رياضة

ماذا يحتاج مدرب ريال مدريد أنشيلوتي لتفادي فضائح جديدة بعد الكلاسيكو؟

ماذا يحتاج مدرب ريال مدريد أنشيلوتي لتفادي فضائح جديدة بعد الكلاسيكو؟

عادل منصور

في واحدة من الليالي الظلماء بالنسبة لعشاق نادي ريال مدريد، عاد الفريق ليتجرع من مرارة الهزيمة أمام غريمه الأزلي برشلونة للمرة الثانية في غضون أشهر تعد على أصابع اليد الواحدة، والأكثر ألما وتأثيرا على المستوى النفسي لمشجعي نادي القرن الماضي، أنها كانت الخسارة المذلة الثانية على التوالي أمام نفس العدو الكتالوني، بعد ما عُرف إعلاميا في آخر أيام أكتوبر/تشرين الأول الماضي بـ«الإذلال العظيم»، بسقوط المدرب كارلو أنشيلوتي وفريقه المدجج بالأسماء الرنانة و«الغالاكتيكوس» برباعية نظيفة مع الرأفة في قلب قلعة «سانتياغو بيرنابيو» في ختام مواجهات الأسبوع الحادي عشر للدوري الإسباني، قبل أن يأتي الدور على ملعب «مدينة الملك عبدالله» (الجوهرة المشعة)، ليكون شاهدا على ثالث فضيحة كروية أو وصمة عار أو نتيجة كارثية أو قل من القاموس ما شئت في هذا السياق، بتسجيل ثالث هزيمة للريال بالخمسة أمام البارسا في آخر 15 عاما، بخلاف سداسية مايو/أيار 2009، ورباعية 2014 وثلاثيات حقبة تشافي هيرنانديز، ما تسبب في انقلاب الرأي العام وما يُعرف بالمحيط الإعلامي الأبيض على المدرب الإيطالي، باعتباره «كبش الفداء»، والمسؤول الأول عن ظهور الفريق بهذه النسخة البائسة، وبالأخص في مبارياته أمام كبار الدوري المحلي والقارة منذ بداية الموسم، وذلك على عكس أغلب التوقعات في فترة ما قبل ضربة بداية الموسم، حيث كان الاعتقاد السائد أن حامل لقب الليغا وكأس دوري أبطال أوروبا، سيضرب بيد من حديد أمام العمالقة قبل الخصوم المتوسطة والتي تكافح من أجل البقاء مع الحيتان الكبيرة، لا سيما بعد استقطاب الصفقة المنتظرة منذ سنوات، بالتوقيع مع الهداف التاريخي لباريس سان جيرمان كيليان مبابي، في صفقة انتقال حر بعد انتهاء عقده في «حديقة الأمراء»، لكن على أرض الواقع، فأقل ما يُمكن قوله، إن الفريق لم يحقق حتى 50% من التوقعات الكبيرة، وذلك بالرغم من تواجده في صدارة الدوري الإسباني بفارق نقطة عن الوصيف أتلتيكو مدريد وست نقاط كاملة عن البلو غرانا، وأيضا اقترابه من التأهل إلى مراحل خروج المغلوب في بطولته القارية المفضلة، شريطة الفوز في آخر مباراتين أمام سالزبورغ النمساوي وبريست الفرنسي، والسؤال الذي يفرض نفسه الآن: ماذا حدث لريال مدريد ومدربه أنشيلوتي هذا الموسم؟ وهل من الممكن إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح في النصف الثاني من الموسم؟ وبالأحرى قبل الاستيقاظ على فضيحة كروية جديدة… دعونا نناقش معا أسباب الخلل والنهاية المحتملة إذا استمر الوضع الحالي كما هو عليه مع بدء العد التنازلي للأسابيع والأشهر الحاسمة للموسم.

ما قبل الصدمة

أنا وأنت عزيزي القارئ، بما فينا صديقنا البرشلوني، كنا نتوقع أن يكون كلاسيكو عطلة نهاية الأسبوع الماضي، لتحديد هوية بطل الكأس السوبر الإسبانية، نسخة مختلفة تماما عن نزهة «سانتياغو بيرنابيو» الأخيرة على مستوى الليغا، بل إن أغلب الترشيحات والمراهنات كانت تميل أكثر إلى كفة الفريق المدريدي، استنادا إلى صحوته الأخيرة التي جاءت بعد رباعية الكلاسيكو والسقوط المحرج أمام ميلان بثلاثية في دوري الأبطال، بسلسلة من الانتصارات والعروض التي تندرج تحت مسمى «مقنعة»، على إثرها قفز اللوس بلانكوس إلى صدارة الليغا، وسبقها تحصل الفريق على دفعة معنوية لا تقدر بثمن عشية أعياد الميلاد الأخيرة، بعد فوزه السهل على باتشوكا المكسيكي في المباراة النهائية لكأس الإنتركونتيننتال (كأس القارات للأندية)، في المقابل كان الفريق الكتالوني في نفس الفترة، يتفنن في إهدار النقطة السهلة تلو الأخرى في حملة البحث عن استعادة لقب الدوري الإسباني، لدرجة أن المدرب الألماني هانزي فليك ورجاله، أضاعوا ما مجموعه 13 نقطة في ست مباريات على التوالي قبل إجازة الشتاء، بدأت بالتفريط في تقدمه بثنائية نظيفة على سيلتا فيغو، في مباراة الجولة الرابعة عشرة التي احتضنها ملعب «بالايدوس»، وانتهت بالتعادل الإيجابي بهدفين في كل شبكة، بعد طرد لاعب الوسط اليافع مارك كاسادو في الدقيقة 82، واكتمل الإنهيار بالسقوط أمام لاس بالماس بنتيجة 1-2، وتعادل آخر أمام ريال بيتيس بنتيجة 2-2، ثم بالانحناء أمام ليغانيس وأتلتيكو مدريد في آخر جولتين، مكتفيا بانتصار وحيد على حساب ريال مايوركا بخماسية مقابل هدف. وبالإضافة إلى كل ما سبق، تعرض برشلونة لأزمة إدارية مالية، كادت تتسبب في خروج داني أولمو، بسبب انتهاء فترة قيده المؤقتة وتعثر النادي في الالتزام بقواعد سقف الرواتب مع رابطة الليغا والاتحاد الإسباني، ما فتح الباب على مصراعيه أمام الريال والأتلتي للتناوب على صدارة الليغا، بالتبعية أعطى إيحاء لعالم الساحرة المستديرة، وكأن ريال مدريد هو الطرف الأوفر حظا للعودة من الأراضي السعودية بالكأس السوبر الإسبانية، وما عزز هذا الاعتقاد أو الانطباع العام، تلك البداية الموفقة، التي أسفرت عن هدف مبكر ماركة كيليان مبابي، بدأ بافتكاك ناجح للكرة من قبل فينيسيوس جونيور على حدود مربع عمليات الملكي، ثم بانطلاقة عنترية للدولي الفرنسي انتهت بهدف يُضرب به المثل في التحول من الحالة الدفاعية إلى الهجومية بأقل عدد ممكن من التمريرات، لكن ما حدث بعد تلك اللحظة، فاق كل توقعات وتحليلات أعتى النقاد والخبراء، بذاك «التسونامي» الكتالوني، الذي اجتاح كل ما هو باللون الأبيض في ما تبقى من الشوط الأول، كأننا كنا نشاهد رباعية «السانتياغو» في الإعادة، الفارق الوحيد أن مبابي وجد طريقة أخرى لمغالطة المدافعين وحارس المرمى بعيدا عن مصيدة التسلل، وتجلى ذلك في السهولة والأريحية التي كان يصل بها لامين يامال ورفاقه إلى شباك الاخطبوط تيبو كورتوا، والمثير للدهشة والاستغراب، أن الأهداف جاءت نتيجة الألغام والمواد المتفجرة «كرويا»، التي زرعها عراّب الكأس ذات الأذنين، من خلال إصراره على «المقامرة» بنفس العناصر أو الأفراد التي اقترنت مشاركتها في مراكز معينة بالعديد من الكوارث الكروية، والحديث عن أبرز ضحايا أنشيلوتي في ولايته الثانية، الفرنسي أورلين تشواميني، الذي تحول من مشروع قطعة نادرة في وسط الملعب لخلافة المهندس توني كروس بعد اعتزاله، إلى واحد من أسوأ كوابيس الفريق، أو بعبارة أكثر لطفا «الثغرة الأكثر وضوحا» في المنظومة المدريدية، لدرجة أن الجميع بدون استثناء في وسط وهجوم برشلونة، كانوا يبحثون عنه، لاستغلال الحالة المأساوية التي كان عليها في مباراة الكلاسيكو، وقد شاهدنا كيف تفنن الصغير يامال في بعثرته أكثر من مرة على حدود مربع العمليات، قبل أن يُطلق سهامه في مرمى الريال، بتسديدة أرضية غير متوقعة على يسار الحارس البلجيكي، بطريقة أعادت إلى الأذهان هدف ماك أليستر في ليلة ثنائية الجولة الخامسة لدوري الأبطال، من خلال التصويب الأرضي على عكس حركة اتجاه أفضل حارس مرمى في العالم سابقا.

خطايا أنشيلوتي

صحيح تشواميني، يبدو وكأنه لا يساعد نفسه لاستعادة مستواه الذي كان عليه الموسم الماضي على أقل تقدير، لكن سيكون من الصعب تحميله بمفرده مسؤولية الهزيمة النكراء، ولا حتى إلقاء اللوم عليه وحده في ما يخص التراجع المريب في مستواه، كواحد من المجموعة التي تدفع ثمن ما يمكن وصفها مجازا بـ«خطايا» المدرب أنشيلوتي، وتكمن في مبالغته في إشراك بعض الأسماء في مراكز متعددة، على غرار تشتيت هذا التشواميني بين مركزي لاعب الوسط رقم (6) وقلب الدفاع الثاني بجوار الألماني أنطونيو روديغر، ولنكن صادقين، دعونا نتفق على أن هكذا حلول، أحيانا ما تأتي بنتائج جيدة في أوقات الأزمات الطارئة أو أمام أحد الخصوم الذين يبحثون عن نقطة تاريخية أمام النادي، لكن هذا لا يعني أن هذه المغامرة ستنجح كل مرة، خاصة عندما يكون المنافس بحجم برشلونة، وفي فترة أقل ما يُقال عنها، يبحث خلالها عن «طوق نجاة»، لتجاوز أزمته المالية الطاحنة التي أثرت بشكل سلبي على خطط وقرارات المدرب فليك داخل المستطيل الأخضر، بخلاف جرس الإنذار الذي تجاهله الميستر كارليتو، والإشارة إلى الأخطاء الدفاعية الفادحة في ليلة السقوط في فخ التعادل أمام رايو فاييكانو بثلاثية في كل شبكة، بعد الاعتماد على تشواميني في محور قلب الدفاع برفقة الدولي الألماني، فكان من الطبيعي أن تحدث هذه النتيجة العنيفة في كلاسيكو الأحد الماضي، رغم أنه كان بإمكان المدرب الحد من الكارثة، من خلال الدفع بالشاب الواعد راؤول أسينسيو، الذي أثبت أحقيته في حجز مكانه في التشكيل الأساسي في هذه الفترة، حيث يعاني الفريق من غياب القائد المستقبلي إيدير ميليتاو، إلى جانب عدم اكتمال شفاء النمساوي ديفيد آلابا من إصابته المروعة الأخيرة، كلاعب على الأقل متمرس على مركز قلب الدفاع، من الصعب أن يكتفي بمشاهدة عرضية جول كوندي وهي تعبر كل قارات العالم، قبل أن تسقط على رأس البرازيلي رافينيا، ليقابلها بوضعية الطيران، بدانة كروية بالرأس على يمين الحارس البلجيكي، وبالمثل ما كان سيتعامل بهذه الرعونة وحالة اللامبالاة مع يامال في لقطة الهدف الأول ورافينيا في هدفه الشخصي الثاني والخامس لفريقه.
ونفس الأمر ينطبق على القائد لوكاس فاسكيز، هو الآخر لم يعد قادرا على القيام بمهامه الدفاعية والهجومية في مركز الظهير الأيمن، مع ذلك يُصر المدرب على إشراكه في هذا المركز، أشبه بذاك الشخص الذي يصر على تكرار نفس الخطأ وفي كل مرة ينتظر نتيجة مختلفة، شأنه شأن الفرنسي المخيب للآمال فيرلاند ميندي، هو الآخر يعاني من مشاكل بدنية أكثر وضوحا من الشمس في ظهيرة فصل الصيف، نتيجة كم الإصابات السيئة التي ألمت به على مدار السنوات القليلة الماضية، ليتحول من مدافع جوكر يُجيد اللعب في مركزي الظهير الأيسر وقلب الدفاع، إلى ثغرة سهلة وكتاب مفتوح بالنسبة للمنافسين، ناهيك عن تشتيت فيد فالفيردي وإدواردو كامافينغا في أكثر من مركز، تارة بإقحام الأول في مركز لاعب الوسط رقم (6)، وتارة أخرى في مركز لاعب الوسط رقم (8) على يمين دائرة منتصف الملعب، وكذا العشريني الفرنسي، هو الآخر لم يعد يتذكر مركزه المفضل قبل المجيء إلى النادي الميرينغي، بعدما تحول إلى حقل تجارب بالنسبة للميستر كارليتو، كلاعب «كوكتيل»، نراه في بعض الأوقات في مركز الظهير الأيسر، وأحيانا أخرى وسط الملعب المدافع، أو لاعب وسط ثالث على يسار الملعب، فكانت المحصلة أو النتيجة، ذاك التدهور الملحوظ في مستواه منذ عودته من إصابته الأخيرة بوجه عام، وأمام برشلونة في مباراة الأحد الماضي بالأخص، في ما اعتبرها أغلب النقاد والمتابعين بالمباراة الأسوأ لكامافينغا منذ قدومه إلى الريال. والشاهد عزيزي القارئ، أننا نتحدث عن انهيار واضح على مستوى خط الوسط، وما أدراك ما خط الوسط بالنسبة للمدرب كارلو أنشيلوتي ومن سبقه في سُدّة حكم جيل «العاشرة» ومن تبقى منهم حتى معانقة كأس دوري الأبطال الخامسة عشرة الموسم الماضي، وعلى رأسهم الأسطورة توني كروس، بعدما أثبتت التجارب والمباريات، أن اعتزاله لكرة القدم الصيف الماضي «ترك فراغا كبيرا» في وسط ملعب الفريق، في ظل عدم امتلاك المدرب للاعب بنفس الجودة والأناقة والحدة في وسط الملعب، وهذا ما حذر منه نجل المدرب كارلو أنشيلوتي، الذي يعمل كمساعد له في الجهاز الفني، إذ اتفقت جُل المصادر التي تحظى بمصداقية لا بأس بها، أن أنشيلوتي الابن، ظل يلح على والده لإقناع الرئيس فلورنتينو بيريز، بضرورة التوقيع مع بديل إستراتيجي لمهندس الوسط طيلة العقد الماضي، لدرجة أنه كان يفضل الاستثمار في هذا المركز على حساب صفقة «الغالاكتيكو» كيليان مبابي، هذا بالإضافة إلى ظهور أعراض وملامح الشيخوخة الكروية على العجوز الكرواتي لوكا مودريتش، وغيرها من الأسباب التي أدت في النهاية إلى هذا الانخفاض الصادم على مستوى جودة وكفاءة وسط الملعب، الذي كان يمثل «القوة الضاربة الأولى» للفريق في سنوات المجد، التي شهدت تتويج الريال بدوري أبطال أوروبا 6 مرات في آخر 10 سنوات.

اختفاء العراف

يعرف أغلب عشاق ريال مدريد، أن واحدة من الأسباب التي دفعت الرئيس التاريخي بيريز، للتجديد مع أنشيلوتي حتى إشعار آخر، هي قدرة الأخير على التعامل مع الأزمات الطارئة وتجاوزها بمكاسب تفوق كل التوقعات، على عكس الكثير من المدربين، الذين يستغلون عدسات المصورين وأقلام الصحافيين في المقابلات الأسبوعية للضغط على الإدارة، أو لتحديث الشكاوى من تأثير الغيابات والإصابات على النتائج. نتحدث عن مدرب لم يورط النادي في تعاقد ضخم بعد خضوع تيبو كورتوا لإصابة على مستوى الرباط الصليبي في بداية الموسم الماضي، وذلك تزامنا مع رحيل ثاني أفضل هداف في تاريخ النادي كريم بنزيمة، بعد موافقته على الانتقال إلى اتحاد جدة السعودي، ضمن قافلة الطيور المهاجرة من الملاعب الأوروبية إلى جنة كرة القدم الجديدة في الشرق الأوسط، مع ذلك بالكاد لم يشعر أحد بغياب أفضل حارس مرمى في العالم آنذاك ولا المتحدث الأول لخط هجوم الفريق منذ رحيل الهداف التاريخي كريستيانو رونالدو في العام 2018، وهذا يرجع إلى حالة التوهج التي كان عليها الحارس الأوكراني الشاب أندريا لونين، الذي بصم على موسم أقل ما يُقال عنه «تاريخي»، إلى أن سلم العرين لكورتوا في المباراة النهائية أمام بوروسيا دورتموند، إلى جانب نجاح المدرب في تطويع موهبة الوافد الجديد وقتها جود بيلينغهام، لخدمة المنظومة الجماعية في الثلث الأخير من الملعب، بتوظيفه في مركز المهاجم الوهمي في ثوب صانع الألعاب، أو كرأس مثلث مقلوب في طريقة شجرة الكريسماس 4-3-1-2، برفقة الثنائي البرازيلي فينيسيوس جونيور ورودريغو غوس، الأمر الذي ساهم في تعويض حصيلة أهداف الدولي الفرنسي السابق، وفي نهاية المطاف، خرج الفريق بثنائية الليغا ودوري الأبطال. أما الآن، وتحديدا منذ بداية الموسم، يبدو وكأن المدرب الإيطالي فقد هذه الميزة التي كانت سببا في نجاحاته المدوية في ولايته الثانية، كمدرب أشبه بالعراّف، الذي يجيد فن «تسيير الأعمال والنجاحات» بالعناصر المتاحة، وهذا يبدو واضحا في استمرار صداع هشاشة وضعف الخط الخلفي، معتقدا أن المدافع الألماني أنطونيو روديغر، هو حجر الأساس الذي سيحافظ على صلابة وتماسك الدفاع، بصرف النظر عن شريكه في محور خط الدفاع، رغم أن التجارب السابقة، أثبتت بما لا يدع أي مجال للشك، أن مدافع روما الأسبق، من النوع الذي يتأثر بمستواه بالمنظومة الدفاعية بأكملها، بمعنى أكثر وضوحا، أنه عندما يكون خط الدفاع في حالة جيدة، هو الآخر يكون في أفضل حالاته، والعكس صحيح، مثلما كان وضعه مع دفاع ألمانيا المفكك في مونديال قطر 2022، مقارنة بالنسخة الهوليوودية التي كان عليها مع تشلسي قبل عام من كأس العالم.
هذا ولم نتحدث عن عجز المدرب في حل لغز الظهير الأيمن منذ الإصابة المروعة التي تعرض لها داني كاربخال في بداية الموسم، وأيضا معاناته لتطويع قدرات ثلاثي الهجوم كيليان مبابي ورودريغو غوس وفينيسيوس جونيور ومن خلفهم جود بيلينغهام، لخدمة الأداء الفني والمنظومة الجماعية في الثلث الأخير من الملعب، وكأن التوقيع مع الميغا ستار الفرنسي، جاء بنتائج عكسية على نتائج وأداء الفريق، رغم أنه في مباراة الكلاسيكو الأخيرة، كان الأكثر تأثيرا في الفريق، بتقمصه دور البطولة في لقطة الهدف الأول، ثم منعرج المباراة، بما فعله في انفراده مع الحارس فويتشيخ تشيزني، بإجبار الأخير على عرقلته خارج مربع العمليات، لينال البطاقة الحمراء بعد تدخل حكام تقنية الفيديو، ومن نفس اللعبة تمكن رودريغو من تسجيل الهدف الثاني، ما جعل الجماهير تطلق العنان لأنفسها، على أمل أن ينجح الفريق في قلب الطاولة على الغريم الأزلي، الذي خاض أكثر من نصف ساعة بعشرة لاعبين، بيد أن ما حدث على أرض الملعب، كان صادما للشامتين قبل المؤيدين، فبدلا من أن يتدخل المدرب الإيطالي بتغييرات وتعليمات جريئة لتقليص النتيجة التي كانت تشير إلى تقدم المنافس بخماسية مقابل اثنين، قام بالدفع بالمدافع راؤول أسينسيو (بعد خراب مالطة) على حساب لوكاس فاسكيز، ثم القيدوم لوكا مودريتش على حساب الرجل المخيب للمباراة تشواميني في منتصف الشوط الثاني، وقبلهما استعان بداني سيبايوس بدلا من كامافينغا مع ركلة بداية الشوط الثاني، ما جعل الريال يبدو وكأنه لا يملك زيادة عددية على منافسه، الذي عرف مدربه الألماني، كيف يسير الأمور وفريقه بعشرة لاعبين، من خلال الدفع بداني أولمو والعائد من الإصابة أراوخو وفيران توريس، منها لتعزيز الخط الخلفي بعد طرد تشيزني، ومنها لمساعدة الوسط على امتلاك الكرة وقتل الوقت قدر الإمكان في الدقائق الأخيرة، وهذا ما نجح فليك في تحقيقه، تاركا نظيره في الريال في مرمى انتقادات الجماهير ووسائل الإعلام، باعتباره كما أشرنا أعلاه، المسؤول الأول عن أغلب المشاكل التي يعاني منها الفريق، بما في ذلك الإصرار على تكرار الأخطاء التي تأتي عادة بنتائج عكسية، مثل العودة للرهان على ثلاثي الهجوم الغالاكتيكوس ومن خلفهم جود بيلينغهام، بالرغم من التجارب السابقة، كشفت أن الأمور تكون على ما يرام عندما يكتفي المدرب باثنين فقط من الثلاثي مبابي ورودريغو وفينيسيوس ومن خلفهم الفتى الإنكليزي، والحل عزيزي مشجع الريال؟ التوقيع مع محور دفاع بإمكانه ملء الفراغ الكبير بين قلب الدفاع والوسط، أو انتظار عودة آلابا بنفس النسخة البراقة التي كان عليها قبل الإصابة التي حرمته من ركل الكرة لمدة تلامس العام، وفي نفس الوقت تحدث معجزة، وينجح تشواميني وكامافينغا وفالفيردي في استعادة مستواهم المعروف عنهم، أما غير ذلك، فقد تصدق التوقعات التي تميل إلى فكرة تكرار كارثة برشلونة مرة أخرى وثانية في النصف الثاني من الموسم، في ظل استمرار معاناة الفريق أمام خصومه الكبار، باستثاء فوزه على أتالانتا بثلاثية مقابل اثنين في بيرغامو، بينما في المقابل، نجد أنه ذاق مرارة الهزيمة أمام ميلان وليفربول وليل الفرنسي في دوري الأبطال، وفي الليغا اكتفى بنقطة واحدة في مبارياته أمام البارسا وأتلتيكو مدريد وبلباو، فهل يا ترى ينجح الميستر كارليتو في تدارك أخطاء وهفوات النصف الأول على أمل أن تسير الأمور كما يخطط لها في ما تبقى من الموسم؟ أم سيستيقظ على مزيد من الكوارث الكروية التي بدأت تهدد منصبه ومستقبله في «البيرنابيو»؟ هذا ما سنعرفه في الأسابيع القليلة القادمة.

 ـ «القدس العربي»:

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب