الصحافه

صحيفة إسرائيلية: طرق ولواقط وواقع تعدى فكرة الانسحاب.. شمال قطاع في مرمى “الاحتلال الزاحف”

صحيفة إسرائيلية: طرق ولواقط وواقع تعدى فكرة الانسحاب.. شمال قطاع في مرمى “الاحتلال الزاحف”

الخميس، بثت “كيشت”، النشرة الأكثر شعبية في التلفزيون، تقريراً ليولن كوهن يبين صوراً في جباليا. شوهد في التقرير قافلة فلسطينيين وأساساً نساء فلسطينيات يسرن في قافلة لأن الجيش يحظر عليهن التواجد هناك. توقفت كوهن عند حقيقة استغراقهن شهراً للإخلاء. عند الإخلاء ذاته (وهو ليس الأول في السنة الأخيرة)، عند الادعاءات بأن “نكبة ثانية” تنفذ في شمال القطاع برعاية “خطة الجنرالات” موضع الخلاف، وحتى عند الجانب الأخلاقي ذاته (كيف يشعر المرء أمام أزمة أناس في عمر أمك وجدتك حتى لو كان الهدف عادلاً ظاهراً) – لم يكن لديها سؤال واحد. حتى إنها لم تهتم كيف سيساعد هذا في إعادة المخطوفين والمخطوفات الذين ترافق عائلاتهم في الأيام العادية ليس فقط في التقارير بل في الإعراب عن خيبة الأمل من تركهم لمصيرهم. وها هي، مع السترة الواقية والخوذة، اختفت الصحافة بل والتجنيد من أجل العائلات أيضاً.
لقد عكس التقرير تجاهل وكبت التيار المركزي في إسرائيل حول ما يجري هذه الأيام شمالي القطاع. يخيل أن الجمهور، برعاية معظم وسائل الإعلام (وليس القناة 14 فقط)، يفضل ألا ينشغل في مسألة ما الذي تبقى من العلاقة التي يفترض أن تكون بين أهداف الحرب وما يجري على الأرض. نوصي بالاستماع إلى وصف صادم ليوآف زيتون، المراسل العسكري لـ “يديعوت أحرونوت” و”واي نت” الذي يزور غزة بتواتر عالٍ، في بودكاست “العنوان”: لم يعد هذا “محور نتساريم” بل “غوش نتساريم”. وإسرائيل أقرب ما تكون من إحياء الاستيطان في المنطقة منها إلى العودة إلى خطوط 6 أكتوبر.
سواء أكان هذا انطلاقاً من الحاجة لكبت واقع مركب وصعوبة النظر إلى ما وراء الجرح النازف لـ 7 أكتوبر أم ربما انطلاقاً من الموافقة على أعمال تغير الواقع الإسرائيلي لأجيال إلى الأمام (سيكون الثمن متناسباً مع ذلك)، النتيجة متشابهة: خارج إسرائيل، كل من ينظر إلى شمال القطاع يرى هناك احتلالاً زاحفاً، ليس بهدف الانسحاب وفي ظل تنفيذ أعمال من شأنها أن تكون متعارضة مع القانون الدولي (وينبغي أن تكون عسيرة على الهضم لكل إنسان ذي ضمير). في إسرائيل لا ينظرون إلى غزة إلا عبر نظارات الجيش: تضحية المقاتلين الباعثة على الإلهام، العبء الهائل على قوات الاحتياط، وبالطبع القتلى والجرحى وعائلاتهم. وبينما يكاد الإسرائيليون غير مبالين لمفاهيم مثل الشرعية الدولية وحتى ما تبقى من الخطاب الأخلاقي تبخر عقب الجرائم النكراء والصادمة التي ارتكبتها حماس، من الصعب احتواء الفصل القائم بحكم الأمر الواقع لدى الجمهور بين أعمال الجيش ومسألة المخطوفين والمخطوفات. بعد أن ثبت بأن صيغة “الضغط العسكري” لم تحقق إلا إنقاذاً لأفراد ومآس أكثر بكثير، كل النقد موجه للمستوى السياسي دون السؤال ما هو المنطق والمنفعة في حجم التدمير، وشق الطرق وإقامة اللواقط.

في الوقت الذي يسوق الناطقون بلسان الجيش (بالبزات وأساساً بدونها) بأنهم يتمنون البحث في مسألة اليوم التالي، فإن فجر هذا اليوم انبلج الآن. عملياً، سيقف في مركز السماء الآن ولن يحركه شيء، ولا حتى الفرضية القائلة بأن المخطوفين والمخطوفات لن ينجوا من شتاء آخر في الأنفاق. مريح للمركز السياسي، وكذا لليسار المعتدل، التفكير بأن المشكلة حكم يمين متطرف ورجعي، لكن عملياً مقاول التنفيذ يخلق واقعاً يدحر إسرائيل إلى خارج أسرة الشعوب، ويعرض للخطر ما تبقى من الـ 101 البائسين والبائسات الذين يتركون لمصيرهم كل يوم من جديد. نعم، رئيس الأركان وضباطه الكبار أيضاً مسؤولون عن السيناريو المتكدر: ربما الجيش من يعثر على جثثهم ليس الجيش، بل دانييلا فايس.
عيناب شيف
يديعوت أحرونوت 11/11/2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب