اقتصاد

منع شكولاتة المرجان من دخول فرنسا وأوروبا.. مؤامرة ضد منتوج جزائري حقق نجاحا ساحقا؟

منع شكولاتة المرجان من دخول فرنسا وأوروبا.. مؤامرة ضد منتوج جزائري حقق نجاحا ساحقا؟

الجزائر-

يثير منع الشكولاتة القابلة للدهن “المرجان” من دخول الأسواق الأوروبية، جدلا واسعا على مواقع التواصل التي صنعت في الأساس شهرة هذا المنتج الجزائري الذي تحول إلى ظاهرة تجارية لافتة. يأتي ذلك، في ظل صمت رسمي سواء من الجانب الأوروبي أو من قبل وزارة التجارة في الجزائر، حول أسباب هذا التطور المفاجئ.

قصة المنع بدأت يوم الجمعة الماضي، عندما رفضت الجمارك الفرنسية الترخيص لشحنة تحمل الشكولاتة الجزائرية من التفريغ في ميناء مارسيليا. ووفق مصطفى زبدي، رئيس المنظمة الوطنية لحماية المستهلك، فإن المعلومات الواردة تشير إلى أن “هذا الإجراء استند إلى المادة 20، الفقرة الثالثة من لائحة الاتحاد الأوروبي رقم 2020/2292”. وتتعلق هذه المادة بقائمة الدول المسموح لها بتصدير منتجات تحوي مشتقات الحليب إلى السوق الأوروبية، والتي ليس من بينها الجزائر.

والمفارقة وفق ما تحدث زبدي على صفحته الرسمية في فيسبوك، أن “المنتوج كان يتم تداوله بحرية في الأسواق الأوروبية، ولكن بمجرد أن بدأ يشكل خطرا على منتوجاتهم المفضلة، اتخذوا الإجراءات اللازمة وأجروا كل التحاليل الضرورية، ما أدى إلى صدور اللوائح التي تعيق تصديره”. وشدد مسؤول المنظمة إلى ضرورة اتخاذ قرار صارم بهذا الشأن بمجرد الحصول على الوثائق الرسمية التي تؤكد قرار المنع.

وسائل الإعلام الفرنسية التي تفاعلت بشكل واسع مع شهرة المنتوج الجزائري، توقفت عند قرار منعه أيضا بتفاصيل أكثر. وذكرت صحيفة لابروفانس المحلية في مارسيليا، أن الجزائر ليست من بين الدول المدرجة في القائمة التي أقرها تنظيم الاتحاد الأوروبي رقم 2021/405، والتي تسمح لعدد قليل من الدول بتصدير منتجات الحليب أو المنتجات التي تحتوي على الحليب إلى السوق الأوروبية.

لكن الصحيفة أشارت إلى مفارقة كبيرة وهي أن الحليب المستخدم في مصنع “سيبون” بوهران، الذي ينتج “المرجان”، هو في الواقع مستورد من فرنسا على شكل مسحوق حليب يتم تصنيعه لاحقا في الجزائر، وبالتالي فإن مصدره أوروبي بالأساس. وأشارت لابروفانس إلى هذه القضية قد تؤدي إلى تداعيات مباشرة على تطور سوق هذا المنتج في فرنسا.

وهنا، عاد زبدي في منشور آخر على فيسبوك، ليتحدث عن وجود 3 أسباب تدفع للاعتقاد بوجود مؤامرة وتكتل لوبيات ضد المنتوج الجزائري، وهي أن “شكولاتة المرجان يتم تسويقها منذ سنوات دون تحرك أي سلطة فرنسية، وأن لائحة القوانين التي تم الاعتماد عليها تتحدث عن حليب ومشتقاته، وعجينة الطلاء ليست من مشتقات الحليب، وأن الحليب الذي تم التحجج به والارتكاز عليه لرفض المنتوج من مصدر أوروبي! بمعنى أن بضاعتهم ردت إليهم”.

 وفي الواقع، أدى الحظر إلى مفعول عكسي، حيث زادت الرغبة في الحصول على المنتج الذي وصل سعره في السوق السوداء إلى 22 يورو، أي أكثر من ضعف سعره الأصلي، و4 مرات سعر منافسه الشكولاتة الإيطالية الشهيرة “نوتيلا”. وقالت إذاعة “أر أم سي” الفرنسية في هذا السياق، إن الإعلان عن منع شكولاتة “المرجان” الجزائرية من دخول السوق الأوروبية أثار موجة من الاستياء على وسائل التواصل الاجتماعي من الجانبين، في الجزائر وأوروبا.

وأضافت الإذاعة أن بعض التعليقات على مواقع التواصل تقترب من نظرية المؤامرة، حيث يعتقد البعض أن المنتج تم حظره لحماية مصالح علامة تجارية أخرى معروفة في مجال الشكولاتة. وهناك من يذهب إلى حد القول بأن الحظر يعكس نوعا من “العنصرية ضد الجزائر”. وأشارت إلى أن مستقبل المنتج في المتاجر الفرنسية غير مؤكد، رغم أنه كان يحقق مبيعات عالية قبل فرض الحظر. وإذا عادت الشوكولاتة إلى السوق، فمن المتوقع أن يكون الاهتمام بها أكبر بكثير مما كان عليه سابقا، تختم الإذاعة.

وفي ظل هذا القرار الأوروبي الذي رآه كثير من الجزائريين مجحفا، ظهرت مطالبات بضرورة التعامل مع الاتحاد الأوروبي بحزم خاصة في ظل أن اتفاق الشراكة الذي يربط الجزائر به، يصب في مصلحة الشركات الأوروبية بشكل كبير. فالجزائر التي لا تصدر سوى البترول والغاز لدول الاتحاد، وتستورد منهم كل شيء تقريبا بمعدل 15 مليار دولار سنويا. وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، قد دعا قبل سنتين إلى ضرورة مراجعة اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بندا بندا، كونه يعد مجحفا في حق الجزائر.

بالمقابل، رأى آخرون أن هذا المنع يعد فرصة في حد ذاته لإيجاد أسواق أخرى لهذا المنتج خاصة في الدول العربية وآسيا وأمريكا، حيث بدأت حمّى “المرجان” تجتاح مواقع التواصل هناك أيضا. وكتب المدون يزيد أقدال في هذا المنحى يقول: “هل تستغل الشركة المنتجة لشكولاتة المرجان فرصة التراند الذي صنعته  للتصدير نحو دول أخرى خارج أوروبا مثل الخليج مثلا؟ لا أذكر أن أي منتج جزائري عرف رواجا مماثلا  قبل اليوم. زيادة على كون حملة المقاطعة في صالحها مقابل نوتيلا”.

ويحقق منتج شوكولاتة “المرجان” منذ أشهر، نجاحا غير مسبوق في فرنسا، جعل المتاجر أمام الطوابير الطويلة، لا تسمح بأكثر من علبتين لكل زبون. ويأتي رواج هذا المنتج الجزائري، بعد حصوله على دعاية مجانية على مواقع التواصل من قبل كبار المؤثرين، ما ولّد ارتفاعا قياسيا في المبيعات، وصل إلى حد تهديد عرش “نوتيلا”، بعدما صرّح 75% من الفرنسيين أن المرجان أفضل بكثير من العلامة الإيطالية، وفق استطلاعات للرأي. ويتكرر كثيرا على لسان من جرّبوا المرجان، أنها تذكرهم بطعم كيندر بوينو، وهو ما يداعب ذكريات سعيدة في طفولتهم.

“القدس العربي”:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب