الأردن بعد استكشافات واشنطن: ما الذي سيتغير في المشهد الداخلي؟

الأردن بعد استكشافات واشنطن: ما الذي سيتغير في المشهد الداخلي؟
بسام البدارين
على الطاولة ملفات من أهمها البدء بوضع خطط مرتبطة بحالة اقتصادية ومالية خالية من المساعدات الأمريكية إذا ما تبين لاحقا بأن تلك المساعدات ستصبح مدعاة لابتزاز الأردن سياسيا أكثر.
عمان ـ تشير غالبية التقديرات إلى سيناريو إعادة فك وتركيب المشهد الأردني في ضوء المستجدات التي أعقبت الزيارة الاستكشافية الهامة جدا التي قام بها الملك عبد الله الثاني إلى الولايات المتحدة الأمريكية وتخللها لقاء تجاذبي أثار الجدل مع الرئيس دونالد ترامب.
توقعات بالجملة مع بعض التكهنات التي يمكن التنبؤ بها تحت عنوان المشهد الداخلي، وتحديدا السياسي والنخبوي والأهم التشريعي ضمن سياسة الجاهزية لليوم التالي بعدما ظهر في اللقاء مع ترامب أن الأخير مصر فيما يبدو على الضغط على جميع الأطراف بما في ذلك الأردن لفرض ما يسمى بخطته للتهجير.
الأعمق والأبعد هو أن المؤسسات الأردنية وفي ظل مستجدات وإشارات التقييم والتشخيص المرجعي بصدد جولة تغيير وبرمجة وضبط إعدادات جديدة قد تشمل إعادة برمجة الأولويات الوطنية ووضع خط وهياكل منظومات تنسجم مع قاعدة «مصلحة الأردن فوق كل الاعتبارات».
الأبعد أيضا أن التغييرات الهيكلية المتوقعة قد لا يكون لها علاقة مباشرة بما سمعته القيادة الأردنية في اللقاء المغلق والآخر المفتوح من الرئيس ترامب شخصيا، فالمفصل المتعلق بحجب المساعدات الأمريكية عن الأردن تم تجاوزه بتصريح مباشر أثناء المؤتمر الصحافي للرئيس الأمريكي.
والفكرة هنا أن جولة الملك في الولايات المتحدة كانت استكشافية بامتياز وتطلبت تجاوز مستلزمات ومقتضيات العبور من محطة الرئيس ترامب فقط لأن الزيارة الملكية سبقت اللقاء مع ترامب بأربعة أيام.
قبل ذلك بثلاثة أيام كان وزير الخارجية أيمن الصفدي في فلوريدا يناور ويحاور وفي الأثناء لقاءات عميقة لفهم ما الذي تخطط له الإدارة الأمريكية الجديدة.
ضوء الاستكشاف الأردني شمل لقاءات معلنة وأخرى مغلقة بما في ذلك الإصغاء إلى تقديرات المؤسسة التي يعتقد الأردن أنها صديقة للغاية له وهي وزارة الدفاع البنتاغون ومقابلات مع وزير الخارجية والمبعوث للشرق الأوسط ومستشار الأمن القومي ووزير الدفاع.
لم يعرف بعد ما إذا كان الوفد الرسمي الأردني في واشنطن قد التقى بمسؤولين في وكالة الاستخبارات الأمريكية التي ينظر لها باعتبارها صاحبة الخبرة الأكثر في المنطقة وملف الصراع مع إسرائيل.
لكن تقديرات السياسي الأمريكي الفلسطيني الدكتور سنان شقديح مبكرة بأن فعاليات الرئيس ترامب شملت أو ستشمل تفكيك كل الإطار القديم في خبرات التكنوقراط الأمريكي وتحديدا في وزارة الخارجية وفي الطاقم العامل مع وزير الدفاع الأمر الذي يتوقع شقديح أن يشكل عبئا في المتابعة والتشخيص على دول عربية صديقة للولايات المتحدة تاريخيا أو حليفة لها مثل مصر والأردن.
المعنى هنا أن جولة الاستكشاف الأردنية في عمق المؤسسات العاملة مع ترامب الآن لم تقف عند حدود الرئيس ذاته فقط ولا عند حدود خطته المثيرة للجدل بشأن تهجير أبناء قطاع غزة.
الحوارات الأردنية التي تبحث عن ميزان المصالح تحت عنوان العبور بأقل الخسائر في السنوات الأربع المقبلة شملت نخبا فاعلة في قطاع الأعمال وشخصيات أساسية في الكونغرس وشخصيات أساسية أيضا في عائلة الرئيس ترامب.
بعد أسبوع من الاستكشاف العميق يمكن القول: لدى المؤسسة الأردنية تصورات محددة وتفصيلية وهذه التصورات بالنتيجة تكرس بعض الاستنتاجات والقناعات وبموجبها ستحدث التداعيات أو تتخذ قرارات مرتبطة بالأولويات بعد تعديلها وإنضاجها. بالتالي من المرجح أن تحدد وترسم البوصلة والاتجاهات لأن العديد من الإجراءات الداخلية كانت إلى حد معقول مؤجلة إلى حين الإفلات من كمائن الرئيس ترامب.
على تلك الطاولة ملفات محلية خاصة قد يكون من بينها لا بل أهمها البدء بوضع خطط مرتبطة بحالة اقتصادية ومالية خالية من المساعدات الأمريكية إذا ما تبين لاحقا بان تلك المساعدات ستصبح مدعاة لابتزاز الأردن سياسيا أكثر.
على الطاولة أيضا كيفية إدارة العلاقة الأردنية الفلسطينية الرسمية وما هي الواجبات الدفاعية الأردنية في حال توسع الفوضى في الضفة الغربية.
وأغلب التقدير أن الأردن في الاستجابة الداخلية قد يقف عند حدود اتخاذ بعض التدابير أولا على الجسور والمعابر، وثانيا على صعيد تحديد مصير سلسلة تشريعات طرحها البرلمان تحت بند صفة الاستعجال مؤخرا لإعاقة سياسات التهجير وحظرها خلافا للاستعداد لما سمي بالتعاطي مع الموقف العربي الموحد من خطة الرئيس ترامب.
تلك كلها ملفات وقضايا قد تحسم بعض المسائل والعناصر في ترتيب كيفية إدارة العلاقة مع التيار الإسلامي الداخلي أيضا وكيفية ترسيم قواعد الاشتباك مع كتلة الأغلبية البرلمانية التي تمثل حزب جبهة العمل الإسلامي خلافا لتغييرات محتملة في بعض السفارات والمواقع الدبلوماسية وتحديد الخطوة التالية المطلوبة بإلحاح للانفتاح أكثر على الحكم السوري الجديد.
معطيات واضح أنها قد تقود إلى تغييرات أساسية في بعض المناصب العليا وإلى الاستعانة بخبرات جديدة أو مختلفة في بعض مواقع الصف الأول وإلى تعديلات وظيفية أيضا في ظل قناعة الأوساط السياسية بأن الطاقم الحالي موجود سياسيا وإعلاميا قد يحتاج لتعديل خصوصا مع وجود وزارة تكنوقراط اقتصادي بلا خطاب سياسي.
«القدس العربي»:




