعيب عليهم مواقفهم القومية،بانهم لجؤوا للوحدة خوفا من تركيا،ومن انصار موسكو..إلخ.وفي المشهد نفسه نرى مؤتمر شتورا الذي كان ساحة الهجوم على عبد الناصر واتهامه بالفرعونية،ونزعته الاستعمارية حسب إدعاءاتهم.
***في المشهد الذي يقول أيضاً بوضع الوطنية ضد العروبة،ونظرنا إلى الانقسام من معطيات هذا المشهد ودلالاتها التيار القومي العربي،وقمنا بقراءة للمقالات التي يكتبها من يوالي نزعة الانقسام،فإنه يعتمد على مسوغات انقسامية،توفر لفصيله شرعية الانقسام،ووصمة للقيادة بغير الشرعية،لأن ّالقيادة باقالتها أحد عناصرها دفعته لأن يعطي لنفسه شرعية الولاء للشخص الذي استقال.
وفي حالة تغير الولاءات والانتماءات،على النحو الذي قدمته المشاهد ،لابد من البحث أصلا عن الخلفية الثقافية للاتجاه الانقسامي،سنجد أن محركات الولاءات والانتماءات تمت لخلفيات عصبيات محلية ومذهبية،ليس لها علاقة إطلاقا بالاتجاه العقائدي،الذي ينطلق منه الكاتب،على سبيل المثال ،ليشكك بشرعية القيادة.ويصادر شرعيتها الفكرية والتنظيمية.واذا عدنا إلى أدبيات قادة الانشقاقات،تحت عنوان اليسراوية والتقدمية ،كتاب هاني الفكيكي انموذجاً،وعنوانه:أوكار الهزيمة -سيرة حزبية-نلاحظ أنّ الولاءات والانتماءات ذهبت باتجاه مغاير ومناقض لأطروحاته وصحبه،عنما أشهروا انشقاقهم،والأمر نفسه نجده عند من كان يُنَظِّر لانشقاق شباط،وتأويلاته اليسراوية
والمشاهد من منظور الأنثروبولوجيا الثقافية،تُمَكًّن الباحث المحلل للظاهرة الانقسامية،وضع المعاني الصحيحة والسليمة لتلك الظواهر،والقول السليم المستند إلى المحددات التي تنتج الظاهرة الانقسامية بمضمونها الحقيقي المنفلت من التسويف والممانعة القائمة على الأباطيل.والمعروف انثروبولوجيا أن الانثروبولوجيا المستقبلية تعتمد المشاهد في استشراف الظواهر والوجهة التي تذهب نحوها.
**** الظروف التي أحاطت بي وأنا اكتب هذه الدراسة،أملت علي اختصار تفسير المشاهد وتأويلها،وتجنب ذكر الأسماء،وما قالت وما أوَّلت،وما يجب أن يطلق عليها من أحكام وتوصيف،وبخاصة العودة إلى المراجع،وتوثيق ماجاء فيها من معطيات ومؤشرات.
د-عزالدين حسن الدياب

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب