الشعب الفلسطينيّ يعتمد على نفسه في تحرير أرضه..

الشعب الفلسطينيّ يعتمد على نفسه في تحرير أرضه..
الأستاذ : علي او عمو.
ما فائدة تعاطُف الشعوب العربيّة مع القضية الفلسطينيّة إذا كانت "السلطات" قد تخلّت عن هذه القضية، التي كانت
يوْماً، تعتبِرُها قضيتَها الأولى؟؟.
لقد عملت مُعظم الدول العربيّة على التطبيع المُعلَن مع الكيان الإسرائيليّ من خلال ما سُمّيَ (اتفاقية أبراهام)، التي
جمعت أمريكا حولها هذه الدول، من أجل التقريب بينها و بين إسرائيل و إزالة ذاك العداء التقليديّ الذي استمرّ لأكثر
من سبعة عقود، و ما تهافُت الدول العربيّة للانخراط في هذه "الاتفاقية" إلّا دليل على رغبتها في ربط علاقات مع
الكيان الغاصب و محْو أثر العداء القديم و طمس القضية الفلسطينيّة إلى الابَد و التخلّي عن المطالبة بإقامة دولة
فلسطينيّة مُستقلّة و ذات سيادة و عاصمتها القدس الشريف..
هدف أمريكا من تجميع الدول العربية على هذه (الاتفاقية) و ربط علاقاتها مع إسرائيل هو تحييد القضية الفلسطينيّة و
إقبارها، بترك الفلسطينيّين لِوحدهم في مواجهة إسرائيل دون تقديم أيّ سَنَد لهم في تحرير أرضهم و إنشاء دولتهم. و
لكنّ المُقاوَمة الفلسطينيّة في ربوع كلّ فلسطين انتبهت إلى هذه المسألة فقامت بالتشمير على ساعد الجدّ و التعويل
على نفسها في العمل على تحرير أرضها و الدفاع عن كرامتها، و ما طوفان الأقصى إلّا ردّة فعل لما قامت به الدول
العربية، عندما فضّلت الارتماء في أحضان أمريكا و إسرائيل و السير مع الكيان في تحقيق أهدافه الرامية إلى تهجير
الفلسطينيّين من أراضيهم و الاستيلاء عليها لإنشاء دولتهم على أنقاض الدولة الفلسطينيّة، (الدولة اليهوديّة) الخالصة
التي كانت الحركة الصهيونيّة تحلم بها منذ إنشائها…
و في هذا الصدد نقول: إنّ عدم تعويل أهالي فلسطين على العرب في إقامة دولتهم دَفَعهم إلى مواجهة الكيان
الصهيوني مُنفردين، و قد كانت البداية مع انطلاق طوفان الأقصى المجيد و مواصلة الدفاع عن وطنهم في الضفّة و
القطاع و في أراضي ال48…
لقد كبّدت المقاومة إسرائيل خسائر فادحة في أرواح جنودها و عتادها الحربي في القطاع، و لم يكُن الكيان يُدرك أنّ
المُقاوَمة قد طوّرت عتادَها الحربيّ و طوّرت أساليب قِتالِها، و لو كانت تعلم بأن المقاومة على هذه الدرجة من
الجاهِزيّة في الحرب ما فكّرت في التّدخُّل البرّيّ على غزة…
و ها هو الكيان يتخبّط في أوْحال غزة و لم يقوَ على الخروج منها و لن يخرجَ منها إلّا مَهزوماً لكوْن المُقاومة عازمة
على خوض حرب استنزاف و مُستعِدّة للاستمرار فيها لمدة طويلة، لأنها تعلم كل العلم أن الجيش الإسرائيلي لن يكونَ
قادراً على حرب الاستنزاف التي يعتمدها رجال المقاومة، رغم تلقّيه لأحدث الأسلحة و العتاد الحربي من الولايات
المتحدة الأمريكيّة، التي وعدت الكيان بالوُقوف معه في هذه الحرب و تحقيق أهدافه، بالاستيلاء على غزة و السيطرة
عليها و القضاء على المُقاومة و تهجير أكبر عدد من أهاليها إلى خارجها…
و على ما يبدو أنّ ظنّ أمريكا و إسرائيل قد خاب و انهارت أحلامُهما في تحقيق الأهداف التي رسمتهما و الخطط التي
وضعتهما. كما خاب ظن الدول العربية التي كانت تعتقد أن تخليها عن القضية الفلسطينيّة سيُضعِف المقاومة التحرُّرية
في فلسطين، و من تمّةَ ستتخلّص من مسألة القضية الفلسطينيّة و من أعبائها التي أرهقت كاهِلَها لِعقود عديدة. فقد
خاضت عدة حروب مع الكيان فباءت بالانهزام فيها، ثمّ لجأت إلى الحلّ السياسي من خلال مُفاوضات عبثية قادتها
مُنظمة التحرير الفلسطينيّة و بمباركة عربية انتهت في الأخير إلى فشلٍ ذريع، رغم التنازُل عن الأراضي التاريخية
لصالح إسرائيل و الاكتفاء بأراضي ال67 التي لا تمثّل إلّا جزءاً ضئيلاً من حقوق الفلسطينيّين، لقد فشلت (اتفاقية
اوسلو) و فشلت معها مساعي الدول العربيّة في حصول الفلسطينيين و لو على فُتاتٍ من الأرض لبناء دولة خُرافية
على مساحة مقطّعة الأوصال عديمة الحرية و السيادة، و كل ذلك سعياً وراء حفظ ماء الوجه و التخلص من القضية
كاتب من المغرب.