العقوبات تشغل حكومة الشرع: تنسيق بين «الائتلاف» وحراك السويداء
العقوبات تشغل حكومة الشرع: تنسيق بين «الائتلاف» وحراك السويداء
في زيارة هي الثانية لوفد من الإدارة السورية الجديدة إلى خارج سوريا بعد زيارة السعودية، وصل وفد من الحكومة السورية المؤقّتة إلى العاصمة القطرية الدوحة، أمس، كمحطة أولى ضمن جولة تشمل الإمارات والأردن، لبحث «قضايا استراتيجية» مع الدولة التي ساهمت بشكل مباشر في الإطاحة بالنظام السوري عبر دعم «هيئة تحرير الشام» وفصائل المعارضة السورية طيلة الأعوام الماضية، بالتعاون مع تركيا. وأجرى الوفد الذي يضم وزير الدفاع مرهف أبو قصرة ورئيس الاستخبارات العامة أنس خطاب، ويترأسه وزير الخارجية أسعد الشيباني، لقاءً مع مسؤولين قطريين، أبرزهم رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ووزير الدولة محمد الخليفي. وعقب اللقاء، قال الشيباني إن الاجتماع الذي ناقش «القضايا الأساسية والاستراتيجية» كان «عميقاً وموسّعاً»، لافتاً إلى أنه تضمّن شرحاً لـ«خارطة الطريق لدينا لإعادة بناء بلدنا، وتمكين الشعب السوري من حقوقه المدنية، وبناء حكومة تمثل كل مكوّنات الشعب»، منوّهاً بدور قطر «الشقيقة»، والذي وصفه بـ«البارز في دعم الشعب السوري، سواء خلال المحنة السابقة أو اليوم في مرحلة البناء. فهي شريك استراتيجي، ونحن حريصون على توطيد العلاقات المشتركة بما يخدم مصالح البلدين».
وفيما أشار الشيباني إلى أنه شرح للمسؤولين في قطر التحديات التي تواجه سوريا في المرحلة المقبلة، ذكر أن نقاشاً دار حول «العقوبات الاقتصادية التي باتت ضد الشعب السوري، كما تشكّل عائقاً أمام الانتعاش السريع للاقتصاد السوري»، مجدّداً الطلب من الولايات المتحدة «رفع العقوبات لسرعة التعافي والانطلاق ببناء سوريا الجديدة». وتابع أن «سوريا الجديدة ستحظى بعلاقات جيدة مع المنطقة، يسودها السلام والتعاون المشترك بعيداً عن شكل علاقات النظام البائد مع المنطقة. فنحن نسعى لترميم علاقاتنا مع المحيط العربي والإقليمي والدولي». كما توجّه إلى الدوحة بالشكر، قائلاً: «نشكر قطر الشقيقة على ما قدّمت وتقدّم من المساعدات الإنسانية، وما تمّ الاتفاق عليه اليوم من شراكات استراتيجية ستحدث فارقاً سريعاً في تعافي سوريا، وخاصة في الخدمات الأساسية»، لافتاً إلى أنه «ستكون هناك شراكات سياسية تحقق الأمن والسلام في المنطقة».
بدأ «الائتلاف» السوري (المعارض) تحرّكاً لفتح قنوات تواصل مع بعض القوى السياسية على الأرض
وفي وقت لم يذكر فيه المسؤول السوري أي تفاصيل حول ما جرى التوافق عليه، يبدو أن الإدارة الجديدة تعوّل على دور قطري متقدّم، إلى جانب الدور التركي، في دفع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى رفع العقوبات المفروضة على سوريا، بعد أن مدّدت واشنطن عقوباتها حتى عام 2029. ويتفاوت الموقف الأوروبي بين دول أبدت انفتاحها السريع، وأخرى ربطت رفع العقوبات بهيكلية الحكم والحريات، وحقوق الأقليات، بعد زيارات عديدة لمسؤولين أوروبيين إلى دمشق، آخرهم وزيرا خارجية فرنسا، جان نويل بارو، وألمانيا أنالينا بيربوك، اللذان زارا دمشق الجمعة الماضي.
وفي تصريحات جديدة أطلقها الوزير الفرنسي الذي كان أعلن من دمشق وجود خطة فرنسية لإقامة مؤتمر دولي يهدف إلى «مرافقة الفترة الانتقالية في سوريا في الاتجاه الصحيح»، وعرض تقديم الدعم لصياغة الدستور، مقدّماً بلاده على أنها «حامية للأقليات»، شدّد بارو، على ضرورة ألا تستغل أي «قوة أجنبية» سقوط حكم بشار الأسد لإضعاف سوريا. وقال بارو، في تصريحات إلى إذاعة «آر تي إل» الفرنسية، إن «سوريا تحتاج بطبيعة الحال إلى مساعدة، لكن من الضروري ألا تأتي قوة أجنبية، كما فعلت لفترة طويلة روسيا وإيران، تحت ذريعة دعم السلطات أو دعم سوريا (…) وتُضعفها بشكل إضافي». وحول العقوبات المفروضة على سوريا، قال بارو إن بعضها «من غير المقرر رفعها، وخصوصاً تلك المتعلقة بنظام بشار الأسد ومسؤوليه». لكنه أوضح أن «ثمة عقوبات أخرى من المحتمل رفعها بسرعة إلى حد ما، وخصوصاً تلك التي تعوق وصول المساعدات الإنسانية إلى الشعب السوري».
وأضاف أن سوريا «تحتاج إلى إصلاح اقتصادي. يجب أن ندرك أن إجمالي الناتج المحلي، أي الثروة التي تنتجها سوريا، تراجع إلى الخمس خلال عشر سنوات»، بالإضافة إلى تدمير «50% من البنية التحتية». أما على صعيد الحراك السياسي الداخلي، فبدأ «الائتلاف» السوري (المعارض)، الذي رفض أحمد الشرع، زعيم «هيئة تحرير الشام» الذي يقود «إدارة العمليات العسكرية، إشراكه في العملية الانتقالية، ورحّب بمشاركة أعضائه بشكل منفرد، تحركاً لفتح قنوات تواصل مع بعض القوى السياسية على الأرض، أبرزها الحراك في محافظة السويداء التي رفضت الفصائل فيها تسليم السلاح، كما السلطة المركزية التي تحاول «الإدارة الجديدة» فرضها. وفي هذا الإطار، زار وفد مؤلّف من رئيس «الائتلاف»، هادي البحرة، ورئيس هيئة التفاوض، بدر جاموس، وممثل «المجلس الوطني» الكردي، إبراهيم برو، الزعيم الدرزي الروحي، الشيخ حكمت الهجري، لبحث الاتفاق على آلية عمل مشتركة حيال المؤتمر الوطني المنتظر عقده منتصف الشهر الحالي، للاتفاق على مستقبل سوريا.