مقالات

اقوال وحكم الفارابي بقلم علي رهيف الربيعي

بقلم علي رهيف الربيعي

اقوال وحكم الفارابي
بقلم علي رهيف الربيعي
أبو نصر الفارابي ( ٢٥٩ هج- ٣٣٩ م) من المتأخرين الذين أثر الرافد اليوناني في كتاباتهم، وبخاصة في تغير مفهوم الحكمة ومدلولها في القرن الرابع الهجري. فقد أخذ الفارابي على عاتقه مهمة تعريب منطق أرسطو ووضعه في ألفاظ تلائم الثقافة العربية. فيقول في مقدمة كتابه ” القياس الصغير” : ” قصدنا من ذلك في كتابنا هذا أن نبين كيف القياس وكيف الاستدلال.. ونجعل القوانين التي نثبتها هنا بأعيانها الأشياء التي أفادناها أرسطاليس في صناعة المنطق ونتحرى أن تكون العبارة عنها في أكثر ذلك بألفاظ مشهورة عند أهل اللسان العربي…”
والجديد الذي أدخله الفارابي على مدلول الحكمة هو الربط بينه وبين الفلسفة حتى يختلط المفهومان عنده أختلاطا واضحا، فيقول عند كلامه عن تصنيف العلوم:
( فقد حصل أن مقصود الصنائع كلها أما جميل وإما نافع، فإذن الصنائع صنفان : صنف مقصوده تحصيل الجميل، وصنف مقصوده تحصيل النافع. والصناعة التي مقصودها تحصيل الجميل فقط هي تسمى الفلسفة وتسمى الحكمة عاى الاطلاق..) ( التنبيه على السعادة ص ٢ )
ومادامت الحكمة هي الفلسفة ، فينبغي لمن أراد الشروع في تعلم الحكمة عند الفارابي ان يتحلى بمكارم الاخلاق، وهذا ما نلاحظه في نصائح وارشادات ابي نصر الفارابي حين يقول :
( وقال الحكيم ابو نصر الفارابي: ينبغي لمن أراد الشرع في علم الحكمة ان يكون شابا صحيح المزاج، متأدبا بآداب الاخيار قد تعلم القرآن واللغة وعلم الشرع أولا، ويكون صينا عفيفا. متحرجا صدوقا، معرضا عن الفسق، والفجور والغدر والخيانة. والمكر والحيلة، ويكون فارغ البال عن مصالح معاشه، ويكون مقبلا على أداء الوظائف الشرعية، غير مخل بركن من أركان الشريعة بل غير مخل بأدب من آداب السنة، ويكون معظما للعلم والعلماء، ولم يكن عنده لشيئ قدر إلا للعلم وأهله ، ولا يتخذ علمه من جملة الحرف والمكاسب، وآلة لكسب الأموال، ومن كان بخلاف ذلك فهو حكيم زور ونبهرج، فكما ان الزور لا يعد من الكلام الرصين، ولا النبهرج من النقود، فكذلك من كانت أخلاقه خلاف من ذكرنا لا يعد من جملة الحكماء، وقال من لا يهذب علمه أخلاقه في الدنيا لا تسعد نفسه في الآخرة. وقال: تمام السعادة بمكارم الاخلاق كما أن تمام الشجرة بالثمرة. وقال: من رفع نفسه فوق قدرها، صارت نفسه محجوبة عن نيل كمالها) ( ظهير الدين البيقي: تاريخ حكماء الاسلام).
وشاع هذا المدلول الذي عمقه وأصله الفارابي الذي يربط بين الفلسفة، والحكمة برباط وثيق حتى ان العرب كانوا يترجمون كلمة فلسفة اليونانية في نصوصهم الاولى التي نقلت الى اللغة العربية بكلمة الحكمة : ( فكان المشائون على اختلاف درجاتهم يؤثرون كلمة فلسفة، أما أولئك الذين يقولون بالفلسفة التي توفق بين المدارس المختلفة فيفضلون أستعمال لفظ حكمة وألى هؤلاء ينسب الاشراف) ( دائرة المعارف الاسلامية مادة ٨ ص ١٥)
 .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب