سياسي إسرائيلي يدعو لتغيير العقيدة الأمنية في “غلاف غزة” بعدما أسقطها “طوفان الأقصى”

سياسي إسرائيلي يدعو لتغيير العقيدة الأمنية في “غلاف غزة” بعدما أسقطها “طوفان الأقصى”
الناصرة- دعا عضو كنيست سابق (عن حزب كاديما) لتغيير العقيدة الأمنية في مستوطنات المناطق المحاذية للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 كجزء من خلاصات “طوفان الأقصى”.
ويقول النائب الإسرائيلي، أحد قادة الحكم المحلي في منطقة النقب، شاي حرميش، في مقال نشره ملحق صحيفة هآرتس العبرية إنه منذ بداية طريق الحركة الصهيونية في البلد، ارتبط الاستيطان المدني بالمهمات الأمنية، لافتًا إلى أن مهمة الاستيطان في البلد كانت تستوجب الدمج بين المهمتين، وأن أجيالًا من الشباب نشأت على إرث جوزيف ترومبلدور (ناشط صهيوني روسي ساهم في هجرة اليهود إلى فلسطين وبناء مستوطنة تل حاي في الجليل الأعلى التي تحولت في عشرينيات القرن الماضي إلى رمز من الرموز الاستيطانية الصهيونية)، وآمنت هذه الأجيال بأنه “من الجيد أن نموت من أجل وطننا”. كما يقول إن مشروع “السور والبرج” الأمني، الذي أسس ما كان يُعرف بـ”النقاط” على خريطة البلد، وضع الأسس لحدود الدولة القادمة. وينوّه أن الوجود الأمني سبق فرض الوقائع الاستيطانية “المدنية” على الأرض، ومنذ تلك اللحظة، جرى الربط بين الأمرين ربطًا وثيقًا: إن “سرايا الليل” الخاصة، مثل وحدات القوة الضاربة لجيش الهاغاناه “البلماح”، كانت موجودة داخل المستوطنات التعاونية (الكيبوتسات)، ودمجت بين العمل الزراعي وبناء القوة الدفاعية في الطريق نحو تأسيس الجيش.
شاي حرميش: مثلما هي حال المفاهيم الأخرى التي انهارت في صباح 7 أكتوبر، انهارت هذه الرؤية الأمنية أيضاً
ويضيف: “مع إقامة الدولة، قرر دافيد بن غوريون إنشاء سلاح الناحال – الشباب المقاتل الطليعي، وكانت مهمته إقامة بؤر ناحال على طول حدود البلد، انطلاقًا من الفكرة القائلة إن خط الحدود يُرسم بواسطة خط الحراثة الأخير. ولاحقًا، أُقيمت وحدات الدفاع الإقليمي، وهي جزء من رؤية أمنية تفترض أن الطريقة الأنسب لحماية الحدود هي من خلال خدمة الاحتياط من طرف سكان المناطق الحدودية في مناطق سكنهم. فجندي الاحتياط يدمج بين حماية بيته وعائلته وبين معرفة معمّقة بالمنطقة”.
ويشير إلى أنه قد انتشرت، في الأعوام الأخيرة، وحدات الدفاع الإقليمي، وبشكل خاص في المستوطنات، ولا سيما في البؤر الاستيطانية غير القانونية، وتحظى بتمويل وتسليح استثنائي. ويتابع: “بمرور الوقت، تغيرت الرؤية الأمنية، وتم استبدال وحدات الدفاع الإقليمي بـ “صفوف التأهب”، وهي كتيبة من 12 شخصًا تقريبًا في كل بلدة حدودية، مزودين بأسلحة خفيفة، ومكلفين بالتصدي لأي تهديد لفترة قصيرة، بانتظار وصول قوات الأمن المدرّبة والمجهزة. وكان الافتراض أن التهديد، إن وُجد، سيكون حادثًا محدودًا، وأن “صفوف التأهب” ستنجح في صده، وحتى إحباطه وحدها”.
ويقول إنه مثلما هي حال المفاهيم الأخرى التي انهارت في صباح 7 أكتوبر، انهارت هذه الرؤية الأمنية أيضًا، لكن هذا لا يقلل من شجاعة مقاتلي “صفوف التأهب”، الذين نجحوا في صدّ الهجوم فعلاً في بعض البلدات؛ هؤلاء المقاتلون، بأسلحتهم المحدودة، خاضوا معارك بطولية ضد عدد كبير من المهاجمين الذين اقتحموا البلدات، مجهزين بأفضل العتاد والمعلومات الاستخباراتية والقدرات العملياتية التي تدربوا عليها أعوامًا.
طبقًا لحرميش، فإن صنّاع القرار لم يفهموا، في المقابل، أن خريطة التهديدات تغيّرت، فبلدات “غلاف غزة”، التي عاشت عشرين عامًا من “حرب الاستنزاف”، و”جولات القتال”، و”الحملات”، حتى إنها شهدت إخلاءً للسكان، اكتشفت في “7 أكتوبر” أنها تواجه وحدات عسكرية مدرّبة ومجهزة، مثل أي جيش نظامي.
على خلفية كل ذلك، يسأل حرميش السؤال المطروح الآن: ماذا بعد؟ وعن ذلك يقول: “مؤخرًا، تم إعلان الرؤية الأمنية الجديدة، واسمها “المستوطنة كالقلعة” (هذا هو الاسم الرسمي نعم)، ووفقًا لهذه الرؤية، سيتم تزويد السكان بأسلحة متقدمة، وسترات واقية ذات جودة، ووسائل اتصال، وتعزيز التدريبات لتحسين قدراتهم العملياتية. وسيواصلون حمل السلاح طوال أيام السنة، وسيُعتبرون قوى طوارئ دائمة. أما أمن أفراد عائلاتهم، الذين سيبقون في المنازل أثناء وقوع أحداث، فسيؤمّن من خلال ملاجئ متقدمة مزودة بأبواب مدرعة وأنظمة حماية إضافية. وبكلمات أخرى: صفوف تأهب من نوع جديد”.
حرميش: نحن لم نعُد في بدايات الصهيونية. إن إسرائيل اليوم دولة قوية ومتماسكة، وقادرة، ويجب عليها حماية مواطنيها، لا الطلب منهم حماية أنفسهم والتنصل من واجباتها الأساسية
وينتقد حرميش الخطة الجديدة، معللًا ذلك بالقول: “بصفتي شخصًا عاش في مستوطنات الغلاف مدة 60 عامًا، أقول إنه يجب فصل العلاقة التاريخية بين الاستيطان والمسؤولية الأمنية. تقع على سكان المناطق الحدودية مهمة وطنية مركزية: جعل الأطراف مناطق جذابة. نحن نفعل ذلك من خلال تطوير الزراعة المتقدمة، وإدخال الصناعات الحديثة، وإنشاء مؤسسات للثقافة والبحث والتعليم العالي. يجب أن تجذب المنطقة الشباب لبناء بيوتهم فيها، وإنعاش مناطق حدود البلد”.
وضمن تحفّظه من تحميل السكان مسؤولية الدفاع عن أنفسهم وفق الخطة الجديدة، يتساءل: من يرغب في تربية عائلة في قلعة؟
ويخلص حرميش إلى القول إنه يجب أن تُلقى المهمات الأمنية على من هو مؤهل ومكلّف: “جيش الدفاع الإسرائيلي”. الجنود في الخط الأول، والمواطنون خلفهم – بعكس ما كانت عليه الحال قبل “7 أكتوبر”. سيؤدي سكان “الأطراف” جميع واجباتهم، بما في ذلك، بطبيعة الحال، خدمة الاحتياط المهمة، لكن يجب إعفاؤهم من البقاء في حالة تأهب وحمل السلاح في منازلهم طوال أيام السنة. كما يعلل رؤيته هذه بالقول أيضًا: “نحن لم نعُد في بدايات الصهيونية. إن إسرائيل اليوم دولة قوية ومتماسكة، وقادرة، ويجب عليها حماية مواطنيها، لا الطلب منهم حماية أنفسهم والتنصل من واجباتها الأساسية”.
“القدس العربي”: