مقالات

بلدية طرابلس : كيف للطائر مقصوص الجناحين ان يطير !! بقلم نبيل الزعبي-لبنان-

بقلم نبيل الزعبي-لبنان-

بلدية طرابلس : كيف للطائر مقصوص الجناحين ان يطير !!
بقلم نبيل الزعبي-لبنان-
في خِضّم الأزمة الوجودية التي يعيشها لبنان ، ستجد من الصعوبة بمكان التطرُّق إلى أي موضوعٍ ثانوي لن يكون حتماً بمستوى الوضع المصيري الذي يعصف بالبلد في ظل الموت المتنقل والنزوح الشعبي غير المسبوق الذي فرضه العدو الصهيوني علينا كلبنانيين بانتشار ما يربو عن المليون واربعمائة الف مواطن في ارض الوطن الواسعة ، لمن استطاع الحصول على مأوىً بما ادّخر من مال فكفى نفسه شر البلية والسؤال، ولمن استوعبته مراكز الإيواء من مدارس ومجمّعات بما قد سُهِّلَ له على قدر ما قدمته لجنة الطوارئ الوزارية التي ليس من المقبول منها اي مبرّر على التقصير الفادح وشبه الغياب الفادح لها مع الايام الاولى للنزوح الذي اعتبرته مفاجئاً لها وفوق ما كان لديها من تصورات وتجهيزات فورية على الاقل .
لقد كانت طرابلس واحدة من الجهات المدينية التي توافدت اليها الأعداد الهائلة من النازحين ولولا الجمعيات الاهلية والكشفية لتحوّل هذا النزوح بمثابة الكارثة على المدينة ، ليس لتقصير ابناء المدينة وانما لانكشاف فاضح اعترى بلدية طرابلس التي وجدت نفسها مغلولة اليدين ، ومكتوفةً لا حيلة لها ولا امكانية لمبادرات تقوم بها وهي المكبّلة منذ زمنٍ غير بعيد بوصاية محافظ الشمال عليها وهو الذي لم يوفر فرصةً لتحجيمها وتقزيم ارادة مجلسها المنتخب ، إلا وفعلها علناً دون مواربة ، بما في ذلك سلخها عن رئاسة اتحاد بلديات الفيحاء الذي يضم طرابلس والميناء والبداوي والقلمون ، وتلك سابقة لم يكن ليجرؤ عليها ، حتى اشد الحاقدين على المدينة التي جُعِل من بلديتها العوبةً بين المصالح العليا للسياسيين الذين ساءتهم النتائج التي أسفرت عنها الانتخابات الأخيرة للمجلس البلدي في العام ٢٠١٨ وتغليب الاعضاء الذين أتت بهم قوى المجتمع المدني على ممثلي سياسيي المدينة فكان بذلك المدماك الأساسي الذي دفع بالسلطة المركزية نحو تدفيع ناخبي المدينة الثمن بحجب كل اهتمام ببلديتهم وترك الاعضاء يتخبطون فيما بينهم وليتركوا الابواب مشرّعة لوضع اليد على اتحاد بلديات الفيحاء بعد حل المجلس البلدي في الميناء وافتعال ازمات داخلية مع العمال نتيجة “الشح” الذي عوملت به بلدية طرابلس ولم تزل إلى يومنا هذا تعيش واقعاً وتهميشاً لم يتوقف مع اعادة رئيس بلديتها الدكتور رياض اليمق الذي تم استبعاده بفعل الكيدية وأستنجد بمجلس الشورى الذي انصفه بعد طول معاناة ولكن ، ما الذي ينفع بعد كل هذا الخراب واللعب بمقدرات البلدية وباتت العين البصيرة شاهدةً على ما يجري واليد قصيرة ، بل ومغلولة بفعل سلطة وصاية لا تترك متنفساً للمجلس البلدي ان يلتئم لجمع الشمل ولا للبلدية ان تعود لسابق عهدها وهي الركن الاساس والأكبر لبلديات الفيحاء التي تعودت ان تعطي ولا تأخذ او تستجدي من السلطة ما لها من حقوق وهي الاقوى والأغنى حجماً واتساعاً ومسؤوليات .
مؤسفُّ حقاً هو الحال التي صارت عليها بلدية طرابلس ويزيد من الأسف عندما يصارح رئيس بلديتها زواره بكل صدق وشفافيةٍ ومصارحة فلا يستطيع ان يقدم وعوداً هو عاجز عن تحقيقها ، ولا بيده مفاتيح خزنات مخفية يستعين بها عند الضرورة ، والداخل إلى مبنى البلدية في طرابلس يفاجأ بان آثار الاعتداء عليها وإحراقها ذات ليلٍ دامس لأربع سنوات خلت ، لم تزل على ما هي عليه ولم تكلف السلطة نفسها ترميماً اقله حفاظاً على جماليةٍ منوط بالبلدية تقديمها للقريب والبعيد فكيف وهي العاجزة عن ترميم شكلها واعادة بناء جدرانها وتغيير شبابيكها وبلاط غرفها وممراتها او بالأحرى طلاء واجهتها الخارجية في أضعف الايمان .
هل تتعلم السلطة اللبنانية بحكوماتها المتعددة نتائج ما تفعله سياساتها الكيدية تجاه المؤسسات المحلية اللبنانية وعلى رأسها البلديات وبلدية طرابلس واحدة من ضحايا هذه السياسات ولم تزل تدفع الثمن ، سواء في قصور اليد عن القيام بواجباتها تجاه ابناء طرابلس ، او الوقوف في الملمات مع الدولة والتخفيف من الحمولات الاجتماعية والاقتصادية الكارثية التي تقع على عاتقها في الايام العجاف وخاصةً هذه الايام التي تزداد فيها الحاجة الماسة للدور البلدي المعهود باعتبار البلدية حكومة محلية كما هو معمول لها في قوانين بلديات العالم باستثناء هذا البلد المنكوب ببلادة حكامه ان لم نقل تواطؤهم عن سابق تصورٍ وتصميم .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب