تحقيقات وتقارير
حديث الأستاذ عثمان إدريس أبو راس عن اعتقالات الرفاق في مدينة الأبيض إثر انقلاب هاشم العطا
حوار الاستاذ خالد ضياء الدين
![](https://sawtoroba.com/wp-content/uploads/2024/12/468884581_1065559708914637_4018501239971829210_n.jpg)
ا. أبو راس : أَُعتقلت في أم روابة وقدمونا (13) بعثياً لمحكمة عسكرية
ا. محمد الضو : أخبرنا قيادة الشيوعي في المعتقل بخبر إعدام عبدالخالق وجوزيف قرنق..
![✍🏽](https://static.xx.fbcdn.net/images/emoji.php/v9/tdf/1/16/270d_1f3fd.png)
سألت الأستاذ عثمان إدريس أبو راس عن اعتقالات الرفاق في مدينة الأبيض إثر انقلاب هاشم العطا وكيف تم اعتقاله والأستاذ السنهوري وأستاذ محمد الضو وغيرهم وكيف قدم الرفاق لمحاكمة عسكرية.
انتقلت إلى الأبيض أواخر مايو (1971)كمساعد مفتش بمكتب العمل -الحديث هنا للأستاذ أبوراس –
لم أكن معروفا في ذلك الزمان لدى جهاز الأمن بسبب الغياب عن المدينة خلال فترة الدراسة بجامعة القاهرة الفرع، بينما كانت قيادة المدينة من الرفاق (السنهوري ومحمد الضو والراحلين إسماعيل عبدالله مالك وحسين حامد عليهما الرحمة) ..
تم اعتقالي في أم روابة عام (1972)حين كنت بمأمورية مسؤولا عن مكتب العمل الفرعي..وذلك لورود اسمي ضمن وثائق عثر عليها جهاز الأمن بمنزل (إبراهيم محمد مصطفى ) بعد اعتقاله بمباني شرطة الأبيض وعثور وثيقة حزبية بجيبه قادتهم للذهاب إلى منزله الذي عثروا فيه على عدد من الوثائق من بينها ما ورد فيها اسمي فتم بعدها ترحيلي إلى الأبيض، سبق اعتقالي اعتقال إسماعيل الذي كان يعمل آنذاك ببنك الخرطوم في أم روابة، ليتم تقديمنا لمحكمة عسكرية بتهمة بناء تنظيم موازي للاتحاد الاشتراكي ضمن (13) من الرفاق البعثيين والاشتراكيبن العرب.. هم الرفاق:
1/علي الريح السنهوري
2/عثمان إدريس أبوراس
3/إسماعيل عبدالله مالك
4/محمد الضو
5/كمال الضو
6/محمد عبدالله
7/عبدالله عبدالرازق شبور
8/أحمد بلدو
9/عبدالرحمن علوبة
10/بشير سعيد
11/برير
12/إبراهيم محمد مصطفى
13/سيف الإسلام
عقدت المحكمة العسكرية جلساتها بمباني القيادة الوسطى بمدينة الأبيض بقيادة العقيد عثمان إبراهيم محمد ومثل الاتهام فيها ضباط الأمن صلاح النقر وإبراهيم كافي ومقرر أحكام محمود زاكي الدين..بينما كان المحامون عنا بمثابة أصدقاء،،،ونحن من كتبنا عريضة الدفاع عن أنفسنا..
حينها صدرت الأحكام بإدانة كل من :
1/علي الريح السنهوري
2/محمد الضو
3/إسماعيل عبدالله مالك
4/شبور
5/ سيف الإسلام
6/إبراهيم محمد مصطفى
مع تبرأتي مع ال(6) الآخرين ..
(حكم على البعض ب 5 سنوات وأذكر أن الرفيق علي الريح السنهوري تم انتخابه عضوا بالقيادة في المؤتمر الرابع وهو داخل المعتقل)بينما خرج قبله الرفيق الراحل إسماعيل الذي حضر جلسات المؤتمر كما انتخب معه الرفيق محمد الضو..
طوال فترة الاعتقال منذ عام (72)وحتى انتهاء جلسات المحاكمة تم إيقافي عن العمل بدون مرتب، وبعد صدور الحكم تم رفع الإيقاف عن العمل وتعويض عن فترة الإيقاف بدون راتب
بقرار وتوصية مجلس المحاسبة الإيجازي الذي تكون من
1/ مسؤول المكتب الإقليمي عبدالرحمن حيدوب
2/ومصطفي عطرون من طاقم ضباط القوي العاملة بالمكتب الإقليمي
3/ومفتش التعاون بالإقليم
الكنين..
…….
مباشرة بعد إفادات الأستاذ عثمان إدريس أبو راس في توثيق الأحداث ذهبت للأستاذ محمد الضو عمران لاستنطقه وهو الكتوم.
حكى لي أستاذ الضو عن أحداث يوليو واعتقالهم حيث قال:
بعد ظهر يوم (22) يوليو (1971) وبعد إعلان
الإطاحة بانقلاب هاشم العطا وعودة نميرى للسلطة
توجه كل منا إلى داره لاتخاذ إجراءات تأمين ما بحوزه أي رفيق من وثائق خاصة.
في طريقي إلى منزلنا الذي يبعد عن موقع الاجتماع (منزل الأستاذ علي السنهوري ) وأنا على مشارف شارع النهود وهو شارع مشهور، تطل عليه دار يمارس فيها الحزب آنذاك العديد من ضروب النشاط الحزبي (جمعية أنصار الثورة الفلس-طينية واتحاد الكتاب والفنانين العرب التقدميين) شاهدت موكب تعلو فيه أصوات الهتاف عائد عائد يا نميري. تجاوز موقع الدار بعد أن قام المتظاهرون بتدمير كل محتويات الدار والعبث بها.
الطريف في الموضوع إن قائد التظاهرة المشار إليها كان المرحوم الصادق دقنة وهو نقابي مشهور وقيادي في الحزب الشيوعي انقسم عن حزبه مع مجموعة أحمد سليمان.
حضر المذكور نهار يوم (22) يوليو لمنزل الأستاذ علي السنهوري حيث كنا مجتمعين طالبا “حمايته” وعقب إعلان عودة نميرى خرج ليكون على رأس الموكب الذي دمر الدار المذكور!!!
واصلت السير وصلت إلى منزلنا مع الغروب وبدأت بالتخلص من بعض المستندات، بعدها
داهمت مجموعة مشتركة من الجيش والشرطة والمباحث مدججة بالسلاح واقتادتني لمركز الشرطة وفي طريقها إلى رئاسة الشرطة داهمت منزل أحد رفاقنا (محمد الباقر)وكان يبعد عن منزلنا قليلا وألقت القبض عليه.
الطريف عند وجودنا في رئاسة الشرطة حضر اثنان من الأشخاص أعرفهم جيدا أحدهم زميل في العمل والآخر كان زميل دراسة (حامد محمد حامد، وحميدة ) ولدهشتي أن حضرا للإبلاغ عنيّ بالرغم من أنه ليس لدي عداوة مع أي منهما وليس لديها أي اهتمام سياسي يذكر!!!
أيضا لاحظت أن الكثير من ممن كانوا حضورا في مقر الشرطة أتوا للإبلاغ عن أشخاص، حتى بات كل من لديه عداوة مظلمة يحضر للبلاغات الكيدية كما أن تأثير خطاب نميري الذي دعا فيه المواطنين للتعاون مع الأجهزة الأمنية ( القبض عليهم , بلغوا عنهم …).
تم نقلنا إلى السجن مساء نفس اليوم ووضعنا في عنبر (1)، حسب تقسيمات السجن الذي كان مكتظا بعدد كبير من المعتقلين، معظمهم من قيادات وكوادر الحزب الشيوعي وضمن الموجودين الأستاذ علي الريح السنهوري..تبادلنا السلام وطلب أن نجتمع في فناء العنبر نحن الثلاثة وللحقيقه والتاريخ طرح الأستاذ أن نفكر من الآن كيف نتواصل مع الحزب وأن نتعامل مع البقاء في المعتقل كأنه يدوم أبدًا ونهيئ أنفسنا جميعا على هذا الأساس وذلك يقتضي أن نبادر بطرح مقترح على المعتقلين بتشكيل ثلاثة لجان..لجنة تمثل المعتقلين والإعاشه..ولجنة ثقافية.. ولجنة فنية.. على أن نتوزع نحن الثلاثة كل واحد في لجنة من اللجان.
حقيقة كان هناك وجوم وصمت رهيب يخيم على أجواء المعتقل وكان البعض ينظر إلينا باستغراب ونحن مجتمعين. وبعد الفراغ توجهنا إلى داخل العنبر ووقف الأستاذ علي وحيا الحضور باسم الحزب الاشتراكيين العرب آنذاك وطلب منهم الاستماع لمقترحاتنا بتنظيم وجودنا في المعتقل.
وجدت المقترحات ترحيب واحترام كبير وتم تشكيلها على النحو المذكور.
في ساعة متأخرة من الليل اكتظ العنبر بأعداد كبيرة من المعتقلين وقررت إدارة السجن نقل المعتقلين إلى عنبر(
واقتضى هذا الإجراء إبقاء كافة السجناء داخل العنابر حسب الإجراءات المعمول بها واستقبل السجانيين المعتقلين بهتافات مدوية :يا شمات هاشمكم مات.
![😎](https://static.xx.fbcdn.net/images/emoji.php/v9/t83/1/16/1f60e.png)
صادف وجود أحد حراس السجن (الديدبان)وهو
يمت بصلة قرابة لرفيقنا محمد الباقر، ليقوم أثناء مروره من شرفة تطل على فناء العنبر حسب تصميم السجن تجعله قادر على رؤية وتمييز المتواجدين، أن ألغى إليه بورقة صغيرة يعلمه فيها بإعدام عبد الخالق محجوب وجوزيف قرنق.. اطلعنا عليها وكان رأي أستاذ السنهوري أن نبلغ قيادة الحزب الشيوعي داخل المعتقل، وهي معروفة بالنسبة لنا لتقوم بما تراه مناسبا ولحماية مصدر الخبر احتفظنا باسمه بيننا.
لاحظنا أن وقع خبر إعدام عبدالخالق ورفيقة كان له أثر كبير على معنويات بعض المعتقلين من الشيوعيين أو من تم اعتقالهم نتيجة كيد أو شبهة.. انعكس ذلك فى السلوك العام حيث توهم البعض أنه طالما طال الإعدام مدنيين يمكن أن يطال آخرين .
…..
هي لمحات خاطفة وإن كانت تضرب في عمق الأحداث الجسام التي مرت بمسيرة الحزب وصمود رفاقه….ولنا في مسيرة البعث حديث طويل إذا مد الله في العمر.
درس في التواضع والمحبة قدمه لنا الاستاذ طارق عزيز والاستاذ السنهوري
الرفاق في موريتانا اسقطوا انقلابا عسكريا واعادوا الديمقراطية واحتكموا من جديد لصناديق الانتخابات
![✍🏽](https://static.xx.fbcdn.net/images/emoji.php/v9/tdf/1/16/270d_1f3fd.png)
اولا اشكر كل من اتصل او ارسل مطالبا بمواصلة السرد، كما اشكر الرفيق العزيز دكتور “عصام علي” ان نبهني وقد كان ضمن الرفاق الحضور بان الذي حدثنا عن انهيار(سد زيزون)في سوريا الذي ذكرت قصته في الحلقة السابقة،هو الاستاذ طارق عزيز وليس الاستاذ طه يس رمضان.
لقد التقينا في تلك الرحلة عدد من اعضاء القيادة القومية،منهم الدكتور عبد المجيد الرافعي عليه الرحمة في مدرسة الاعداد الحزبي في شارع الزيتون ببغداد، وقبله التقينا الرفاق الاساتذة اعضاء القيادة، سعد قاسم حمودي، وقاسم سلام الذي الذي ركز في اللقاء معه عن الراهن السياسي في اليمن السعيد انذاك،وكان مسك الختام مع الاستاذ احمد الشوتري.
وقد استقبلنا الاستاذ طارق عزيز شهيد العراق والمبادئ في مكتبه وتحدث معنا حول القضية الفلسطينية بتفاصيل دقيقة، وعن دور العراق في دعمها بمختلف الاشكال، وتقديمه لكل جريح فلسطيني مبلغ (10) الف دولار، ولكل شهيد(50) الف دولار، وتعويض لكل اسرة هدم الاحتلال منزلها.
وكيف عندما سأل احدهم الشهيد صدام حسين عن حجم المبالغ الكبيرة رد عليه الشهيد صدام قائلا : المبالغ هذه لاتسوى شي، وهي زهيدة مقابل نقطة دم فلسطيني، وهي زرة تراب امام روح شهيد فدائي مقاوم.. كما ان دفع مبلغ لاسرة الاسير اوالمعتقل تساهم في رفع معنويات اهله، وتريح المعتقل نفسيا وتطمئنه على اسرته،وبالتالي تزيد من صموده.
من القصص العالقة في ذاكرتي والتي لا اظنها تنسي عندما حكى لنا تفاصيل من حديثه مع الامريكان والسجال الحاد بينه و”جيمس بيكر” والتحدي الذي واجه به العراق الصلف الامريكي،ثم قال لنا: ولن انساها:( امريكا لحدي نهاية السنة القادمة اذا ما حاربتنا تكون في معجزة تأريخية حدثت)وقد صدقت نبوءته اذ بدأ العدوان الامريكي على العراق في مارس 2003 وكان حديثه معنا شهر 6 من العام 2002.
في نهاية اللقاء سألنا استاذ طارق عن زيارتنا فقلنا له زرنا كربلاء والنجف وملجأ العامرية وام الطبول حيث ضريح الشهيد محمد سليمان الخليفة كذلك متحف الحزب وضريح القائد المؤسس والانصبة المختلفة..و…و…. فكان رده “انتو ماشفتو العراق الحقيقي” وكان يعني التطور العلمي والصناعي واقترح علينا زيارة اماكن معينة منها معهد التكنولوجيا، وللحقيقة والتأريخ كلما زرنا مكان وجدنا توصيته امامنا ووجدنا طيب المعاملة وكريم الخصال من شعب مضياف محب لامته.
في نهاية اللقاء مع طارق عزيز اهدى كل واحد من الرفاق نسخة من كتابه ( بعد عامين …الانتفاضة الفلسطينية الي اين ) وقد فاجأنا بعد ذلك بطلب ان “يتصور” معنا وكان المصور جاهز بكاميرته – اظنه يتبع لوزارة الثقافة والاعلام – (واذكر ايضا كيف قدما لنا هو واستاذ علي الريح السنهوري درسا عظيما في محبة الرفاق لبعضهم واحترامهم المتبادل عندما وقف استاذ علي بعد ان انتهينا من اخذ صورنا مع استاذ طارق عزيز قائلا بمنتهى اللطف (دي فرصة ماعايز اضيعها ووقف ليتصور هو ايضا معه، فكان رد الاخير بلطف اكبر، والله هذا شرف عظيم لي اني اتصور معاك استاذ علي).
هي مدرسة البعث في التواضع والمحبة..
نفس الدرس تكرر امامنا قبل البدء في تقديم محاضرة الاستاذ احمد الشوتري عندما بدء حديثه بتقديم استاذ محمد الضو عمران الذي رافقنا تقريبا في كل تحركاتنا متحدثا عن سبقه ودوره الفاعل في مسيرة الحزب.
والحق يقال لقد كان استاذ محمد الضو عمران مفتاحنا للولوج لمجلس الوزراء ومدرسة الاعداد الحزبي وغيرها،كما اذكر ملاحظة احد الرفاق عندما همس في اذني : عمك ده (يقصد استاذ علي) بدخل مجلس الوزراء “توش” والحمايات بسلمو عليه بي اسمه كمان.
وبالعودة لحديثنا مع الاستاذ احمد الشوتري الذي التقيناه في قاعة مدرسة الاعداد الحزبي، والذي اتحفنا بتقديم محاضرة حول الحزب في الجزائر والمغرب العربي، وكم ادهشتني معلومة حول الحزب في موريتانيا وكيف اسقط انقلابا عسكريا ليعيدوا التجربة الديمقراطية بدون اي استحقاقات خاصة،ملتزمين كغيرهم بصناديق الانتخابات، وهي تجربة تحتاج منا كبعثيين النظر لها بكل الفخر بل وطرحها كواحدة من تجارب حزبنا المشرفة على الصعيد القومي.
ان الحديث عن الرفاق في موريتانيا لا يمل وفي بلد المليون شهيد(الجزائر)له طعم وتشتهييه الانفس واما د. الشوتري فانه يأخذك بطريقته في الحديث.
واما لقاء الدكتور الاستاذ عبد المجيد الرافعي(طبيب الفقراء)النائب البرلماني اللبناني، فالحديث معه وعنه ذو شجون، وقد حدثنا عن الواقع السياسي في لبنان والدستور واهم التيارات السياسية في لبنان وبعض حديث عن حزب الله،وكيف كان حبه للبنان طاغيا في حديثه وتغزله في البحر والجبل لحد الوله،ولا اظنني قادرا على الحديث عنه دون ان اعيد عليكم مارواه لنا ذات يوم الاستاذ امين السر علي الريح السنهوري عندما كان الدكتور عبد المجيد الرافعي الامين العام بالانابة، وكان يعاني من مرض السرطان، وكيف كان يصر علي حضور اجتماعات القيادة مستلقيا على كنبة لانه لايقوى على الجلوس من فرط الالم، وعن حرصه على مسيرة الحزب وهو داخل المستشفى او خارج من العملية بعد افاقته من البنج،رحمه الله وقد عاش بعثيا مناضلا حتى اخر ساعة من حياته.
هكذا مضت الرحلة وعدنا مشبعين ومرتوين حد الثمالة ان نلنا من (الحظ) كما قالها لي الرفيق محمد صلاح السيد في تعليقه على الحلقة السابقة.
من المؤسف ان حالت الظروف الصحية للاستاذ المفكر الياس فرح دون لقاءه في تلك الرحلة.
وهكذا نختم احداث تلك الزيارة، وفي الذاكرة بعض حديث لم يسعفنا الوقت لقوله والوعد مواصلة السرد ان شاء الله، اذا كان في العمر بقية.
7 ديسمبر 2024