رئيسيالافتتاحيه

الشعب الأردني عصي على الانكسار

الشعب الأردني عصي على الانكسار

المحامي علي ابوحبله

لم يكن الموقف الأردني الرافض لمخطط *تهجير الفلسطينيين مجرد موقف عابر وإنما هو موقف رسمي وشعبي مستلهم من أعماق التاريخ، من زمن *صلاح الدين الأيوبي* حين أبت القدس إلا أن تعود عربية، ومن زمن *عبد الله الأول* الذي استشهد على عتبات الأقصى، ومن كل حبة تراب في *فلسطين* ارتوت بدماء الأحرار.

*لقد كان الموقف الأردني كالسيف المسلول، لم يُشهره ترفًا، بل دفاعًا عن حق شعب، وكرامة أمة، ومبدأ لا يقبل المساومة.* هذا هو الموقف الأردني الذي عبر عنه الملك عبد الله الثاني  في مقابلته الرئيس ترمب ، والذي حاول البعض تحريفه عن سياقه وفي هذا السياق اعتذر مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير فوزي العشماوي عن خطأ في الترجمة للتصريحات التي أدلى بها الملك عبد الله الثاني في المؤتمر الصحفي مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

وقال العشماوي إن وسائل إعلام عربية نسبت للملك قوله: “سوف نرى كيف يمكن تحقيق ذلك (نقل الفلسطينيين) لمصلحة الجميع”.وأضاف: “تبين أن هذه الترجمة لم تكن دقيقة، حيث أرسل لي بعض الأصدقاء نصا آخر لما قاله الملك”، حيث قال: “من الصعب تنفيذ ذلك بصورة ترضي الجميع”.وتابع العشماوي: “هذا فارق ضخم، ولو كان الأخير هو النص الصحيح فإنني أعتذر عن نقل النص المترجم، ويكون ما قاله الملك لا غبار عليه”

لقد حاول البعض من وسائل الاعلام والقنوات الفضائية تحريف أقوال الملك عبد الله الثاني لامر في نفس يعقوب لكن الحقيقة أن أقوال وتصريحات الملك لاغبار فيها ، لقد أيقن الشعب الأردني عمق المؤامرة التي تستهدف الأردنيين والفلسطينيين وفي في لحظة فارقة، خرج الشعب الأردني إلى الشوارع، لا طلبًا لرغيف خبز ولا احتجاجًا على ضائقة معيشية، بل في *مسيرات عفوية علت فيها الهتافات كهدير نهر الأردن*، تؤكد أن هذا الشعب لن يرضى إلا بالعزة، ولن يسمح بابتزاز وطنه.

*لقد احتشد الأردنيون، موالون ومعارضون، خلف قيادتهم، كالبنيان المرصوص، ليبعثوا برسالة واضحة إلى العالم: كرامة الأردن ليست ورقة للمساومة، وسيادته ليست رهنًا لمساعدات أحد.* “هنا الشعب إذا انتفض، فلا جدار يصمد، ولا طغيان يبقى. هنا شعبٌ خرج ليسمع صوته وقد ، اهتزت لها أروقة البيت الأبيض، وتراجعت أمامها أعتى القوى.”

ترامب، الذي اعتاد أن يفرض كلمته كأنها قدرٌ محتوم، لم يتوقع أن يجد في وجهه شعبًا يخرج في الشوارع لا لمطالب معيشية، بل ليقول: كرامة الأردن لا تباع، وسيادة القرار الأردني لا تُشترى! ولسان  حالهم يقول  “أيها الطغيان، إنك وإن ظننت أن لك أنيابًا، فاعلم أن في هذا الوطن قلوبًا تأبى الانحناء، وأرواحًا لا تنكسر تحت أي سوط، مهما علا صوت جلادك!” فكان الرد الأمريكي سريعًا، *فيديو قصير لا يتجاوز الدقيقة، لكن دلالاته تتجاوز الزمن كله.*

*ترامب يصف الملك عبدالله الثاني بـ”أعظم القادة”، ويشيد بشعب الأردن، في محاولة واضحة لامتصاص الغضب الشعبي الذي اشتعل كالنار في الهشيم.* رسالة الصمود هذه هي درس لكل العرب ،ما حدث لم يكن مجرد “اعتذار دبلوماسي”، بل كان درسًا بليغًا: و*• حين يقف العرب موقفًا واحدًا، ولو للحظة، تتصدع جدران الغطرسة، ويُجبر الطغيان على التراجع.* *• لم يكن الأردن بحاجة إلى سلاحٍ أو جيشٍ جرار، بل كان بحاجة إلى موقفٍ مبدئي، جعل ترامب نفسه يتراجع عن عنجهيته.**فإذا كان الأردن، رغم محدودية موارده، قد استطاع أن يجبر ترامب على التراجع، فما الذي يمكن أن تفعله أمة عربية كاملة لو وقفت موقفًا موحدًا؟*هل كنا سنرى *غزة* تُدك بهذا الشكل؟ هل كنا سنرى *القدس* تُهوّد يومًا بعد يوم؟ وهل كنا سنرى *نتنياهو* يصول ويجول في المنطقة وكأنه الحاكم بأمره؟

إن ترامب، بكل ما يملكه من نفوذ، لم يستطع أن يفرض إرادته حين وُوجِه بإرادة حقيقية، فكيف له أن يستمر لو أن العرب جميعًا اختاروا طريق الصمود والعزة؟ “إن الطغاة، مهما علا صوتهم، ليسوا سوى فقاعات تنتفخ بالهواء، فإذا ما واجهت صخرة الصمود، انفجرت وتلاشت.”

أثبت الأردن أن *الكرامة ليست رفاهية، بل هي سلاحٌ لا يُهزم.* فهل يتعلم العرب من هذا الدرس؟ أم سنظل نحيا في زمنٍ يعتذر فيه الطغاة عندما نغضب، ثم يعودون ليبطشوا عندما نصمت؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب