مدبولي: أعباء الدعم تفوق قدرات الحكومة… ومرصد الأزهر يحذر من مؤامرة صهيونية لتزييف التاريخ المقدسي

مدبولي: أعباء الدعم تفوق قدرات الحكومة… ومرصد الأزهر يحذر من مؤامرة صهيونية لتزييف التاريخ المقدسي
حسام عبد البصير
القاهرة ـ بين عين على غزة ونكبتها وعين على الأوضاع الاقتصادية التي يواجهونها يعيش المصريون أياما تتزايد قسوتها وتتنوع أسباب مآلاتها.. يلازم ملايين المواطنين شعور بالتقصير تجاه النكبة الفلسطينية، والإحساس بالعجز عن مد يد العون والمبادرة لنجدة الأشقاء، خاصة مع تعاظم معاناة ما يزيد على مليوني غزاوي، بينما ترشح الأقدار ما يزيد على ثلاثة ملايين ونصف مليون مواطن من سكان الضفة الغربية لتكرار المأساة الغزاوية. ويظل الهم الاقتصادي الشغل الشاغل للطبقات الفقيرة والوسطى على حد سواء، وقال مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، إن الدولة تواجه تحديا كبيرا في ما يتعلق بالتعامل مع ملف الطاقة، مشيرا، حسبما جاء في “الوطن”، إلى أن حجم الدعم الذي نتحمله في ما يتعلق بهذا الملف يفوق قدرة احتمال الدولة. وأضاف أن الدولة تتحمل الجزء الأكبر من فاتورة الدعم، وأن وزارة المالية اعتادت على الاستدانة للمحافظة على أكبر قدر ممكن من الدعم. وأوضح أن طول أمد الأزمات أدى إلى زيادة فاتورة الدعم لدرجة تتخطى قدرة واحتمال الحكومة المصرية والموازنة العامة، لذا فإن من الضروري تحميل جزء من الأعباء على المواطن.
واكد مرصد الأزهر أن المسجد الأقصى المبارك يتعرض لحربٍ شرسةٍ لا هوادة فيها، مدفوعة بعزمٍ صهيونيٍّ صريحٍ لانتزاع الأقصى المبارك من أيدي المسلمين، بشتى السبل والوسائل؛ لفرض واقع جديدٍ. وكشف المرصد أنه في إطار سعي الكيان لتهويد المسجد الأقصى، قامت منظمة “بيادينو” بإطلاق موقع باللغة العربية للتعريف بالأقصى باعتباره هيكلا لليهود، وإعطاء معلومات مغلوطة للقارئ العربي حول الحرم القدسي؛ إذ تزعم المنظمة أنها ستنشر من خلال الموقع فيديوهات تشرح من خلالها لأبناء العالمين الإسلامي والعربي، بل والعالم أجمع، علاقة اليهود بالحرم القدسي، وتحطيم ما سمته كذبة تسمية جبل الهيكل بـ”الأقصى”. كما احتفلت المنظمة بتسجيل رقم غير مسبوق في أعداد مقتحمي المسجد الأقصى خلال العام العبري، الذي ينتهي في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول المقبل، حيث أعلنت منظمة “بأيدينا من أجل الهيكل” اقتحام ما يزيد عن 50 ألف مستوطن لساحات المسجد الأقصى منذ بداية العام العبري، بزيادة تقدر بنحو 8% عن العام قبل الماضي، الذي كان يعد العام الذي شهد أكبر عدد من المقتحمين، إذ اقتحم خلاله 46344 مستوطنا باحاته المقدسة، وبزيادة تقدر بنحو 14% عن العام العبري الماضي، الذي شهد اقتحام 43893 مستوطنا. وفي يوم الثلاثاء 27 أغسطس/آب 2024، وافق مكتب رئيس وزراء الكيان الصهيوني وقيادة الأمن القومي على خطة وزارة التراث إصدار جولات إرشادية لليهود في المسجد الأقصى المبارك، بتمويل يقدر بمليوني شيكل، من ميزانية الحكومة. وردا على هذا الإعلان، صرحت وزارة التراث بأنها تعتزم إطلاق جولات إرشادية في المسجد الأقصى المبارك، التي ستسمح لأول مرة لآلاف اليهود، ومئات الآلاف من السياح الذين يزورون الأقصى كل عام، بالاستماع إلى التراث اليهودي للأقصى بنسخة تاريخية دقيقة، خالية من الروايات البديلة والكاذبة (حسب زعمهم). وتوجه فضيلة الدكتور نظير عياد مفتي الجمهورية إلى العاصمة الروسية موسكو للمشاركة في أعمال المنتدى الإسلامي العالمي في دورته العشرين، التي تُعقد تحت عنوان “طريق السلام: الحوار كأساس للتعايش المشترك”.
بلا غد
“لم ار في حياتي أمة أكثر هوانا من أمة العرب، أمة بلا غد وكل ما حدثونا عنه صغارا من كرامة العرب وشجاعتهم في مواجهة أعدائهم هو محض افتراء أو ظرف زمني عابر، ولو أحصيت المواجهات العربية العربية لوجدتها أكثر بكثير من حروبهم مع أعدائهم”. واصل سعيد صابر في “المشهد” بث شكواه من أمة العرب: يواجهون بعضهم بعضا بالسيوف بينما يحاربون أعداءهم بالدفوف والأغاني وأبيات الشعر الحماسية، التي ما حررت خيمة من خيام القبيلة.. ما عدا ما وصلنا عبر التاريخ من حروب المسلمين الأوائل، وتلك الانتصارات العظيمة التي تحققت على أيديهم، وكأنهم منذ سنين الفتح الأول يُلمعون سيوفهم ليوم الشدة، وها قد جاءتنا فلم نسمع نفيرا ولا قعقعة. تعالوا نُسقط الأقنعة جميعا لنرى حجم القبح الذي وصلنا إليه، فإسرائيل ذلك الكيان المزعوم والمدعوم من قوى الغرب الاستعماري، الذي يستقوى بأموالكم عليكم، استطاع أن يفعل بكم الأفاعيل وأنتم كالقطيع، كل ما يعنيكم هو العشب والكلأ، أما كان أولى بكم لو كنتم كيانا واحدا.. فلم نسمع عن تحالف عربي في مجال الاقتصاد بإنشاء كيانات اقتصادية عربية كالسوق الأوروبي مثلا.. أو قيام صناعة عسكرية عربية بدلا من استجداء السلاح من الأعداء.. هناك اتفاقية دفاع عربي مشترك لم تفعل مرة واحدة، بينما أمريكا وأوروبا تمدان إسرائيل بالعتاد والسلاح مع أنها كيان احتلال، ونحن نخاف من دعم أصحاب الحق والأرض، مع أنه لا يوجد قانون على الأرض يمنع ذلك، لكنه الخوف على العروش والقروش. استحببتم الحياة على الموت، فكان مصيركم أن تعيشوا حياة بطعم الموت، نعم أنتم أموات والأموات لا يغضبون، انعموا بقصوركم.
عالم بلا ضمير
توقف ضمير العالم وغاب واكتفى صامتا، عن المآسي والمجازر التي يرتكبها يوميا طغاة الحكم لدولة الاحتلال الإسرائيلي، في حق الضحايا الشهداء من المدنيين الأبرياء العزل في قطاع غزة، وهم كما يصفهم الدكتور نصر محمد غباشي في “الوفد”، أصحاب أرض فلسطين المباركة مبعث الرسالات الإلهية، فيها كنيسة المهد مسقط رأس السيد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام، وإليها أسرى ليلا نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، بصحبة سيدنا جبريل الأمين، من بيت الله الحرام في مكة إلى بيت المقدس الشريف، وهذه المعجزة الإلهية ذكرها الله في كتابه الكريم بقوله تعالى”سُبْحَانَ الذي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إلى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الذي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ” (سورة الإسراء:1). إن ما يحدث في غزة الآن على يد جنود قوات بطش الاحتلال، من سفك للدماء والجوع والعطش وحرق الأرض والسعي فيها فسادا، والتهجير القسري لأبنائها، وأن تأكل المجاعة ما تبقى منهم أحياء على أرضها، في حكم جرائم حرب، من عدو ضد السلام والإنسانية، تتأصل فيه طباع غريزة القتل والتدمير والخراب، يصنع العوائق والأحداث لعرقلة الهدن لوقف نزيف الدماء، وينشئ الصراعات ولا يترك فرصة للحوار أو النقاش لدفع عجلة السلام إلى الأمام، إلا أنه يتحدث بلسان الغارات والقاذفات الصاروخية والقنابل العنقودية، للإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني الأعزل، الساكن الآمن البريء.. يتواصل مسلسل المجازر الإسرائيلية دون توقف أو كبح جماحها، بعد أن شنت غاراتها العدوانية مساء العاشر من سبتمبر/أيلول الجاري، على سكان مخيمات النازحين المدنيين في منطقة المواصي في خان يونس جنوب غرب قطاع غزة، التي عرفت إعلاميا «بمجزرة المواصي»، وقد أسفر هذا العدوان البربري الوحشي عن استشهاد العشرات من الأبرياء، وإصابة أكثر من مئة جريح، واختفت الأسر الساكنة المسالمة النائمة تحت الرمال.
المجتمع الدولي مكتوف اليدين
تساءل الدكتور نصر محمد غباشي: من ينقذ صراخ آنين وآلام هذا الشعب المنكوب، منذ نكبته الأولى وضياع وطنه وأرضه، لقد أصبح المجتمع الدولي مكتوف اليدين أمام شرور الطغيان وغطرسة قوته، حتى الأمم المتحدة ومحكمة العدل الدولية، عاجزين ولا حيلة لهما في تنفيذ قرارتهما أو أحكامهما، ضد جرائم العدوان الصهيونا المستمر على قطاع غزة، لأن هذا العدوان إذا لم يتوقف فسوف يكون لتداعياته أعمق الآثار وأخطر النتائج التي تهدد السلم والأمن الدوليين، بالإضافة إلى أثره الواضح الذي يعيشه العالم الآن، من انهيار اقتصادي وجمود في العلاقات السياسية الدولية، بسبب وقوف الدول الكبرى لإرضاء غرور وصلف وغطرسة دولة الكيان الصهيوني، وعلى رأسها أمريكا وحلفاءها الغربيين، وهذا التحالف الفاضح و المكشوف في مساندة حكومة نتنياهو المستبدة ودعمها عسكريا واقتصاديا وتوفير القوة الناعمة لها، لكي تستخدمها كغطاء لجرائمها الوحشية، وإن ما تتشدق به الولايات المتحدة الأمريكية في دفاعها عن حقوق الإنسان ونشر ثقافة الديمقراطية، وحق الإنسان في حرية التعبير عن رأيه، ما هو إلا وهم وبعيدا كل البعد عن الحقيقة وما هي إلا أقوال ومسببات مصطنعة، الغرض منها تجميل وجهها القبيح وتشويه الأنظمة والحكومات التي لا تسير في كنفها ولا ترضى بسياساتها ذات «المعايير المزدوجة»، وموقفها المتخاذل في عدم تدخلها لوقف نزيف بحور الدم كالسيل المنهمر، التس تنزفه قلوب أجساد الشعب العربي الفلسطينس، ضحايا جبروت قوات البغس والعدوان في حرب تدور رحاها منذ ما يقرب من عام، ارتكبت فيها أبشع وأفظع المجازر التي سوف يسجلها التاريخ الإنساني، لهؤلاء أصحاب المذابح من تتار العصر الحديث المغتصبين لحقوق الشعب الفلسطينس، والذين يواصلون حصد الأرواح بآلة حربهم الطاحنة، مع تدمير كل شكل من أشكال الحياة.
أربعة أسباب
قيل الكثير بالنسبة لأسباب إصرار نتنياهو عدم الانسحاب من محور فيلادلفيا، لكن هل هناك مبررات أخرى خفية؟ الدكتور يحيى عبد الله في “الشروق” لديه ما هو جدير بالتأمل: ثمة أربعة أسباب، يأتي على رأسها تخوف نتنياهو من أن ينفرط عقد ائتلافه الحكومي، على ضوء الإنذارات التي وجهها له كل من وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، زعيم حزب وغيرهما من وزراء هذين الحزبين، ومنهم الوزيرة أوريت ستروك وزيرة الاستيطان والمهام القومية، التي صرحت في 16 يوليو/تموز 2024، بأنه «إذا أدرج نتنياهو محور فيلادلفيا ضمن صفقة (المخطوفين) فلن تكون له حكومة. نتنياهو يعرف ذلك جيدا». سيفضل نتنياهو بالطبع الحفاظ على ائتلافه الحكومي. سينصاع إلى إنذارات المتطرفين في حكومته، وسيتشبث بالمحور، وليذهب الأسرى وأهلهم إلى الجحيم. ليس أمامه، في حقيقة الأمر خيارٌ آخر. فقد أصبح رهينة لزمرة المتطرفين في ائتلافه الحكومي. أما السبب الثاني، فيتعلق باتخاذ نتنياهو قرارا استراتيجيا بتصفية القضية الفلسطينية، والقضاء على فكرة الدولة الفلسطينية، التي يرى أنها تهدد إسرائيل كدولة يهودية. ومن ثم فهو يتخذ من مسألة الجدل حول المحور، حسب عومر صنعاني مستشار شؤون الأمن السياسي والقومي السابق، «ستارة من الدخان لصرف الأنظار عن الصورة الكبيرة، المتعلقة بـ«اليوم التالي للحرب»، إذ يرى أن نتنياهو «ينوي احتلال قطاع غزة بالكامل، كما قال لـ42 سنة مقبلة على الأقل، والسيطرة المباشرة على أكثر من مليوني فلسطيني، وضم مناطق من قطاع غزة والضفة الغربية (إلى إسرائيل) والاستيطان بهما. هذه هي الحقيقة خلف إصراره على قضايا تكتيكية صغيرة مثل ممر نتساريم (الممر الفاصل بين شمال وجنوب قطاع غزة) ومحور فيلادلفيا، وخلف عدم استعداده تقديم بديل لـ«حماس»، ورفض كل مبادرة لتسوية إقليمية مستقرة». ويؤكد صنعاني ما ذهبنا إليه في مقالات سابقة حول التوجهات الحقيقية لنتنياهو، ومن أنه «معني بحرب أزلية في غزة وفي الضفة الغربية».
يتكتم الهزيمة
الحقيقة، التي انتهى عندها الدكتور يحيى عبد الله أن نتنياهو يعرف أفضل من أي مسؤول إسرائيلؤ آخر، أن محور صلاح الدين ليس بهذه الأهمية الاستراتيجية التي يتحدث عنها، ويعرف أن السيطرة عليه لن توقف تزود الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة بالأسلحة الضرورية لمواصلة الكفاح ضد الاحتلال. السبب الثالث، يتقاطع مع أكثر من عامل، منها ما يتعلق بالرغبة في التأبيد في الحكم، ومنها ما يتماس مع الرغبة في تحقيق (إنجاز) تاريخي، ومنها ما يتسق مع أيديولوجيته اليمينية. إذ يرى اللواء احتياط، يسرائيل زيف القائد السابق لفرقة غزة ولشعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي، أن نتنياهو يتخذ من مسألة المحور ستارا للتغطية على أمرين: الأمر الأول هو تبرير قرار التخلي عن الأسرى، والثاني هو، إنضاج الظروف للبقاء في قطاع غزة، كمنطقة محتلة، والسيطرة عليها، وإعادة بناء المستوطنات اليهودية بها. يشير زيف إلى أن هذه الخطوة تضمن لنتنياهو أمرين مهمين: الأول، شبكة أمان طويلة المدى لحكومته من جانب سموتريتش وبن غفير، على أمل أن يفوز ترامب في انتخابات الرئاسة الأمريكية، ويمكنه من الاستمرار في احتلال غزة وإعادة الاستيطان بها، ما يضمن له تأييد سموتريتش وبن غفير لوقت طويل جدا؛ والثاني، تحقيق حلمه في أن يكون زعيما تاريخيا، أرسى أسس ما يُسمَّى بـ(أرض إسرائيل) في حدود ما يُعرف بـ(الوعد الإلهي)، و(صوَّب) ما سماه سموتريتش (الفشل التاريخي) الخاص بالانسحاب من غزة عام 2005. وحسب اللواء زيف، فإن إعادة بناء مستوطنات جوش قاطيف في غزة، وبدء إنشاء ما يُسمّى (أرض إسرائيل الكاملة/ الكبرى) تمثل بالنسبة لنتنياهو «نوعا من تصويب الزعامة وتقلل، أيضا من حجم مسؤوليته عن كارثة السابع من أكتوبر/تشرين الأول». لا يستطيع نتنياهو مصارحة الرأي العام الإسرائيلي والعالمي، بما في ذلك إدارة بايدن، بهذه الانعطافة السياسية الحادة في الأهداف التي حددها مجلس الحرب (القضاء على “حماس” واستعادة الأسرى)، لذا، يتشبث بتكتيكات مرحلية من قبيل، محور صلاح الدين، وممر نيتساريم، مع التهويل والمبالغة في أهميتهما.
آثارها تتجاوز لبنان
توقع علاء ثابت في “الأهرام”، أن العدوان الإلكتروني الذي شنّته إسرائيل على لبنان سيترك آثارا سلبية عديدة، تتجاوز لبنان والمنطقة، وتنشر الرعب في أنحاء العالم، عندما يتم تحويل بطاريات الليثيوم، أو مكونات مدنية أخرى إلى قنابل موقوتة. لا توجد مدينة أو قرية أو بناية أو شقة في العالم تخلو من بطاريات الليثيوم، فأجهزة الهواتف المحمولة موجودة في كل بيت، وكذلك الكثير من الأجهزة الإلكترونية المنزلية، بالإضافة إلى السيارات الكهربائية، التي تنتشر بسرعة هائلة في كل أنحاء العالم، والتي تعمل ببطاريات ليثيوم كبيرة، وكذلك خلايا الطاقة الشمسية. علينا أن نتخيل تنظيما إرهابيا، ولا أقول دولة، قرر أن يشن عمليات إرهابية كبرى، وعرف السبيل إلى طريقة تفجيرها. هذا التصور يثير رعب البشر في أنحاء العالم، وما حدث في لبنان ما هو إلا نموذج يمكن أن تحتذيه منظمات إرهابية. أتوقع أن تتأثر التجارة الدولية للأجهزة الإلكترونية بمثل هذا العدوان الإسرائيلي، فكل دولة ستخشى استيراد أجهزة إلكترونية يمكن التلاعب بمكوناتها، أو جعلها قنابل أو أدوات تجسس على حكومات أو شعوب أخرى، بعد أن تحولت إلى سلاح دمار بالغ الخطورة والتأثير يصل إلى كل مكان. سيخشى الكثيرون حيازة أجهزة مستوردة من مصدر غير مأمون، ولهذا علينا أن نعمل على توطين صناعة المنتجات الإلكترونية، وأن نصنعها بأيادٍ مصرية، حتى لا نتعرض لاحتمال أن تهاجمنا دولة أو منظمة عبر تفجير هذه الأجهزة.
التوابع خطيرة
الضربات التي وجهتها إسرائيل إلى لبنان لم تصب عناصر من حزب الله فقط، ولا لبنانيين مدنيين آخرين لا شأن لهم بالحرب الدائرة، وإنما استهدفت وفقا لعلاء ثابت الأمن العالمي، واستخدمت أدوات مزدوجة الاستخدام، بل كان يُنظر إليها كأدوات آمنة، وإذا بها تتحول إلى سلاح دمار وقتل واسع النطاق. هل حققت إسرائيل هدفها المعلن الذي قالت إنه سيرغم حزب الله على وقف قصف مستوطنات الجليل في شمال إسرائيل؟ بالتأكيد، لم يتحقق هذا الهدف ولن يتحقق، بل العكس تماما، فالحرب ستتسع، وستكون نتيجة العدوان ردا من الجانب اللبناني، تعقبه ضربات من هنا ومن هناك لتشتعل المنطقة كلها. فالتصعيد لن يجلب إلا المزيد من التصعيد، والمسؤولية تقع على ازدواجية مواقف الولايات المتحدة التي لا تتوقف عن الإعراب عن مخاوفها من التصعيد، واندلاع حرب شاملة ستنجر إليها حتما. وقد رأينا البوارج الأمريكية وحاملات الطائرات تتأهب للدفاع عن إسرائيل بعد كل عدوان، وتصد عنها الصواريخ، وتزيد من رقعة الوجود في المنطقة لإنشاء شبكة دفاع جوى لحماية إسرائيل، وكأنها تشجعها عمليا على المزيد من العدوان. سيدرك العالم خطورة ما سيترتب على هذا النوع الجديد من الاعتداءات، وسيندم الكثيرون على فتح مجال جديد واسع للإرهاب، يصل إلى كل بيت في العالم، ويفجره عن بُعد. إسرائيل، التي تحظى بكل حماية من المحاسبة على جرائمها، تجر العالم إلى المزيد من الدمار والقتل وعدم الاستقرار، وسيدفع العالم كله أثمانا كبيرة لتلك الجرائم الإسرائيلية.
بين وعد وتهديد
كما كان متوقعا توعد حسن نصر الله الإسرائيليين ليس فقط بمجرد رد قوى على ما سماه مذبحة أجهزة الاتصالات في لبنان، وإنما، حسب عبد القادر شهيب في “فيتو”، الأهم باستمرار العمل العسكري حتى يتوقف إطلاق النار في غزة، وأيضا بمعركة قوية إذا ما فكروا في غزو لبنان بريا وإقامة منطقة عازلة في الجنوب.. رغم اعترافه بأن ضربة أجهزة الاتصالات كانت كبيرة وقوية وموجعة، ورغم أنه اعترف ضمنا وبشكل مستتر باحتمال وجود خروقات أمنية داخل حزب الله، حينما أكد أن أمر الرد سيكون محصورا في دائرة ضيقة داخل قيادته. وقد اعتمد نصر الله في توعده للإسرائيليين على تأكيده على أن الضربة التي تعرض لها لم تنل من بنيته أو قوته وقدراته العسكرية، ولم تطل قياداته الذين كانوا يتعاملون بأجهزة قديمة للبيجر، فضلا عن أنها وفرت له أوسع تضامن من الشعب اللبناني. نصر الله قال إنه يتمنى أن ينفذ الإسرائيليون تهديداتهم بالهجوم برا على لبنان، لأن ذلك سيمكن مقاتلي الحزب من النيل بسهولة من الجنود الإسرائيليين الذين يحتاج استهدافهم الآن جهدا للرصد.. وفي هذا الإطار أكد أن الهدف الجديد الذي أضافه نتنياهو للحرب وهو عودة سكان مستوطنات الشمال إلى مساكنهم لن يتحقق ما دامت حرب الإبادةَ مستمرة في قطاع غزة. إذن بات باب الحرب الآن مفتوحا على كل احتمالات توسيع نطاقها وإطارها، خاصة أن الإسرائيليين نقلوا قوات من غزة إلى الجبهة اللبنانية، واخترقت الطائرات الإسرائيلية سماء لبنان خلال إذاعة كلمة نصر الله وقامت بهجمات على الجنوب.. ولا مجال الآن بعد ما شهده لبنان يومي الثلاثاء والأربعاء للحديث عن قواعد الاشتباك سواء قديمة أو جديدة.
لماذا ترامب المقصود؟
لا يصدق عبد المحسن سلامة في “الأهرام” ما حدث في محاولة إطلاق النار الثانية على دونالد ترامب، ويميل أكثر إلى أنها مدبرة بفعل فاعل لجذب الأنظار إلى المرشح الرئاسي دونالد ترامب، أو ربما تكون بدافع شخصي من المتهم ذاته بهدف لفت الأنظار إليه مع كسب مزيد من التعاطف لدونالد ترامب، خاصة أن المتهم من «الشعبويين» المتعاطفين مع كتيبة «آزوف» الأوكرانية. ربما أكون مخطئا في التقدير ومن الممكن أن تكون محاولة جادة لكنها فشلت، لكن هناك مؤشرات عديدة إلى أنها ليست مثل المحاولة الأولى، فالمتهم مدمن مخدرات ومن الشعبويين المؤيدين لكتيبة آزوف الأوكرانية، كما أنه لم يطلق الرصاص من بندقيته، بالإضافة إلى أنه كان يحمل كاميرا فيديو، ووضع بندقيته على السياج ما جعل رجال الخدمة السرية يشاهدونه، وتتم مطاردته وإلقاء القبض عليه. لم تتضح الحقائق بعد، وربما تكشف التحقيقات عن تفاصيل أخرى كثيرة، وربما كذلك يتم اكتشاف حقائق ومعلومات أخرى بمرور الوقت والزمن. في كل الأحوال فإن هذا الحادث يشير إلى انقسام حاد في مزاج الأمريكيين، وأن هناك صفحة مظلمة من العنف السياسي تخيم على المشهد الأمريكي. حادثان في موسم انتخابي واحد، في حين أن الموسم لم ينته بعد، وربما يشهد هذا الموسم أحداثا أخرى مقبلة، ما يعد امتدادا لأحداث العنف السياسي في أمريكا التي طالت العديد من الشخصيات الرئاسية الأمريكية سابقا بدءا من اغتيال الرئيس إبراهام لنكولن في 14 أبريل/نيسان 1865، ومرورا بالرئيس جون كيندي في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 1963، وغيرهما من المحاولات التي كانت آخرها محاولة اغتيال ترامب. العنف ليس بجديد على السياسة الأمريكية، لكن حدة الاستقطابات تصاعدت بعد ظهور ترامب وانتخابه رئيسا، ثم هزيمته أمام بايدن، ثم إعادة ترشحه مرة أخرى ما أشعل ظاهرة العنف السياسي مرة أخرى وإعادتها إلى صدارة المشهد من جديد ليدق جرس إنذار ضخم في أعرق الديمقراطيات الغربية.
ليست الأخيرة
منذ أيام، شهدت مدينة الزقازيق تصادما بين قطار ركاب متجه من الزقازيق إلى الإسماعيلية، بينما كان الآخر في طريقه إلى الزقازيق من المنصورة، ما أدى إلى وفاة أربعة مواطنين وإصابة العشرات. الأمر مؤلم حقا. تخيل مع نادين عبد الله في “المصري اليوم”، أن تسافر لرؤية عائلتك أو لقضاء أمر ما أو للعمل، فلا تعود ولا تراك أسرتك ثانية ويفقدك أحباؤك إلى الأبد، ويظل السؤال قائما: مَن المسؤول عن مثل هذه الحوادث؟ والحقيقة هي أن رواية المسؤولية الفردية التي كثيرا ما يروج لها الإعلام ليست ذات معنى أو جدوى، فالمشكلة لن تحل بإلقاء اللوم على مجهولين، أو على سائقين مخدرين أو مهملين، أو على أحد عمال السكة الحديد إلخ؛ إنما بالسعي إلى معرفة الأسباب الهيكلية التي تؤدي إلى مثل هذه الحوادث. تشهد بالفعل دول العالم المتقدم حوادث للقطارات؛ إلا أنها لا تتكرر كثيرا، كما تعمل منظومة الأمان في هذه الدول على تقليل إمكانية حدوثها بشكل كبير. ضرورة تحديث منظومة السلامة في قطارات السكة الحديد في مصر، هي ضرورة ملحة، ولا يمكن التعامل معها بالتجاهل أو الإنكار.. فالمشكلة هيكلية تتعلق بمنظومة السكة الحديد كمنظومة تحتاج إلى اهتمام وعملية تحديث متكاملة. وهو أمر لا بد من أن يدفعنا إلى التفكير في نقطة أخرى مفصلية؛ تلك التي تتعلق بأولويات التنمية.. ما أولوية تحديث منظومة السكة الحديد التي تخدم أغلب شعب مصر؟ وما أولويات السياسات الاقتصادية الجارية؟ وإلى أي مدى تعتبر مثل هذه الاستراتيجيات مضمونة النتائج؟ نعم.. كلها أسئلة من المهم تأملها والتفكير فيها بطريقة منهجية.. ولنعرف أن طريق المسكنات سهل، ولكنه لا يدوم، أما طريق الحلول الجذرية فصعب، ولكنه يضمن الاستدامة والفاعلية.
قرارات جديدة
عام دراسي جديد ينطلق يوم السبت المقبل وسط تحديات إقليمية خارجية، وقرارات جديدة أصدرها وزيرالتربية والتعليم محمد عبد اللطيف، أصابت وفقا لأحمد الشامي في “الجمهورية” مسؤولي بعض المدارس بالارتباك، على اعتبار أن الوقت لم يكن كافيا لتنفيذها قبل بدء العالم الدراسي، ما جعل البعض يردد المثل الشعبي المصري «الغربال الجديد له شدة»، معتقدا أن هذه القرارات قد يتم إلغاؤها مع مرور الوقت ويعود الوضع إلى ما كان عليه قبل صدورها، وإذا حاولنا قراءة هذه القرارات لمعرفة مضمونها وكيفية تنفيذها ونتائجها، نجد أن البعض يتساءل هل هذه القرارات «غربالية أي انفعالية» لأنها صدرت من الوزير بعد توليه المسؤولية بفترة وجيزة، وفق العواطف فقط وبعيدة عن المنطق نتيجة الضغوط التي تعرض لها، أم إصلاحية تستهدف صالح العملية التعليمية وهناك ضرورة لها؟، أرى أن كل، أو على الأقل غالبية هذه القرارات تستهدف إصلاح التعليم وجاءت في الوقت المناسب من وزير لديه رؤية شخصية تدعمها الخبرة واستراتيجية وطنية ستستمر سنوات تسعى إلى الوصول بالتعليم المصري إلى العالمية. من بين هذه القرارات التي صدرت أخيرا إعلان وزير التربية والتعليم محمد عبداللطيف، خروج اللغة الأجنبية الثانية من المجموع الكلي، في الثانوية العامة، وتخفيض المواد الدارسية في المرحلة الثانوية إلى 5 مواد دراسية، مضافة إلى المجموع، ليصبح المجموع الكلي للثانوية العامة 2025 هو 320 درجة بدلا من 410 درجات، وأرى أن اللغة الأجنبية الثانية مهمة، وكان يتعين استمرار إضافتها إلى المجموع الكلي، ويصبح البديل هو خروج اللغة العربية من المجموع في المرحلة الثانوية، إذ لم تعد أن وأخواتها والنحو والصرف والبلاغة وغيرها من عناصر تدريس اللغة العربية مهمة، في وقت تسود فيه العالم ثلاث لغات هي الإنكليزية التي صارت لغة العالم المتقدم إضافة إلى الفرنسية والألمانية. باتت الصناعات التكنولوجية، كما أوضح أحمد الشامي، عنوانا للدول المتقدمة في العالم، إذ لا تدرس علوم أو رياضيات حديثة باللغة العربية، وشاهدنا كيف أصبحت التكنولوجيا أهم أسلحة المعارك، إذ تمكنت إسرائيل من قتل تسعة أشخاص وإصابة نحو ثلاثة اَلاف شخص في لبنان عن طريق تفجير أجهزة بيجر، وهو جهاز اتصال لاسلكي صغير كان يُستخدم بشكل شائع قبل انتشار الهواتف المحمولة لإرسال واستقبال رسائل نصية قصيرة، أو تنبيهات، في ما وصفه البعض بأنه أحد أنواع الحرب الشاملة، ولذا بات من الضروري الاهتمام بتعليم اللغات خصوصا الإنكليزية في جميع مراحل التعليم من الابتدائي حتى الثانوي، حتى نكون قادرين على تجهيز جيل جديد قادر على مواجهة هذه التحديات، بعد أن أهملت الدولة تعليمها بعد ثورة يوليو/تموز ظنا منها أنها تطمس الهوية، بينما الدول التي اهتمت بها مثل الصين والهند وكوريا ودول شرق اَسيا وبعض الدول الافريقية، التي اهتمت باللغتين الإنكليزية والفرنسية سارت سريعا في طريق التنمية، ولذا فقد تسببت حرب البيجر في مطالبة وزارة التربية والتعليم، بإعادة النظر في قرار خروج اللغة الأجنبية الثانية من المجموع، وإعادتها مقابل خروج اللغة العربية. تعديل الخريطة الزمنية للعام الدراسي الجديد 2024 – 2025 من بين القرارات التي أصدرها الوزير وتتضمن زيادة الفترة الفعلية للتدريس من 23 أسبوعا إلى 31 أسبوعا أثناء العام الدراسي، فضلا عن زيادة المدة للحصة بمقدار 5 دقائق، ووفق وجهة نظر الوزير فإن هذه القرارات سترفع من قدرة التدريس بنسبة 33%، وتسهم في تنفيذ الخطة الدراسية بما فيها من تعليم نشيط، وهو ما يجعلنا ندعمها طالما ستعود بالنفع على العملية التعليمية نتيجة زيادة زمن الحصة وأيام الدراسة طوال العام وهو ما يؤدي حتما إلى زيادة فترة تعليم الطلاب.
حكاية كل يوم
هى حكاية كل يوم في المحروسة، خاصة كما يشير محمد درويش في “الأخبار” في زمام القلب منها قاهرة المعز، أحياء قديمة نطلق عليها الشعبية، فهي ليست عشوائية فعندما تم بناؤها كانت هناك مصلحة التنظيم ونيابة البلدية، الأولى تمنح الترخيص، وفق معايير محدودة وثابتة، والثانية مهمتها مراقبة التزام صاحب العقار باللوائح والقوانين ولنا في مسرحية القضية للمسرحي الكبير لطفي الخولي تجسيد لهذا الدور، ملخصا في عبارة الفنان الكبير أحمد الجزيري «أفتح الشباك ولا أقفل الشباك». اختفت مصلحة التنظيم ومعها نيابة البلدية، ووزعت مهامها المنوطة بها على الأحياء والنيابات العامة، وفي وقت ما كان عدم التزام المالك بقرار الترميم قضية أمن دولة. جرت في النهر مياه كثيرة، تقادمت هذه البيوت في أحياء السيدة وشبرا وروض الفرج وغيرها مما يشابهها، ظهرت اللجان الإيجارية ومقاومة ما كان يسمى بخلو الرجل في الستينيات، وتدخلت الحكومة لتحديد الإيجار، ولم تترك السوق للعرض والطلب، والنتائج تجسدت في تقادم هذه المنازل وعزوف الملاك عن إجراء الترميم اللازم، حيث يلزمه القانون بذلك، أي مطلوب منه أن ينفق على الترميم آلافا مضاعفة من حصيلة الإيجار، الذي لا يتعدى جنيهات معدودة مهما كانت التعديلات المتلاحقة التي يتزايد معها أيضا بحفنة جنيهات لا تسمن ولا تغني من جوع. جانب آخر من المشكلة أن المنزل القديم آلت ملكيته إلى عشرات من الورثة وهؤلاء معظمهم لم يعد يسكن فيه، ولا حتى يبحث عن الملاليم التي يدفعها المستأجرون، خاصة إذا كان البيت دخل التنظيم بمساحته كلها، أو جزء منها وهذا يعني انتظار تعويض الدولة. ناهيك عن اللجوء إلى القضاء للطعن على قرارات الإخلاء الإداري، عندما يفطن مهندسو الحي إلى الخطورة الداهمة للمنزل وأمد التقاضي طويل ليظل السكان غير عابئين بخطورته، ولسان حالهم يقول إلى أين نذهب، ولو كان المنزل فيه عدة دكاكين، فربما يحكم القضاء بإزالة كل الطوابق عدا المحلات وهي ظاهرة تراها عيناك في كثير من الأحياء الشعبية. الخلاصة أن المنازل الآيلة للسقوط، كما هي كرة الخيط عندما تنفك عشوائيا، والشاطر يعيدها إلى سيرتها الأول. نجحت الدولة في التخلص من العشوائيات فهل من مخطط للتخلص من منازل هي قنبلة موقوتة، رغم أنها مرخصة وليس بها ما يدعو إلى المخالفة والتصالح بعدها؟
“القدس العربي” :