تحقيقات وتقارير

الأردن: درب وزارة حسان نحو ثقة النواب مضمونة لكن وعرة قليلا والحكومة «قد تحتاج لصديق»

الأردن: درب وزارة حسان نحو ثقة النواب مضمونة لكن وعرة قليلا والحكومة «قد تحتاج لصديق»

عمان /بسام البدارين

وعاء حجب الثقة من الحكومة الجديدة لن يقتصر على نواب التيار الإسلامي، بل قد يشمل نوابا وسطيين وبعض المستقلين وبعض نواب الوسط الجدد من الراغبين في مخاطبة الرأي العام.

عمان ـ «القدس العربي»: لا أحد يستطيع التأسيس لوضع وصفة ستلجأ لها في الأردن حكومة الرئيس الدكتور جعفر حسان لنزع الثقة من مجلس النواب والحصول عليها في ظل ظرف إقليمي ونيابي أيضا صعب ومضطرب إلى أقصى الحدود .

حكومة الرئيس حسان أعلنت انها ستتقدم صباح الأحد ببيانها الوزاري الذي ستطلب ثقة مجلس النواب على أساسه.
يعني ذلك زمنيا أن فترة السماح المتاحة للحكومة بلا ثقة ستكون أسبوعين فقط، يفترض بالمطبخ المختص في الطاقم الوزاري أن يبدأ خلالها باستقطاب النواب واستدراجهم والعمل على تجنب كمائنهم وفي أسرع وقت ممكن.
حسابات الحكومة في هذا المسار لا تزال غامضة. ولأسباب غير مفهومة بعد لا تعقد لقاءات جماعية تمهيدا لمناقشات الثقة بين طاقم الوزارة ورئيسها وبين الكتل البرلمانية، أو بين الحكومة والأحزاب السياسية التي تعود لها أو تمثلها تلك التكتلات البرلمانية .
تأخر جاهزية الحكومة في هذا السياق قد يؤدي إلى رهانها على مساعدة صديق من خارج قبة البرلمان، بمعنى تحرك مؤسسات في الدولة لتمرير الحكومة والمضي قدما فيها بين ألغام النواب، وهو ما يمكنه أن يقود إلى مواجهات لفظية عنيدة أو حتى مفاجآت وكمائن.
حكومة الدكتور حسان بهذا المعنى قد تلامس إذا ما احتاجت لصديق من خارج القبة ليساعدها، مضمون ومنطوق ومفهوم العمل البرامجي، حيث أن عدد الأعضاء الحزبيين في مجلس النواب يبلغ 104 من أصل 138 عضوا، وحيث أن اللغة التي يفترض أن تتصدر في مناقشات نيل الثقة هي تلك اللغة المبنية على التقدم ببرنامج وزاري ومناقشته أيضا نيابيا على أساس برامجي .
حتى اللحظة لا يبدو أن الحكومة مهتمة بالحصة البرامجية. ولا يبدو بالمقابل أن الأحزاب التي تمثل ثلثي أعضاء مجلس النواب معنية كثيرا بدورها بمناقشات برامجية ببيان وزاري، ما يؤسس لحالة مألوفة ومكررة في نقاشات الثقة بالحكومات قوامها الخطابة بغلاظة وخشونة ضد الحكومة لاستجلاب الشعبويات ثم التصويت لها في حالة فصامية مألوفة سابقا خلافا لتدخل مؤسسات رسمية مع النواب بالصفة الفردية أو الحزبية والبرامجية في كواليس مجلس النواب.
تلك وصفة قد يضطر لها طاقم الرئيس حسان ما دامت الأحزاب الموجودة باستثناء التيار الإسلامي دوما لا تحفل كثيرا بالرؤية البرامجية، لكن من سيدفع الكلفة والفاتورة هو محتوى التحديث السياسي بالنتائج والأحزاب ذاتها التي ستبقى قاصرة وتحت الوصاية وغير مقنعة بالنسبة للرأي العام الأردني .
احتمالات التصويت بين النواب على الثقة بالحكومة قد تخفق الأحزاب السياسية في السيطرة عليها.
وسط العديد من النواب الحزبيين والمستقلين سيكون التصويت على أساس التسليك الفردي فيما سيحضر بالضرورة استجلاب واهتمام الشارع والإعلام والكاميرات في الخطابات.
لم يعلن أي من الأحزاب الوسطية موقفه من الثقة بالحكومة وعلى أي أساس سيحسم برامجيا بعد.
فعلت ذلك فقط كتلة حزب جبهة العمل الإسلامي المعارضة حيث أبلغ رئيسها صالح العرموطي «القدس العربي» مبكرا بأن الكتلة بانتظار برنامج الحكومة لكنها تتحفظ عموما بعد مناقشة التفاصيل على سيناريو تشكيل حكومة تكنوقراط اقتصادي في وقت الحروب والتحديات والتصعيد العسكري .
حزب جبهة العمل الإسلامي وحده توجه مبكرا بملاحظات نقدية على حكومة الرئيس حسان وكان من بينها بل أبرزها أنها ضمت 14 وزيرا من الحكومة السابقة وبينهم وزراء تأزيم، وبنسبة سياسية مرتفعة حجب الإسلاميون الثقة مسبقا عن الحكومة لكنهم قالوا لاحقا انهم سيتفحصون بيانها الوزاري ويتقدمون بملاحظاتهم.
أحزاب وسطية كبيرة مثل ميثاق وإرادة والإسلامي الوطني لم تعلن ذلك.
لكن الواضح والمرجح أن رهانات حسان حتى اللحظة في حسابات الثقة تتمأسس على وضع التحالفات الكتلوية الذي انتهت إليه مواجهة انتخابات رئاسة مجلس النواب في بداية انعقاد دورة البرلمان بين القطبين أحمد الصفدي وصالح العرموطي.
صوت للصفدي تحالف من الأحزاب الوسطية يمثل ما عدده ورقمه 105 نواب من أصل 138 نائبا .
هذا التحالف يفترض أنه يمثل الأحزاب الوسطية جميعها في البرلمان وبالتالي مساحة معسكر الولاء الذي يضمن لحكومة حسان موقعا متقدما في شرعية الثقة، فيما تجلس كتلة المعارضة الإسلامية وحدها في مساحة سحب الثقة المرجحة وبقيمة 31 نائبا في البرلمان.
والأهم أن مساحة نواب الوسط التي تشكل نحو 80 في المئة من عدد المقاعد قد تعبر بالحكومة من معركة الثقة، لكن الإجماع غير حاصل بين أعضائها على رئيس الوزراء والطاقم الوزاري ما يوفر أرضية لابتزاز الحكومة إما بخدمات غير مقربة من الميزانية المالية أو بقرارات مناطقية شعبية أيضا مقابل الحصول على ثقة تلك الأصوات.
وعاء حجب الثقة من الحكومة الجديدة لن يقتصر على نواب التيار الإسلامي، بل قد يشمل نوابا وسطيين غاضبين من بعض الوزراء، وبعض المستقلين وبعض نواب الوسط الجدد من الراغبين في مخاطبة الرأي العام شعبويا ومبكرا .
رغم أن طريق وزارة حسان نحو الثقة لا تبدو صعبة لكن فيها بعض الوعورة .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب