ثقافة وفنون

الباراتوبيا… وتحليل خطاب العنف في روايات مليكة مقدّم وياسمينة خضرا

الباراتوبيا… وتحليل خطاب العنف في روايات مليكة مقدّم وياسمينة خضرا

البشير ضيف الله

في كتابه «مقاربة جديدة في تحليل الخطاب الأدبي.. النشأة والتعريف والتطبيق» الصادر باللغة الفرنسية عن دار فكرة كوم للنشر في الجزائر، يحاول فريد عريشة أستاذ تحليل الخطاب الأدبي في جامعة يحيى فارس/الجزائر – استكشاف السبل الجديدة لتحليل وتفسير الخطابات الأدبية التي يقدمها لنا المفهوم الجديد، الذي طوره دومينيك ماينغينو والمسمى «باراتوبيا»، والذي ينتمي إلى هذا التخصص الجديد «تحليل الخطاب» وبشكل خاص إلى «تحليل الخطاب الأدبي».
الجدير بالذكر أن هذه الخطابات تتمتع بالاشتراك في عدد معين من الخصائص، كظروف ظهورها وعملها وانتشارها بصرف النّظر عن كونها أدبية، أو دينية أو علمية أو فلسفية، فهي تضفي الشرعية على المكانة التي تحققها، من خلال علاقتها بالآخر مصدر الشرعية، سواء أتى من الأمر الإلهي للخطاب الديني، أو من موهبة الخطاب الأدبي، أو من العلم للخطاب العلمي، أو من الإلهام في ما يتعلق بالخطاب الفلسفي.
يقول الكاتب في مقدمته، إنّ الخطابات الأدبية كسلطة ومحمول تتجاهل أنواع الخطاب الأخرى – كما يوضح ماينغينو- وتعطي معنى لأفعال المجتمع، وهي في الواقع الضامنة لأنواع متعددة من الخطاب. وبالتالي فإن الصحافي الذي يتصارع مع نقاش اجتماعي سوف يلجأ إلى سلطة العالم، أو اللاهوتي، أو الكاتب، أو الفيلسوف، ولكن ليس العكس.. ومع ذلك، من المهم الإشارة إلى أن تحليل الخطاب في رغبته الواضحة في استكشاف عالم الخطاب وفي الوقت نفسه، من أجل تحديد الإطار الذي من خلاله «القراءات» المتعددة التي يتم نشرها، تأذن بالعمل، نظرا لهذا المفهوم الجديد الذي يجد الآن مكانه بين الأدوات المتعددة التي طورها هذا التخصص.
حول هذا الموضوع، يقدم لنا هذا المفهوم الجديد المسمى «paratopy» طرقا جديدة للبحث، بقدر ما يدعي افتراض أن الخطابي واللاخطابي لا يمكن فصلهما وأنهما متشابكان في كل من تنظيمهما النصي (الخطاب) وفي نشاطهما الكلامي. (يحملها المتكلم) حتى يرفض لنا أي مبادرة للانفصال أو التمييز بين (ذات خارج النص وذات في النص)، بين ما يتعلق بالعالم الخطابي، وما يتعلق بالنقش في البيئة الاجتماعية التي شهدت ظهور هذا النشاط البياني. وفيما يتعلق بتحليل الخطاب، فإن تحليل جمهور الخطابات التأسيسية، يجب أن يسعى إلى إظهار الاتصال بين الخطابي واللاخطابي، وتعقيد التنظيم النصي والنشاط البلاغي. يتم نشر نطقها كأداة لإضفاء الشرعية على مساحتها الخاصة، بما في ذلك على جانبها المؤسسي، فهي توضح توليد نص وطريقة لتكون جزءا من عالم اجتماعي.
ويصر دومينيك ماينغينو، على إشراك الذات المتكلمة، أي الكاتب، في عملية النطق الأدبية التي يعلنها. ويوضح أن الكاتب يجب ألا ينفصل بأي حال من الأحوال عن نطقه، لأن هذا الأخير هو الذي، بمجرد الانتهاء منه، يضفي الشرعية عليه في المكان الذي سيشغله من الآن فصاعدا في المؤسسة الأدبية.
لقد قسّم الكاتب هذه الدراسة إلى جزئين، جاء الجزء الجزء الأوّل (النظري) في ثلاثة فصول وتكوّن الجزء الثاني (التطبيقي) من فصلين، حيث تناول في جزئه الأول المراحل الأساسية التي مر بها التفكير المعرفي الخاص بهذا النظام الجديد «الباراتوبيا»، وفي الجزء الثاني قدّم مقاربة لمفهوم العنف الإرهابي من خلال الخطابات الروائية مرتكزا في ذلك على رواية «الأحلام والقتلة» لمليكة مقدم ورواية «بماذا تحلم الذئاب؟» لياسمينة خضرا، في ضوء الباراتوبيا، وقد اقتضت الدراسة بتطبيق هذا المفهوم الجديد، على هذين المنجزين الروائيين لإظهار المساهمة التي يمكن أن يقدمها هذا المفهوم الجديد في تحليل وتفسير الخطاب الأدبي وفق منهج مقارن استقصائي.
ليصل الباحث في النهاية إلى أنّ ضرورة تبني هذا المفهوم الجديد الذي اقترحه دومينيك ماينغينو والمسمى «باراتوبيا» في أي مشروع للتحليل والتفسير، وتوسيع مجال تحليل الخطاب الأدبي وفتحه على آفاق جديدة.

كاتب جزائري

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب