مقالات

كارثة اسمها المخترعات الإلكترونية والفضائية، ومنجزات الثورة المعلوماتية..   بقلم: محمد حماد عبدالمنعم -الهدف السودانية –

بقلم: محمد حماد عبدالمنعم -الهدف السودانية -

كارثة اسمها المخترعات الإلكترونية والفضائية، ومنجزات الثورة المعلوماتية..
 
بقلم: محمد حماد عبدالمنعم -الهدف السودانية –
جهاز الحاسوب الذي يقل حجمه وتتسع سعته، أصبح أكثر جهازًا لتسريب الوقت في غفلة! فالفطام منه لم يكتمل بعد حتىٰ نعود إلىٰ استخدامه ونحنُ أكثر نضوجًا؛ وبالتالي أكثر قدرة علىٰ السيطرة عليه واخضاعه لاحتياجات العمل والمنفعة بدلًا من العكس.
#الاستفادة_بالمقلوب_من_المخترعات_وثورة_المعلومات:
الاستفادة بالمقلوب من مخترعات أجهزة الحاسوب والفضائيات ومنجزات ثورة المعلومات بشكل عام، التي لا صله لنا بها كمجتمع وثقافة وأسلوب حياة قبل أن تصبح معروضة علىٰ الأرفف للبيع! أي منذ بداية حياتها نطفة في ذهن أو خيال عالم ما ثم علقة في مختبر أو طاولة تصميم صناعي، حتىٰ تستوي مخلوقًا كاملًا “يتكلم منذ لحظة ميلاده، وبالصوت والصورة في حالة (الهاتف السيار والتلفزيون والراديو).. علىٰ ذلك فإن أصحاب الاختراع في وضع أفضل كثيرًا لتقدير آثاره السلبية والإيجابية وتجنب الأولىٰ؛ بالمقارنة لمن لا يتعرفون علىٰ السلعة إلا بعد اكتمالها، لأنهم ببساطة علىٰ معرفة تامة بالمخترع ظاهرًا وباطنًا؛ يتصل بذلك ثانيًا أن من يبذل مجهودًا لإنتاج سلعة مادية أو غير مادية؛ فكرًا أو فنًا أو بحثًا علميًا يكون حريصًا علىٰ عدم إساءة استخدامها، يمثل حرصة عدم إهدار جهوده هباءً منثورا، ومن باب أولىٰ في عكس المطلوب منها، بينما الذي تأتيه السلعة منقادة تجرجر أذيالها، لا يحكم تعامله معها هذا النوع من الاعتبارات.
من ناحية أخرىٰ وأهم، فإن نوعية المجتمعات والأنظمة السياسية التي تشرف على إنتاج السلعة المتقدمة، لا تترك بطبيعتها شيئًا للصدفة أو الحديث بعد وقوعه لأنها مجتمعات وأنظمة النقاش والتقيم المفتوح باستمرار، دون حواجز من أي نوع.. مجتمعات يتعود فيها الطفل أن يسأل لماذا وكيف؟! منذ انفكاك عقدة لسانه وقبل أن يقول بابا وماما وعمو وخالو…إلخ هي أيضًا مجتمعات وأنظمة حكم مستقرة تتراكم فيها المعارف والخبرات، في كافة مجالات الحياة دون صالح عام وفواصل انتقالية ديمقراطية في مسلسل الانقلابات العسكرية كما “سائر وسائد” عندنا نحنُ السودانيين؛ لذلك يتوفر فيها الخبراء والاستراتيجيين والإحصائيات توفر الاستعداد والتعود علىٰ تقليب آثار السلطة وتقيمها قبل وأثناء وبعد ولادتها.. مجتمعاتٌ وأوطانٌ.. سر تقدمها يكمن في تحول تقاليد الأسئلة والنقاش المفتوحين، إلىٰ مؤسسات وعقليات مخترعة ومناهج تربية وتعليم وبحث علمي برعاية وإشراف الدولة وهي التي تؤمن الاستقرار والخبراء والإحصاءات، قبل أن يكمن ذلك في البناء المادي مثل آبار المياه والحفائر والخزانات والسدود ورصف الطُرق والجسور والدبابات والذخائر وأسلحة البل بس والجغم بس.
وبمناسبة “الجغم والبل” والذخائر والأسلحة والدبابات..إلخ فإن هذه النوعية من الأنظمة التي تتيح أيضًا أكثر أنواع السلع الح-ربية تقدمًا وتطورًا؛ أي فتكًا وتدميرًا، هي كذلك أقدرها علىٰ حُسن استخدامها لنفس الأسباب إذا صح وصف استخدامها مهما كان بأنه حَسُن.
فالقاعدة العامة هناك إن الحكومات لا تشن أو تتسبب في حـ-ـروبًا داخلية وأهلية ولا تتسبب في صناعة وتجارة الأزمات، كما هو الحال عندنا وعند حكوماتنا وأجهزتها ؛ وحتىٰ بالنسبة لخوض الحـ-ـروب الخارجية هنالك كوابح الرأي العام الجمعي اليقظ والمنتبه دومًا، ثم الهيئات التشريعية والتنفيذية أقوىٰ مؤسسات تنظيم وتفعيل حرية الأسئلة والنقاش والحوار المزروعين في تكوين الأفراد والجماعات منذ صرخة الولادة.
فعجزنا عن التعامل المفيد مع المخترعات وثورة المعلومات المتطورة نحنُ السودانيين، يرجع لانعدام صلة عقليتنا وأسلوب حياتنا وثقافتنا بنوعية البيئة الحضارية اللازمة لإنتاجها، سنجد أن أهم خسائرنا (الفضائية والتكنولوجية والمعلوماتية) المتعددة، هي تلك المتعلقة بإهدار الفرص القليلة المتاحة لسد جزء من الفجوة الفاصلة مع تلك البيئة.. ومع ظهور الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعى، سكن آلاف السودانيين المهاجرين واللاجئين إلىٰ الغرب وكل بقعة من بقاع الكرة الأرضية قبل وبعد هذه الحـ-ـرب تلفزيونيًا وفيسبوكيًا وتكتوكيًا وواتسابيًا..إلخ بشهية عارمة لا تفتر من المسلسلات ومتابعة الشخصيات الافتراضية الهلامية المزيفة كالانصرافي، وألعاب فير5 وبوبجي، وتطبيق كونتي والقنوات الفضائية المخادعة، وهلما جراء من القنوات والصفحات والتطبيقات التي تدعوا للعنف وبث الأكاذيب الواقعية والعلمية المعرفية وتغليب الرأي العام، وبث المتعة والترفيه وأشغال الناس وصرفهم عن الأساسي والموضوعي، فنجد السودانيين والسودانيين المهاجرين واللاجئين مغادرين التلفزيونات وصفحات وقوائم مواقع التواصل الاجتماعي الموثوق بها والغربية المحلية حسب البلد المضيف، كأنهم ما غادروا البلاد إلا جغرافيًا.. وبذلك انسدت أسهل المداخل نحو المعرفة الأولية واليومية بمواطنهم الجديدة، ومن ثم إمكانية تدرجهم نحو المعرفة الأعمق بها والتفاعل مع بيئتها الحضارية والعصرية المنتجة الخصبة، لكي يصبحوا جسرًا ينقل خصائصها إلى بيئتهم الأصلية، وهو ما يتمشىٰ في الوقت نفسه مع اهتبال الفرص الغزيرة التي تتيحها هذه المواطن، للارتقاء بحياة المهاجر أو اللاجئ الشخصية ماديًا ومعنويًا مهما كان العمر أو درجة التأهيل التعليمي.
#ضحايا_الاستسلام_لهجمة_المخترعات_والثورة_المعلوماتية:
أول وأهم ضحايا هذا الاستسلام للهجمة الفضائية والتكنولوجية ومنجزات الثورة المعلوماتية؛ بدلًا من مواجهتها والسيطرة عليها هو العلم والإلمام بها وثانيًا اللُغة سواء إن كانت (الإنجليزية أو الايطالية أو الألمانية أو الفرنسية..إلخ) حسب البلد المضيف بالنسبة للمهاجرين واللاجئين، لأن التلفزيون والراديو هو معلمها الأفضل بالنسبة للجيل المخضرم من المهاجرين السودانيين، لأنهم الأقل استعدادًا وقدرة علىٰ الاستفادة من دراستها نظاميًا وفي الوقت نفسة قليلو الاختلاط بأهل البلد كمصدر لالتقاط اللُغة عفويًا، علمًا بأن أفضل وسائل إجادة لغة ما وفقًا لنظرية عالم اللغات “نعوم شومسكي” هي البدء بتعويد الأذن علىٰ طريقة تنغيم الجمل والكلمات، في النطق وليس التقاطها أو فهم معانيها، تمامًا كما يتعلم الأطفال الكلام.. هذا ما يجعل التلفزيون والراديو مهمًا حتىٰ بالنسبة للذين يدرسون أو يتعلمون اللُغة نظاميًا.. فانسداد مدخل اللُغة بأهميته الاستثنائية علىٰ هذا النحو، شكل خطوة جبارة في انسحاب المهاجرين واللاجئين إلىٰ داخل قوقعتهم الاجتماعية والثقافية، ففقدوا بذلك فرصة الانفتاح علىٰ حضارات أُتيحت لها إمكانية التطوّر، وحرموا من امتصاص جوانبها الإيجابية! كما أصبحوا وسطًا صالحًا لتنمية تصورات مشوهة وسطحية عنها فيعادونها أو يتأثرون بجوانبها السلبية، لافتقارهم إلىٰ المناعة اللازمة لمقاومتها.. “فالمعرفة هي القوة.
أما النتيجة الأخرىٰ فهي اتساع فجوة الفهم والتفاهم بين الجيل الأول المخضرم والثاني، من المهاجرين السودانيين بين الآباء والأمهات وأطفالهم، لأن الأطفال ينشأون بلغة المهجر “كلغة أم” بالنسبة لهم كما يعيشون جوانب من الحياة الإجتماعية والثقافية والفنية..إلخ ومع تزايد موجة النظام العولمي وسعية للسيطرة على البشر وعقولهم، التي لا يكاد الكبار يعرفون عنها شيئًا.. فتدريجيًا تتهرأ الروابط العائلية، ويتعزر إنتقال خبرة الأجيال وممارسة الرقابة التوجيهية علىٰ الأبناء والبنات، وتكثر تاليًا حالات الانفلات والجموح انغماسًا في الانحلال أو وهو السائد حاليًا في العداوة وضدها العداوة التكفيرية للغرب ومن عاشوا في الغرب ودول المهجر، كما حدث معنا أيام الثورة وتلك الخطب والندوات النارية التي أقيمت خصيصًا لمن جاءوا إلىٰ حضن الوطن أيام الثورة، ولا نرىٰ ولا نسمع الآن من كانوا يعتلون المنابر ويشتمون الناس، كأنما في اذانهم خر الطير وفي ألسنتهم بنت اعشاشها.
وفي رواية أخرىٰ لعالم الإجتماع والسياسة علي مزروعي يتحدث فيها عن المهاجرين واللاجئين والمغتربين عن أوطانهم يقول: ينغمسون في “التغريب الناعم” أي الاستهلاكي والمتعوي (من متعة).. وليس “التغريب الخشن الصارم” المتعلق بأكتساب المهارات العلمية والوعي بقيمة الوقت والانضباط الزمني؛ من حيث التواريخ والتخطيط.. وهذا في مرحلة نحنُ أحوج ما نكون فيها إلىٰ هذا النوع من “التغريب الخشن الصارم” والحال السوداني يغني عن الشرح والتفسير والتأويل والكلام الكثير.
📌مصادر أعتمدت عليها:
1/ الشتات الثقافي السوداني..مقال ليحى ابنعوف
2/ كارثة اسمها الفضائياتمقال لمحمد بشير
3/ نقاش مع الأستاذ الجليل فضل مختار
4/ نقاش مع الشباب مبشر عبدالرحمن النور محمد يوسف عيوش.
5/حال الميديا السودانية والصخري
#كفانا_المهازل_نبقىٰ_حزمة
#جبهة_شعبية_عريضة_لوقف_الحـ-ـرب
#واستعادة_المسار_الديمقراطي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

Thumbnails managed by ThumbPress

جميع الآراء المنشورة تعبر عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي صحيفة منتدى القوميين العرب