مقالات

 انقذوا ما تبقى من الوطن بقلم الكاتب مروان سلطان -فلسطين

بقلم الكاتب مروان سلطان -فلسطين

 انقذوا ما تبقى من الوطن

بقلم الكاتب مروان سلطان -فلسطين

15.12.2023

—————————

ما زال ما يربو على اثنين مليون انسان فلسطيني  ما بين امراءة وشيخ وطفل يذوقون العذابات ، على ايدي الاحتلال الاسرائيلي الغاشم في قطاع غزة . قطاع غزة الذي طالما تغنينا ببطولاته وتغنينا بصموده ليصبح كومة رماد ، الشجر والحجر والانسان، لقد اقدم الاحتلال على الانتقام منه بابشع الوسائل والصور ، بعد ان قامت حركة حماس باجتياز الحدود من قطاع غزة الى غلاف غزة بطائرات شراعية ، ودراجات نارية ، وعربات النقل الرباعي …. الخ . ثلاث ساعات من الولوج الى فضاء فلسطين التاريخية في غزوة الى المستوطنات المقامة في غلاف غزة اعقبها الرد الاسرائيلي ،حرب بلا هوادة عليها ، وتصريح دولي لهم بالامعان في القتل والتدمير بدء من الرضع والركع والنساء والاطفال وكل ما يمر عليه جنود الاحتلال. فالت غزة الى خرابة تعبث بها الغربان والقطط والكلاب، واضحت مقبرة امتلئت ارضها بالجثث ولم تعد  تتسع لمزيد من الموتى . بمعنى ان غزة التي في بطولاتها عبر التاريخ اختزلت في غزوة ، جرت من الويلات على الشعب الفلسطيني التي لا تقدر بثمن، قتل الاطفال والنساء والشيوخ وما زال الامعان في القتل قائما دون يرجف للاعداء جفن ، ولقد بات الغزيون همهم الاوحد متى يتوقف هذا العناء. موت من القذائف وموت من الحر وموت من البرد وموت من الجوع وموت من العطش وموت من المرض. وان فاتك موتك من سبب لحقك موت من سبب اخر.

نعم المقاومة حق شرعي للشعوب المقهورة ، واشكال المقاومة متعددة والتفنن في صناعة المقاومة امر ابداعي ولم تكن المقاومة صناعة حديثة ابدا ، بل هي كانت على مر تاريخ الصراع مع المحتلين. رفض الاحتلال امر قائم ولا تقبل الشعوب المستعمرة ان يطول احتلالها. وهو الحال في فلسطين. الشعوب التي قاومت الاحتلال وجدت امداد بلا حدود لها من شعوب ودول اخرى . في فيتنام 🇻🇳 كان الاتحاد السوفيتي سندا للثورة الفيتنامية، وفي الجزائر كان عبد الناصر سندا لهذه الثورة . في فلسطين 🇵🇸 كان على المقاومة ان تعمل وفقا لواقعها المحاصر فالإمداد العسكري يساوي صفر . لانه لا احد من عالمنا المعاصر يجرؤ على استفزاز اسرائيل. ذلك لان اسرائيل لها من يستطيع ان يوقف تلك الامدادات عبر وسائل المراقبة الدولية. وان تعثر ذلك فاقرأ الفاتحة على اي جهة تساند فلسطين 🇵🇸بالعتاد العسكري. حتى الدول التي هي في عداد الدول المواجهة لا تتمكن من شراء اسلحة هجومية استراتيجية ، فالدول ومنها الصديقة لا تبيع سلاحا استراتيجيا من اجل تحرير الارض العربية من اسرائيل. وكان ذلك بروتوكول متفاهم عليه بين دول العالم، في ابقاء اسرائيل دولة متفوقة عسكريا على محيطها، ومخازن السلاح لها مفتوحة. في فلسطين المقاومة قامت عبر تاريخها بالعمليات العسكرية ولكنها كانت في اطار محدود خوفا من الانتقام الغير محدود من الجانب الاسرائيلي. وهناك قصص كثيرة تروى عن القادة الفلسطينين والفدائيين الذين مارسوا العمل الفدائي، وكانت فلسفة العمل الفدائي التي وردت تقوم على عدم اثارة الطرف الاخر في الانتقام الغير محدود من المناطق التي تتواجد فيها قواعد الفدائيون، وتحمل الردود الممكنة على العمل الفدائي، للابقاء على استراتيجية العمل المقاوم وليس تدميره، كما هو حاصل الان في غزة، وما حصل في لبنان.

بعد السابع من اكتوبر 2023, لم تعد اسرائيل تقبل باي شكل من الاشكال المواجهة المسلحة ، واتخذت قرار برفض التعايش مع المحيط المطرب، لذا كان ملاحظ استعمالها للطيران الحربي والمسيرات ، والقوة الارضية المفرطة في المواجهات العسكرية الفردية التي تحدث في الضفة الغربية.

استمرار المقاومة في الشارع الفلسطيني رفضا للاحتلال وإجراءاته يجب ان تستمر من خلال المقاومة الشعبية السلمية ، بحيث تمنع على الاحتلال البطش والتدمير والقتل ، والذي تمارسه دون مبرر.

عبر السنوات الطويلة للاحتلال ومع كل مواجهة مسلحة مع المقاومة ، سلخت اسرائيل كل الاماكن التي دارت فيها المواجهات. واكبر مثال على ذلك البلدة القديمة في الخليل، ومنطقة الدبويا، ومنطقة الحرم الابراهيمي  وفي القدس وكل الاماكن الاخرى التي احاطتها بالابراج العسكرية والحواجز والاغلاقات ردا على كل عملية من المقاومة المسلحة.

لم تستطع اسرائيل في انتفاضة الحجارة ان تعمد  الى اتخاذ اجراءات انتقامية، بينما قامت باجراءات انتقامية في انتفاضة عام 2000 وقامت بتدمير مساحة واسعة من البنية التحتية في الضفة الغربية واعادة اجتياحها، ومنعت الفلسطينين من دخول مناطق ومساحات اخرى في المدن والقرى الفلسطينية.

بعد اتفاقية اوسلو التزمت منظمة التحرير الفلسطينية ، باتفاقيات ندم فيما بعد على توقيعا الجانب الاسرائيلي ، ومهما كانت نواقص تلك الاتفاقية الا انها اوجدت في نفس الشعب الفلسطينية هويته  السياسية ونزعته الى الاستقلال وانشاء دولته على ارض فلسطين، وقال الرئيس الخالد ابو عمار انا سادافع عن هذا المولود الجديد ، وساقف في وجه من يريد التخلص منه. لقد عاد ياسر عرفات الى ارض الوطن من اجل  ان يقف على ارض الوطن لمقاومة الاحتلال من الداخل عندما فقط الارض العربية للمقاومة ودفع الثمن ، انتصارا للقضية الفلسطينية التي رفض ان يساوم على ثوابتها. وخلف الشهيد ابو عمار ابو مازن الذي سجل انتصاراته على دولة الاحتلال في الاندماج في المؤسسات الدولية.  ونحن جميعا يتلمس اهمية الانضمام للمؤسسات الدولية التي حاصرت العدو في اضيق خانته ، وجعلت رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو ان يتحدث مع تفسه غيظا، وكمدا ، وهذا جاء لي اطار المقاومة السلمية للاحتلال التي انجزت اكثر الف مرة مما تفعله اليوم البنادق الماجورة. هناك من سيقول ان اسرائيل لا تلتزم بالمعاهدات والاتفاقيات، وهذا صحيح مائة بالمائة . الرسول الكريم سيدنا محمد عليه السلام وقع اتفاقيات مع قريش ومع اليهود واخل هؤلاء يتلك المعاهدات والتزم بها الرسول محمد عليه افضل صلاة واتم سلام لامر ما، والترام الفلسطينين ياتي من هذا الباب.

تتحدث اسرائيل ان ايران ادخلت الكثير من العتاد الى الضفة الغربية، انا لا اعرف وكذلك الكثيرين لا يعرفوا كيف يتم ادخال السلاح الى الضفة الغربية، ولكن الذي نعرفه ان اسرائيل ادخلت السلاح الى الضفة الغربية من خلال التجار والوسطاء الاسرائيليين، وبشكل واسع ورغم اسعار قطع السلاح مرتفعة الثمن التي اصبحت تجارة في السوق السوداء وعمل من لا عمل له، اتعرفون لماذا؟ نعم انهم كانوا يتطلعون الى الاقتتال الداخلي الفلسطيني، ولكن خاب ظنهم. في هذا الواقع الشعب الفلسطيني يقف حائلا امام الفلتان الامني في وجود حكومة او بدونها. فقد عشنا بدون الحكومة الوطنية اكثر من خمس عقود ولم تسقط قطرة دم في اوساط الشعب الفلسطيني. واذا حدث تغيير في هذه التركيبة فان الاحتلال يكون قد وجد مسربا يدخل من خلاله.

قضايا التي تثار في التخوين للقادة الفلسطينيين واجهزتنا الامنية العتيدة  ، تجد الى بابها سردابا واسعا من ذوي الاجندات ، والمهزومين، او ممن فقدوا مواقعهم ويريدون ان يفتحوا نافذة يتم خلالها تدمير الشعب الفلسطيني ويقف الرئيس والاجهزة الامنية الفلسطينية حائلا دون ذلك. لا يعقل ان تصبح الضفة الغربية تستباح بعد غزة ولبنان، لتكون ساحة وذراع اي كان الخلفية. لقد بقيت الضفة الغربية على الدوام سندا لاهلنا في غزة بعد كل كارثة او محنة تمر بها بسبب العدوان الاسرائيلي واذا ذهبت الضفة وهي اليوم تان اليوم ايضا من الحصار الاسرائيلي العسكري والاستيطاني فماذا ستعمل غزة؟.  الى متى سيظل هذا المسلسل البائس في تخوين من يعمل للوطن ، وفي ذات الوقت الخائنون الحقيقيون يجدون ملاذا امنا.  لقد اغتالت اسرائيل قيادات فلسطينية ، وكانت تختار بعناية من تقتل وتغتال ، لقد اغتالت من كان للوحدة الفلسطينية عنوان، وهذا يكفي. فلا تكونوا للشقاق انتم عنوان.

يحب ان نفهم اننا لا نقاتل الاحتلال الاسرائيلي ، ابدا نحن نواجه القرار الدولي في ابقاء هذه المنطقة تحت نير الاحتلال الاسرائيلي ، قاعدة عسكرية متفوقة على كل محيطها ، خارجة على الاعراف الدولية ومحمية من النظام العالمي، لان اسرائيل هي دولة وظيفية في هذا العالم بالصالة عن النظام الدولي. وهذا لا يمنعنا ان نقاوم، بل يجب ان نقاوم ولكن دون ان نعرض شعبنا الى الهلاك.

طالما ان هذا العدو يجد في فلسطين سوقا رابحة له فالاحتلال مستمر ولماذا يغادر وهو الرابح، واذا اردتم ان ينتهي الاحتلال ، يجب ان تصلوا الى الطريقة التي يشعر فيها هذا الاحتلال انه خاسر في وجوده على الارض الفلسطينية. فكروا خارج الصندوق ، وجودنا على هذه الارض مقاومة، واجعلوا وجوده على هذه الارض خسارة لا مكسبا.

الكل مدعو ان يحافظ على ما تبقى من هذا الوطن، فالمعركة طويلة الامد ، وانتم ترون ان الاحتلال الاسرائيلي يفتح الجبهة تلو الجبهة والعدوان الاسرائيلي بلا حدود وإمكانيته غير محدودة، بل ومدعومة من خزائن الارض كلها، وجودنا على هذه الارض لوحده عنوان للمقاومة والتحدي، لاسباب كثيرة تقلصت حدود الوطن ، لكن من يحمل هم الوطن يعلم ان حدوده هي من الثوابت ، وعند حدوده هي احدى الحسنيين النصر او الشهادة، وعليها قضى كان الشهداء.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب