تحقيقات وتقارير

بوادر تصعيد إقليمي كبير مع انهمار عشرات الصواريخ على الجليل… وتل أبيب تحمّل حكومة لبنان المسؤولية

بوادر تصعيد إقليمي كبير مع انهمار عشرات الصواريخ على الجليل… وتل أبيب تحمّل حكومة لبنان المسؤولية

وديع عواودة وسعد الياس

عواصم –  ووكالات: شهدت الحدود اللبنانية الجنوبية تطورات دراماتيكية بعد ظهر الخميس، تمثّلت بإطلاق عشرات الصواريخ في اتجاه شمال فلسطين المحتلة، كرد على انتهاك القوات الإسرائيلية السافر للمسجد الأقصى والاعتداء على المصلّين.
وقُدّرت الصواريخ بحوالى 30، ما أدى إلى إطلاق صفارات الإنذار في المستوطنات الإسرائيلية التي سقط فيها بعض الصواريخ، ما أدى إلى إصابة ثلاثة مستوطنين وإلى اندلاع حريق في إحدى المحطات.
وجاء إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان بعد مرور 24 ساعة على إعلان وصول رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية إلى بيروت لعقد اجتماعات مع مسؤولي الحركة والجهاد الإسلامي “بهدف تنسيق المواقف لتعزيز المقاومة في مواجهة العدو الإسرائيلي”.
تفاوتت ردود الفعل في إسرائيل تعقيبا على إطلاق 34 صاروخا من لبنان نحو مستوطنات الجليل وثلاثة قذائف في دفعة ثانية مساء نحو مستوطنة “ميطولا” بين من يدعو لردّ حاسم وغير متناسب يؤكد أن إسرائيل قوية جدا وأن أعداءها أخطأوا في قراءتهم للانقسامات الداخلية فيها وبين من يدعو لردّ فعل متناسب ومحدود على هذا الحدث الأمني الأخطر منذ حرب لبنان الثانية عام 2006. وتقف إسرائيل أمام معضلة استثنائية فمن جهة ستبدو ضعيفة إن جاء ردها محدودا ومن جهة أخرى تريد استعادة قوة ردعها ولكنها تخشى التورط بحرب لا تريدها ولذا فهي تبحث عن رد يستطيع “حزب الله” امتصاصه، كما قالت القناة العبرية الرسمية التي أشارت لحراك دولي خلف الكواليس لمنع التصعيد. وفيما لم تحدد رسميا بعد هوية الجهة المتهمة إسرائيليا بإطلاق الصواريخ قال مكتب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إنه يتابع عن كثب تطور الأحداث الأمنية في الشمال، وإنه يقوم بمشاورات واتصالات هاتفية مع جهات عسكرية قبيل انعقاد المجلس الأمني السياسي المصغر لاحقا.
وقال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي الجنرال داني هاغري إن إسرائيل تعاين إمكانية تدخل إيران في عملية إطلاق كمية كبيرة من الصواريخ تستوجب تحضيرا مسبقا كبيرا، مشيرا لوجود مواجهات في القدس وإطلاق صواريخ من غزة في خلفية الحدث، مما يخلق ديناميكية سلبية. كما قال هاغري إنه في نهاية مشاورات بين قيادة المؤسسة الأمنية هناك تقديرات بأن إطلاق الصواريخ تم من قبل جهات تنتمي لحماس.
وفي تلميح لمسؤولية الدولة اللبنانية ولدور حزب الله قال أيضا إن القيادة العسكرية تفحص أيضا من كان على علم ومن ساعد في تنفيذ هذه الهجمة الصاروخية. وفيما التزم معظم القادة الإسرائيليين الصمت قال وزير الخارجية الإسرائيلي ايلي كوهين في تغريدة إنه على إسرائيل الرّد بقوة كي توصل رسالة لأعدائها بأنهم توهموا ضعفها، وأنها ما زالت قوية جدا. كما دعا رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست داني دانون لرّد غير متناسب على الصواريخ من لبنان، رافضا انتقادات إعلامية إسرائيلية بأن اقتحام الأقصى كان عملا مستفزا زائدا. من جهتها اعتبرت كرميلا منيشيه المحللة العسكرية للإذاعة العبرية العامة أن الصواريخ تأتي نتيجة حدث استثنائي وثمرة تقارب “حزب الله” وحماس وهي مؤشر على التقاء عدة جبهات وجهات وبتنسيق إيراني وسط محاولة استغلال الأحداث في الحرم القدسي الشريف واستغلال الانقسامات الإسرائيلية الداخلية التي يعتبرها أعداء إسرائيل دليلا على ضعفها وتبرر تجرؤهم الواضح في هذه الهجمة الصاروخية الخطيرة.
وبعد الرشقات الصاروخية من الساحل الجنوبي اللبناني نحو مستوطنات في الجليل أعلن عن انعقاد المجلس الوزاري الأمني السياسي المصغر في إسرائيل هذا المساء، وسط حالة توتر متصاعد وتساؤلات هل تكتفي إسرائيل بقصفات مدفعية، وهل هي بداية تدهور أمني خطير سيقود إلى حرب؟
وفيما تدعو أوساط إسرائيلية لردّ عنيف دعا عدد من الجنرالات في الاحتياط إضافة لبعض نواب المعارضة للتريّث من أجل استيضاح الصورة واختيار الرد المناسب الذي يكفل تعلم “المعتدين” وسواهم درسا مهما ويعيد لإسرائيل قوة ردعها لكن دون الانجرار لحرب لبنان الثالثة دون أن تخطط لها، كما قال رئيس الاستخبارات العسكرية السابق الجنرال في الاحتياط عاموس يادلين للقناة العبرية الثانية.
أما الجنرال في الاحتياط عاموس غلعاد رئيس القسم الأمني – السياسي في وزارة الأمن سابقا فقد ربط بين هذا التصعيد في الشمال وبين ما سماه “تردي قوة ردع إسرائيل نتيجة الانقسامات الداخلية”.
وردا على سؤال قال إنه ليس مهما من أطلق الصواريخ لأن حزب الله هو المسؤول. وتابع” الآن ينبغي أولا وقف النزيف الذي يضرب قوة ردعنا وهو خطر استراتيجي”. وخلص غلعاد للقول إن إسرائيل اليوم مثلها مثل شخص جريح وينزف بسبب الانقسام الداخلي وعلينا أولا وقبل كل شيء وقف النزيف وتعزيز العلاقات مع الولايات المتحدة ومنع تراجع التحالف معها، كذلك على نتنياهو وقف اللعب مع وزير الأمن يوآف غالانت وتثبيته كوزير أمن بوظيفة كاملة ومن دون علامات سؤال حوله.
وفتحت “اليونيفيل” والجيش اللبناني تحقيقاً لمعرفة الجهة المسؤولة عن هذه الصواريخ، وعثر الجيش على منصتي صواريخ يُرجّح استخدامهما لإطلاق الصواريخ. وأعلنت القناة الإسرائيلية نقلاً عن مصادر أمنية “لن ندخل في حرب مع لبنان، ولكن سيكون هناك رد”، فيما لفتت “اليونيفيل” إلى “أن الوضع في الجنوب خطير ونحثّ الاطراف على ضبط النفس وتجنب التصعيد”.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، في بيان، إن “الحكومة اللبنانية تتحمل المسؤولية عندما أطلقت من داخل أراضيها قذائف صاروخية نحو إسرائيل، إطلاق تلك القذائف يعتبر حدثًا خطيرًا”.
وندّدت وزارة الخارجية الأمريكية الخميس بإطلاق صواريخ من لبنان وقطاع غزة على إسرائيل مع تصاعد التوتر في الشرق الأوسط، وكرّرت دعمها “الراسخ” للدولة العبرية.
وصرّح المتحدث باسم الخارجية فيدانت باتيل للصحافيين “نقرّ بحقّ إسرائيل المشروع في الدفاع عن نفسها ضدّ أيّ شكل من أشكال العدوان”. كما ندّدت فرنسا بـ “إطلاق صواريخ في شكل عشوائي استهدفت الأراضي الإسرائيلية انطلاقاً من غزة وجنوب لبنان”. وقال مساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فرنسوا ديلما “في هذه الفترة من الأعياد الدينية، تدعو فرنسا جميع الأطراف الى أقصى قدر من ضبط النفس وتجنّب أيّ عمل من شأنه تأجيج تصاعد العنف”.
بدورها، ذكرت صحيفة “هآرتس” (خاصة) أن التقديرات تشير الى أن إطلاق الصواريخ جاء رداً على أحداث المسجد الأقصى والمداهمات الليلية التي نفذتها الشرطة للمسجد. وقالت هيئة البث الإسرائيلية (رسمية) إن “معظم الصواريخ التي أطلقت من لبنان من طرازي كاتيوشا وغراد”، بينما قالت محطات التلفزة الإسرائيلية إن صافرات الإنذار لم تتوقف في المدن والبلدات الإسرائيلية الشمالية مع استمرار رشقات الصواريخ.
وردّاً على سؤال لوكالة فرانس برس، قال متحدّث عسكري إسرائيلي إنّ الجيش “لم يردّ حتّى الآن” على مصادر النيران. لكنّ وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية قالت إنّ “مدفعية الاحتلال الإسرائيلي قصفت بعدد من القذائف الثقيلة (…) أطراف بلدتي القليلة والمعلية في قضاء صور” في جنوب لبنان.
وأعقب إطلاق الصواريخ التي تمّ اعتراض بعضها إغلاق المعابر من حيفا حتى الحدود مع لبنان، وطُلب من سكان المناطق الحدودية الدخول إلى الملاجئ وإخلاء شواطئ نهاريا.
وحسب منظمة الإسعاف الإسرائيلية “نجمة داوود الحمراء”، فقد أصيب بالقصف شاب يبلغ 19 عاماً بشظيّة، وإصابته ليست خطرة، بينما أصيبت امرأة في الستينات بجروح طفيفة أثناء فرارها بحثاً عن ملاذ آمن. كما أصيبت امرأة بحالة هلع نتيجة القصف، وفق المصدر نفسه.
وقالت المنظمة الطبية إنّها رفعت حالة التأهب في صفوفها واستدعت مسعفين من جميع أنحاء الدولة العبرية.
وأعلن الجيش اللبناني، الخميس، أنه يقوم بتسيير دوريات مشتركة جنوب البلاد مع قوات “يونيفيل” الأممية، وذلك عقب إطلاق عشرات الصواريخ باتجاه إسرائيل. وفي السياق، اجتمع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي بوزير الخارجية عبد الله بوحبيب، حسب بيان صادر عن وزارة الخارجية. وذكر البيان أن لبنان يؤكد “كامل احترامه والتزامه بقرار مجلس الأمن الدولي1701 وحرصه على الهدوء والاستقرار جنوب البلاد”.

«القدس العربي»

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب