“فكرة رائعة”.. هكذا عزز ترامب وصمة العار على جبين إسرائيل
“فكرة رائعة”.. هكذا عزز ترامب وصمة العار على جبين إسرائيل
إيريس ليعال
هل يمكننا العيش أربع سنوات أخرى في الوقت الذي يترأس فيه دولة عظمى في طور الأفول شخص يعيش أجواء بائع جرعة زيت الثعابين في معرض، ويستخدم كلمات طفل عمره ست سنوات. بفضل لحظات الرعب في البيت الأبيض، لم يعد بإمكاننا الإنكار بأن العالم دخل إلى مرحلة السريالية. ترامب يتسلى بموضوع الحياة والموت أمام العيون التي تنظر بذهول إلى قادة العالم. وبينما يحلم بحجم جمال غزة بعد إعادة بنائها من أنقاضها، يقف نتنياهو إلى جانبه وهو يبتسم بضعف ويحاول التفكير في رد مناسب.
منذ ذلك اليوم وطاقم ترامب وكبار رجال الإدارة يركضون وراءه وفي أيديهم أسطوانة إطفاء في محاولة لإطفاء الحرائق الصغيرة التي يشعلها في كل مكان. هم يقزمون الاقتراح، يغيرونه ويعترفون أنه لم يناقش بجدية. الخميس، في محاولة للتراجع، أطلق ترامب في الهواء صيغة لا تقل هستيرية، حيث غرد بأن أمريكا ستأخذ القطاع من إسرائيل بعد نزف جنودنا حتى الموت لتنظيفه من حماس. هكذا يكون قد مهد الطريق لاستئناف القتال بعد انتهاء اتفاق وقف إطلاق النار، خلافاً للخطة التي وقع عليها.
في هذه الأثناء، يشعر مراسلون ومحللون وسياسيون في إسرائيل بالنشوة الرمزية عند سماع الاقتراح المحبب، بترحيل سكان غزة أصحاب الحظ السيئ. على جانبي المتراس متحمسون، ويسمون هذا الجنون حلماً وخيالاً وتفكيراً خارج الصندوق. هو بالضبط خارج الصندوق، إلى درجة يصعب التصديق بأن ترامب يعرف أن هناك صندوقاً في الأصل. وبشكل ما، لم يأخذ أحد المتحمسين في الحسبان حقيقة أننا سنبقى مع وصمة على الجبين بعد تلاشي هذا الجنون. في الحقيقة، هذا الحلم تلاشى في اليوم التالي عندما سمى ترامب صفقته “صفقة عقارات”، وقال إنها غير ملحة للتحقق.
هذا الأمر متأخر جداً بالنسبة لبني غانتس، عندما أعلن بأنه لا يوجد لإسرائيل ما تخسره من فكرة الترانسفير. وهو متأخر أيضاً بالنسبة لمعارضي نتنياهو المهنيين، الذين أعلنوا بانفعال أنه يجب مباركة المبادرة. متأخر أيضاً ليونتان شمريز، الذي شكل حركة هدفها إنقاذ إسرائيل من التدهور القيمي في العقد الأخير، وأعلن “آمل أن خطة إخلاء غزة ستتضح في الفترة الأخيرة، وإذا كانت جدية ويمكن تنفيذها فسنؤيدها”.
في لحظة، الدولة التي أقيمت عقب جريمة لا يمكن تخيلها ضد الإنسانية، التي وقعت في بداية العام 1933 على اتفاق يهدف إلى تشجيع هجرة اليهود بشكل طوعي من ألمانيا، تتجرأ على طرح كلمة ترانسفير على لسانها. ليس رحبعام زئيفي أو الكهانيين، بل التيار العام في إسرائيل، هو الذي يشعر أنه ناضج الآن للجلوس في البيت وتناول المكسرات ومشاهدة سفن تحمل مليوني لاجئ من أرضهم. إذا وصلنا إلى ذلك، فعلينا أن نكون منطقيين بما فيه الكفاية لنعلن عن انتهاء المشروع الصهيوني، الذي تخلى عن ممتلكاته وتدهور إلى الإفلاس الأخلاقي المطلق.
لا يمكن إعادة هذا المارد إلى القمقم. جنون ترامب المناوب رفع القناع عن وجهه. الجمهور المعتدل الذي يعيش بسلام مع سنة ونصف من التدمير على بعد ساعتي سفر من بلداته، يشرح موافقته على اقتراح ترامب بالقلق المفاجئ على السكان الفلسطينيين. هؤلاء الذين قالوا أمس بأنه يجب تسوية غزة على سكانها، بما في ذلك الأطفال، ويريدون الآن طردهم إلى حياة أفضل في دول تتبناهم، لأن بلادهم غير قابلة للعيش فيها. لقد كان على حق من تحدث عن العقل اليهودي. نحن عباقرة!
عندما اقتبس لايفوفيتش الشاعر النمساوي، فرانس غليرفتسر حين قال: “توجد طريق تربط بين الإنسانية من خلال القومية، الحيونة”، كان قد حذر بأسلوب الأنبياء. وها هو المستقبل أصبح هنا. ترانسفير ترامب لن يتحقق ولكن الشر الكامن فيه سيبقى ملتصقاً بإسرائيل إلى الأبد.
هآرتس 9/2/2025