220 شهيداً بمسيّرات إسرائيلية منذ بدء الحرب على الضفة.. حمزة رهط وحمزة طمون قصتان لعدوان مستمر
220 شهيداً بمسيّرات إسرائيلية منذ بدء الحرب على الضفة.. حمزة رهط وحمزة طمون قصتان لعدوان مستمر
الناصرة- حمّلت عائلة الزيادنة في النقب، داخل أراضي 48، حكومة نتنياهو مسؤولية قتل اثنين من أبنائها المحتجزين في غزة منذ السابع من أكتوبر، يوسف ونجله حمزة زيادنة، وانتقدت “البلبلة” التي سبّبها وزير الأمن فيها، كاتس، بنشره العجول والمتضارب مع بيان جيش الاحتلال.
وكان الأب يوسف زيادنة وأسرته، من مدينة رهط العربية في النقب، يعملون في حوليت، واحدة من بلدات “غلاف غزة”، عندما تم احتجازهم من قبل عناصر تابعة لحركة “حماس” خلال عملية “طوفان الأقصى”، وفي الدفعة السابعة من صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة “حماس”، في نهاية تشرين الثاني/نوفمبر 2023، أُفرج عن الشقيقين عائشة (17 عامًا) وبلال (18 عامًا) يوسف الزيادنة.
وجاء في نعي عائلة الزيادنة: “بقلوب صابرة ومحتسبة، ننعى استشهاد أبنائنا يوسف خميس الزيادنة ونجله حمزة، تغمّدهما الله بواسع رحمته، وأسكنهما فسيح جناته”.
وقالت العائلة إن ذلك يأتي في ظل تعنّت حكومة بنيامين نتنياهو، وعرقلتها للمفاوضات غير المباشرة مع حركة “حماس” في محاولة للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى، ووقف إطلاق النار في قطاع غزة.
في تصريحات للإعلام، انتقد رئيس بلدية رهط السابق عطا أبو مديغم حركة “حماس” لاحتجازها أفراد أسرة الزيادنة، رغم كونهم فلسطينيين، ورفضهم الإفراج عنهم مبكرًا، لكنه حمل على حكومة الاحتلال وحمّلها مسؤولية موت الأب والابن يوسف وحمزة زيادنة، وهاجم وزير الأمن فيها يسرائيل كاتس، الذي سارع لنشر نبأ “عثور الجيش على جثتي يوسف وحمزة في عملية بطولية”، قبل أن تُبلغ العائلة رسميًا، التي تلقت من الجيش معلومة عن مقتل الأب فقط، وعن وجود “قلق عميق” على مصير ابنه حمزة، الذي لم يُعلن بعد عن موته، فيما يواصل معهد العدل الطبي في أبو كبير في يافا فحص هوية جثة يُعتقد أنها جثة الابن حمزة.
وأدى نشر كاتس المتسرّع والمتضارب مع بيان الجيش لحالة بلبلة كبيرة أثقلت أكثر فأكثر على العائلة.
في بيانه، قال جيش الاحتلال إن قواته، بالتعاون مع الشاباك، تمكّنت من تحديد موقع واستعادة جثة يوسف الزيادنة من نفق في رفح جنوبي قطاع غزة، الثلاثاء، لافتًا أيضًا إلى العثور على أدلة ترتبط بنجله حمزة الزيادنة.
ولاحقًا، تبيّن أنه إلى جانب الجثتين عثر جيش الاحتلال على جثامين حراسهما من “حماس”، ما يعني أنهم قُتلوا في قصف إسرائيلي، ولم يُعرف متى تم ذلك.
مسيّرات قاتلة
وكان يمكن أن يعود يوسف ونجله حمزة زيادنة وهما على قيد الحياة، لولا عبث حكومة الاحتلال برئاسة نتنياهو بمصائر المحتجزين في غزة وعدم اكتراثها لمصائرهم، وتعاملها غير الجاد مع مفاوضات الصفقة.
وتتحمّل حكومة الاحتلال مسؤولية قتل حمزة فلسطيني آخر، حمزة بشارات، ابن العاشرة، وابني عميه رضا، ابن التاسعة، وخير الدين، ابن الثالثة والعشرين من قرية طمون، الذين قُتلوا بمسيّرة إسرائيلية زعم جيش الاحتلال أنها استهدفت خلية كانت تعمل على زرع عبوة ناسفة قريبًا من مستوطنة مجاورة.
وسخر الجد الثاكل من مزاعم الاحتلال، مؤكدًا أن أحفاده الثلاثة قُتلوا في جريمة إطلاق نار من مسيّرة تستبيح دماء الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، بقوله: “هل من العقل أن أطفال دون سن العاشرة كانوا يعدّون عبوات ناسفة؟”
منذ تفجّر الصراع على فلسطين، قبل قرن ونيّف، لم تشهد الطفولة الفلسطينية يومًا مقتلة مفجعة كالتي تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، فمنذ بدء هذه الحرب البربرية أطلق الاحتلال 110 هجمات بواسطة مسيّرات إسرائيلية في الضفة الغربية قتلت 220 فلسطينيًا، وهذا وفقًا لمعطيات رسمية إسرائيلية.
ويأتي قتل الطفلين في طمون، قضاء طوباس، ليس نتيجة السابع من أكتوبر، إنما يأتي في إطار دعوات اليمين الاستيطاني لغزونة الضفة الغربية، وترجمة لدعوات رسمية لاستباحة دم الفلسطيني دون تمييز، بعد العملية الأخيرة قريبًا من مستوطنة كدوميم.
وسبقت جريمة طمون تصريحات لمسؤولين إسرائيليين تشيطن الفلسطينيين وتنزع صفتهم الإنسانية وتحلل دمهم، أبرزها لوزير المالية والوزير الإضافي في وزارة الأمن المستوطن سموتريتش، الذي قال إنه ينبغي أن تبدو قرية فندق ونابلس وجنين كجباليا كي لا تكون كفارسابا كفار عازا”.
وتبعه عضو الكنيست عن حزب “الليكود” الحاكم موشيه سعدة بقوله: “لا مشكلة عندي أن يقتل أطفال فلسطينيون في غزة”.
وبعده قال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بأنه دعا الجيش للقيام بعمليات هجومية أشد في الضفة الغربية. بيد أن المسؤولية عن دم حمزة ابن رهط، ودم حمزة في طمون، لا تنحصر بوزراء ونواب، بل هي نصيب عموم الإسرائيليين الذين لا يكترثون لهذا الاعتداء على الفلسطينيين، ويعتبرون دمهم رخيصًا ومهدورًا.
تشذ فقط عن هذا أوساط إسرائيلية نادرة تبدو صوتًا في البرية الإسرائيلية الموحشة مثل صحيفة “هآرتس” التي تقر، في افتتاحيتها اليوم، بمسؤولية الإسرائيليين عن جريمة قتل الأطفال الفلسطينيين من خلال الصمت والتعامي عنها.
وتتساءل “هآرتس”، وهي تخاطب وزير الأمن كاتس، الذي قال إن دم اليهود ليس مهدورًا: “ماذا عن دم الأولاد الفلسطينيين؟”.
تحسن “هآرتس” توصيف الحالة النازفة بقولها إن جذور التوتر والعنف تعود للاستيطان والسلب والنهب والاعتداءات على الفلسطينيين. وتضيف: “لا يكتفي اليمين بمثل هذه الجرائم، فهو يريد الضفة أن تبدو كالقطاع، وكل الأطفال بالنسبة لهم مخربون. لم يعد هذا يهم أحدًا في إسرائيل”.
وتخلص “هآرتس” للقول: “يحظر علينا السماح للمتطرفين جرّنا لحرب آجوج وماجوج طمعًا بالخلاص. يحظر السماح بخطة اليمين الاستيطاني لاستنساخ ما جرى في غزة داخل الضفة الغربية”.
“القدس العربي”: