التغول العسكري الاسرائيلي في المخيمات الفلسطينية محاولة لاقتلاع الذاكرة والهوية الفلسطينية بقلم مروان سلطان. فلسطين
بقلم مروان سلطان. فلسطين

التغول العسكري الاسرائيلي في المخيمات الفلسطينية محاولة لاقتلاع الذاكرة والهوية الفلسطينية
بقلم مروان سلطان. فلسطين 🇵🇸
12.5.2025
————————————————
لم يكن العمل المسلح الفلسطيني السبب في الحرب التي اعلنتها اسرائيل على الشعب الفلسطيني، فالكفاح والنضال العسكري احد اوجه المقاومة الفلسطينية ممتد الى تاريخ طويل في اعمال المقاومة، ووجود مسلحين لا يربك دولة الكيان الاسرائيلي، الخطر الحقيقي الذي يشغل بال دولة الاحتلال ياتي من صمود المخيم كل السنوات التي مضت بعد النكبة ، تاتي من جدران المخيم المتشققة، ومن ذاكرة اللاجئين التي لم تمت، رغم كل محاولات الطمس ، تاتي من الاجيال التي توارثت معنى المخيم في انتظار العودة الى الديار. ردات الفعل على المقاومة المسلحة تاتي باشكال مختلفة ما بين التصفيات او الاقتحامات الى كل ذلك من ردود الفعل التي استشرت مع صعود اليمين الاسرائيلي، وما تلبث ان تنتهي . اسرائيل يمكن لها ان تغتال اي من المقاومين، لكنها لا تستطيع اغتيال فكرة فالمخيم اصبح فكرة وعنوانا للعودة، وكذلك فلسطين 🇵🇸 انها ليست بلدا فقط ، انها فكرة لا يمكن تقليصها او فناؤها في وجدان الشعب الفلسطيني.
الاسرائيليون لديهم استراتيجيات وخطط عمل يختارون الوقت المناسب لتنفيذها. القرار الإسرائيلي في الحرب على غزة بعد السابع من اكتوبر ليس وليد اللحظة بعد الهجوم ، انما كان موجودا في ردهات السياسة الاسرائيلية، والهجوم العسكري على غزة من كان ذريعة فقط بسبب السابع من اكتوبر ، لتنفيذ احد المخططات على طريق تصفية القضية الفلسطينية، التي اعد لها في اروقة السياسة الاسرائيلية منذ زمن بعيد. وعند تنفيذ حركة حماس الهجوم على غلاف غزة اخرجت تلك الورقة في اعلان الحرب على غزة من الادراج التي تودع فيها تلك المخططات، وتم البدء في تنفيذها.
ولعل اهم اهداف الحرب التي تشنها على المخيمات هو كي الوعي الفلسطيني بخصوص الرواية الفلسطينية في اللجوء. فالفلسطيني يعتبر المخيم موضوع مقدس في ذاته لانه عنوان للقضية الفلسطينية، وكل فرد في المخيم يحتفظ في مفتاح بيته من اجل حلم العودة. ما تعمل اسرائيل عليه في الحرب على المخيمات هو محاولة ممنهجة لتفكيك النسيج المجتمعي للمخيمات ومحو رمزيتها التاريخية، وذلك من خلال تغير المعالم الديموغرافية في المخيمات التي بدئت في كل من مدينتي طولكرم وجنين ، من خلال اعادة هندسة المخيم ليتوافق مع التوجه الاسرائيلي الجديد ، وخدمة لاغراضها العسكرية، فاحدثت شوارع طولية وعرضية عديدة في تلك المخيمات وعملت على ان تكون جزء لا يتجزء من المدن الفلسطينية، والغت مفهوم وشكل المخيم القديم.
المخيمات الفلسطينية لم تكن يوما مجرد تجمعات سكانية بل شاهدا على النكبة الفلسطنية سنة 1948. لذا فان الحرب تعمل بتسارع كبير من اجل طمس الرواية الفلسطينية ، وتلغي الذاكرة الجمعية للشعب الفلسطيني، من خلال تغيير معالم المخيم وثقافة المجتمع.
ربما تكون اسرائيل قادرة على تحقيق إنجازات ظرفية لكنها فشلت وستفشل في تحطيم الجوهر الرمزي والسياسي للمخيم. بالعكس، هي عمّقت هذا المعنى أكثر، وجعلت من المخيمات شعلة صمود متجددة. المخيم الصامد بحد ذاته، هو قصة صمود وتحدي الشعب الفلسطيني لارادة المحتل لأنه يفضح الرواية الإسرائيلية ويُجذّر الرواية الفلسطينية.