مقالات

الجريمة والعقاب بقلم الدكتور ضرغام الدباغ

بقلم الدكتور ضرغام الدباغ

الجريمة والعقاب
بقلم الدكتور ضرغام الدباغ / برلين
شاهدت خلال الأيام المنصرمة، عددا كبيرا من الأفلام الفيديوية، التي تصور عناصر من مختلف الإدارات السورية في النظام الساقط (أجهزة الأمن والمخابرات، والسجون)، من رتبة اللواء فنزولاً، إلى عناصر، وشبيحة متهمين بجرائم قتل تبلغ درجة الإبادة الجماعية، وتعذيب تصل درجة التصفيات والموت،
وإن كنا قد شاهدنا وسمعنا، عن أحداث مماثلة في العراق، من تعذيب يثير الاشمئزاز، أستغرب كيف يقبل قادتهم المسؤولين عنهم (من الميليشيات) أن يقدم منتسبون بإمرتهم على ارتكاب جرائم فظيعة كهذه، فقد شاهدت بنفسي أحد عناصر الميليشيات في العراق، يربط شخصاً على غطاء السيارة، ويسلخ جلده بشفرة، وشاهدت آخر يعلق شاباً ويشويه على نار كما تشوى الذبيحة. وأكاد أجزم أن أفعال حقيرة كهذه لم تكن معروفة في العراق وسورية، ولكنهم استوردوها (كنبش القبور) من الجارة الشرقية المشؤومة.
وعلى الرغم من فظاعة هذه الجرائم، إلا أنني أريد القول، أن تعريض الإنسان للتعذيب، مهما كان السبب لا يدل على صفات محمودة، وأنا أعلم أن هناك غلياناً عند الناس بالانتقام والثأر، ولكن فكرة الثأر والانتقام هي فكرة رجعية، وليست تربوية ولا قانونية، ولا شرعية، ولا يمكن القبول بها في مطلق الأحوال، فالبشر يعرفون قواعد قانونية/ شرعية / إنسانية لابد من التمسك بها منها:
• المتهم برئ حتى تثبت إدانته،
• لا جريمة ولا عقاب إلا بنص.
وهاتان قاعدتان ضروريتان لإحقاق الحق. فلا شك أن للضحية (إن كان قتيلاً) والمتهم لهما حقوق على المجتمع بأسره، ولكن ليس على ذوي الضحية وأصدقاؤه، وطريق أخذ الحق هو المحكمة فقط، وسوى المحكمة هي جريمة قتل، لأن لا يمكن التأكد إلا في المحكمة بدقة تامة دون خطأ من استكمال التحقق من البراءة ومن التأكد أن ما فعله المجرم هو جريمة تستحق العقاب بحسب ما تنص عليه القوانين. أي أن ينال عقوبة بقد الأذى الذي ألحق المتهم بالضحية. قد يكون ما فعله المتهم جريمة، ولكن هي جريمة مماثلة أخذ الحق خارج المحكمة.
أقدر تماماً غضب ذوي المجني عليه، واصدقاؤه، وأحترم رغبتهم بنيل حقوقهم بمعاقبة الفاعل، ولكن داخل محكمة نظامية حيادية، فالمتهم إذا كان بريئاً له الحق في الحياة، وله الحق أن لا يظلم، وإلا فسوف سيكون تساوى في الجريمة مع المجرمين، وأن يعاقب بقدر جريمته لا أكثر ولا أقل.
أدعوا كافة مواطنينا في العراق وسوريا وفي كل مكان، أن يرتقوا بمشاعرهم إلى مستوى الوطن كله، وعلى المرء أن يتسع صدره لاحتمال جميع المواطنين، ففي النهاية كلهم أبناؤنا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب