مقالات

إيهاب بسيسو.. حديث عن تاريخ غزة ووقائع مَحوها كتب يوسف الشايب

كتب يوسف الشايب

إيهاب بسيسو.. حديث عن تاريخ غزة ووقائع مَحوها

كتب يوسف الشايب:

“لطالما كان لغزة حضورها الإنساني والثقافي والحضاري والتجاري والإنساني، ولطالما تعرضّت لحروب إبادة، ومن أبرزها ما حدث قبل الميلاد، عندما كان الإسكندر المقدوني، وهو في طريقه إلى غزو الشرق، بحيث ارتكب إبادة كبيرة بحق أهالي مدينة غزة، نتيجة لمقاومة غزة المنيعة لجيشه، خاصة أن هذه المدينة، تشكل نقطة محورية في رسم العلاقات السياسية والجغرافية في هذه المنطقة”.
بهذه العبارات بدأ الشاعر ووزير الثقافة الفلسطيني الأسبق إيهاب بسيسو، ندوته، التي حملت عنوان “تأثير غزة.. دور الصورة والذاكرة في إنشاء خطاب المستقبل”، وأدارها الروائي والمسرحي الأردني هزّاع البراري، وانتظمت ضمن فعاليات معرض عمّان الدولي للكتاب بدورته الثالثة والعشرين للعام 2024، مساء أول من أمس.
ولفت بسيسو إلى أنه كانت لغزّة عبر العصور مكانتها المرموقة، على أكثر من صعيد، وأنه “في العام 2500 قبل الميلاد، ضمت غزة مدرسة من أبرز مدارس البلاغة في الشرق، كانت تُسمى مدرسة غزة للبلاغة”، علاوة على حملها اسم “أثينا الشرق”، باعتبارها تحاكي أثينا المركز الغربي للعلوم والفنون واللغويات والفلسفة.
وعلاوة على كون مينائها كان يشكل أحد أبرز الموانئ البحرية على مستوى العالم، وهو الميناء الذي تم تدميره في حرب الإبادة المتواصلة، فإن تاريخها يناهز الستة آلاف عام، ولها ارتباط وثيق بالموروث المسيحي، فالتكوين المسيحي لغزة أساسي فيها، وهو ما يفند مقولة الاحتلال، إنّ لا حضور مسيحياً فيها، فكنيسة بروفيريوس التي تم قصفها من قوات الاحتلال في الأيام الأولى لحرب الإبادة، وذهب ضحيته العشرات من الفلسطينيين، مسيحيّين ومسلمين، هي من أقدم الكنائس حول العالم، في حين أن القديس هيلاريون، وهو غزي الميلاد والنشأة، كان أول من بنى الأديرة في فلسطين، سابقاً بذلك، وفق بسيسو، “مار سابا” في صحراء القدس، مع الإشارة إلى أن دير القديس هيلاريون، سجلته “اليونسكو” على قائمتها للتراث العالمي المهدد بالخطر، وأنشئ في العام 329 للميلاد.
وتحدث بسيسو أن سبب تسمية “غزة هاشم” بهذه التسمية، لافتاً إلى أنها جاءت من كونها كانت محطة إقامة أساسية لهاشم بن عبد مناف، مدشن الرحلات التجارية من الجزيرة العربية، وتحديداً مكة إلى بلاد الشام، وهو جدّ النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ما يعكس أهمية غزة كحاضرة اقتصادية وثقافية، ما قبل 1500 سنة وربما يزيد، مؤكداً أن هاشم بن عبد مناف دُفن في غزة حين توفي في إحدى رحلاته، وتحول مدفنه إلى مسجد حمل اسمه مع مرور الوقت، وتعرض أيضاً للهدم والتدمير في حرب الإبادة، علاوة على كونها مسقط رأس الإمام الشافعي.
وفي وجبة معرفية، وتحليلية، قدمت إضاءات على الماضي والحاضر، وتصوّرات المستقبل، ودور الصورة المهم في توثيق مجازر حرب الإبادة، لفت بسيسو، إلى الدور الإيجابي الناجم عن عقلية “الإباديّ” لدى جنود الاحتلال، الساعين إلى توثيق جرائمهم في القطاع، وهو ما ارتد عليهم على المستوى الدولي، لافتاً إلى أن مخططات التهجير كلها تحطمت على صخرة رفض الغزيّين لها، ومنها تلك التي كانت في منتصف خمسينيات القرن الماضي، وكان للشاعر معين بسيسو دور بارز في إحباطها.
ولفت بسيسو، الذي لم تتسع مدّة الندوة ليتحدث تفصيلياً عن دور غزة الريادي في الأدب، والمسرح، والسينما، وكافة أشكال الفنون، إلى أن كل حجر تعرض للقصف في حرب الإبادة المتواصلة في غزة، باستثناء المقبرة الإنكليزية التي تضم رفات مقاتلي الجيش البريطاني في غزة بالحرب العالمية الأولى، وحافظ الغزّيون على بقائها، في حين قامت جرافات الاحتلال بتجريف مقابر الفلسطينيين بمسلميهم ومسيحييهم، ومنها المقبرة التي تضمّ رفات والدي ووالدتي، ولا أعرف أين رفاتهما الآن.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب