
كلما عاد كانون كلما عاد كانون…
بقلم حسين عبدالله جمعة
اشتعلت أغاني الميلاد في الأزقة، وارتجفت زينة الشجر على نوافذ البيوت، تتناثر قوالب الحلوى، وتتهامس أوراق الهدايا، كأن الكون يرقص فرحًا في خريف العمر. خذوا أفراحكم ورقصاتكم… خذوا المنَّ والسلوى، واتركوا لي طفولتي. اتركوا لي أريج الأحلام وعطر المطر، دعوني أُحطِّم عقارب الزمن وأُحرق روزناماته، فأنا ما زلتُ طفلًا، يعشق الصغَر، يتوق إلى السكاكر، والكرة، والحجر، ويركض خلف الرمل كما يركض خلف الحلم. خذوا ليلتكم هذه، واتركوا لي بقايا الصور. أنا ابن ذاكرتي، وذاكرتي قلب أمي. أنا عشق المطر، وابن رحمٍ لم يكتمل، فولادتي ما زالت مؤجلة… وأمي ما زالت تنتظر. خذوا السُحُب والفضاء، اركبوا عباب البحر، سافروا حيث شئتم، واجمعوا جنسيات الأرض كلّها… لكنكم لن تسلبوا طفولتي، ولن تنتزعوا براءتي، ولن تسرقوا موعدي مع القمر. كلما عاد كانون والميلاد، تفجرت طفولتي من جديد. آه… لو تعلمون ما في قلبي، لرأيتم قلوبكم وهي تنفطر. أعانق الله في داخلي، ويهمس لي قلبي بكلمة وحيدة: اختصر… اختصر… اختصر.
حسين عبدالله جمعة