تحقيقات وتقارير

الخلافات السياسية تعطّل عمل البرلمان العراقي: قوانين جدلية تنتظر التوافق… وكسر النصاب سلاح المعترضين

الخلافات السياسية تعطّل عمل البرلمان العراقي: قوانين جدلية تنتظر التوافق… وكسر النصاب سلاح المعترضين

مشرق ريسان

قانون العفو العام أحد أبرز مطالب القوى السنّية تحت قبّة البرلمان، غير أنه يواجه اعتراضاً شيعياً تخوّفاً من إطلاق سراح الإرهابيين من السجون، حسب تصريحات أدلى بها سياسيون شيعة.

بغداد ـ  تعطّل جمّلة قوانين «جدلية» عمل مجلس النواب العراقي (البرلمان)، الذي بات يشهد حالة من الشلّل جراء استمرار ظاهرة كسر النصاب القانوني للجلسات، وعدم تمكّنه من عقدها والمضي بدوره التشريعي والرقابي على حدٍّ سواء، ففيما لم تُسجّل المرحلة الجديدة من عمر المجلس، عقب تولي محمود المشهداني رئاسته في أواخر تشرين الأول/أكتوبر 2024، تشريع أيّ من القوانين التي من شأنها فكّ عقدة هذا الجمود في عمل المجلس.
وتعد قوانين «العفو العام» و«الأحوال الشخصية» و«الخدمة والتقاعد للحشد»، أبرز المشاريع التشريعية التي تقف حائلاً أمام عقد جلسات مثمرة للبرلمان.
ومن المقرر أن يشهد اليوم الأحد انعقاد جلسة جديدة للبرلمان تتضمن في جدول أعمالها التصويت على 5 قوانين والقراءة الأولى لثلاثة أخرى، غير أن من غير المعلوم فيما إذا سيتمكن المجلس من تحقيق النصاب القانوني لجلسته المزعومة.
ويرمي رئيس مجلس النواب العراقي، محمود المشهداني، الكرة في ملعب الكتل السياسية بشأن تعطيل عمل المجلس النيابي والتسبب بعدم انتظام انعقاد الجلسات، داعياً إياهم إلى الابتعاد عمّا وصفها «الحسابات الضيقة».
وفي بيان صحافي، ذكر المشهداني أنه «في ظل الظروف الراهنة التي تتطلب منا جميعاً أعلى درجات المسؤولية الوطنية والعمل الجاد لخدمة شعبنا الكريم، أُعلن (الأربعاء الماضي) عن تأجيل انعقاد الجلسة المقررة لمجلس النواب العراقي بسبب عدم اكتمال النصاب القانوني».
وأضاف أن «هذا التأجيل، الذي جاء نتيجة عدم حضور عدد من النواب (وهو ليس الأول)، يعكس تحدياً حقيقياً أمام المجلس في أداء واجباته الدستورية والتشريعية»، معتبراً أن «عدم اكتمال النصاب لا يؤثر فقط على سير العمل التشريعي، بل ينعكس سلباً على مصالح الشعب العراقي الذي يتطلع إلى تشريعات حاسمة تعزز استقرار البلاد وتلبي احتياجاته الملحّة».
وحمل المشهداني، الكتل السياسية «مسؤولية هذا التعطيل»، داعياً إياها إلى «تحمل واجباتها الوطنية بعيداً عن الحسابات الضيقة والخلافات السياسية».
وأفاد بأن «المرحلة التي يمر بها العراق تتطلب منا جميعاً تجاوز المصالح الشخصية وتغليب المصلحة العليا للوطن»، داعياً أعضاء المجلس كافة إلى «الالتزام بحضور الجلسات والمشاركة الفاعلة في إقرار القوانين التي تصب في مصلحة المواطن العراقي، لا سيما تلك المتعلقة بتحسين الخدمات الأساسية، ودعم الاقتصاد، وتعزيز الأمن والاستقرار».
وخلص رئيس البرلمان، إلى القول إن «مجلس النواب سيواصل العمل من أجل تحقيق تطلعات أبناء شعبنا، وسنبذل كل الجهود لضمان انعقاد الجلسات المقبلة في موعدها المقرر، والعمل بكل جدية لإتمام المشاريع التشريعية المدرجة على جدول الأعمال».
ومن بين جمّلة الأسباب التي أدت إلى تعطيل عمل مجلس النواب، هو وجود خلاف داخل هيئة رئاسة المجلس (الرئيس ونائبيه)، حسب رئيس كتلة «أجيال» النيابية، محمد الصيهود.
وأوضح في تصريحات لمواقع إخبارية محلّية، أن مجلس النواب «لم يقم بمهامه التشريعية والرقابية، وهو معطل عن العمل لأسباب عديد منها الخلافات التي تعصف في هيئة الرئاسة بين رئيس مجلس النواب وبين نائبيه، وهذا الخلاف انعكس سلباً على أداء مجلس النواب».
ووفق النائب الصيهود المقرب من رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، فإن «رؤساء الكتل النيابية لم يقوموا بدورهم بما يتناسب مع المهام الموكلة لمجلس النواب، فضلا عن ان بعض أعضاء مجلس النواب لا يفرِّقون بين العمل التنفيذي والتشريعي، لذلك هم غير موجودين في مجلس النواب لأداء مهامهم الأصلية وانما موجودين في الوزارات والمؤسسات الأخرى التنفيذية».
وأشار إلى أن «مقاطعات جلسات مجلس النواب ليس لها مبرر»، مبينا أن «حركة تقدم (بزعامة رئيس البرلمان المعزول محمد الحلبوسي) تقاطع مجلس النواب بحجة عدم تشريع قانون العفو العام، وهذا غير مبرَّر وغير واقعي وإنما لغايات أخرى».
وأكد أن «مجلس النواب هو بحد ذاته معطل عن تشريع القوانين، وإن عُقدت الجلسات فإن القوانين التي تطرح ليست ذات أهمية، وبالتالي مجلس النواب وهيئة الرئاسة والرئيس ونائبيه يتحملون مسؤولية كاملة بتعطيل مجلس النواب عن أداء الدور التشريعي الرقابي».
ومنتصف الأسبوع الماضي، أعلنت كتلة «تقدم» النيابية، مقاطعة جلسات البرلمان التي ستعقد خلال هذا الفصل التشريعي لحين التصويت على قانون العفو العام.
ورغم أن كتلة «تقدم» السنّية ليس لها تمثيل في ائتلاف «القيادة السنّية الموحدة»، غير أنها بدأت بتصعيد سياسي بهدف تشريع القوانين المتعلّقة بالمكون، وتنفيذ المطالب السنّية المُدرجة بـ«ورقة الاتفاق السياسي» التي تشكلت على أساسها الحكومة الحالية بزعامة السوداني.
ونهاية الأسبوع الماضي، أرسل الائتلاف السنّي رسالة إلى ائتلاف «إدارة الدولة» الممثل لجميع الكتل السياسية المنضوية في الحكومة، جدد خلالها مطالبه بتنفيذ ورقة الاتفاق السياسي، وأبرزها «تشريع العفو العام، وإعادة النازحين إلى مدنهم بعد إنهاء التدقيق الأمني، وإنهاء ملف المساءلة والعدالة وتحويله إلى ملف قضائي بمعية المؤسسات القضائية، وتحقيق التوازن في مؤسسات الدولة بما يضمن حقوق المكون السني وشراكته في إدارة الدولة، وسحب القوات من المدن وتسليم الملف الأمني لعهدة وزارة الداخلية».
كما طالب أعضاء ائتلاف «إدارة الدولة» بـ«وضع سقوف زمنية لتنفيذ مفردات ورقة الاتفاق السياسي، ضمانا للشراكة في الائتلاف الحكومي».
ويعد قانون العفو العام أحد أبرز مطالب القوى السنّية تحت قبّة البرلمان، غير إنه يواجه اعتراضاً شيعياً تخوّفاً من إطلاق سراح «الإرهابيين» من السجون، حسب تصريحات أدلى بها سياسيون شيعة في مناسبات عدّة.
غير أن رجل الدين السنّي عبد الرزاق السعدي، يرى أن التلكؤ في إقرار قانون «يطلق الأبرياء» من سجونهم «تجاوز على حقوق المظلومين»، مشيراً إلى أن «المذنبين بجريمة قتل أو سرقة أو مخدرات أو غيرها، فيأخذون نصيبهم من العقوبة العادلة» حسب بيان صحافي أصدره تعليقاً على الجدل الدائر حول القانون المُعطّل.
في مقابل ذلك، يقف النواب السنّة عائقاً أمام تمرير قانون «الأحوال الشخصية» و«الخدمة والتقاعد للحشد» وسط فشل المفاوضات بين الطرفين على تمرير تلك القوانين بـ«سلّة واحدة»، وهو ما يمثّل سبباً إضافياً لشلّ البرلمان.

«القدس العربي»:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب