مقالات
من الانتفاضة إلى الثورة القطرالعراقي أنموذجا بقلم أ.د-عزالدين حسن الدياب- اكاديمي وباحث -سوريا –
بقلم أ.د-عزالدين حسن الدياب- اكاديمي وباحث -سوريا -
من الانتفاضة إلى الثورة القطرالعراقي أنموذجا
بقلم أ.د-عزالدين حسن الدياب- اكاديمي وباحث -سوريا –
في أعقاب ماسمي “الربيع العربي”تيمماً بربيع براغ،تبارت الأقلام في الوطن العربي،لوصف وتحليل ماجرى من حراك مجتمعي،في أكثر من بلد عربي،ومن ثم وصفه وتسميته،وإطلاق الاسم الذي يستحقه الحراك الشعبي،ظنا من هذه الاقلام، إن مايطلقونه من أسماء،يستوعب الحراك بوصفه ظاهرة بنائية-نسبة للبناء الاجتماعي- تمهيدا لتحليله،ومن ثم تفسيره،والقول المنهجي الذي يُمَكّن هؤلاء، من الوصول إلى النتائج الصحيحة،اعتقاداً منهم أن أسئلتهم كانت صحيحة وسليمة.
وتوزعت الأقلام وانقسمت،غالبا، إلى فريقين:
الأول:يقول بأنَّ ماجرى،على سبيل المثال في تونس ثورة،وهكذا في بقية الأقطار العربية.
الثاني:يقول إنَّ الذي جرى انتفاضة بكل ماتعني الانتفاضة،بوصفها ظاهرة بنائيةتصنعها الجماهير، من خلال معطيات ومؤشرات ومشاهد”سيناريوهات”تقول وتعكس بأن التغيرات التي جرت في تونس،على سبيل المثال،لاترتقي إلى مصاف الثورة.ويأتي هذا الفريق بفرض يقول لو توفى الله “زين العابدين”لكانت السلطة تلقائيا تنتقل إلى الحزب الدستوري،لحضوره الطويل زمنيا في السلطة،وقوة انتشاره شعبيا،ولأنَّ الجيش التونسي في هذه المرحلة من تاريخ تونس،وعلى أنقاض حكم. زين العابدين،ليس مؤهلا سياسيا للانقضاض على السلطة االسياسية.وما عرف عن هذا الجيش،أن له ضوابط عسكرية،ووطنية تجعله لايقد على انقلاب عسكري.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو :هل ماجرى في تونس انتفاضة،أم ثورة،ومابينهما من مسافة في صنع وقيادة التغيرات الاجتماعية،وانعكاسها على القوى التي ساهمت في التغيير،وأين برنامجها ودليل عملها وحزبها؟ داعك عن الترددات العكسية،التي حدثت في المجتمع التونسي،والتي طالت لقمة العيش لكثرة من القوى التي ساهمت وصنعت التغيير،وأخذت تلتهم الطبقة الوسطى.
لماذا بقيت التغيرات في تونس بحدود الانتفاضة،وليس الثورة؟لأن هذه الأخيرة لم تحدث محكومة إلى عواملها،وظل الحراك الشعبي بمستوى الانتفاضة، بحكم قواه الاجماعية،وأيضا قانون المراحل،ومستويات تطورها الاجتماعي والثقافي،ودرجة الوعي الشعبي،وهذا الأخير وإن يحسب على العوامل الذاتيةمن قبل بعض المناهج،إلا أنه في بعض الأحيان،يفوق العوامل الموضوعية،ويتغلب عليها ويقودها.
تزعم المعطيات السابقة، بأن ما أتت به من أفكار ومعطيات بنائية في المثال الذي قدمته يؤهلها للقول في الذي يجري في العراق،مابين الانتفاضة والثورة!
في أعقاب الغدر والجريمة التي ارتكبتها العدوانية الغربية،بأوامر صهيونية تجاه القطر العراقي،صار على رأس السلطة السياسية فئات اجتماعية،لو اقتربت منها محللاً لبنيتها ومعالمها، ستجد نفسك وجها لوجه أمام بنية اجتماعية رعاعية،نسبة لمفهوم الرعاع،وهي فئات من خليط من الأتباع والمنتمين،لقوى خارجية، تقودهم بفعل قابليتهم الثقافية والفكرية والأخلاقية للخارج،وتحديدا الإقليمي والدولي.وضعف شعورهم وإحساسهم الوطني،وانئسارهم لعصبيات أهلية، أقل من وطنية،والمعروف تاريخيا عن الرعاع،بأنهم يتحلون بمستوى عال من النهم للمال،والانتقام المنقاد بولاءات مذهبية،وجهوية وعشائرية ثأرية،وسيطرة عقلية الفساد على سلوكهم الاجتماعي،لأنها،كما اسلفنا،معدومة الوازع الوطني،والولاء للتاريخ بانتصاراته وإيجابياته.والوفاء للسلم الاجتماعي.
إذا؛في سياق هذا النوع من السلطة السياسية المحكومة إلى عقلية ونفسية وأخلاقية الرعاع،وجد الشباب العراقي أنه أمام فراغ سياسي وطني،وفساد اجتماعي وخلقي ومالي،لم يعرفه العراق خلال تاريخه،وأمام وازع الولاء للخارج،وتبعيةعشائرية،وجهوية ،تنزع العراق من هويته العربية، وكان لابد من أن ينتفض، ويقرر التغيير،وحتى هذه اللحظة لم تصل الانتفاضة الشبابية،إلى امتلاك محددات الثورة، وشروطهاالبنائية،والثقافية،والوعي المجتمعي الذي يعكس في داخله مشهد الثورة،بما ملكت من مؤشرات في مقدمتها، البرنامج ودليل العمل،ووحدة القيادة الواعية،الممثلة بمعالم وطنية تعلن برنامجها بخطوطه العريضة.*
*آن الأوان على التيار القومي العربي،في أعقاب ماجرى من حراك،وانتفاضات شعبية،وردات فعل جماهيرية،والنتائج والمعطيات التي انتهت إليها،وسوء التقديرات لِمَ،ستسفر عنه
سياسيا،واحتماعياً،واقتصادياً،نقول آن الأوان أن يستعيد هذه الأحداث ،ونهاياتها المفجعة،ويعيد قراءتها بعين قومية عربية،ترى حالة الأمة العربية،بما هي عليه الآن،من اختراقات لبنية فصائل التيار القومي،متعددة الخلفيات والمضامين،والنزعات العقائدية،والسياسية،والمناطقية،والقطرية،والعشائرية،وحالة
الانقسام والتفكك،وصراع الأجيال،ومافي حكمه،وهيمنة الزعامات المختارية،نسبة للمختار وروابطه الشللية الزعامية،وعقلية الصالونات،وذهنيتها المكاتيبية،وأن تأخذ بالحسبان،الحالة العربية الراهنة،على ضوء التحدي الخارجي،ممثلاً بمخططات الصهيونية العالمية،على ضوء الصراع الحضاري الوجودي،بين الدور العربي الوحدوي ورسالته،وبين دور الصهيونية،وما يقوم به كيانها من حروب،همجية نازية،تمهد لقيام إسرائيل الكبرى،وعلى هذا التيار مهمة قومية لا تقبل التأجيل،وهي مواجهة ظاهرة التطبيع مع الكيان الصهيوني،المنقادة بالإبراهيمية الصهيونية،وثقافتها التي بدأت تخترق البنيان الاجتماعي العربي،في أكثر من جهة،مثل الأندية ومراكز البحث،والندوات،والأمازيغية..إلخ
ونحن على هذه الحالة العربية،حالةً الأمةً،هل يفوّت الآوان تيارنا القومي العربي؟
د-عزالدين حسن الدياب