مقالات
في سبيل سوريا الجديدة : توحيد وبناء ولا تُغمِضوا العين على الكِيان الصهيوني ! بقلم نبيل الزعبي -طليعة لبنان –
بقلم نبيل الزعبي -طليعة لبنان -
في سبيل سوريا الجديدة : توحيد وبناء ولا تُغمِضوا العين على الكِيان الصهيوني !
بقلم نبيل الزعبي -طليعة لبنان –
لم يُفاجَأ احدُّ من المراقبين في سوريا وخارجها من تدحرج المسار الامني المتراكم إلى مرحلة الانفجار الذي جعل النظام السابق يدفع ثمن إجرامه جراء ما اقترفه بحق الشعب السوري من مظالم واستبداد ، بقدر ما فاجأ الجميع التحّوُل الجديد في مشهدية التغيير الحاصل يوم الثامن من كانون اول ٢٠٢٤ . ثمة امرين أساسيين لا يمكن التغاضي عنهما وسوريا تنفض عنها سمات الرعب والخوف والإجرام : -يتمثل الاول بما تظهّر من كراهية جامعة غير مسبوقة للنظام البائد وكم كبت السوريون مشاعرهم طوال خمسة عقود ونيّف من السنين حوّلت الغالبية العظمى منهم إلى ممارسة “التقية”اتقاءً لشرورٍ لم يكن من المعروف حدود قساوتها وإجرامها ، ولعلّ ما كانت عليه إنتاجات المخرجين والفنانين والممثلين وصنّاع الفن السابع في سوريا اكثر من عبّر عن ذلك في “تأليه” القائد وخلوده وأبديته وكأن قدر الشعب السوري ان يكون بلده مزرعةً محكومةً لعائلة تنتقل ملكيتها بالتوريث وانتهاك الدساتير والأعراف فلم يكن من سبيل آخر غيرهذه التقية لاخفاء ما في الصدور من كبت داخلي لم يجد سوى التملُق للنظام طالما الطريق الآخر يقود حتماً الى السجون والمعتقلات والتضييق في سبل العيش دون ان نستثني في المقابل من ركبوا هذه الموجة أيضاً بدوافع الاسترزاق والسلامة الشخصية وهؤلاء ، لم يقتصر وجودهم على سوريا وانما امتد إلى لبنان ، الخاصرة الاضعف للنظام ، فشهد اللبنانيون مثيلاً متطابقاً للحالة السورية انعكست على المجالس النيابية والوزارية وترويكا رؤساء الحكم الثلاثي اللبناني منذ اتفاق الطائف امتداداً لخمس وثلاثين عاماً لم يكن لبنان “الشقيق” سوى المزرعة الخلفية الاخرى للعائلة الحاكمة في سوريا وممثليها الأمنيين في لبنان ، -اما الآخر فقد تمثل بمدى الفرح الذي عمّ سوريا بمدنها وساحاتها التي اندفع اليها السوريون وكإنهم يخرجون من السجن الكبير ليستقبلوا الحدث الجديد بالأهازيج والدبكة والفرح وهم يعودون للحياه من جديد بعد سنوات المرارة والعذاب غير مبالين بالغد ومن سيحكمهم طالما هو ، في العقل الجمعي ، لن يكون حتماً على درجة ما كان عليه النظام البائد الذي صدم القريب والبعيد بمدى “تقدمه” الهائل في عمليات القتل وهندسة السجون والمعتقلات التي لا بد من طوي صفحتها إلى الابد سواء بتدميرها حجراً حجراً او تحويلها إلى منشآت”سياحية” على غرار ما فعل نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا مع سجون الحكم العنصري السابق لبلاده . ماذا يعني ما تقدّم سوى ان الآمال كبيرة ومعلّقةُ على التغيير الحاصل بقدر الآلام والجراح والدماء والصبر والمعاناة التي قدّمها السوريون على مدى نيّف وخمسة من العقود ومن غير المسموح ان يكافأ عذابهم بالندم على آمالهم الجديدة التي يتشاركون فيها مع كل مناضل وثائر ومجاهد هم من صلب الشعب السوري ولم يهبطوا بالباراشوت عليه وانما عانوا ما عاناه وكابدوا معه طوال تلك العقود لتحويل الحلم بسوريا الجديدة الى حقيقة . ليضع الذين تسيدوا المشهد السياسي الجدد نصب أعينهم ان الثورة على النظام ما كانت لتتسلّح بكل هذا الزخم الشعبي حولها لو لم يجد السوريون فسحة امل بتحولٍ ديموقراطي حقيقي ولو بحدوده الدنيا تحصنّهم من تعديات وتشبيح اكثر من سبعة عشر جهاز امني ومخابراتي كانوا يحصون انفاسهم على مدى ساعات الليل والنهار وعندما يعتقلون بموجب وشاية او شبهة وتقرير ملفق ، لا يحيلون ذلك على المحاكم المختصة لتبت بموجب القوانين وانما لدفع اهالي المعتقلين إلى “سماسرة” نافذين في الاجهزة للإفراج عن ابنائهم مقابل مبالغ مالية خيالية وثمة من دفع هذه المبالغ مقابل ، فقط ، كي يعرفوا مصير هؤلاء وفي اي سجن يقبعون ، وكم من ضابط ومساعد ضابط ومخبر خدم في لبنان واستفاد من هذه “الخدمات ” القذرة وحقق منها ثروات فاحشة لم يكتفوا بها وانما شاركوا كل صاحب مصلحة في عمله بغية ابتزازه وفرض الخوّات عليه . ان ما ينتظر سوريا غداً من تحديات ومخاطر لهي اشد خطورة من معركة النظام البائد سيّما وان العدو الصهيوني الذي يتفاخر بتدمير ثمانين بالمائة من القدرة العسكرية السورية ، خرج منه بالأمس من يدعو إلى دولة كردية تجمع بين أكراد سوريا والعراق في كيان مستقل واحد بوصفهم قوةً حليفةً للكيان العبري وهذا ما يجعل السيادة على كامل تراب الوطن في دولة سوريا الجديدة التي تمتلك كل مقومات البناء والتنمية لدولة ديموقراطية تعددية مكتفية اقتصادياً مع تحرير نفطها وثرواتها واستغلال مواردها الطبيعية والبشرية المهدورة ، اولى المهام التي يجب على الحكام الجدد البدء بها والا ، فعلى التغيير السلامة وعلى سوريا الجديدة الف سلام .