ثقافة وفنون

«عالم شادي عبد السلام»… سكتشات ولوحات من وحي فيلم «المومياء»

«عالم شادي عبد السلام»… سكتشات ولوحات من وحي فيلم «المومياء»

محمد عبد الرحيم

كاتب مصري

القاهرة ـ  لشادي عبد السلام (15 مارس/آذار 1930 ــ 8 أكتوبر/تشرين الأول 1986) أثر لا يُنكر على الفن التشكيلي المصري المعاصر، ربما يفوق أثره في فن السينما، الذي طرق بابه بفيلمه الشهير «المومياء» أو «يوم أن تحصى السنين» إنتاج عام 1969. ويرجع سبب التأثير هذا إلى جماهيرية الفن السينمائي مقارنة بالفن التشكيلي، الذي لم يستطع للأسف أن يخرج إلى العامة، واكتفى بالمتاحف وقاعات العرض والتداول بين الفنانين أنفسهم، كما لم يستطع فيلم «المومياء» بدوره أن يحقق هذه الجماهيرية، فهو ـ مهما كانت قيمته الفنية ـ فيلم للصفوة صنعه أحد أبنائها. وبالطبع حقق الفيلم نجاحاً عالمياً ونال العديد من الجوائز المهمة والتقدير النقدي، إضافة إلى التغني به من قِبل المثقفين المصريين، أو مَن يريد الانتساب إليهم.
وفي ظل مهرجان سينمائي دولي، جاء الاحتفال بتجربة شادي عبد السلام في احتفالية على هامش مهرجان القاهرة السينمائي الأخير، التي تمثلت في عرض بعض من مقتنياته، لوحات واسكتشات لأفلامه وبعض الأفلام التي شارك بها من خلال الديكور وتصميم الملابس، هذا العرض الذي أقيم في قاعة (الباب) في دار الأوبرا المصرية، ثم معرض آخر أقيم في قاعة آدم حنين في مركز الهناجر للفنون، وهو من تنظيم جماعة (آرت 74)، وضم عدة أعمال لفنانين مختلفين أسلوباً وتقنية مستوحاة من فيلم «المومياء».

عالم شادي عبد السلام

«منذ بدأت أعمل وأنا أعتقد أن لي قضية.. قضيتي هي التاريخ الغائب، أو المفقود .. الناس الذين تراهم في الشوارع والبيوت.. في الحقول والمصانع، لهم تاريخ.. هؤلاء الناس أغنوا الإنسانية، كيف نعيدهم للدور نفسه، كيف نستعيد مساهمتهم الإيجابية والقوية في الحياة؟ لا بد أولاً أن يعرفوا مَن هُم؟ وماذا كانوا؟ وماذا قدّموا؟ لا بد أن نوصل بين إنسان اليوم وإنسان الأمس، لنقدم إنسان الغد.. هذه هي قضيتي». وبغض النظر عن أي (ناس) يتحدث الرجل، تتصدر هذه العبارات الإنشائية البوستر الذي يحتوي على سيرة ذاتية مختصرة للفنان نفسه، خلال المعرض الذي استعرض بعض مقتنياته، والتي تأتي ضمن مقتنيات مكتبة الإسكندرية، التي تضم المتحف الخاص به. وتمثلت هذه المعروضات في اسكتشات رسمها عبد السلام للقطات تفصيلية من فيلم «المومياء»، وقد رسم جميع لقطات الفيلم ـ ستوري بورد كامل ـ في تتابع مشاهد دقيق، وصولاً إلى نوع العدسة وزمن اللقطة، مع ذكر حركة الكاميرا بالطبع. إلى جانب ذلك تم استعراض عدة رسومات ولوحات لأزياء بعض الشخصيات، التي صمم لها عبد السلام الأزياء والأكسسوار، وذلك في أفلام مثل، «وا إسلاماه»، «الناصر صلاح الدين»، «أمير الدهاء»، «شفيقة القبطية»، و»ألمظ وعبده الحامولي».

«يوم أن تحصى السنين»

اللافت في هذا الاحتفاء بتجربة شادي عبد السلام هو تناول عدد من الفنانين فيلمه الأشهر «يوم أن تحصى السنين» والمعروف بـ»المومياء» وتنفيذ عدة لوحات من وحي الفيلم، مع تنوع في الخامات والأساليب الفنية، بداية من تجسيد لقطات بعينها من الفيلم، كما في عمل الفنانين أحمد ليثي، يوسف راغب ومينا إسحق، والأخير حاول حشد اللقطة بعدة شخصيات وخلفية مختلفة عن اللقطة الأصلية. كذلك جاءت لقطات تعبيرية ومستوحاة من الجو العام، سواء للمكان أو الشخصيات، وهو ما تمثل في أعمال كل من الفنانين حنفي محمود، جمال الخشن، أحمد القط، الذي جمع في لوحته أشهر لقطات الفيلم، والفنانة نازلي مدكور، التي اتخذت من التجريد أسلوباً لتجعل من الشخصيات وبيئتها الصحراوية، والمعالم الشهيرة لهذه البيئة، والدالة عليها كالمعبد الفرعوني. كل هذا في تكوين تبدو كل مفرداته وكأنها جسد واحد ضخم لا ينفصل، كائن خرافي يمثل حكاية أسطورية من زمن بعيد.

    

 

«القدس العربي»:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب