مقالات

مقاربات بين ”قاهر الفساد“ و ”حماة الفساد“! بقلم : يوغرطة السميري

بقلم : يوغرطة السميري

 تــــونس : الذكرى 67 للاستقلال أم 67 لاستشراء الفساد.

مقاربات بين ”قاهر الفساد“ و ”حماة الفساد“!
بقلم : يوغرطة السميري
{{ كم من مسؤول أتهم بالفساد عندنا ، و نراه في الفضائيات ، و نسمع ضوته ”ملعلعا“ و هو يدعو إلي مكافحة الفساد. }}
هناك في افريقيا جنوب الصحراء التي ﻻ يتردد حكامنا منذ اﻹستقلال من ترديد القول علي مسامعنا كلما استفحلت أزمة من أزمات المجتمع خاصّة تلك المتعلقة بفشلهم في ادارة الدولة و الدفع بمؤسساتها لتوفير الحاجات اﻷساسية ، قولة يرددونها منذ تاريخ الاستقلال و حتي اللحظة مفادها ” أحمدوا الله أنتم أفضل من غيركم … قارنوا انفسكم بأجواركم و بإفريقيا جنوب الصحراء“ ، و لم نسمع منهم يوم ” قولة ك ”قارنوا انفسكم ببلدان الشمال“ .
نمنا ملء جفوننا 55 سنة علي هذه المقولة حد أن ترديدها لم يعد من مسؤولية المتنفذين و إنما من مسؤولية من يقتات علي ما يلقونه له من فضلات فسادهم … قبل أيام مرّت نشرية تؤكد من ان ما سرق من اموال عامة هي ملكية الشعب من هذا البلد بين 1956تاريخ الاستقلال و 2O1O تاريخ سقوط الجمهورية الأولي ”كما يحلوا للمصنفين تسمية الحدث {هروب بن علي أو تهريب بن علي }“ هو 39 مليار دولار … الغريب ان النشرية لم تذكر كم سرق أو بذّر بين 2O11 و 2O17 ؟… و الكل يقول من أن الفساد استشري في البلاد بما يوازي ثلاثة أضعاف ما كان سائدا قبل 2O11 … لسنا مسؤولين علي ذلك فهناك مؤسسات رصد الفساد تماما كمؤسسات رصد باروماتر الساسويين في صعودهم و نزولهم … أو تلك التي ظهرت ما بعد مبادلتنا لآليات التعاطي الديمقراطي بعرض البلاد في مزادات التفويت و في كل الميادين ..
فقط و انا اتصفح بعض النشريات اﻹلكترونية وقعت عيناي علي هذا المقال لكاتبه حسين عمران أنقل لكم :
هذا رئيس دولة يسمونه “البلدوزر” ليس بسبب قوته الجسدية، بل بسبب قوته وجرأته في مكافحة الفساد حتى أطلقوا عليه صفة “قاهر الفساد”!.
هذا رئيس دولة، حينما قال لشعبه بأنه سيحارب الفساد فانه نفذ ذلك فعلا لا قولا، وأقال 10 آلاف موظف فاسد!.
هذا رئيس دولة أوعز بتحويل المبلغ المخصص للاحتفال باليوم الوطني لبلاده إلى تنفيذ حملة لتنظيف شوارع المدينة، شارك فيها شخصيا، وأصدر أمرا باعتبار اليوم الوطني للبلاد “يوما للنظافة”!.
هذا رئيس دولة اكتشف أن هناك 20 ألف موظف يحملون شهادات مزورة فأمر بفصلهم فورا، وقال: ليس من المعقول أن المزورين يعملون في مؤسسات الدولة، وأصحاب الكفاءات العلمية عاطلون عن العمل!.
هذا رئيس دولة راتبه الشهري أربعة آلاف دولار، في حين هناك مسؤولون أعلى منه راتبا، رافضا زيادة راتبه، وبلده بحاجة إلى خدمات الكهرباء والصحة والتعليم.
هذا رئيس دولة يحمل دكتوراه في الكيمياء، وبرغم ذلك فإنه رفض طلبات شعبه بتمديد فترة رئاسته، وقال ”أنا لا أخالف الدستور، وكيف أفعل ذلك وأولى واجباتي حماية الدستور“!.
هذا رئيس دولة زار – فجأة – أحد المستشفيات فوجد المرضى يفترشون الأرض، فقام بفصل مدير المستشفى وكل الكادر المتقدم فيها، ولم يكتفِ بذلك بل أوعز بتحويل مبلغ كان مخصصا لحفل افتتاح البرلمان إلى شراء المستلزمات التي يحتاجها المستشفى.
هذا رئيس دولة منع إقامة ندوات واحتفالات الوزارات في الفنادق لتخفيض الصرفيات، كما قام بتقنين سفر المسؤولين ضغطا للنفقات!.
هذا هو جون ماغوفولي رئيس تنزانيا الذي تسلم الحكم في العام 2015، وقام أول ما قام بمحاربة الفساد في بلاده، أكرر فعلا لا قولا!.
ولو قارنّا ما فعله ماغوفولي، مع ما فعله بعض مسؤولينا، فماذا سنكتشف؟
أقول… كل أحاديث مسؤولينا عن مكافحة الفساد كانت أقوالا بلا أفعال، وكل أصحاب الشهادات المزورة هم من يحتلون المناصب، وأصحاب الشهادات العلمية كم هائل منهم يفترشون أرصفة الشوارع و قد أعياهم التعب و هم يبحثون علي موطن شغل ، و كم عدد منهم أبلعتهم أمواج البحر و هم يسعون الي تحسين وضعهم الاجتماعي بعد ان سدت امامهم أبواب العمل في بلادهم بل تقوم الأجهزة التشريعية بـ”شرعنة” تلك الشهادات المزورة، داعين إلى عدم محاسبة أصحابها، تري هل 127 ألف الذين تم تشغيلهم في مراكز وظيفية بين سنة 2012 ــ 2013 … في نقاش مع بعضهم ذكرت شخص ما أصبح مسؤول قسم في ادارة جهوية و هو لم ينهي دراسته للسنة الثالثة من التعليم الثانوي فكان الرد من أنه انهي دراسته في احدي الجامعات التركية رغم انه لم يغادر البلاد مطلقا .
إذا كان ماغوفولي اكتشف 20 ألف موظف وهمي يتقاضون رواتب بدون عمل، فإننا في تونس لو تتم مراجعة لعبة الهيمنة علي الإدارة و التشغيل لضمان الأرصدة الانتخابية سنجد ما لا يقل علي 100 ألف موظف وهمي و اكثر من نصفهم بشهادات مزورة …
إذا قال بعضكم انك تتحدث عن دولة افريقية تعاني الفقر، وطبيعي أن تكون تلك أفعال رئيسها، أقول : حسنا، ها أنا ذا أتحدث الآن عن ” السيد النظيف” لما له من دور كبير في محاربة الفساد في دولته “كوريا الجنوبية “، إنه رومو هيون رئيس كوريا الجنوبية الذي اتهم مجرد اتهام بالفساد، فلم يكن أمامه إلا الخروج فجرًا ليتسلق مرتفعا قرب منزله، ويرمي بنفسه منتحرا، تاركا رسالة على حاسوبه الشخصي يقول فيها “كان الأمر صعبا للغاية”!.
أما نحن حصل ان اتخذ مسؤول بعد كل هذه السنوات خطوات استثنائية لمواجهة تغول الفساد تعالت الأصوات لتثبيط توجهه و التشكيك فيما يتقصده من ذلك … طبعا حملات لا يمكن أن تكون مفاعيلها من خارج قيادات الفساد … قيادات كم من مسؤول منها اتهم بالفساد عندنا، ونراه في الفضائيات، ونسمع صوته “ملعلعا” وهو يدعو إلى مكافحة الفساد!.
شتان بين “البلدوزر” والسيد النظيف”، وبين مسؤولينا الداعين إلى مكافحة الفساد، ولكن بالأقوال وليس بالأفعال!.
نعم .. شتان بين “قاهر الفساد ” و” حماته”!.
تونس ــ أوﻻدبوسمير = 20/03/2023

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب