تبون يبحث عن حدود لوصول الجزائريين لغزة.. وبوتين يعاني العقدة الإيرانية .. والجيش الأبيض يصر على ملاحقة مطرب

تبون يبحث عن حدود لوصول الجزائريين لغزة.. وبوتين يعاني العقدة الإيرانية .. والجيش الأبيض يصر على ملاحقة مطرب
القاهره /حسام عبد البصير
يصارع القتلة في تل أبيب وواشنطن الوقت من أجل أن تؤتي حرب الإبادة ثمارها، إما بفناء كامل سكان قطاع غزة أو أن يرفعوا الراية البيضاء، معلنين الاستسلام والانصياع للمؤامرة الرامية لتهجيرهم من آخر البقاع، التي تجسد رائحة الوطن. ولأن الخيارين معا لا يقبل بهما الشعب الفلسطيني فالساحة مرشحة لمزيد من المذابح، وسط مؤامرة لم يسبق أن شهدتها البشرية من قبل، ضد شعب سكن المعمورة منذ فجر التاريخ.
وبينما تتواصل الإنجازات المبهرة للمقاومة، التي تقاتل من دون أي ظهير، بدأت خليفة القاتل الثمانيني جوزيف بايدن خطابها أمام مؤتمر الحزب الديمقراطي بكذبة كبرى، مفادها تعرض الإسرائيليين لاعتداءات جنسية في السابع من أكتوبر، معلنة أنها ستواصل سياسة سلفها، الذي يودع منصبه، مصحوبا بلعنات الغزاويين، أطفالاً ونساءً وشيوخاً، بتقديم كافة أنواع الدعم للكيان المحتل والدفاع عن إجرامه.
في شأن آخر أكد الفريق مهاب مميش مستشار رئيس الجمهورية لمشروعات محور قناة السويس، أن تأخير عوائد قناة السويس الجديدة كان محسوبا، لأن حركة الملاحة لن تتغير في يوم وليلة، وكان هناك وقت حتى تتأكد الشركات بأن هذا الطريق أسرع وأسهل من سواه، فكل شيء تم حسابه وقع بالفعل. وأكد الفريق مميش أن مشروعي قناة بنغوريون والممر الاقتصادي الهندي، لن يشكلا أي تهديد لقناة السويس، لأن إقامة تلك المشاريع ستواجه صعوبات كبيرة وتكلفة مالية هائلة، وهذا يؤكد أنه لا غنى عن قناة السويس. وأكد مميش أن مصر قادرة على تجاوز المحن بفضل أولادها. ووجه الشكر للقائد الأعلى الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي كان له الفضل في إنشاء قناة السويس الجديدة، كما قال.
وتفاعلت قضية الفريق الطبي في إحدى المستشفىيات مع المطرب محمد فؤاد. وعقبت إدارة جامعة عين شمس على الفيديوهات المنتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تتعلق بالاعتداء على الأطقم الطبية في مستشفي عين شمس التخصصي، مؤكدة التزامها الكامل بحماية الأطقم الطبية والعاملين في المستشفيات الجامعية. وأكدت الجامعة التزامها بالمسار القانوني واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لحماية حقوقها، من خلال تحرير محضرين جديدين بشأن وقائع الاعتداء، وجارٍ عرض الأمر على النيابة العامة.
وأدان الإعلامي مصطفي بكري، الحملة التي يتعرض لها الفنان محمد فؤاد على خلفية اتهامه بالتعدي على طبيب في مستشفى عين شمس التخصصي، واصفًا إياها بـ «المؤلمة». واستعرض بكري فيديو يظهر عدم اهتمام الطبيب بالفنان محمد فؤاد، معلقا: «لاحظوا من المعتدي لمجرد أنه قال له أخويا»، مطالبا بوضع الفيديو أمام جهات التحقيق. وكشف عن منشورات سابقة للطبيب على صفحته الشخصية تعبر عن سخطه على أوضاع الأطباء في مصر، والتحريض على عدم العمل أو الدراسة فيها، على حد قوله، مطالبا نقيب الأطباء بالتحقيق في الأمر. وقال: «في صفحة الدكتور مصطفى أيمن، وجدنا منشورات قديمة فيها نقمة على البلد وحال البلد، منها (سيبها وهاجر وسيبها تخرب على اللي فيها)، و”ينصح الأطباء محدش يشتغل فيها ولا يدخل كلية الطب”، ويقول للناس متدخلوش كلية الطب وسيبوها تخرب”، على حد قوله. وطالب بكري، الدكتور أسامة عبد الحي نقيب الأطباء بالتحقيق في هذه المنشورات.
ايده في الميه
التصريحات التي أدلى بها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال حملته الانتخابية في مدينة قسنطينة الجزائرية، وصفتها أميرة خواسك بأنها حماسية مثل من يده في المياه الباردة، فقد أقسم بالله للمواطنين الجزائريين أنه لو فتحت الحدود بين مصر وغزة فإن الجيش الجزائري جاهز.. وتساءلت: جاهز لماذا؟ جاهز لعمل ثلاثة مستشفيات والمساهمة في إعادة بناء غزة.
وتابعت الكاتبة في “الوطن” تقول هذه تصريحات تبدو حماسية وقومية، لكنها مجرد تصريحات، اعتبرها البعض إعلان حرب، وهي في النهاية مساهمة بسيطة جداً قياساً بما قدمته مصر التي ينتظر أن تفتح حدودها، فسيادته يعلم جيداً أن مصر لم تتوان أبداً في تسهيل كل العقبات في حدود قدراتها لمساعدة أهلنا في غزة. ولم تقصر لا في استقطاع مساعدات من قوت الشعب المصري، ولا في تقديم الدعم المادي والمعنوي والإنساني من أجل الحفاظ على عدم نجاح إسرائيل في انتهاز الفرصة للقضاء تماماً على القضية الفلسطينية، وإفشال مخطط تهجير الفلسطينيين، خاصة أهل غزة إلى مصر، وأن مصر استخدمت أدق المواقف الدبلوماسية من أجل الحفاظ على القضية.
وقالت حصلت محاولات كثيرة للإساءة إلى مصر منذ بداية الأزمة، ويوماً بعد يوم تتضح الحقيقة، وهي أن الموقف المصري موقف شريف يعمل من أجل المصلحة الفلسطينية، ويواجه المزايدات وحروب تشويه ومغالطات، ولا يلتفت لكل هذا، ويمضي وأمامه هدف واحد هو الحل ومصلحة الشعب الفلسطيني، ولكن ماذا يفعل في ظل أكاذيب ومغالطات وغطرسة من الجانب الإسرائيلي وتشتت الرؤى من الجانب الفلسطيني، وأهل غزة هم الضحايا في كل هذا.
وأضافت الكل يعلم، وإن كان لا يعلم فمن واجبنا التذكير، أن الجهود المصرية ليست وليدة السابع من أكتوبر 2023، وأنها مستمرة منذ قرن من الزمان، حاولت فيه الصهيونية العالمية طمس القضية الفلسطينية، واستخدام كل الوسائل غير الشريفة لمحو الحقيقة، وإضاعة الحق الفلسطيني.
فلسطين في القلب
تلك الجهود لم تقتصر على الدبلوماسية فقط، لكن مصر كما أشارت أميرة خواسك دخلت أربعة حروب، أكلت الأخضر واليابس، من أجل القضية الفلسطينية، ضحت فيها بخيرة شبابها، واحتل جزء عزيز من أرضها، وبين طريقي الحرب والسلام استطاعت استرداد ما فقدته من أرضها. وحين كانت مصر تسعى من أجل استعادة أرضها المحتلة لم تتخل عن القضية الفلسطينية، وسعت لأن تكون منظمة التحرير الفلسطينية شريكاً كاملاً في المفاوضات، لكن الرئيس السادات في حينها لاقى من الاتهامات والهجوم والتخوين ما لا يتحمله بشر، وضاعت الفرصة الذهبية لاسترداد جزء كبير من الحقوق الفلسطينية على يد الفلسطينيين أنفسهم، الذين قبلوا في أوسلو ما لم يكن مقبولاً من قبل، ووضعوا القضية في مأزق مازلنا نعاني منه حتى يومنا هذا.
وقالت السيد الرئيس الجزائري يمكنه أن يلجأ إلى الحدود الأردنية أو السورية أو اللبنانية، ويبعث بجيشه ويرسل ما يشاء، لكن أحداً لا يزايد على مصر وعلى ما قدمته، فالحروب التي خاضتها مصر لم يُقدم غيرها عليها، ولم يعط أحد للقضية مثلما أعطت مصر، ولو كانت مصر قد وجهت ما خصصته للحروب وللقضية الفلسطينية إلى الداخل المصري لكان لنا شأن آخر، ولكن هذا قدر مصر وهي تتحمله بمنتهى الشجاعة.
وأضافت منذ سنوات وأثناء حكم الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، تكررت نفس المقولة من الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح الذي طالب مصر بفتح الحدود لتحرير فلسطين، وما كان من الرئيس المصري إلا أن سخر من طلبه وقال له سنفتح لك الحدود وتفضل لتحرر فلسطين، والنتيجة بالطبع يعلمها الجميع، وهي أنها مجرد تصريحات للاستهلاك المحلي لا تنم عن أي جدية ولا استعداد حقيقي. ورحل علي عبدالله صالح حتى قبل أن يتمكن من حماية بلده. لهذا فعلى كل من يريد أن يكتسب شعبية أو يزايد من أجل القضية الفلسطينية أن يبحث عن طريق آخر غير الطريق المصري والحدود المصرية، ولولا المواقف المصرية لكان مصير البلاد مثل مصير القضية الفلسطينية.
يشبه المرشد
المشكلة التي تواجهها روسيا حاليا تشبه إلى حد كبير المشكلة التي تواجهها إيران. الدولتان تتعرضان للعدوان من نفس الطرف الأمريكي.. وحتى لو كانت روسيا بحسب أسامة غريب في “المصري اليوم” لا تتعرض لعدوان إسرائيلي، فإن الولايات المتحدة وإسرائيل عبارة عن كيان واحد معتدٍ، وتل أبيب في النهاية تحقق الأهداف الأمريكية في الشرق الأوسط. تتعرض موسكو وطهران لاستفزازات شديدة الوطأة تتعلق باجتياح خطوطها الحمراء بشكل سافر بغرض دفعها للرد. وبالنسبة لإيران، فإن الغرض من اغتيال إسماعيل هنية كان أن تسارع إلى رد قوي يدفع واشنطن إلى الدخول في حرب موسعة تستخدم فيها قوتها العسكرية بكثافة، لتدمير كل ما شيدته إيران في السنوات الأربعين الماضية. قد يبدو للوهلة الأولى أن هذا السيناريو من صنع بنيامين نتنياهو، الذي يريد جرّ الأمريكان عنوة إلى ساحة الحرب.. لكني أعتقد أن هذا خيار أمريكي أصيل قد لا تعطيه واشنطن أولوية، لكنه خيار من الممكن تأجيله لظروف أنسب، بعيدا عن سنة الانتخابات.
أما بالنسبة لروسيا فإن الهجوم الأوكراني على كورسك هو في حقيقته هجوم أمريكي. ولا أحد يمكنه أن يصدق ما زعمه مسؤولو البيت الأبيض من أن واشنطن لم تكن تعلم شيئا عنه.. فالتخطيط بالضرورة أمريكي، واختيار مكان الاختراق تم بالاستعانة بالأقمار الصناعية الأمريكية، والسلاح المستخدم أمريكي. لا يوجد عنصر أوكراني في الموضوع سوى الضحايا من الجنود، الذين ينفذون مشيئة أمريكية عن طريق الوسيط زيلينسكي!. الغرض الحقيقي من دهس هذا الخط الروسي الأحمر هو أن تعجز موسكو عن الرد التقليدي فتصاب بلوثة وتستخدم السلاح النووي.
ماذا لو تهور الروس؟
سؤال يعتبره أسامة غريب منطقياً: فهل تسعى الولايات المتحدة حقا لدفع الروس لاستخدام السلاح النووي؟ ألا تخشى خطر اندلاع حرب عالمية تصيب أمريكا نفسها بالدمار؟. يعتقد الكاتب في “المصري اليوم” أنه لا يوجد مثل هذا الخطر، حتى إذا تهور الروس وفعلوها، ذلك أن الدمار الذي سيحدث سوف يقتصر على أوكرانيا، وقد يتعداها إلى بعض أجزاء أوروبا، أما البر الأمريكي فسيظل سالما. لن ترد أمريكا نوويا لكنها ستكون قد حولت روسيا إلى دولة مارقة منبوذة فاقدة للتأييد حتى من جانب أقرب حلفائها، فضلًا عما هو أهم من ذلك؛ وهو أن الولايات المتحدة ستكون مطلقة اليد في استعمال نفس السلاح في مناطق أخرى من العالم أسوة بالجريمة الروسية المفترضة. هم لن يقصفوا موسكو بالنووي لكنهم قد يقصفون أهدافا في بلدان لا تستطيع أن ترد بالمثل، فيقضون على البرنامج النووي الإيراني مثلا، أو قد يسمحون لإسرائيل بأن تفعلها في غزة، كما هدد بعض وزراء إسرائيل، وذلك بعد أن تزول الحرمة التي فرضتها كارثة هيروشيما وناجازاكي، التي استمرت حوالي ثمانين عاما.
ويرى أسامة غريب أن الشر الممزوج بالجسارة هو ما يطبع الأهداف العدوانية لواشنطن وتل أبيب، وهو شر منفلت يتجاوز الخطوط الحمراء بسهولة، تاركا للخصوم التفكير العميق والحسابات الموسعة، مع العمل من خلال الدبلوماسية النشطة على تبريد ردود الأفعال أو منعها تماما. روسيا وإيران تفهمان هذا جيدا، ولذلك تطول حيرتهما!.
لن يرحمه
لم يتخل بايدن طواعية عن السلطة، رغم أن شعبيته وصلت لأدنى درجاتها لرئيس يسعى لإعادة انتخابه لفترة رئاسية جديدة، بالإضافة لكبر سنه مقارنة بكل من سبقوه من الرؤساء البالغ عددهم 45 رئيسا، الذين حكموا الولايات المتحدة منذ تأسيسها قبل نهايات القرن الثامن عشر. وأفاد محمد الشناوي في “الشروق” بأن بايدن لم يرغب في التنحي ليفتح الباب لجيل جديد من القادة الديمقراطيين طواعية، رغم كشف استطلاعات الرأي، على مدار السنتين الأخيرتين، عن رغبة أغلبية الديمقراطيين والديمقراطيات في مرشح آخر أكثر شبابا وحيوية. وبعد تأكد قادة الحزب، وتأكد بايدن نفسه وعائلته، اتجاهه نحو الهزيمة في مباراة العودة ضد دونالد ترامب، لم يعد أمامه إلا الخروج الذي جاء مهينا، خروج حزين ومتأخر للغاية، وكان ذلك نتيجة طبيعية لمرشح تعهد أمام الملايين من الشعب الأمريكي قبل أربع سنوات بتوحيد البلاد، وأن تكون رئاسته لفترة واحدة تمثل «انتقالا» من عهد ترامب، لكنه لم يفِ بوعده الانتخابي.
ويرى الشناوي أنه بعيدا عن الفشل الداخلي الذي يشعر به الملايين من الشعب الأمريكي ممثلا في ارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية وأسعار التدفئة وأسعار الكهرباء، بدأ إرث بايدن الخارجي بفشل كبير في انسحاب كارثي غير منظم وفوضوي لآلاف الجنود الأمريكيين من الأراضي الأفغانية، لتعود كابول إلى حكم جماعة طالبان بعد ما يقرب من عشرين عاما على الاحتلال الأمريكي. وأصبحت صور مغادرة الطائرات الأمريكية مطار كابول بينما يحاول آلاف الرجال والنساء والشباب والأطفال الأفغان الهروب معهم بمثابة الفضيحة. كما يأتي الانسحاب بعد أشهر تجاهلت فيها روسيا كل التهديدات الأمريكية، عبر مئات الآلاف من القوات الروسية حدودها مع أوكرانيا ليبدأ غزو روسي ضخم مستمر حتى اليوم، على الرغم من ضخامة الدعم الأمريكي والأوروبي لأوكرانيا ماليا، وعسكريا، وتسليحيا، ودبلوماسيا. إذ فشل بايدن في ردع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ثم كانت الطامة الكبرى بدعمه للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ونتج عنه حتى اليوم استشهاد أكثر من 40 ألف شخص، وإصابة ما لا يقل عن مائة ألف آخرين، وتدمير قطاع غزة وتجويع سكانه.
نكبته في ربيبته
زار بايدن إسرائيل عقب هجمات السابع من أكتوبر، وشارك في اجتماعات مجلس الحرب، وشارك ما تجمعه مخابرات بلاده من معلومات مع إسرائيل. كما عطل قرارات الأمم المتحدة المؤيدة للحق الفلسطيني، وعرقل عمل منظمات الإغاثة الدولية، وهاجم كذلك، وفقاً لمحمد الشناوي، محكمة العدل الدولية لإدانتها بنيامين نتنياهو بتهم ارتكاب جرائم حرب، وأصبح الشباب التقدمي الأمريكي ينعت بايدن نفسه باسم «بايدن الإبادة الجماعية». إذ اختار بايدن تجنب أي مواجهة مع حكومة نتنياهو، التي تعد أكثر الحكومات تطرفا ويمينية في تاريخ إسرائيل. وعلى الرغم مما يبدو من استماتة بايدن في السعي للتوصل لصفقة توقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مقابل الإفراج عن الرهائن لدى حركة حماس، لا يبدو هذا المسعى ذا قيمة، طالما لا يرغب في الضغط على إسرائيل للقبول بالصفقة. ويبدو أن بايدن، الذي يكرر أنه صهيوني الهوى، ملتزم بولاء أبدي تجاه إسرائيل، يبذل كل هذا الجهد بهدف الاستعراض وليس من أجل إنهاء المذبحة في غزة. فهو لم يكترث بوقف الحرب، ولم يكترث بالاستماع للرأي العام الأمريكي أو العالمي الرافض لاستمرار العدوان.. فقط يريد بايدن ألا تصبح قضية غزة عبئا على الحزب الديمقراطي يستغلها ترامب ضدهم في انتخابات نوفمبر المقبل، ولا يرغب في أن ينتقل إرث العدوان على غزة لتحمله كامالا هاريس. ورغم كل ما يأمل به بايدن، فقد قضت غزة على أي إرث سعى بايدن لبنائه والتفاخر به. وهو سيذهب بعد خمسة أشهر باقية له في البيت الأبيض، سيكون خلالها مثل البطة العرجاء، لا يلتفت لها أحد، داخل الولايات المتحدة، أو خارجها، وسيصير جزءا من الماضي ويذهب غير مأسوف عليه، ملطخا صورته بدماء أطفال غزة وشعبها البريء، الذي اختار بايدن أن يتم قتله بسلاح أمريكي.
مطلوب ترجمته
الوعد الرئاسي بشأن تخفيض مدد الحبس الاحتياطي حظي بترحيب واسع في الداخل. وبدوره أرسل المعارض المقيم في تركيا أيمن نور رسالة للرئيس السيسي نقلتها “المشهد” جاء فيها: تحية طيبة وبعد.. هي رسالتي الأولى – لشخصكم – وبصفتكم. أود أن أبدأ بالتأكيد على أن توجيه هذه الرسالة اليوم هو رد “شخصي” على التغريدة الإيجابية التي نشرتموها أمس حول موافقتكم على تخفيض مدد الحبس الاحتياطي. وإنني أدرك وأؤمن، لحد اليقين، بأهمية هذه الخطوة المستحقة، خاصة إذا كانت مصحوبة بإرادة سياسية لحل أزمة قطاع كبير من المواطنين، الذين عانوا طويلاً من هذه الأوضاع القانونية والحقوقية والإنسانية الصعبة”.
وأضافت الرسالة “هذه الخطوة تمثل أملًا جديدًا، في تحسين ظروف وأوضاع مرفق العدالة، والمساهمة في مد جسور الثقة، بين المواطن والدولة، وبين المواطن ومرفق العدالة”. وقال نور “أُثمن أي خطوة تتخذ نحو تخفيض مدد الحبس الاحتياطي، آملاً أن تكون هذه الخطوات قادرة على تحقيق النتائج المرجوة منها. ولنتفق في البداية أن إصلاح بعض النصوص أمر هام، دون شك، لكن الأهم من النصوص هو ما بدا من تغريدتكم من توجه الإرادة السياسية نحو اتخاذ خطوة جادة، في إطار توجه إصلاحي ننتظره ونتمناه. لذا أود أن أطرح بعض المقترحات التي أراها، قد تسهم في تعزيز هذا التوجه: نقترح اتخاذ إجراءات لوقف ظاهرة “تدوير” المتهمين، إذ يتم اتهامهم في قضايا جديدة لمجرد تجاوز مدد حبسهم احتياطيا. فوجود إرادة وقرار سياسي، يمنع مثل هذا النوع من الممارسات، من إفراغ الخطوة الإيجابية من محتواها تحايلا على مُدد الحبس المقررة. وأقترح أيضا ألا يقتصر الأمر على تخفيض مدد الحبس الاحتياطي لبضعة أيام أو أشهر، فالأهم هو أن تدرك “النيابة العامة” أن الحبس الاحتياطي هو الحل الأخير، وليس الأول، والتوسع في بدائل أخرى مثل استخدام ”الأسورة الإلكترونية” أو تحديد الإقامة، و غيرها من الحلول المعترف بها دوليا”.
لصالح الوطن
وأكد أيمن نورأهمية العمل على إعداد لائحة جديدة للسجون، تتماشى مع المعايير الدولية في تحسين ظروف الاحتجاز، بما يحفظ كرامة المحتجزين، ويكفل لهم حقوقهم الأساسية، ومن بين هذه الحقوق عدم جواز الحبس ”الانفرادي”، أو منع الزيارة عن أي محتجز إلا لمدة محددة – لا تتجاوز شهرا – حال وقوع مخالفة من النزيل، وبقرار من رئيس النيابة المختصة، وبعد سماع أقوال الجهة الإدارية، ودفاع النزيل، والمساواة في قرارات العفو الرئاسي ”الموسمية” بين المحكوم عليهم في القضايا الجنائية، والمحكوم عليهم في القضايا ‘السياسية”، خاصة النساء، والطلاب، وكبار السن، والمرضى، ممن “يحتاجون لنظرة خاصة ومستحقة من الرئيس ”شخصيًا”.
وقال “سيادة الرئيس .. لما كانت رسالتكم المقدرة موجهة للأمانة العامة للحوار الوطني، الذي تقدم بالمقترح، لذا نتمنى أن يظل الحوار الوطني مفتوحا ومصغيا بإيجابية لكل الأطراف، بما في ذلك كافة الأحزاب السياسية القائمة (المشاركة في الحوار او المقاطعة) والمجتمع المدني، والمعارضة في الداخل والخارج، للوصول إلى توافق وطني بشأن الإصلاحات القادمة، آملين أن يعمل الحوار، في جولاته القادمة، على تعزيز قيم “المصالحة الوطنية” بمفهومها الشامل، بما يساهم في تقارب المجتمع، وتعزيز اللُحمة الوطنية. وختامًا أتمنى أن يتواكب تعديل قانون الإجراءات الجنائية مع منظومة من التوجهات السياسية الجديدة، خاصة في ما يتصل بإصلاح الوضع الحقوقي، والنظام الانتخابي، وكذلك التشريعات، التي تعزز استقلال القضاء، وتعيد ثقة المواطن المصري في منظومة العدالة القائمة، وتفعيل قواعد واستحقاقات العدالة الانتقالية والتوجه نحو تقليص مدد الحبس الاحتياطي، ونتمنى أن يترافق مع تعزيز قيم الحوار والمصالحة الوطنية، وهو ما يتطلب إرادة سياسية وجهدا جماعيا، من جميع الأطراف، خاصة بعد أن انتفت في تقديري أي أسباب للإحجام عن هذا “الاستحقاق الدستوري” والديمقراطي.
ملاك الرحمة
تداولت وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي خبر الاعتداء الذي تعرض له أحد الأطباء أثناء القيام بعمله. وبغض النظر عن تفاصيل هذه المشادة بين هذا الطبيب وأحد المغنين المعروفين، فمن المهم التأمل في معاناة الأطباء، وبالذات الشباب منهم، ومواجهتهم إهانات متكررة تجعل قدرتهم على القيام بعملهم في مهب الريح، ورغبتهم في البقاء في ظل هذه الظروف غير مؤكدة. فهل تتذكرون اقتراح مجلس النواب في شهر إبريل من العام الماضي الذي أراد حظر استقالة الأطباء بعد التخرج إلا بمرور 10 سنوات، وإلا دفع 3 أضعاف تكاليف ما تم صرفه على تعليمه من جانب الدولة على مدار وجوده بالكلية؟..
على الأرجح، والكلام لنادين عبد الله في “المصري اليوم” كان الهدف من هذا الاقتراح العجيب هو الحد من هجرة الأطباء.. وهو ما يعني ببساطة، أننا بصدد مشكلة حقيقية لن تحل بمثل هذه الاقتراحات غير المنطقية، بل بالسعي لعلاج المشكلة من جذورها. وقالت إن رغبة الكثير من الأطباء في الرحيل واضحة للعيان. فبالإضافة إلى تدني أجورهم، يتألم الأطباء من عدم شعورهم بالتقدير الكافي والحماية، وضعف الإمكانيات المتاحة لهم، مما يجعل معاناتهم معاناة يومية، في ظل بيئة عمل غير جاذبة لهم. وأضافت فعليا، يشعر الكثير من الأطباء بأنهم غير قادرين على القيام بدورهم الطبيعي على نحو يليق.. وهو الأمر الذي عبر عنه الأطباء في أحد إضراباتهم السابقة، لتحقيق مطالبهم المشروعة الخاصة بنظام «الكادر».. فقد ذكرت إحدي لافتات الإضراب التي كانت قد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي: «أطباء مصر يعتذرون.. آسفون.. هذه الرعاية الصحية لا تليق بك، علشان أقدر أداويك لازم ميزانية للصحة تليق بيك».
وقالت فعليا، تحتاج المنظومة الصحية في بلدنا إلى هيكلة جذرية، ليس فقط من حيث توفير الأجهزة الطبية، وتحسين ظروف عمل الأطباء والممرضين والممرضات، لأنها بالفعل شديدة الصعوبة، بل أيضًا من حيث توفير الحماية اللازمة للأطقم الطبية أثناء القيام بعملهم.. فالدولة تحتاج إلى تغيير نمط السياسات الاقتصادية المتبعة، وتغيير أولويات الإنفاق، وطريقة توزيع الأعباء على المواطنين، عبر رفع ميزانية وزارة الصحة، وعلاج مشكلاتها الهيكلية. كما تحتاج أيضًا، وبشكل عاجل، إلى العمل على توفير سبل التقدير، والحماية المادية والمعنوية للأطباء أثناء القيام بعملهم، فحماية الطبيب من حماية المريض.
تخفيف بالعافية
بعد قرارات وزارة الكهرباء، التي تم تسريبها بشأن الزيادات الجديدة في أسعار الاستهلاك، وقرارات وزارة التموين المتعلقة بإلغاء السكر الحر من بطاقات التموين، وتحويل عدد الأرغفة الثلاثة، التي يحصل عليها المواطن إلى أوزان، ليس أمام المواطن على حد رأي ياسر شورى في “الوفد” إلا تخفيف أحمال طوعي لمواجهة لهيب أسعار الكهرباء وإلغاء سكر التموين، مشيرا إلى وجود حلول كان يجب اللجوء إليها.. هذه الحلول نأخذها من كلام وزير الكهرباء السابق ومن تصريحين قال فيهما إنه لولا سرقات التيار الكهربائي ما لجأنا لتخفيف الأحمال. ثم قال نحن نخفف أحمالاً حتى لا نرفع أسعار الكهرباء. إذن لو كان الحل في وقف سرقات الكهرباء لماذا لم تفعل الوزارة ذلك؟! ولديها مباحث الكهرباء، وغيرها من المؤسسات القادرة على التصدي لتلك الجريمة، وكيف تستقيم الأمور بتحميل المواطن فاتورة آخر مجرم وسارق للتيار. قلنا إن الحكومة الماضية كانت تلجأ دائما إلى الحلول السهلة، وتعتمد على رفع أسعار الخدمات والضرائب والاقتصاد الريعي، وهو طريق لم يحل أي مشكلة اقتصادية، وإنما فاقم الأزمة تلو الأخرى. وإن كان مقبولاً على مضض من الحكومات السابقة السير في هذا الطريق فإنه لن يكون مقبولاً بأي حل من حكومة جديدة، المفترض أن يكون لديها الرؤية الكافية للتعامل مع أزمات من سبقتها، وإلا ما هو دورها الذي وجدت لأجله، وما هي ثمرة اختيارها.. نعلم أن مواردنا محدودة وإننا نراوح مكاننا في أزمة اقتصادية خانقة. ونعلم أكثر أن الرئيس السيسي يتدخل دائمًا لإحداث توازن وإنقاذ في أوقات كثيرة.. حدث ذلك في استحداث المظلة الاجتماعية الرائعة: تكافل وكرامة، وحدث في قراراته الهامة برفع الحد الأدنى أكثر من مرة ووصوله إلى 6 آلاف جنيه، وجميعها قرارات محمودة، حتى في الأزمة الاقتصادية الخانقة جاءت صفقة رأس الحكمة لتخرجنا من ورطة كبيرة مع السيطرة على الدولار والقضاء على السوق السوداء، إلى جانب حل أزمة انقطاع الكهرباء، بتوفير شحنات الغاز والسولار من دول عربية شقيقة، ولكن هل سيبقى تدخل الرئيس حلاً دائما؟
وأجاب شورى بالقول: يستحيل ذلك من دون تحرك الحكومة ووضع الخطة المناسبة لإنهاء تلك المشاكل، والوصول إلى استقرار في الأسعار، وأن لا تتم مباغتة المواطن بارتفاعات مستمرة لا يمكن تحملها. والخلاصة لدى شورى أن مصر تحتاج إلى أفكار، لا أقول خارج الصندوق، فتلك العبارة أصبحت مبتذلة، والصحيح أننا نحتاج أفكارا مستقبلية من الصندوق أو خارجه.
الوزير المضطهد
المدقق في القرارات التنظيمية الجديدة للثانوية العامة يشكر رئيس الوزراء ووزير التربية والتعليم عليها. لأنها كما يرى الدكتور محمد حسن البنا في “الأخبار” حققت رغبات المواطنين، وأمنيات كانت بمثابة الأحلام لأولياء الأمور. وقال أضم صوتي للدكتور حسن شحاتة أستاذ المناهج بجامعة عين شمس في ما قاله من أن الهدف منها تخفيف العبء المعرفي عن الطلاب. ولا يخل بالمواد المؤهلة للتعليم الجامعي، وأن ترحيل المواد لصفوف أخرى، أو عدم دخول البعض منها في المجموع، وقصرها على النجاح والرسوب، يخفف عن كاهل الأسرة المصرية عبء الدروس الخصوصية. وأضيف إليه ما قاله محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني عن إغلاق مراكز الدروس الخصوصية، وأهمية انضباط المدرسين والطلبة في المدارس، وتفعيل الحضور بنظام البصمة، مع ضبط تنفيذها عمليا في المدارس دون ازدحام. وهناك مواد أخرى لا تضاف للمجموع، لكنها مواد رسوب ونجاح، وهي التربية الوطنية والتربية الدينية والتربية الرياضية واللغة الأجنبية الثانية. وبهذا يكون قد تم إلغاء مواد الفلسفة والمنطق وعلم النفس والاجتماع والجيولوجيا. فنحن في حاجة إلى تعاون المواطنين مع الوزير لتفعيل دور المدرسة وإغلاق مراكز الدروس الخصوصية، التي تستنزف ميزانية الأسرة المصرية، وتقضي على دور المدرسة في أداء رسالتها التعليمية.
وقال نحن نحتاج إلى تحقيق أهداف تطوير التعليم. وتقديم تعليم ذي جودة عالية لكل طفل في مصر. أصبحنا على مشارف تحسين جودة التعليم الرقمي، من خلال استفادة الطلاب من المنصات والمصادر الرقمية الهائلة، التي تتيحها الوزارة. وأيضا التعاون لتخريج كوادر مؤهلة قادرة على المنافسة في سوق العمل. ولن نستطيع تنفيذ المنظومة التعليمية الجديدة إلا بالتعاون بين أولياء الأمور والوزارة. وفي النهاية يرى الكاتب أننا “ظلمنا الوزير”.
على خطى أجداده
إذا كنت من عشاق التاريخ العسكري والنظر في المعارك الكبرى خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، فبالتأكيد لم يفاجئك ظهور اسم “كورسك”، تلك المقاطعة الروسية الواقعة على الحدود مع أوكرانيا، التي تصدرت عناوين الأخبار، بعد نجاح تشكيلات أوكرانية في إحداث ثغرة في خطوط روسيا، وعبور الحدود إلى «كورسك»، اعتبارا من ليلة 5 ــ 6 أغسطس الجاري، وهي الثغرة التي اعتبرها الدكتور خالد أبو بكر في “الشروق” قد نالت من كبرياء الجيش الروسي ومن هيبة فلاديمير بوتين، بعد أن أحرزت القوات الأوكرانية تقدما سريعا، سيطرت خلاله حتى الآن، على 1150 كيلومترا مربعا من الأراضي الروسية، وفقا لقائد الجيش الأوكراني ألكسندر سيرسكي. ولن تفاجئك لأن «كورسك» تحتل مكانة خاصة في تاريخ الحرب العالمية الثانية؛ ذلك لأن هذه المدينة أعطت اسمها لأكبر معركة دبابات عرفها التاريخ بين الاتحاد السوفييتي وألمانيا النازية، وشارك فيها نحو مليوني جندي و4000 طائرة و6000 دبابة والعديد من المركبات الأخرى، واستمرت لمدة 50 يوما (من 5 يوليو إلى 23 أغسطس 1943).
ففي ذروة الحرب العالمية الثانية سنة 1943 كانت معركة كورسك بمثابة نقطة تحول حاسمة في الحملة السوفييتية بقيادة جوزيف ستالين لأخذ زمام المبادرة وطرد قوات أدولف هتلر من الاتحاد السوفييتي. وبعد مرور 81 عاما وجدت «كورسك» نفسها ساحة لمعركة جديدة تكافح فيها أوكرانيا لتحرير أراضيها من قوات بوتين، عبر هذه العملية الهجومية الجريئة، التي منحتها المبادرة رغم المخاطر التي تحفها.
وقال كلتا المعركتين.. «كورسك» الأولى والثانية وقعتا بعد هجوم خاطف لهتلر وبوتين.. فجاءت الأولى بعد نحو عامين من حرب «الفوهرر» الخاطفة ضد الاتحاد السوفييتي التي بدأت في يونيو 1941 وحملت قواته بسرعة إلى ما وراء لينين غراد إلى أن جرى تثبيتها عبر قتال سوفييتي ملحمي على أسوار ستالين جراد. بينما تدور معركة “كورسك الثانية” في عهد بوتين على أمل تحقيق نصر سريع حاسم.
عاش مظلوماً
لم يأخذ كامل الشناوي الشاعر حقه نقديًا؛ فقد أهمله النقاد في حياته وبعد رحيله.. كان كامل الشناوي، بحسب فاروق جويدة، في “الأهرام” شاعرًا من الوزن الثقيل، كان متفردا في جملته الشعرية، جريئا متحديا في لغته، وكان مجددا رغم أن مدارس التجديد لم تضع إبداعاته في قوائم المجددين.. والحقائق تؤكد أن كامل الشناوي يتحمل مسؤولية غيابه نقديا.. هناك أسباب تقف وراء هذا الغياب، منها أن الشعر لم يكن في صدارة اهتمامات كامل الشناوي، فهناك أشياء كثيرة جذبت اهتماماته. فمن يصدق أن مشوار كامل الشناوي وعمره، الذي تجاوز الخمسين قد أبدع عددا من القصائد لا يزيد على ثماني قصائد؟ أعرف أن الشعر لا يقاس بالعدد، لأن هناك شعراء خلدتهم قصيدة واحدة، ولكن موهبة كامل الشناوي كانت تضعه في مكانة مميزة في تاريخ القصيدة العربية.. لقد انطلق اسم كامل الشناوي من خلال الأغنية كما حدث مع نزار قباني، ولكن نزار كان أكثر إبداعا.. وإن كنت أعتقد أن كامل الشناوي كان الشاعر الوحيد القادر على منافسة نزار في مملكته لو أخلص للشعر قليلاً.. فقصائد كامل الشناوي، هي: «لا تكذبي»، و«حبيبها»، و«عدت يا يوم مولدي»، وقصيدة عن «السد العالي»، و«خطايا» و«عذاب» و«العقاد» و«نشيد الحرية» ولا شيء بعد ذلك. هذا العدد من القصائد لا يتناسب مع موهبة ضخمة مثل موهبة كامل الشناوي..
وأضاف إنني أحمل تقديرا عميقا لتجربة كامل الشناوي شعرا وإحساسا وتجديدا، ولكنني كثيرا ما تمنيت لو أنه أخلص للشعر قليلاً.. كانت حياة كامل الشناوي عبئا على إبداعاته؛ كان يحب السهر ولا ينام إلا مع شروق الشمس، وكان يحب من طرف واحد بكل ما يمثله ذلك من الألم والعذاب.. وكان مغرما بأن يجمع تلاميذه حوله، بما يعنيه ذلك من ضياع الوقت والصحة.. وقبل ذلك، كان كامل الشناوي يحب القصص والحكايات، وهو من أعظم الحكائين في العصر الحديث.. ولا شك أن الصحافة أخذت أجمل سنوات عمره، فقد أخلص لها كثيرا، رغم أنه كان بخيلًا مع الشعر.. والشيء الغريب أن كامل الشناوي أحب الألم وتغنى بالعذاب كثيرا: «عذاب وعدت يا يوم مولدي.. أنا عمر بلا شباب».
القدس العربي