جمعية يمينية تدير جسماً وهمياً للسيطرة على حي سلوان بالقدس: “سنطرد الغزاة العرب”

جمعية يمينية تدير جسماً وهمياً للسيطرة على حي سلوان بالقدس: “سنطرد الغزاة العرب”
ثمة كشف صادر عن مسجل الأوقاف في وزارة العدل الإسرائيلية بشأن مخالفات وتضارب مصالح وعيوب أخرى في الموقف الذي يخلي العائلات الفلسطينية من منازلها في سلوان لصالح جمعية “عطيرت كوهانيم”. ويشير التقرير إلى أن الوقف التاريخي الذي يملك الأرض التي يعيش عليها مئات المستأجرين الفلسطينيين هو في الواقع كيان وهمي تابع للجمعية. ورغم العيوب التي وجدت، فإن الدولة تعارض استبدال أمناء الوقف، الحاخام إسحق رالباغ وأبراهام شفرمان ومردخاي زرفيف.
إن وقف موشيه بنفنستي، الذي أسسه رؤساء الاستيطان اليهودي في القدس، سجل في المحكمة الشرعية العثمانية في المدينة في العام 1899 وأقام مباني في سلوان لصالح توطين مهاجرين من اليمن. حسب وثيقة الوقف الأصلية، فإن أمناء الوقف هما الحاخامان الرئيسيان في القدس ومدير مدرسة الإليانس في المدينة. خلال تسعينيات القرن العشرين، بعد حوالي مئة سنة على تأسيس الوقف، أجرت جمعية “عطيرت كوهانيم” بحثاً عثرت فيه على الوقف وعلى الأراضي التي يمتلكها. في العام 2001 توجه أعضاء الجمعية للمحكمة المركزية في القدس وطلبوا أحياء الوقف وتحويلهم إلى أمناء له. وعرضوا على المحكمة رسائل من الحاخامات الرئيسيين في حينه، تقول إنهم يتنازلون عن مناصبهم في الوقف، وأيضاً مصادقة من وزارة التعليم تفيد بأن مدرسة الإليانس لم تعد قائمة. قاضي المحكمة المركزية في القدس في حينه يعقوب تسبان، وافق على الطلب وعين ثلاثة أشخاص في قرار الحكم، اثنان منهم يعملان في الجمعية، زرفيف وشفرمان، كأمناء للوقف.
بعد فترة قصيرة من ذلك، حرر القيم العام في وزارة العدل، الأرض ومنحها للوقف، بفضل قانون يمكن اليهود من المطالبة بممتلكات تم تركها في 1948. لا يوجد للفلسطينيين، في المقابل، الحق في المطالبة بممتلكاتهم التي تركوها في نفس الوقت؛ لأنها صودرت بقوة قانون أملاك الغائبين. وهو منذ المصادقة على نقل الأرض إلى الوقف، يدير عشرات الإجراءات القانونية ضد عائلات فلسطينية تعيش في الحي، غالبيتها منذ الستينيات، وتحولت مرة واحدة عقب قرار القيم العام إلى مستأجرين معرضين لخطر الإخلاء. حتى الآن، تم إخلاء 16 عائلة فلسطينية من بيوتها، وقامت جمعية “عطيرت كوهانيم” بإسكان عائلات يهودية في تلك البيوت. في الأسابيع الأخيرة، أصدرت القاضية في محكمة الصلح في القدس، مريام كاسلسي، خمسة أحكام تأمر خمس عائلات، تشمل 131 شخصاً، بإخلاء بيوتها لصالح الوقف في غضون نصف سنة، وحكمت بتكاليف المحكمة البالغة 50 ألف شيكل على إحدى العائلات.
في السنوات الأخيرة، تدير جمعية “عير عاميم” بواسطة المحامي يوفال الدار والمحامية لونا هالون، من مكتب بن آري بيش، دعوى قضائية ضد الوقف وجمعية “عطيرت كوهانيم”، تطالب فيها الجمعية من المحكمة المركزية أن تأمر بتعيين أمناء آخرين بذريعة أن الأمناء الحاليين لا يقومون بدورهم. وعقب الدعوى، بدأت وحدة مسجل الأوقاف بوزارة العدل في فحص معمق للوقف بواسطة رامي الحناتي، ونتائج هذا الفحص تنشر هنا للمرة الأولى. وجاء في هذه النتائج أن الوقف ما هو إلا كيان وهمي تديره جمعية “عطيرت كوهانيم” خلافاً لميثاق الوقف وقواعد الإدارة السليمة. وقد تبين مثلاً أنه خلال عشرين سنة، تمت إدارة الوقف لنفس الحساب البنكي للجمعية، وحتى بعد فتح حساب خاص له، ظهر أن رسوم الإيجار التي دفعها المستأجرون اليهود أودعت في حساب الجمعية وليس في حساب الوقف. ووجد أن الوقف أدير بدفعات نقدية وبدون أي توثيق، “خلافاً لقواعد الإدارة السليمة”.
وكشف التقرير أيضاً أن أحد أمناء الوقف هو في حالة تضارب مصالح، لأنه عضو في لجنة “عطيرت كوهانيم”، في الوقت الذي يوجد فيه للوقف دين بسبب قرض من الجمعية. وجاء أن “عطيرت كوهانيم قامت بإصلاحات كبيرة في أملاك الوقف بدون أن يكون الوقف طرفاً فيها، وبدون تسجيل في سجلات الوقف”. إضافة إلى ذلك، قد يعمل الوقف حسب ميثاق الوقف فقط مثلما تم التوقيع عليه عند إقامته. حسب ميثاق الوقف، تم تخصيص المباني للمساعدة في السكن “لصالح فقراء اليهود في القدس، السفارديم والأشكناز، بشكل متساو… وبعد ذلك سيكون الوقف لصالح فقراء الطائفة اليهودية في أي مكان يكونون فيه، وإذا لم يتم إيجادهم فسيكون الوقف لصالح الفقراء والمحتاجين في كل مكان”. أي أن الوقف مخصص لليهود الفقراء في القدس، وبعد ذلك اليهود الفقراء في أماكن أخرى، وفي النهاية للفقراء والمحتاجين على أنواعهم. ولكن وقف بنفنستي، حسب التقرير، لا يعمل حسب الميثاق. فأمناء الوقف أو “عطيرت كوهانيم” لم يفحصوا إذا كان المستوطنون الذين تم جلبهم للسكن في الحي الفلسطيني هم بالفعل عائلات محتاجة. ورداً على مسودة التقرير، كتب في وثائق الوقف أن الشقق سيتم تأجيرها لعائلات “غير قادرة”. لكن جاء في التقرير أنه لم يتم وضع معايير واضحة لهذا التعريف.
تقرير مسجل الأوقاف يبلغنا الكثير عن سلوك “عطيرت كوهانيم” المالي، وعن العلاقة بينها وبين العائلات التي تسكنها في قلب سلوان. واتضح من التقرير، ضمن أمور أخرى، بأن الأموال التي تدفعها العائلات اليهودية التي تسكن في أملاك الوقف منخفضة جداً، تتراوح بين 13 – 28 ألف شيكل في السنة. ويتبين أيضاً أن الجمعية أو الوقف دفعت للعائلات الفلسطينية ملايين الشواقل مقابل الإخلاء الطوعي من البيت الذي سيطر عليه الوقف.
رغم الاستنتاجات الخطيرة، قدمت الدولة اعتراضاً على طلب استبدال أمناء الوقف. وجاء في رد الدولة أنها وجدت عيوباً في الفحص، لكن الأمناء الحاليين وافقوا على إصلاح العيوب. لذلك، “في هذه المرحلة لا يوجد مجال لاستبدال أمناء”.
وجاء من جمعية “عير عاميم” بأن “التقرير كشف الاستغلال الساخر الذي تقوم به “عطيرت كوهانيم” خلال سنوات في الوقف الذي أقيم من أجل الفقراء، بهدف إخلاء عائلات في بطن الهوى في سلوان. تم الكشف عن تقرير الرقابة عقب إجراءات قانونية تجريها “عير عاميم”. ونتوقع أن يعمل مسجل الأوقاف على وقف نشاطات الوقف ونشاطات الإخلاء التي جرت من قبل “عطيرت كوهانيم” باسمه”.
المحامي أبراهام موشيه سيغل، ممثل الوقف، قال رداً على ذلك: “الحديث يدور عن ادعاءات متكررة لا أساس لها من الصحة. مسجلة الأوقاف أبلغت المحكمة بأنه لا يوجد تضارب مصالح بين “عطيرت كوهانيم” والوقف، بل ومن حق الجمعية أن تعين كأمينة على الوقف. صحيح أنه جرى فحص للوقف، لكن غالبية الادعاءات من قبل “هآرتس” بخصوص هذا الفحص ادعاءات غير صحيحة. ظهرت في التقرير عيوب صغيرة فقط، ولكن تم إصلاحها منذ فترة من قبل الوقف بصورة متطابقة مع طلبات مسجلة الأوقاف بشكل مرض. الدافع الحقيقي من وراء نشر التقرير هو محاولة لإعادة تدوير محاولات سابقة لصحيفة “هآرتس” من أجل إلغاء قرارات أصدرتها جميع الهيئات القضائية في إسرائيل، بما في ذلك المحكمة العليا، التي قررت في عشرات الأحكام المختلفة بأن الوقف هو صاحب أراضي الوقف الحصري. ونتيجة لذلك، أمروا بإخلاء الغزاة العرب الذين غزوا أراضي الوقف، ليس أكثر من ذلك”.
نير حسون
هآرتس 18/2/2025