قضية صنصال… نقاش جزائري حول جدوى السجن و«دموع تماسيح» في فرنسا

قضية صنصال… نقاش جزائري حول جدوى السجن و«دموع تماسيح» في فرنسا
محمد سيدمو
الجزائر ـ لم تنجح قضية الكاتب الفرنكو جزائري بوعلام صنصال في أن تفرض نفسها كقضية حريات شبيهة بباقي قضايا معتقلي الرأي في الجزائر، فالرجل أمام فداحة تصريحاته المشككة في استحقاق الحدود الجزائرية، وجد فقط آراء رافضة لسجنه، ليس دفاعا عنه بقدر التساؤل عن جدوى هذه الطريقة التي قد تجعل منه ضحية. عكس ذلك، تجنّد لصنصال جيش من المدافعين في الضفة الأخرى من المتوسط، في تضامن بدا “مشبوها” من رموز تيار اليمين المتطرف الفرنسي المعروفين بكراهية الجزائر.
في سجن القليعة قرب الجزائر العاصمة، يقضي صنصال أيامه معتقلا قيد التحقيق في قضيته التي يتابع فيها وفق محاميه، فرانسوا زيميراي، بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات الجزائري، والتي تعاقب على “الأفعال التي تهدد أمن الدولة” وتعتبرها “أعمالا إرهابية”. وباتت المادة 87 مكرر من قانون العقوبات الجزائري بعد التعديلات التي أدخلت عليها عام 2021 وفق ما هو معروف، تُكيف الأفعال التي تمثل “تهديدًا لأمن الدولة” بمثابة أفعال إرهابية، ويشمل ذلك “كل فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي”.
وجاء اعتقال صنصال لدى وصوله إلى مطار الجزائر في 16 من الشهر الماضي. وكان بعد أن حصل مؤخرا على الجنسية الفرنسية، يستعد وفق ما ذكر أصدقاؤه الفرنسيون في شهاداتهم، لأن يقيم نهائيا في فرنسا، حيث كان يبحث شراء منزل وطلب من السفير الفرنسي السابق اكزافيي دريونكور، مساعدته في ذلك. لكن الكاتب المثير للجدل، لم يكن يعلم أن رحلته إلى الجزائر هذه المرة، ستكون مختلفة، فقد تعوّد على إلقاء التصريحات المستفزة من دون أن يتحسب لأية عواقب. والظاهر، في ظل السياق العام شديد التوتر مع فرنسا والمغرب، أن حديثه عن تبعية جزء واسع من الغرب الجزائري تاريخيا للمغرب، وهي مزاعم لا أساس لها وفق من ردوا عليه، لم يمر بدون أن يثير حفيظة السلطات التي حركت الدعوى العمومية في القضية، ليتم اعتقاله ووضعه رهن الحبس المؤقت في انتظار محاكمته.
نقاش تاريخي
ومن بين من تناولوا تصريحات صنصال بالرد، يبرز الرئيس السابق للرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، بوجمعة غشير، الذي قال في حديثه مع “القدس العربي” إن مشكلة هذا الكاتب أنه يعاني من “داء الكلام في كل شيء” حتى في المواضيع التي لا يمتلك فيها المعرفة الكافية، فهو يخوض حسبه، في قضايا معقدة بدون إلمام حقيقي بها، ويقدم معلومات خاطئة تفتقر إلى أي سند تاريخي أو علمي.
وأكد غشير أن ادعاء صنصال بأن فرنسا هي التي سمّت الجزائر بهذا الاسم دليل واضح على جهله، مشيرًا إلى أن اسم الجزائر ورد في المصادر التاريخية قبل الاستعمار الفرنسي بقرون طويلة. واستدل في هذا السياق بالجغرافي البكري، الذي ذكر اسم الجزائر في القرن العاشر الميلادي، وكذلك ابن خلدون الذي أشار إليها في مقدمته. كما أضاف أن اسم الجزائر ظهر أيضًا في أحد كتب الكاتب الإسباني الشهير ميغيل دي سرفانتس، ما يُفنّد مزاعم صنصال.
وتطرق الحقوقي إلى تصريحات صنصال المتكررة التي ينكر فيها وجود الجزائر كدولة، مشيرًا إلى أنه دائمًا ما يتحدث عن البلاد التي يحمل جنسيتها بنبرة تحقيرية. وأكد أن هذه التصريحات تعكس جهلًا صارخًا، خاصة فيما يتعلق بمسألة الحدود الجزائرية. وأوضح أنه لو كان صنصال اطلع على الخرائط التاريخية المحفوظة في المكتبات الفرنسية والهيئات المختصة، لما أطلق مثل هذه الادعاءات المغلوطة.
وفيما يتعلق بتصريح صنصال الأخير حول الحدود الجزائرية-المغربية، أكد غشير أن هذا الموضوع قد حُسم نهائيًا منذ توقيع معاهدة الرباط سنة 1972. وشرح أن هذه المعاهدة، التي تمت بحضور الدول الأفريقية المشاركة في قمة الوحدة الأفريقية، قد صادقت عليها الجزائر في 1973، بينما صادق عليها المغرب في 1992. كما أشار إلى أن الاتفاقية سُجّلت رسميًا في مكتب الأمم المتحدة بتاريخ 31 تموز/يوليو 2002 تحت رقم 38587 ما يُغلق أي مجال لإعادة طرح الموضوع من جديد.
وشدد غشير على أن إعادة إثارة قضية الحدود ليست سوى محاولة استفزازية تخدم أجندات معينة، مؤكدًا أن مثل هذه الادعاءات لا تُفسَّر إلا كجزء من محاولات لإثارة الفتنة. وأضاف أن صنصال يسعى فقط لإرضاء اليمين الفرنسي المتطرف، الذي يستغله كوسيلة دعائية تخدم مصالحه السياسية.
وتبنى هذا الرأي الغالبية الساحقة من المتفاعلين مع القضية، خاصة أن صنصال في تصريحاته استهدف منطقة كانت مهد الوطنية الجزائرية، فمنطقة معسكر أنجبت الأمير عبد القادر الجزائري مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة. أما تلمسان في أقصى الشمال الغربي الجزائري، فأعطت للجزائر الزعيم الوطني مصالي الحاج الذي يعتبر أب الحركة الوطنية التي خاضت العمل السياسي ضد الاحتلال قبل بدء الثورة المسلحة سنة 1954. لذلك، اعتبرت تصريحات صنصال جهلا فادحا بالتاريخ، وفق ما وصفها الدبلوماسي السابق عبد العزيز رحابي، بينما أبدى متابعون وسياسيون من مختلف الاتجاهات استنكارهم الشديد لها، معتبرين أن حدود البلاد لا يمكن أن تكون عرضة للتصريحات المغرضة المبنية على الأهواء.
خلاف على السجن
وبعد جدل كبير كانت مواقع التواصل في الأساس مسرحا له، بدا أن نقطة الخلاف عند الجزائريين في القضية، كانت حول التعامل مع صنصال بالسجن. وهنا، برزت العديد من الأصوات التي رأت في ذلك خطأ، في مقابل أخرى أكدت أن على العدالة أن تأخذ مجراها.
وفي اعتقاد غشير، فإن الأفضل لو أن السلطات الجزائرية لم تسقط في هذا الفخ (السجن) لأن أمثال صنصال، حسبه، لا يمتلكون أي تأثير حقيقي على الأحداث، وهم يدركون ذلك جيدًا. وأكد أن “الهدف الأساسي من تصريحات صنصال هو إثارة الجدل، لا سيما أنه يعمل كـ(بوق) لخدمة أجندات اليمين الفرنسي، الذي يجد في مثل هذه الشخصيات وسيلة للتشويش على الحقائق التاريخية وتشويه صورة الجزائر”.
وعلى نفس المنوال، أكد رابح لونيسي المؤرخ أستاذ العلوم السياسية، في حديثه مع “القدس العربي” أن معالجة قضية صنصال كان يمكن أن تتم بحكمة وبدون تضخيم إعلامي، لأن ذلك يعطي، وفقه، “فرصة للأطراف المعادية لاستغلال الوضع، خصوصًا في ظل الظروف الدولية الحالية” التي وصفها بالمليئة بالمخاطر والمناورات التي تهدد استقرار ووحدة الجزائر.
من جهته، يرى الباحث في علم الاجتماع هواري عدي أن قضية بوعلام صنصال يجب أن تُعالج وفق مبادئ دولة القانون، حيث لا ينبغي أن تُعتبر الآراء، مهما كانت غريبة أو مستفزة، جريمة تستوجب الاعتقال.
وأكد عدي أن “الحل الأمثل كان يتمثل في دعوة صنصال إلى مناظرة تلفزيونية مفتوحة، يُعرض فيها موقفه بشأن القضايا التي أثارت الجدل، مثل تصريحاته عن الحدود الغربية للجزائر أو الحرب في غزة”. مثل هذا النقاش العلني، برأيه، كان سيسمح للرأي العام الجزائري بالاطلاع على مواقفه وتفنيدها بالحجة والمنطق، بدلًا من اللجوء إلى الحلول الأمنية.
وشدد الباحث على أن المطالبة بإطلاق سراح صنصال مسألة مشروعة، ولكنها لن تحمل أي معنى حقيقي إذا لم تتسع لتشمل جميع المعتقلين الذين يقبعون في السجون بسبب آرائهم السياسية أو انتقاداتهم لإدارة الدولة. ذلك أن التركيز على صنصال فقط، حسبه، قد يُفسَّر كخضوع للضغوط الخارجية، بينما يتم تجاهل المطالب الديمقراطية الداخلية التي تطالب بإطلاق سراح معتقلي الرأي. هذا التناقض، وفقًا لعدي، يمكن أن يضعف مصداقية الحكومة ويثير تساؤلات حول المعايير التي تعتمدها في التعامل مع قضايا حرية التعبير.
ويخالف الباحث في علم الاجتماع نوري دريس، هذه الآراء، التي ترى أن السجن سيحول صنصال إلى “نجم” إعلامي أو “ضحية” في نظر الغرب. وهنا، يشدد دريس على أن المسألة لا تتعلق بالربح أو الخسارة الإعلامية، بل بضرورة معاقبة من يتطاول على الوطن ويخونه. فالسجن، برأيه، ليس أداة لتحقيق مكاسب سياسية، بل وسيلة لمعاقبة المجرمين والخونة، وترك هؤلاء خارج أسوار السجن هو الخسارة الحقيقية للدولة. أما صنصال، كما يوضح، فقد اكتسب شهرته في الإعلام اليميني الغربي منذ سنوات من خلال مواقفه المعادية لبلده، وبالتالي، أي “نجومية” إضافية ليست جديدة ولن تغير من موقف أعداء الجزائر.
وبذلك، يعتقد دريس أن الحل يكمن في معاقبته بالقانون، ليبقى داخل السجن بعيدًا عن المنابر الإعلامية التي يستغلها لتشويه صورة البلاد. كما يؤكد أن ترك مثل هذه الأصوات بدون عقاب يمنحها فرصة أكبر لتقديم روايات مغلوطة، قد تضر بالوطن، خاصة حين يصف أبطال الثورة الجزائرية بالإرهابيين، وهو أمر لا يمكن السكوت عنه.
وفي الواقع، حسب دريس، فإن الإعلام اليميني الغربي لم يكن يومًا مهتمًا بمصلحة الجزائر أو بصورتها الحقيقية. فموقفه ثابت ومبني على أجندات معادية، ومهما فعلت الجزائر، فإن صورتها في أعين هؤلاء لن تتغير. لذلك، من الضروري – يقول- التعامل بحزم مع كل من يسعى للنيل من الوطن، من دون الالتفات إلى محاولات الاستغلال الإعلامي التي تحاول تضخيم مثل هذه القضايا لخدمة مصالحها الخاصة.
وفي الجانب الإجرائي، ينتظر أن تدرس غرفة الاتهام ملف صنصال يوم 11 كانون الأول/ديسمبر الجاري، لتحديد ما إذا كان سيبقى في السجن المؤقت أم سيتم تخفيف ذلك إلى إجراءات الرقابة القضائية أو الإفراج، في انتظار محاكمته.
وفي تعليقه، يرى الحقوقي والمحامي المختص في قضايا الرأي عبد الغني بادي، أن تصريحات صنصال بشأن الحدود تُعدّ مساسًا بوحدة الوطن، خاصة في ظل الظروف الحالية التي تشهد توترًا شديدًا ومعقّدًا في العلاقات بين الجزائر والمغرب، مع تورط الأخير في علاقات مع الكيان الصهيوني. مشددا على أن إعادة طرح قضايا تتعلق بالحدود التاريخية في هذا التوقيت يحمل في طياته أبعادًا استفزازية، ويخدم أجندات خارجية.
لكن الإشكال وفق ما قاله بادي لـ”القدس العربي” أن المشرّع لم يقدّم تعريفًا دقيقًا لمفهوم “المساس بسلامة ووحدة الوطن”، وهو ما يجعل النص القانوني هشًا ويفتقر إلى الوضوح. وأشار إلى أن هذا الغموض يمثّل عيبًا تشريعيًا يتنافى مع مبدأ الشرعية الدستورية، الذي يفرض ضرورة أن تكون النصوص القانونية واضحة وغير قابلة للتأويل.
وأكد المحامي أن لصنصال، كأي مواطن، الحق في محاكمة عادلة، ويجب أن تُجرى هذه المحاكمة بدون أي ضغوط من شأنها التأثير على مسار العدالة أو الحكم النهائي، مشيرًا إلى ضرورة احترام مبادئ العدالة بعيدًا عن أي اعتبارات أخرى.
اليمين المتطرف وحرية التعبير
منذ إعلان اعتقال بوعلام صنصال في تشرين الثاني/نوفمبر 2023، شنت أوساط اليمين المتطرف الفرنسي موجة من الانتقادات ضد الحكومة الجزائرية، بزعم انتهاكها الحريات في هذه القضية. وقد تدافعت رموز هذا التيار من إيريك زمور السياسي المدان بالعنصرية في بلاده ومارين لوبان التي تواجه قضايا تلاعب بمنح الاتحاد الأوربي وسارة خنافو التي سبق لها الإدلاء بتصريحات مضللة حول الجزائر وغيرهم، لنصرة صنصال الذي تحول في نظرهم لبطل يحارب “الديكتاتورية” في تجاهل تام لماضي الرجل الذي اشتغل في منصب حكومي رفيع بوزارة الصناعة الجزائرية، حيث كان مديرا للصناعة، ما يجعله أبعد من يكون معارضا.
وقد وصل هذا الهجوم ذروته، عندما طالبت ماريون ماريشال، حفيدة مؤسس حزب الجبهة الوطنية الفرنسي اليميني المتطرف جون ماري لوبان، من على منبر الاتحاد الأوربي، بمقايضة “3500 مجرم جزائري” من السجون الفرنسية مقابل الإفراج عن صنصال. وذهبت في الاستفزاز لحد القول إن “الجزائر تتصرف كدولة مارقة”.
وفي الواقع، لم يكن اليمين المتطرف يوما متحمسا لقضايا الحريات في الجزائر. ووفق ما رصدته “القدس العربي” فقد صوّت نائبان ينتميان لحزب السياسي الفرنسي المتطرف إيريك زمور ضد اللائحة المثيرة للجدل حول حرية الصحافة في الجزائر، والتي تم طرحها في البرلمان الأوربي في أيار/مايو 2023.
وتشير الوثائق المرفقة التي نشرها البرلمان الأوربي المتعلقة بقائمة المصوتين، إلى وجود 4 نواب صوتوا ضد اللائحة بينهما اثنان من فرنسا يمثلان اليمين المتطرف بقيادة إيريك زمور زعيم حزب “استرداد” الذي خاض الرئاسيات الفرنسية وخرج من الدور الأول بعد أن احتل المركز الرابع، واشتهر بخطابه المصمم بالكامل على معاداة المهاجرين والمسلمين منهم تحديدا. ومن هؤلاء النواب، نيكولا باي الذي كان يشغل حينها نائب الرئيس التنفيذي في حزب “استرداد”. كما تبرز أيضا ضمن القائمة النائبة ماكسيت بيرباكاس المنحدرة من مقاطعة غوادلوب الفرنسية في منطقة الكاريبي، وهي بالمثل كانت تتبع حزب مارين لوبان قبل أن تنتقل لمساندة زمور.
وكان تصويت هذا التيار يبدو منطقيا، كون اليمين المتطرف عموما في فرنسا وأوروبا يتبنى مقاربة تقوم على رفض فكرة أن تخوض دولهم في قضايا الحريات وحقوق الإنسان في باقي البلدان، وهو ما يظهر داخل أوروبا نفسها، من خلال رفض تعاطي هذا التيار مع دعوات القوى المعتدلة، لمعاقبة رئيس المجر فيكتور أوربان على مواقفه وقراراته التي يصفها البعض بالمخالفة للقيم الأوروبية وغير ذلك من القضايا الشبيهة.
لكن ما اختلف مع صنصال، هو أن اليمين المتطرف شعر باستهداف كاتب يتمثل أفكاره، بل يمثل منظرا للكثير منها، فيما يخص النظرة للإسلام والمهاجرين العرب والمسلمين، فالرجل يتبنى في رواياته وكتاباته، فكرة أن أوروبا ستتحول إلى قارة بأغلبية مسلمة، وهو نفس طرح نظرية “الاستبدال الأكبر” التي يلعب عليها اليمين المتطرف في تخويف الناخبين الأوروبيين لاستقطاب أصواتهم. وليس هذا فحسب، فصنصال يستغرق في مقاربة يمينية خالصة بخصوص الثورة الجزائرية، عبر مساواة الضحية بالجلاد، ونعت بعض أعمال الثورة بالإرهاب. أما بخصوص فلسطين، فهو يتماهى مع الطرح الغربي الداعم لإسرائيل، حيث اشتهر بزياراته المتكررة لهذا الكيان وتصريحاته المستفزة بعد عملية طوفان الأقصى.
جذور العداء
وفي الحقيقة، يمثل موقف اليمين المتطرف اليوم من الجزائر وكل ما يرمز لها امتدادا طبيعيا لما كان عليه هذا التيار خلال فترة الاستعمار الفرنسي، حيث كان يدعو لإبقاء الجزائر تحت الاستعمار الفرنسي بأي ثمن. وكانت نقطة الخلاف الكبرى لهذا التيار مع الرئيس الفرنسي شارل ديغول مفاوضة الأخير لجبهة التحرير الوطني للتوصل لوقف إطلاق النار ومن ثم تنظيم الاستفتاء على الاستقلال.
وفي هذه النقطة، يقول المؤرخ رابح لونيسي، إن جذور العداء التاريخي لليمين المتطرف الفرنسي تجاه الجزائر تعود إلى الحقبة الاستعمارية، حيث تشكل هذا العداء واشتد مع ظهور منظمة الجيش السري التي جمعت غلاة المستوطنين الفرنسيين في الجزائر. وأوضح أن شخصيات بارزة مثل جان ماري لوبان، زعيمة اليمين المتطرف، كانت جزءًا من هذه الحركة المتطرفة، مشيرًا إلى أن هؤلاء كانوا متعاطفين مع النازية خلال الحرب العالمية الثانية، ولهم مواقف تؤكد ذلك.
وأضاف لونيسي أن حقد اليمين المتطرف على الجزائر ينبع من اعتقادهم بأن فرنسا هي التي “صنعت” الجزائر وبنتها، وأن الجزائر لم تكن سوى “صحراء قاحلة” قبل عام 1830 حسب زعمهم. وأكد أن هذا التيار لا يعترف بمبادئ حرية التعبير، شأنه شأن كل التيارات الفاشية. وبالتالي، فإن دفاعهم عن الكاتب صنصال ليس، وفقه، بدافع حقيقي من أجل حرية التعبير، بل هو استغلال سياسي يخدم مصالحهم وأجنداتهم الخاصة.
«القدس العربي»: