الصحافه

صحيفة إسرائيلية.. المعضلة المصرية: ماذا وراء صفقة السيسي؟

صحيفة إسرائيلية.. المعضلة المصرية: ماذا وراء صفقة السيسي؟

 قبل لحظة من الانتخابات في الولايات المتحدة، تصر مصر على إثبات حيويتها في النظام الإقليمي. “المبادرة المصرية” التي أعلن عنها الرئيس السيسي، هي محاولة أخيرة ربما لإنهاء الحرب في غزة عبر تربيع الدائرة. من جهة، القول بأنه وقف نار قصير، ومن جهة أخرى ربطه باتصالات مكثفة لهدنة كاملة. يستغل المصريون الزخم الناشئ قبل تصفية السنوار، لكن ليس مؤكداً نجاحهم في إرضاء قيادة منظمة الإرهاب في الخارج.

ثمة فجوة بين الرسائل المسربة من قادة حماس لوسائل الإعلام وتصريحاتهم الرسمية، فعندما تحدث خليل الحية الذي يجري المفاوضات منظمة الإرهاب، عن وقف نار امتنع عن ذكر كلمات “دائم” و”كامل”. بالمقابل، عندما يتحدثون بشكل مغفل، تسمح حماس لنفسها بتشديد المواقف وباشتراط أي اتفاق بإنهاء الحرب. بهذا المفهوم، تبدو الصيغة المصرية مناسبة أكثر لمجال النفي لدى المنظمة.

إذا ما خرج الاتفاق بالفعل إلى حيز التنفيذ، يمكنهم القول إن الصفقة تشق الطريق لإنهاء الحرب أو على الأقل لوقف الحملة في شمال قطاع غزة. رغم هذا، تضع القاهرة كل ثقل وزنها في كفة الميزان. فالسيسي نفسه أعلن عن مبادرة وقف النار. وثمة مؤشر آخر على ذلك ظهر في تعيين رئيس المخابرات الجديد محمد حسن راشد، الذي عين في 16 أكتوبر (يوم تصفية السنوار) وتمكن من اللقاء مع رئيس “الشاباك” روني بار، ومع وفد حماس في غضون أسبوعين.

للمصريين مصالح كثيرة. ما دامت الحرب مستمرة، فستتواصل هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، ما سيبعد سفناً كثيرة عن العبور في قناة السويس. وهذه أحد مصادر الدخل الأهم لبلاد النيل، التي فقدت عشرات في المئة من أرباحها في السنة الأخيرة. تعد هذه ضربة اقتصادية تضاف إلى وباء كورونا والحرب في أوكرانيا، اللذين أضر كل منهما بطريقته في الاقتصاد المصري.

إن مشاكل إسرائيل الأمنية، إذا قلنا هذا برقّة، ليست حاضرة على جدول أولويات السيسي، فالتفكر السياسي لمصر أكثر تعقيداً؛ ففي السنوات الأخيرة حققت تحسناً في علاقاتها مع إيران، وباتت علاقة مهمة عقب تأثيرها على مضيق باب المندب الذي يسيطر عليه الحوثيون في اليمن.

إن النجاح في اتصالات الوساطة المصرية سيشكل بادرة طيبة لطهران التي تمول وتسلح الميليشيا اليمنية. والمعنى أن التسوية في غزة ستساهم في تسوية في اليمن، وستضمنان معاً استقرار مسار الملاحة عبر قناة السويس. وأخيراً، تخشى القاهرة من تأثير الحرب على الجيل الشاب. فالتطرف في الموقف المعادي تجاه إسرائيل، الذي يتعاظم في الشبكات الاجتماعية وهيئات الإعلام الدعائية مثل “الجزيرة”، يجر تطرفاً في مواقفهم في مواضيع الدين والمجتمع والاقتصاد. هذه المسيرة لا تتجاوز الاستياء من سلوك الحكم الذي يواصل إقامة علاقات مع إسرائيل. تأمل القاهرة، على ما يبدو، بوقف كرة الثلج واستخدام صفقة محدودة لإنهاء الحرب كرافعة تؤدي إلى استقرار إقليمي واقتصادي واجتماعي.

شاحر كلايمن

 إسرائيل اليوم 29/10/2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب