تحديقات حالمة في أُفقٍ بعيد بقلم علي البتيري *شاعر القدس *
بقلم علي البتيري *شاعر القدس *
تحديقات حالمة في أُفقٍ بعيد
بقلم علي البتيري
*شاعر القدس *
انزع لثامَكَ أيُّها الأُفقُ البعيدُ
فعسى لشمسٍ خلفَ غيمِكَ نستعيدُ
إصباحُنا ليلٌ يصادر ُ فجرنا
والنور ُ يخنقُ ومضَهُ ضيقٌ شديدُ
فمتى تقولُ لنا السماءُ استبشروا
بخلاصِكم في الأرض والإفلاتُ عيدُ
من عهد ظلمٍ طال برد شتائهِ
فالريحُ تصفرُ والمدى الداجي جليدُ؟
**********
لا تُخفِ وجهكَ أيُّها الأفقُ البعيدُ
فالحزنُ في مُهج الحزانى كم يزيدُ
وظهور وجهك قد نرى فيه سنىً
لجراحنا شافٍ وقد نَزَّ الصديدُ
والقهرُ نهرٌ باتَ يغمرُهُ الردى
أنّى التفتنا راعَنا موتٌ عنيدُ
حكموا علينا أن نموتَ بقهرِنا
إن خانَنا وعدٌ أحاطَ بنا وعيدُ
***********
أنظرْ لنا يا أيُّها الأفقُ البعيدُ
فعسى بنظرةِ من يرانا نستفيدُ
كلُّ الجهات كمائنٌ من حولنا
عن قتلِنا تلكَ الكمائنُ لا تَحيدُ
حربُ الإبادةِ لم تُحرّك شعرةً
في رأس مَن قد خانَهُ رأيٌ سديدُ
فالعالمُ المُغمى عليهِ مُغيَّبٌ
قلبٌ به خَدَرٌ ووجدانٌ فقيدُ
**********
لم يبقَ غيرُكَ أيُّها الأفقُ البعيدُ
فالبعدُ عنّا حلُّ أمتِنا الوحيدُ
مهما ابتعدتَ فأنت أقربُ رأفةً
من جارِ همٍّ لا يعينُ ولا يفيدُ
فلتقتربْ منّا ولو في حلمِنا
تجلبْ لنا أملاً ومقدمُهُ أكيدُ
كم مِن رعودٍ خيبَت آمالنا !
كم غيمةٍ ما شابها مطرٌ مفيدُ!
***********
ارفقْ بنا يا أيُّها الأفقُ البعيدُ
قد باتَ ينكرُ وجهَنا المجدُ التليدُ
أجدادُنا قد أنَّبوا أحفادَهم
وأمامَ لومِ الجدِّ ما خجلَ الحفيدُ
ها نحنُ نبصرُ دمعَكَ الراثي لنا
والأمُّ يمسحُ دمعَها الطفلُ الوليدُ
كم ألفِ طفلٍ دونَ أمٍّ أصبحوا
يتصايحونَ ومثلُ حالِهم العديدُ!
**********
هجموا علينا أيُّها الأفقُ البعيدُ
كجرادِ حقلٍ راحَ يقضمُ ما يريدُ،
الغربُ ساندَهم وصدَّرَهم لنا
وبدعمِهِ قد بات منهم يستفيدُ
فتثعلبت كلُّ المكائدِ ضدَّنا
والطامعونَ بَدا لهم مكرٌ شديدُ
مهما نهادنْهُم لنأمَنَ شرَّهم
يُبدوا العداءَ فحقدُهم بحرٌ مديدُ
**********
أفصحْ لنا يا أيُّها الأفقُ البعيدُ
هل خلفَ غيمِكَ كامِنٌ أمرٌ جديدُ
أم حالُنا لا شيءَ يعدِلُ حالَهُ
ما دامَ في الأَعرابِ إحساسٌ بليدُ
تحكي لنا الأنقاضُ عن جثثٍ غدَت
نهبَ الكلاب ولحمُها الباكي قديدُ
والنازحونَ لدى الخيام تفحَّمت
أجسادهم للنار معظمُهم حصيدُ
***********
لا تُبدِ حزنَكَ أيُّها الأفقُ البعيدُ
حزناً علينا لا نُطيقُ ولا نريدُ
لا دمعَ محزونٍ سيعصبُ جرحنا
لا لمسةٌ من مشفقٍ دمَنا تُعيدُ
إن شئتَ تنصرُنا فكنْ في صفِّنا
ها نحنُ من إرشاد نجمِكَ نستزيدُ
فالناسُ تخذلُنا وتجلسُ حولَنا
وكأنَّنا للحربِ في الدنيا عبيدُ
***********
لا ظلمَ باقٍ أيُّها الأفقُ البعيدُ
والعدلُ للمظلومِ إنصافاً يُعيدُ
ما قامَ شعبٌ يستعيدُ حقوقَهُ
إلا وحالفَ عزمَهُ النصرُ المجيدُ
حربُ الأبادةِ لا تخيفُ أسودَنا
مهما قذائفُها تُدمِّرُ أو تبيدُ
والفجرُ خلفَ الليلِ خبَّأََ شمسِهُ
لعيون أحرارٍ لهم بأسٌ فريدُ